مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
النخب 'المدنسة'....و'البازار الليبرالي'!!
لظاهرة الجديدة على مشهد الصراع الليبرالي الإسلامي، أن ’’البازار الليبرالي الحالي’’ كثف ونوّع من عروضه المغرية، والتي تسيل لها لُعاب الكثيرين للالتحاق بحملته المستعرة على المؤسسات الشرعية والرموز العلمية، فبالأمس القريب كانت هوية المتعلقين بحبال سفينة ’’التايتنك‏’’ الليبرالية لا تتجاوز فئة المنتكسين والمتساقطين والمتنكبين عن التيار الإسلامي، ولكن ’’الربيع الاستثنائي’’ للتيار الليبرالي أصبح يشمل شرائح واسعة من المجتمع، بمن فيهم أصحاب الشهادات الشرعية والإعلاميين والمثقفين غير المحسوبين على الليبراليين..

بقلم عبد الرحيم التميمي

ما عاد يخفى على المتابعين للحراك الثقافي والفكري في السعودية حجم ’’الربيع الاستثنائي’’ للتيار الليبرالي، والعديد من المثقفين والمتابعين يدركون أسباب هذا الانتفاش الليبرالي، والذي مارس مع مخالفيه الإسلاميين ألواناً من الإقصاء الفكري واتهامهم بالتخلف والظلامية والإرهاب والرجعية، واستعداء المجتمع والسلطة وحجب المواقع مستخدماً كل ما تحته من وسائل النفوذ والتأثير.

الزوبعة الليبرالية التي أرُيد لها أن تكون مقدمة للإطاحة بالشيخ الشثري، عادت إلى الواجهة مع فتوى الشيخ العلامة / عبدالرحمن البراك في الاختلاط، وتصل ’’المهنية الليبرالية’’ إلى أقصى مستوياتها عندما تصف عالماً شرعياً قضى نصف قرن في حقل العلوم الشرعية، وأكثر من ثلث قرن في التعليم العالي، بالخرف والجهل والسفه والتطرف والإرهاب، وفي الجهة المقابلة تقدم ’’وجهاً ملتحياً’’ لا يحمل شهادة شرعية ولا يعرفه أهله وعشيرته إلا بماضيه المتشدد ’’كرمز ديني مستنير’’ ضد فتاوى البراك المتشددة، والحقيقة أن هذا الأداء الليبرالي غير مستغرب لمن تأمل في مسيرة تيار التغريب ابتداء من رموزه الحداثية والشيوعية وانتهاء بكتّاب الأعمدة الموجهة.

الظاهرة الجديدة على مشهد الصراع الليبرالي الإسلامي، أن ’’البازار الليبرالي الحالي’’ كثف ونوّع من عروضه المغرية، والتي تسيل لها لُعاب الكثيرين للالتحاق بحملته المستعرة على المؤسسات الشرعية والرموز العلمية، فبالأمس القريب كانت هوية المتعلقين بحبال سفينة ’’التايتنك‏’’ الليبرالية لا تتجاوز فئة المنتكسين والمتساقطين والمتنكبين عن التيار الإسلامي، ولكن ’’الربيع الاستثنائي’’ للتيار الليبرالي أصبح يشمل شرائح واسعة من المجتمع، بمن فيهم أصحاب الشهادات الشرعية والإعلاميين والمثقفين غير المحسوبين على الليبراليين.

الحقيقة أني لا أتصور أن أجواء الحراك الحالي كانت ’’بريئة’’، حيث تلحظ عين الراصد مشاهد متعددة في صورها، ويُخشى أن تكون متفقة في بواعثها، فهناك شاعرة منقبة تنساح قريحتها الشعرية من فوق مسرح الراحة، لتهجو الفتاوى المتشددة، وهنا أقلام اجتماعية محافظة أصبحت ترقص طرباً على أنغام ’’الناي الكاوستي’’، وبينهم ’’بلعاميون جدد’’، أصبحت مقالاتهم وآراؤهم موجهة نحو تحطيم حواجز ’’الممانعة الشعبية’’ ضد المشروع التغريبي..

وأزعم أن قراءة مواقف تلك الشريحة بدقة وموضوعية تجعل ’’كماشة الإدانة’’ تضيق عليهم شيئاً فشيئاً، فالحديث العام عن قضايا نظرية وعلمية، يسمح بهامش كبير من الخلاف السائغ، بل وبعد المناظرة والنقاش، تظل النفوس والآفاق تواقة لتفهم موقف المخالف، ولكن عندما يكون النقاش على أنموذج قائم يشاهده المجتمع ويقف على تفاصيله، يضيق هذا الهامش ليبقى المخالف يتراوح بين جهله بحقيقة الأنموذج الذي دار حوله النقاش، وبين استرقاق ضميره وعلمه بدراهم معدودة!!
*العصر
أضافة تعليق