مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
أين حق العودة للمنفيين السوريين .. يا 'سيد' أردوغان؟
أين حق العودة للمنفيين السوريين .. يا ’سيد’ أردوغان؟
الطاهر إبراهيم
لم يكن الإخوان المسلمون السوريون ليضيعوا الفرصة من أيديهم وقد رأوا تنامي العلاقات بين حكومة العدالة والتنمية ونظام ’’بشار أسد’’ في سورية، فوضعوا محنة المنفيين السوريين بكل أبعادها بين يدي قياداتٍ من حزب العدالة والتنمية. ولم يحاولوا أن يكلفوهم رهقا، إذ إن غاية ما يطلبه الإخوان السوريون أن تسعى القيادات التركية لدى الرئيس السوري للسماح بالعودة الكريمة لمئات الآلاف من السوريين المشتتين في بقاع الأرض منذ ثلاثة عقود..
عندما يتذكر العرب والمسلمون المحن التي وقعت بهم في القرن العشرين، فأول ما يتبادر إلى أذهانهم نكبة فلسطين التي سلبت من العرب أرض فلسطين وشرد نصف شعبها. وجاءت هزيمة حزيران ليقع نصف الفلسطينيين الآخر تحت احتلال الصهاينة، ويضيع عليهم قدسهم الشريف.


ولن أقف طويلا عند النكبة فقد قيل فيها الكثير وكتب فيها الكثير وأنفق من أجلها مال كثير، وما تزال حاضرة في نفوس العرب والمسلمين، يعقد من أجلها القمم والمؤتمرات، لكن النتيجة هي (مكانك سر)، وربما وراءك در، والأرض مغتصبة والشعب مشرد والقدس يقضم الصهاينة بيوت أهله العرب بيتا بيتا، وما ندري أين ستقف بنا هذه المحنة؟


وإذا كانت محنة فلسطين بين المحن بمكان، فإن بعض الحكام اتخذها ’’قميص عثمان’’، لا ليثأر للأرض المضيعة والشعب المشرد، بل ليتخذها منصة يقفز منها إلى السلطة، وينقلب على الحاكم. وهكذا قاد الزعيم ـ عميد ـ ’’حسني الزعيم’’ انقلابا على الرئيس المنتخب ’’شكري القوتلي’’ في سورية عام1949، تتابعت بعده الانقلابات في سورية.


كما قام البكباشي ـ مقدم ـ ’’جمال عبد الناصر’’ بانقلابه على الملك ’’فاروق’’ في مصر في عام 1952 ليحكم مصر هو وخلفاؤه من بعده وحتى يومنا هذا. ثم ليتبين لنا فيما بعد أن نكبة فلسطين لم تكن إلا وسيلة اتخذها الانقلابيون ذريعة للوصول إلى السلطة، ولا شيء إلا السلطة، وأن القدس هو الراية التي يرفعها الانقلابيون، ولا شيء في بالهم إلا الحكم.


لا نقول إن الشعوب التي تسلط عليها الانقلابيون رضيت على اغتصاب السلطة لكنها سكتت على مضض. ولأن الانقلابي بطبيعته حاكم خائف، فقد عمل على اتخاذ الذرائع لينقض على قيادات المجتمع المدني، فأعدم من أعدم واعتقل من اعتقل، وهرب منهم خلق كثير خارج الوطن. حدثت هذه الهجرة القسرية في مصر في عام 1965، وفي تونس في عام 1989، وربما كان أضخم تهجير حصل كان في سورية عام 1979 وما بعده. وقد خاض الإسلاميون في سورية نزاع مرير مع الرئيس الراحل ’’حافظ أسد’’ خلال ثمانينات القرن العشرين، راجع بعدها الإسلاميون أنفسهم فوجدوا أن أفق النزاع مسدود.


أخضع الإخوان المسلمون تجربتهم لمراجعة ذاتية، ثم ليخرجوا بعدها بمشروعهم الحضاري الذي أسموه ’’المشروع السياسي لسورية المستقبل’’. ولأن الإنسان لا يكون فعالا إلا وهو على أرضه، فقد حاول الإخوان المسلمون السوريون العمل على خط العودة الكريمة إلى سورية، لكن أجهزة الأمن السورية أرادتها عودة فردية من خلال البوابة الأمنية، عن طريق المسئول الأمني في السفارة بعد تقديم تقرير مفصل عن حياته. وإذا قبل السوري ذلك يحدد المسئول الأمني له اليوم الذي سيعود فيه إلى الوطن، حيث يستقبله عنصر أمني في المطار أو في الحدود البرية، ويحدد له موعدا لمراجعة فرع المخابرات على مدى ثلاثة أيام، ثم مراجعة شهرية إذا كان سيقيم في الوطن، أو كلما عاد في إجازة.


بطبيعة الحال، فقد رفضت الأكثرية الساحة من الإخوان المسلمين هذا الأسلوب. ودخل بينهم وبين نظام الحكم في دمشق وسطاء، بعضهم قيادات إسلامية في أقطار عربية، وبعضهم مسئولون حكوميون في دول عربية، وكان هؤلاء قلة. وقد رفض النظام كل تلك الوساطات أفرادا وجماعات ومسئولين حكوميين. وقد قيل في ذلك إن دمشق لا تقبل وساطة إلا الأقوياء الذين يمكن أن يستفيد النظام السوري من قوتهم لتدعيم مركزه في المنطقة.


وعندما ظهر حزب ’’العدالة والتنمية’’ على الساحة حاكما لتركيا بانتخابات ديمقراطية، فرضته كلاعب إقليمي يحسب له حسابه، حتى إن الجيوش الأمريكية التي أرادت عبور البر التركي لغزو العراق رفض البرلمان التركي الذي يهيمن عليه نواب حزب العدالة والتنمية أن يسمح بعبور القوات الأمريكية، وقد كانت تركيا من قبل تعتبر الحديقة الخلفية لواشنطن أثناء هيمنة الحكومات التركية قبل مجيء العدالة والبناء إلى السلطة. وكانت الطائرات الأمريكية تقلع من قاعدة ’’أنجرلك’’ التركية تقصف من تريد واشنطن أن تؤدبهم في المنطقة كما فعلت إبان غزو العراق عام 1991، ولم تكن واشنطن حتى بحاجة لاستئذان الحكومة التركية.


وهكذا رأينا في ’’رجب طيب أردوغان’’ الزعيمَ المسلمَ الذي يسارع لتوظيف مكانة تركيا في خدمة شعوب المنطقة المضطهدة، كما فعل مع الشعب الفلسطيني يوم تعرضت غزة لقصف إسرائيلي دام أكثر من عشرين يوما في كانون ثاني 2009م، فزار أردوغان الضفة الغربية أثناء الحرب، وحاولت حكومة إسرائيل تأخير عبوره الحاجز الذي عبر منه إلى رام الله.


بل إنه وقف بعد ذلك في منتجع ’’دافوس’’ موبخا الرئيس الإسرائيلي ’’شمعون بيريز’’ قائلا له: ’’أنتم تقتلون الأطفال على شاطئ غزة’’.


لم يكن الإخوان المسلمون السوريون ليضيعوا الفرصة من أيديهم وقد رأوا تنامي العلاقات بين حكومة العدالة والتنمية ونظام ’’بشار أسد’’ في سورية، فوضعوا محنة المنفيين السوريين بكل أبعادها بين يدي قياداتٍ من حزب العدالة والتنمية. ولم يحاولوا أن يكلفوهم رهقا، إذ إن غاية ما يطلبه الإخوان السوريون أن تسعى القيادات التركية لدى الرئيس السوري للسماح بالعودة الكريمة لمئات الآلاف من السوريين المشتتين في بقاع الأرض منذ ثلاثة عقود.


بل إن الإخوان المسلمين السوريين ذهبوا أبعد من ذلك تسهيلا لمهمة قيادات العدالة والتنمية. فقد أعلنوا تعليق نشاطهم المعارض للنظام السوري الذي أعلن وقوفه إلى جانب شعب قطاع غزة الفلسطيني في مقاومته الهجمة الصهيونية الشرسة. ووضع كتّاب من الإخوان السوريين أقلامَهم في أغمادها لعل وعسى! كانوا قبل ذلك سخروها في شرح معاناة السوريين المنفيين وقسوة إعراض النظام السوري ورفضه تخفيف هذه المعاناة عنهم.


وإذ كان أصحاب المسعى الخيّر من قادة حزب العدالة والتنمية التركي بدأوا مسعاهم الخير قبل الحرب على غزة واستمروا فيه، فقد تبين لهم أن النظام السوري يرفض سماع الحديث عن عودة المنفيين إلى سورية وطي صفحة الماضي. كما فهم الإخوان المسلمون السوريون أن النظام الحاكم في دمشق لا يريد فتح صفحة جديدة بين أبناء الوطن الواحد.


ومما يجدر ذكره أن السيد ’’رجب طيب أردوغان’’ فعل الكثير للقيادة السورية، ووقف بجانبها في مواجهة عنجهية تل أبيب وتواطؤ واشنطن، وكانتا تحاولان عزل سورية. بل وسعى لدى إسرائيل لإنجاح مفاوضات الصلح مع سورية.فهل كافأت دمشق ’’رجب طيب أردوغان’’ بمثل فعل؟ لقد رفضت دمشق مسعى أردوغان في إحلال الوئام بين السوريين أنفسهم.


بل إني أخاطب السيد ’’رجب طيب أردوغان’’ فيما إذا كان يقبل أن يسعى للصلح بين إسرائيل وسورية، في الوقت الذي ترفض فيه القيادة السورية إجراء الصلح بين أبناء الوطن السوري الواحد، وقد رأى بأم عينه كيف وصل المسعى إلى طريق مسدود! مع أن السوريين المنفيين لا يطلبون المستحيل، وأن معاناة بعض هؤلاء قد لا تقل عن معاناة بعض الفلسطينيين. أم لعل المنفيين السوريين لا بواكي لهم؟


بعض المراقبين يراهن على أن ’’أردوغان’’ لو خفض من وتيرة مسعاه بين سورية وإسرائيل، وفهم النظام السوري أن هذه بتلك، فربما يكون للنظام السوري رأي آخر. فقد وضح ـ حسب هؤلاء المراقبين ـ أن النظام يعلق آمالا عِراضا على الصلح مع إسرائيل، وأن
أضافة تعليق