مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
الأنظمة تجاهلت محنة السوريين.. فما بال الشعوب العربية؟
الطاهر إبراهيم
06-8-2011

إذا كانت الأنظمة العربية قد أصابها الخرس أن تترحم، على الأقل، على الشهداء السوريين الذين قتلتهم مدفعية الميدان السورية ومدافع الدبابات، ربما خوفا أن يصل الدور إلى شعوبها فتنتفض ضد استبدادها، فأين هي الشعوب العربية؟

لم أستطع كبح العبرات وهي تسيل من عيني وأنا أنظر وأستمع إلى هتاف الشباب المغربي يهتف: ’’عاش الشعب السوري عاش’’ في مظاهرة سيرها مناصرون للشعب السوري في محنته. كما لم ينس المغاربة أن يوجهوا رسالتهم إلى بشار أسد فهتفوا أيضا: ’’يا بشار يا ... الشعب السوري في العيون’’.

لقد كانت المظاهرة حاشدة ومعبرة تلك التي سيرها الشعب المغربي مناصرة للشعب السوري، بعد أن دفع بشار أسد بالدبابات السورية التي دفع ثمنها السوريون من قوت أطفالهم لكي تقصف السوريين في حماة ودير الزور والبوكمال، وقبلها درعا وجسر الشغور وقرى جبل الزاوية.

إذا كانت الأنظمة العربية قد أصابها الخرس أن تترحم، على الأقل، على الشهداء السوريين الذين قتلتهم مدفعية الميدان السورية ومدافع الدبابات، ربما خوفا أن يصل الدور إلى شعوبها فتنتفض ضد استبدادها، فأين هي الشعوب العربية تفعل كما فعل المغاربة في مظاهرتهم التي أشرت إليها آنفا.

وليس فخرا، فقد كان السوريون قبل استيلاء ’’حافظ أسد’’ على السلطة أول الشعوب العربية التي كانت تقف إلى جانب أشقائها العرب.

فقبل استيلاء حزب البعث علي السلطة في عام 1963 كانت الحكومات الوطنية المتعاقبة في سورية تجعل القضايا الوطنية العربية في صلب اهتمامها.

فأثناء الحرب في فلسطين، اندفع الجيش السوري نحو فلسطين عام 1948، مدافعا عن عروبة فلسطين وليقف ضد الميليشيات الصهيونية من أن تحتل أرض فلسطين، وسقط الشهداء فوق التراب الفلسطيني.

كما شارك الشيخ مصطفى السباعي أول مراقب عام للإخوان المسلمين السوريين في الدفاع عن القدس الشريف وحافظ مع إخوانه الآخرين من إخوان العراق وإخوان مصر وإخوان لبنان في إبقاء القدس عربية ولو إلى حين.

وإذا كان الرئيس الجزائري ’’عبد العزيز بوتفليقة’’ نسي للسوريين أياديهم البيضاء، يوم قامت ثورة الجزائر في عام 1954 ضد فرنسا، عندما كان السوريون يرسلون المعونات إلى جيش التحرير الجزائري، فما بال الجزائريين اليوم ينسون إخوانهم السوريين حيث ينكل بهم النظام السوري في كل مدينة وفي كل قرية بكرة وعشيا؟ أم لعل الجزائريين ما يزالون مخدوعين بالنظام السوري ويعتبرونه نظاما مقاوما وممانعا، كما يفعل بعض القوميين العرب؟

ولعل المساهمة السورية كانت أوضح ما تكون بالوقوف إلى جانب المصريين أثناء العدوان الثلاثي الذي شنته إسرائيل وبريطانيا وفرنسا عام 1956، فقد كانت أكبر من أن تنسى.

في هذا السياق يذكر مساهمة البحرية السورية في الحرب ضد العدوان الثلاثي،عندما تصدى الملازم أول السوري ’’جول جمال’’ في معركة ’’البرلس’’ شمال الإسكندرية أثناء قيادته زورق الطوربيد المصري مستهدفا للمدمرة الفرنسية الكبيرة ’’جان بار’’ التي أصيبت بأضرار كبيرة، وخرجت على أثرها من خدمة القوات البحرية الفرنسية إلى الأبد. وذلك في معركة مشرفة قدم فيها ’’جول جمال’’ روحه. كما قامت المظاهرات الصاخبة تجتاح كل المدن السورية تأييدا لمصر، وقطع العمال السوريون خط ’’التابلاين’’ الذي ينقل البترول إلى أوروبا عبر سورية.

اليوم وقد نصر الله الإخوة المصريين، ينظر الشباب السوريون إليهم يتظاهرون كل جمعة لاستكمال ثورتهم وجلب جميع رموز الحكم السابق إلى شباك المحاكم، فهلا جعل المصريون ساعة من كل يوم جمعة لتأييد ثورة إخوانهم السوريين؟

ويوم تعرض الشعب العراقي في خمسينيات القرن العشرين لمؤامرات واشنطن عليه، عندما حاولت الهيمنة على العراق بإنشاء حلف بغداد، وقف السوريون وقفة رجل واحد ضد حلف بغداد وسيروا مظاهرات صاخبة ضد الحلف.

وإذا كان رئيس الوزراء ’’نوري المالكي’’، لا يخرج عن سياسة طهران، فيسكت عما يفعله ’’بشار أسد’’ بالشعب السوري، فلماذا لا يتظاهر العراقيون ضد طغيان الحكام في دمشق، فيرد الديْن الذي في رقبته للشعب السوري؟

لا يملك الشعب السوري إلا أن يقدم التحية للشعب الكويتي وخاصة النواب الكويتيين على وقفتهم العربية مع الشعب السوري وتنديدهم بجرائم النظام السوري، ومشاركتهم بالمظاهرة التي شارك فيها كويتيون يوم الجمعة 5 آب الجاري أمام سفارة النظام السوري في الكويت. كما عبرت الحكومة الكويتية عن خشيتها من أن استمرار القمع في سورية تكون له عواقب وخيمة على المنطقة.

بالمقابل بلغت الوقاحة بمندوب حكومة نجيب ميقاتي اللبنانية أن ينأى بنفسه عن الموافقة على البيان الرئاسي، -رغم ضعفه- الذي أصدره مجلس الأمن مستنكرا العنف في سورية.

ومهما يكن من أمر العرب إزاء محنة السوريين، سيقف أحرار سوريا ـ ولو وحدهم ـ بمواجهة هذا النظام القاتل، الذي سحب الدبابات من الحدود مع إسرائيل، وهو أصلا لم يكن يفعل شيئا ضدها، لينكل بالسوريين.
*العصر
أضافة تعليق