العواصم مما في تلبيسات الحميدي من القواصم (1)
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني - دار الحديث بمأرب
لا يزال الحق يتعرض لحملات التشويه من أعدائه، وليس هذا غريبًا، إنما الغريب أن يتعرض لهذا من أبنائه، والسبب في كثير من الحالات هو الجهل الذي خُطِّط لأمتنا أن تتجرَّع غصصه عبر قرون طويلة، حتى وُجِد من هو من جلدتنا، ويتكلم بألسنتنا، يرفع عقيرته بالتشكيك بل الطعن في بعض الثوابت، وفي عدد كبير من صالحي هذه الأمة وحملة الراية فيها.
فقد نشرت جريدة «الأهالي» في عددها (100) بتاريخ 14/7/1430هـ الموافق 7/7/2009م مقالاً للأخ مجيب الحميدي يصرِّح فيه بتهافت رواية حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه عند البخاري ومسلم، وفيها: «ولا ننازع الأمر أهله» قال: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان»!! ومن العجب أن يتطاول الأقزام على عمالقة التاريخ الإسلامي والروايات الحديثية، حتى يصل بهم الأمر إلى الطعن فيما تلقّته الأمة بالقبول: بعلمائها، وحفَّاظها، وفقهائها، ومؤرخيها، وقُرَّائها، وبدون حياء من مصادمة هذا التراث يأتي من لا يبالي بجهود أمته، ويتكلم بما لم يسبقه إليه عالم ولا جاهل - فيما أعلم- إلا أن يكون على شاكلته.
وعلى كل حال: فهذا رد مختصر على هذا المقال، وإلا فالرد المطوَّل على موقعي في الشبكة، وقد أُعِدَّ هذا الرد مع ردٍّ آخر على الأخوين: زايد جابر وثابت الأحمدي وعلى مقاليهما في العدد (98) من جريدة الأهالي أيضًا لطباعته في رسالة علمية، تبقى كاشفة لهذا الزَّغل ما شاء الله لها أن تبقى.
ومقصود هذا الكاتب: إثبات وضع الحديث المذكور، والطعن في علماء السنة الذين يرون الصبر على ولي الأمر إذا ظلم أو جار، خشية وقوع ظلم أكبر إذا نابذوه بالسيف، لأنه يرى الخروج عليه، ويرى أن أهل السنة يبطلون هذا القول الذي يريده، فرجع على أدلتهم بالطعن، ولو كانت مما تلقته الأمة بالقبول، ليخلو له ولمن هو على شاكلته الجو، وقد استدل على ذلك بشبهات وخيالات، لا تنفق إلا على من لم يبصره الله بالحق، ولكن هيهات هيهات لما يريدون!!
التعقيب الأول: ذكر الكاتب أن منهج القرآن الكريم يتَّسق مع السنة الصحيحة التي تدل على أن «أفضل الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر» في مقاومة الطغيان، بخلاف ثنائية الاستضعاف والتنمُّر التي لا تُعرف إلا عند السلفيين، والتي ظهرت في عصور الفتن التاريخية بين المسلمين، أو لقراءتهم المشوّهة لأحاديث السمع والطاعة، فوضعوها فيما إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله، وهي فيما إذا وُسِّد إلى أهله.
والجواب من وجوه:
1- نعم، هذه منهجية القرآن الكريم والسنة المطهرة في مقاومة الطغيان، وهكذا فهمها علماء السنة عبر التاريخ، ولكن بقيد: إذا غلب على ظنهم أنهم سيغيرون المنكر بذلك، أما إذا كان المنكر سيزداد، والبلاء سيعم؛ فمن الحماقة الاستمرار في المقاومة مع هذا، لأن المقاومة وسيلة لتكميل الخير، وتعطيل الشر أو تقليله، وليست غاية، فإذا كانت الوسيلة ستهدم الغاية؛ فهذا عبث وفوضى.
2- حديث: «أفضل الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر» يجب أن يُفهم مع بقية الأحاديث النبوية، والحديث يدل على فضيلة الصدع بالحق في وجه السلطان الجائر، لا بعيدًا عنه، وتأمل كلمة: «عند سلطان جائر» أما التشنيع والتشهير في الصحف، أو فوق المنابر، أو في بطون القاعات والمؤتمرات؛ فكل ذلك يوغر الصدور، ويؤدي إلى الاحتقان، كما يفضي إلى محاولة الحاكم في الانتقام من خصمه الذي شهَّر به، وكل هذا وخيم العاقبة على الأمة، وإذا كنا نقول: إن النصيحة لآحاد المسلمين يجب أن يُراعى فيها الأسلوب الذي يساعده على الخروج من إثمه، لا الأسلوب الذي يعين الشيطان عليه؛ فكيف بمن هو ولي أمرهم، ويملك من الأسباب ما يُدَمِّر البلاد لو غلبه شيطانه؟!
3- هذا الحديث وما في معناه: محمول على أن الرجل الناصح لا يهاب السلطان في الأمر والنهي إذا كان لا يتعدى شر السلطان إلى غيره، وإنما يقتصر شره - ولو بالقتل- على الآمر الناهي فقط، وإلا فيكون الناصح الذي أراد مصلحة الرعيّة بنصحه للحاكم سببًا في زيادة الشر عليهم، فقد قال ابن رجب في «جامع العلوم والحِكم»: «نعم، إن خشي في الإقدام على الإنكار على الملوك أن يؤذي أهله وجيرانه؛ لم ينبغِ التعرض لهم حينئذٍ؛ لما فيه من تعدِّي الأذى إلى غيره، كذلك قال الفضيل بن عياض وغيره....» وقال ابن مفلح في «الآداب الشرعية»: «قال ابن الجوزي: من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين: التعريف، والوعظ، فأما تخشين القول، نحو: يا ظالم، يا من لا يخاف الله، فإن كان ذلك يُحَرِّك فتنة يتعدى شرّها إلى الغير لم يَجُزْ، وإن لم يخف إلا على نفسه فهو جائز عند جمهور العلماء...» اهـ.
4- المقصود في الشرع من الجهاد هذا وغيره: أن تكون كلمة الله هي العليا، وإنهاء الفتنة أو إضعافها، كما في قوله تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ} وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحديث المتفق عليه: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله» أي ليس الذي يقاتل للمغنم، أو للحمية، أو للمفاخرة حتى يُرى مكانه في سبيل الله.
ولا شك أن ما يسلكه كثير من هؤلاء الصحفيين والكُتَّاب من التشهير والتشنيع بحق أو بباطل إنما يفضي إلى إعجاب كل ذي رأي برأيه، ويؤول إلى التنازع والفشل، وينتهي في النهاية - إلا أن يلطف الله عز وجل- بحمل المسلمين سلاحهم على بعضهم، وهذا ما يريده الأعداء في بلاد المسلمين باسم الفوضى الخلاّقة، فمن الذي يُنَفِّذ منا مخططات الأعداء في بلاد المسلمين سواء عَلِمَ أم جَهِلَ؟!
5- زعمه أنه لا التفات إلى ثنائية الاستضعاف والتنمُّر، وأنها بدعة سلفية؛ قول منه حسب مبلغه من العلم، وإلا فكل عاقل - فضلاً عن عالم- يفرِّق بين حالة الاستضعاف وحالة الاستخلاف، ومن كان قويًّا غنيًّا لزمته أحكام لم تلزمه حال فقره وضعفه، والغريب المستضعَف ليس كالقوي الممكَّن، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان، ولا ينتطح فيه عنزان، فالرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان حاله في مكة بخلاف حاله في المدينة، وكان حاله في المدينة قبل نزول سورة براءة يختلف عن حاله بعد نزولها، فهل يقال للضعيف: يلزمك ما يلزم القوي؟ هذا جَهْلٌ فاضح من قائله، والشريعة والتكاليف كلها قائمة على الاستطاعة، كما قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقال سبحانه:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وقال عز وجل:{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحديث المتفق عليه: «ما أمرتكم بأمر فأْتوا منه ما استطعتم» فدعوى هذا الكاتب لا دليل عليها لا من الأدلة العقلية ولا النقلية، وواقعه وواقع أمثاله يدل على ذلك أيضًا، وإلا فالقرآن مليء بآيات جهاد الذين يقاتلون المسلمين، فأين هو وأمثاله من ذلك، فإن اعتذر بضعفه وعدم قدرته؛ فهذا عذر غيره، فلماذا رجع للثنائية التي ينكرها؟!
6- زعمه أن السلفيين يقرأون أحاديث السمع والطاعة قراءة مشوهة زعم باطل، لأن قراءتهم لها مأخوذة من صريح الأحاديث النبوية الصحيحة وإجماع أهل العلم عليها، فقد ذكر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه سيأتي أمراء يستنُّون بغير سنته، ويهْدون بغير هديه، تعرف منهم وتنكر، وأنهم يستأثرون بالأموال والمناصب على رعيتهم، وأنهم يضربون الظهر، ويأخذون المال، وكل هذا من الظلم والإخلال بتوسيد الأمر إلى أهله؛ ومع ذلك فقد أوصى بالسمع والطاعة في المعروف، وحذر من المنازعة المفضية إلى الخلع إذا كان ذلك سيفضي إلى شر أكبر، وإراقة الدماء، وضرْب الرقاب، ولا يمكن أن يتفوه عاقل بحمل السلاح والمنازعة في الولاية العامة إذا فُصِل من وظيفته مثلاً، أو حصلت مجاملة أو محاباة في الدرجات الوظيفية، أو في عقود الشركات .....إلخ، وهذا هو الذي عليه علماء السنة، لكن الهوى يُعْمي ويُصم!!
7- نادرًا ما نسمع عن كثير في هذا الوسط الإعلامي إنكارهم على الحاكم ضعف تطبيقه للحكم بما أنزل الله، وإقامة الحدود الشرعية التي فيها حياة البلاد والعباد، وضعف القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقلة الاهتام بتطهير البلاد من مظاهر الشرك، وكأن الإخلال بهذا لا يضر عندهم، إنما الذي يضر عندهم فقط: الاستئثار ببعض المناصب، أو تأجيل الانتخابات، أو نحو ذلك، مما يدل على أن كثيرًا منهم لا يغضب لانتهاك حرمات الله، إنما هي أمور حزبية أو أهواء شهوانية، غير مبالين بعاقبة هذا التحريض، وهذه التعبئة الفاسدة!!
.الأهالي
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني - دار الحديث بمأرب
لا يزال الحق يتعرض لحملات التشويه من أعدائه، وليس هذا غريبًا، إنما الغريب أن يتعرض لهذا من أبنائه، والسبب في كثير من الحالات هو الجهل الذي خُطِّط لأمتنا أن تتجرَّع غصصه عبر قرون طويلة، حتى وُجِد من هو من جلدتنا، ويتكلم بألسنتنا، يرفع عقيرته بالتشكيك بل الطعن في بعض الثوابت، وفي عدد كبير من صالحي هذه الأمة وحملة الراية فيها.
فقد نشرت جريدة «الأهالي» في عددها (100) بتاريخ 14/7/1430هـ الموافق 7/7/2009م مقالاً للأخ مجيب الحميدي يصرِّح فيه بتهافت رواية حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه عند البخاري ومسلم، وفيها: «ولا ننازع الأمر أهله» قال: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان»!! ومن العجب أن يتطاول الأقزام على عمالقة التاريخ الإسلامي والروايات الحديثية، حتى يصل بهم الأمر إلى الطعن فيما تلقّته الأمة بالقبول: بعلمائها، وحفَّاظها، وفقهائها، ومؤرخيها، وقُرَّائها، وبدون حياء من مصادمة هذا التراث يأتي من لا يبالي بجهود أمته، ويتكلم بما لم يسبقه إليه عالم ولا جاهل - فيما أعلم- إلا أن يكون على شاكلته.
وعلى كل حال: فهذا رد مختصر على هذا المقال، وإلا فالرد المطوَّل على موقعي في الشبكة، وقد أُعِدَّ هذا الرد مع ردٍّ آخر على الأخوين: زايد جابر وثابت الأحمدي وعلى مقاليهما في العدد (98) من جريدة الأهالي أيضًا لطباعته في رسالة علمية، تبقى كاشفة لهذا الزَّغل ما شاء الله لها أن تبقى.
ومقصود هذا الكاتب: إثبات وضع الحديث المذكور، والطعن في علماء السنة الذين يرون الصبر على ولي الأمر إذا ظلم أو جار، خشية وقوع ظلم أكبر إذا نابذوه بالسيف، لأنه يرى الخروج عليه، ويرى أن أهل السنة يبطلون هذا القول الذي يريده، فرجع على أدلتهم بالطعن، ولو كانت مما تلقته الأمة بالقبول، ليخلو له ولمن هو على شاكلته الجو، وقد استدل على ذلك بشبهات وخيالات، لا تنفق إلا على من لم يبصره الله بالحق، ولكن هيهات هيهات لما يريدون!!
التعقيب الأول: ذكر الكاتب أن منهج القرآن الكريم يتَّسق مع السنة الصحيحة التي تدل على أن «أفضل الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر» في مقاومة الطغيان، بخلاف ثنائية الاستضعاف والتنمُّر التي لا تُعرف إلا عند السلفيين، والتي ظهرت في عصور الفتن التاريخية بين المسلمين، أو لقراءتهم المشوّهة لأحاديث السمع والطاعة، فوضعوها فيما إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله، وهي فيما إذا وُسِّد إلى أهله.
والجواب من وجوه:
1- نعم، هذه منهجية القرآن الكريم والسنة المطهرة في مقاومة الطغيان، وهكذا فهمها علماء السنة عبر التاريخ، ولكن بقيد: إذا غلب على ظنهم أنهم سيغيرون المنكر بذلك، أما إذا كان المنكر سيزداد، والبلاء سيعم؛ فمن الحماقة الاستمرار في المقاومة مع هذا، لأن المقاومة وسيلة لتكميل الخير، وتعطيل الشر أو تقليله، وليست غاية، فإذا كانت الوسيلة ستهدم الغاية؛ فهذا عبث وفوضى.
2- حديث: «أفضل الجهاد: كلمة حق عند سلطان جائر» يجب أن يُفهم مع بقية الأحاديث النبوية، والحديث يدل على فضيلة الصدع بالحق في وجه السلطان الجائر، لا بعيدًا عنه، وتأمل كلمة: «عند سلطان جائر» أما التشنيع والتشهير في الصحف، أو فوق المنابر، أو في بطون القاعات والمؤتمرات؛ فكل ذلك يوغر الصدور، ويؤدي إلى الاحتقان، كما يفضي إلى محاولة الحاكم في الانتقام من خصمه الذي شهَّر به، وكل هذا وخيم العاقبة على الأمة، وإذا كنا نقول: إن النصيحة لآحاد المسلمين يجب أن يُراعى فيها الأسلوب الذي يساعده على الخروج من إثمه، لا الأسلوب الذي يعين الشيطان عليه؛ فكيف بمن هو ولي أمرهم، ويملك من الأسباب ما يُدَمِّر البلاد لو غلبه شيطانه؟!
3- هذا الحديث وما في معناه: محمول على أن الرجل الناصح لا يهاب السلطان في الأمر والنهي إذا كان لا يتعدى شر السلطان إلى غيره، وإنما يقتصر شره - ولو بالقتل- على الآمر الناهي فقط، وإلا فيكون الناصح الذي أراد مصلحة الرعيّة بنصحه للحاكم سببًا في زيادة الشر عليهم، فقد قال ابن رجب في «جامع العلوم والحِكم»: «نعم، إن خشي في الإقدام على الإنكار على الملوك أن يؤذي أهله وجيرانه؛ لم ينبغِ التعرض لهم حينئذٍ؛ لما فيه من تعدِّي الأذى إلى غيره، كذلك قال الفضيل بن عياض وغيره....» وقال ابن مفلح في «الآداب الشرعية»: «قال ابن الجوزي: من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين: التعريف، والوعظ، فأما تخشين القول، نحو: يا ظالم، يا من لا يخاف الله، فإن كان ذلك يُحَرِّك فتنة يتعدى شرّها إلى الغير لم يَجُزْ، وإن لم يخف إلا على نفسه فهو جائز عند جمهور العلماء...» اهـ.
4- المقصود في الشرع من الجهاد هذا وغيره: أن تكون كلمة الله هي العليا، وإنهاء الفتنة أو إضعافها، كما في قوله تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ} وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحديث المتفق عليه: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله» أي ليس الذي يقاتل للمغنم، أو للحمية، أو للمفاخرة حتى يُرى مكانه في سبيل الله.
ولا شك أن ما يسلكه كثير من هؤلاء الصحفيين والكُتَّاب من التشهير والتشنيع بحق أو بباطل إنما يفضي إلى إعجاب كل ذي رأي برأيه، ويؤول إلى التنازع والفشل، وينتهي في النهاية - إلا أن يلطف الله عز وجل- بحمل المسلمين سلاحهم على بعضهم، وهذا ما يريده الأعداء في بلاد المسلمين باسم الفوضى الخلاّقة، فمن الذي يُنَفِّذ منا مخططات الأعداء في بلاد المسلمين سواء عَلِمَ أم جَهِلَ؟!
5- زعمه أنه لا التفات إلى ثنائية الاستضعاف والتنمُّر، وأنها بدعة سلفية؛ قول منه حسب مبلغه من العلم، وإلا فكل عاقل - فضلاً عن عالم- يفرِّق بين حالة الاستضعاف وحالة الاستخلاف، ومن كان قويًّا غنيًّا لزمته أحكام لم تلزمه حال فقره وضعفه، والغريب المستضعَف ليس كالقوي الممكَّن، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان، ولا ينتطح فيه عنزان، فالرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان حاله في مكة بخلاف حاله في المدينة، وكان حاله في المدينة قبل نزول سورة براءة يختلف عن حاله بعد نزولها، فهل يقال للضعيف: يلزمك ما يلزم القوي؟ هذا جَهْلٌ فاضح من قائله، والشريعة والتكاليف كلها قائمة على الاستطاعة، كما قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقال سبحانه:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وقال عز وجل:{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحديث المتفق عليه: «ما أمرتكم بأمر فأْتوا منه ما استطعتم» فدعوى هذا الكاتب لا دليل عليها لا من الأدلة العقلية ولا النقلية، وواقعه وواقع أمثاله يدل على ذلك أيضًا، وإلا فالقرآن مليء بآيات جهاد الذين يقاتلون المسلمين، فأين هو وأمثاله من ذلك، فإن اعتذر بضعفه وعدم قدرته؛ فهذا عذر غيره، فلماذا رجع للثنائية التي ينكرها؟!
6- زعمه أن السلفيين يقرأون أحاديث السمع والطاعة قراءة مشوهة زعم باطل، لأن قراءتهم لها مأخوذة من صريح الأحاديث النبوية الصحيحة وإجماع أهل العلم عليها، فقد ذكر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه سيأتي أمراء يستنُّون بغير سنته، ويهْدون بغير هديه، تعرف منهم وتنكر، وأنهم يستأثرون بالأموال والمناصب على رعيتهم، وأنهم يضربون الظهر، ويأخذون المال، وكل هذا من الظلم والإخلال بتوسيد الأمر إلى أهله؛ ومع ذلك فقد أوصى بالسمع والطاعة في المعروف، وحذر من المنازعة المفضية إلى الخلع إذا كان ذلك سيفضي إلى شر أكبر، وإراقة الدماء، وضرْب الرقاب، ولا يمكن أن يتفوه عاقل بحمل السلاح والمنازعة في الولاية العامة إذا فُصِل من وظيفته مثلاً، أو حصلت مجاملة أو محاباة في الدرجات الوظيفية، أو في عقود الشركات .....إلخ، وهذا هو الذي عليه علماء السنة، لكن الهوى يُعْمي ويُصم!!
7- نادرًا ما نسمع عن كثير في هذا الوسط الإعلامي إنكارهم على الحاكم ضعف تطبيقه للحكم بما أنزل الله، وإقامة الحدود الشرعية التي فيها حياة البلاد والعباد، وضعف القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقلة الاهتام بتطهير البلاد من مظاهر الشرك، وكأن الإخلال بهذا لا يضر عندهم، إنما الذي يضر عندهم فقط: الاستئثار ببعض المناصب، أو تأجيل الانتخابات، أو نحو ذلك، مما يدل على أن كثيرًا منهم لا يغضب لانتهاك حرمات الله، إنما هي أمور حزبية أو أهواء شهوانية، غير مبالين بعاقبة هذا التحريض، وهذه التعبئة الفاسدة!!
.الأهالي