آفاق تربوية ( 2) إني مغلوب فانتصر!
فؤاد الصوفي
كثيرا ما ننتقد من يسمون بالمتواكلين والذين يعولون في قضاء حوائجهم وتحقيق مآربهم على حسن النية والظن والقدَر دون أن يبذلوا جهدا حقيقيا في سبيل ذلك، وكثرة هذا الخطاب أسفرت عن اتكال البعض على الأسباب فلم يتذلل بين يدي مسبب الأسباب ، فضعُفَ الاهتمام في جانب الدعاء وبنتائجه لاسيما لمن ظُلِم وغُلِب!
فالظلم أكبر آفةٍ تنخر في جسد المجتمع وسرطان يفسد صحته ، وهو خلاف ما يقتضيه السلوك الإنساني البشري. كما أن الظلم سبب رئيسي من أسباب سقوط الأمم وانهيار إمبراطورياتها وهلاكها، وأن العدل من أسباب رقي الأمم وسمو حضارتها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة ) .
وفي المعتاد لا يمارس الظلم إلا متكبر مستبد يتجاهل عظمة الله وكبريائه، وممن مُلِّك قوةً وسطوةً ،ووسائل النهب والسلب والفتك والإبادة، سواء كانت تلك الوسائل بشرية أم مادية، وبالعكس بالنسبة للمظلوم؛ ففي الغالب أن يكون ممن لم يمتلك قوة وقدرة ومَنَعةً.ومآسينا اليوم تكمن في توفُّر لدى الأول كل العوامل والإمكانات التي مكنت الطغاة من تجاوز الحد في ظلمهم وجبروتهم،ويتناسون قدرة وكبرياء العزيز الجبار المتكبر، وافتقاد أبسط العوامل المادية لدى الطرف الضحية.
وما نلمسه اليوم ونشاهده بوضوح هو استفحال ظلم وجبروت الإمبراطورية الأمريكية حتى شمل جميع أرجاء المعمورة من البقاع الإسلامية اليوم، فاستهدفت ديننا وقيمنا وثوابتنا ومقدراتنا ومقدساتنا وكل خصوصياتنا، فلم يسلم من جورها الشيوخ الركع، ولا الأطفال الرضع، ولا اليتامى والأرامل..، بل لم يسلم قرآننا ولا رسولنا ولا أي من مقدساتنا، فقد انتهكت كل حرماتنا!.
ولا يراود الشكُّ أحدا في أن المقاومة المطلوبة لهذا الظلم هو مقارعته بشتى الوسائل وأنواع الأساليب تنفيذا لأمر الله تعالى حيث يقول سبحانه :(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة..) ولكن سواء كان ذلك الإعداد متاح أم متعذر. إلا أن هناك سلاح آخر متاح وغير متعذر، متاح للصغير والكبير والمرأة والرجل ...وهو جدير أن نذكره وأن نذكِّر به، خاصة وقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبا كما يقال، ذلك هو الدعاء.فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء على الظالمين في كثير من المواقف ويرفع يديه بذلك، وقد وعده الله بان النصر حليفه.
وضحايا الظلم لأمريكي من المسلمين في كل زاوية من زوايا هذه البسيطة لا يمتلكون مؤسسات دولية تذود عنهم، أو تحمي حماهم، بل الكل متكالبون عليهم، وليس لديهم ما يضاهي ذلك الظلم، وقد زُرِعَ أحفادٌ ومندوبون في بقاعنا يذودون عن الظالمين وظلمهم فازداد الخناق وأصبح المسلم يحَارب في دينه في كل مكان؛ في السوق والمركب والمسكن والبر والجو..، فقد تجاوز الظالمون حقا. كما قال الشاعر علي محمود طه:
أخي، جاوز الظالمون المدى ~~~ فحُقَّ الجهاد، وحُـقَّ الفِدا
أنتركهم يغصبون العروبة ~~~ مجـد الأبـوة و الســــؤددا ؟..
وفي ظل هذا الشعور الأليم ولكي لا يتسلل الإحباط إلى نفوس البعض، فإنه لا بد من التذكر بأن طبيعة الصراع هكذا، ولكنا لم نعِدْ له، فالإعداد مطلوب ومع ذلك يبقى الدعاء سلاح قبل وبعد الإعداد وليس من الصواب الاقتصار على الأسباب وإن تمت تلك الأسباب ، فككيف وهي لم تتم.
واللهُ سبحانه قد أمرنا بالدعاء ووعد بالاستجابة، يقول المولى تبارك وتعالى:( وقال ربكم أدعوني أستجب لكم..) ويقول سبحانه وتعالى:(فدعا ربه أني مغلوب فانتصر) ، كما يقول رب العزة :(أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء..) والشواهد كثيرة تبين أهمية الدعاء وأنه سلاح فتَّاك حينما ينطلق من قلوب مؤمنة بوعد الله ومحسنة الظن به.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه ~~~ وما تدري بما صنع الدعاءُ
سهام الليل لا تخطي ولكن~~~ له أمدٌ وللأمد انقضــــاء
كما لا ننسى أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن الله تبارك وتعالى يرفع دعوة المظلوم إليه فوق الغمام ويقول لها :وعزتي وجلالي ، لأنصرنك ولو بعد حين ) والمظلوم لا ترد دعوته ، ولو كان كافرا أو فاجرا .فلنقل جميعا مع المظلومين في غزة وقافلة الحرية: رب(إني مظلوم فانتصر).
مدير موقع الوفاق الإنمائي
*بالتزامن مع موقع ينابيع تربوية
فؤاد الصوفي
كثيرا ما ننتقد من يسمون بالمتواكلين والذين يعولون في قضاء حوائجهم وتحقيق مآربهم على حسن النية والظن والقدَر دون أن يبذلوا جهدا حقيقيا في سبيل ذلك، وكثرة هذا الخطاب أسفرت عن اتكال البعض على الأسباب فلم يتذلل بين يدي مسبب الأسباب ، فضعُفَ الاهتمام في جانب الدعاء وبنتائجه لاسيما لمن ظُلِم وغُلِب!
فالظلم أكبر آفةٍ تنخر في جسد المجتمع وسرطان يفسد صحته ، وهو خلاف ما يقتضيه السلوك الإنساني البشري. كما أن الظلم سبب رئيسي من أسباب سقوط الأمم وانهيار إمبراطورياتها وهلاكها، وأن العدل من أسباب رقي الأمم وسمو حضارتها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة ) .
وفي المعتاد لا يمارس الظلم إلا متكبر مستبد يتجاهل عظمة الله وكبريائه، وممن مُلِّك قوةً وسطوةً ،ووسائل النهب والسلب والفتك والإبادة، سواء كانت تلك الوسائل بشرية أم مادية، وبالعكس بالنسبة للمظلوم؛ ففي الغالب أن يكون ممن لم يمتلك قوة وقدرة ومَنَعةً.ومآسينا اليوم تكمن في توفُّر لدى الأول كل العوامل والإمكانات التي مكنت الطغاة من تجاوز الحد في ظلمهم وجبروتهم،ويتناسون قدرة وكبرياء العزيز الجبار المتكبر، وافتقاد أبسط العوامل المادية لدى الطرف الضحية.
وما نلمسه اليوم ونشاهده بوضوح هو استفحال ظلم وجبروت الإمبراطورية الأمريكية حتى شمل جميع أرجاء المعمورة من البقاع الإسلامية اليوم، فاستهدفت ديننا وقيمنا وثوابتنا ومقدراتنا ومقدساتنا وكل خصوصياتنا، فلم يسلم من جورها الشيوخ الركع، ولا الأطفال الرضع، ولا اليتامى والأرامل..، بل لم يسلم قرآننا ولا رسولنا ولا أي من مقدساتنا، فقد انتهكت كل حرماتنا!.
ولا يراود الشكُّ أحدا في أن المقاومة المطلوبة لهذا الظلم هو مقارعته بشتى الوسائل وأنواع الأساليب تنفيذا لأمر الله تعالى حيث يقول سبحانه :(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة..) ولكن سواء كان ذلك الإعداد متاح أم متعذر. إلا أن هناك سلاح آخر متاح وغير متعذر، متاح للصغير والكبير والمرأة والرجل ...وهو جدير أن نذكره وأن نذكِّر به، خاصة وقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبا كما يقال، ذلك هو الدعاء.فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء على الظالمين في كثير من المواقف ويرفع يديه بذلك، وقد وعده الله بان النصر حليفه.
وضحايا الظلم لأمريكي من المسلمين في كل زاوية من زوايا هذه البسيطة لا يمتلكون مؤسسات دولية تذود عنهم، أو تحمي حماهم، بل الكل متكالبون عليهم، وليس لديهم ما يضاهي ذلك الظلم، وقد زُرِعَ أحفادٌ ومندوبون في بقاعنا يذودون عن الظالمين وظلمهم فازداد الخناق وأصبح المسلم يحَارب في دينه في كل مكان؛ في السوق والمركب والمسكن والبر والجو..، فقد تجاوز الظالمون حقا. كما قال الشاعر علي محمود طه:
أخي، جاوز الظالمون المدى ~~~ فحُقَّ الجهاد، وحُـقَّ الفِدا
أنتركهم يغصبون العروبة ~~~ مجـد الأبـوة و الســــؤددا ؟..
وفي ظل هذا الشعور الأليم ولكي لا يتسلل الإحباط إلى نفوس البعض، فإنه لا بد من التذكر بأن طبيعة الصراع هكذا، ولكنا لم نعِدْ له، فالإعداد مطلوب ومع ذلك يبقى الدعاء سلاح قبل وبعد الإعداد وليس من الصواب الاقتصار على الأسباب وإن تمت تلك الأسباب ، فككيف وهي لم تتم.
واللهُ سبحانه قد أمرنا بالدعاء ووعد بالاستجابة، يقول المولى تبارك وتعالى:( وقال ربكم أدعوني أستجب لكم..) ويقول سبحانه وتعالى:(فدعا ربه أني مغلوب فانتصر) ، كما يقول رب العزة :(أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء..) والشواهد كثيرة تبين أهمية الدعاء وأنه سلاح فتَّاك حينما ينطلق من قلوب مؤمنة بوعد الله ومحسنة الظن به.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه ~~~ وما تدري بما صنع الدعاءُ
سهام الليل لا تخطي ولكن~~~ له أمدٌ وللأمد انقضــــاء
كما لا ننسى أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن الله تبارك وتعالى يرفع دعوة المظلوم إليه فوق الغمام ويقول لها :وعزتي وجلالي ، لأنصرنك ولو بعد حين ) والمظلوم لا ترد دعوته ، ولو كان كافرا أو فاجرا .فلنقل جميعا مع المظلومين في غزة وقافلة الحرية: رب(إني مظلوم فانتصر).
مدير موقع الوفاق الإنمائي
*بالتزامن مع موقع ينابيع تربوية