تقبل الإسلام لكل معطيات الحياة
هي قاعدة أساسية: نعم ولكن شروط وضوابط
القاعدة الإسلامية الأصيلة هو تقبل الإسلام لكل معطيات الحياة التي تحقق وجود الإنسان لا يرفض منها شيئًا ولكنه يصوغها في مفهوم مستقل متحرر عن طابعها عمد الأمم الأخرى والفلسفات المختلفة، فليس في الإسلام بسماحته وسعة آفاقه رفض لمعطيات الحياة ولكنه من الناحية الأخرى يضع ضوابط وحدودًا لخطوات التعامل وأساليب التنازل.
ومن هنا فليس الإسلام في حاجة كبيرة إلى محاولات من كتبوا ليقنعوا الناس بأن الإسلام يقر مفهوم الترويح عن طريق الفنون ووسائل إدخال البهجة على النفوس فذلك أمر مسلم به تسليمًا كاملا وحقيقيًا في شريعة الإسلام ولكن وجه الاختلاف هو في الأسلوب الذي تعدم به هذه الفنون ووسائل أدائها، وكيف يمكن أن تكون مؤازرة للفطرة لا مضادة لها، وأن تكون متقبلة من وجهة نظر الدين أساسًا.
إن هذه الصورة التي تقدم بها الفنون في عصرنا وفي مجتمعنا لا يمكن أن تتطابق مع الصورة التي يضرب بها المثل عن عهد رسول الله ###11### أو عهد الصحابة الأكرمين، وهي ليست تطورًا طبيعيًا لفنون الإسلام التي كانت في مراحل تطورها حريصة على ألا تخرج عن جوهر الإسلام ولا تصادم حدوده وضوابطه.
ويرجع ذلك إلى أن النفوذ الأجنبي فرض أسلوبه وطابعه ونظامه كله وخاصة في مجال الفنون وما يتعلق بالعواطف والوجدانات من منطلق غربي عصري واضح هو منطلق الكشف عن الشهوات والإباحة والحرية المطلقة في الانطلاق نحو الأهواء وإعطاء الغرائز حريتها في الحركة دون أي حدود، وقد نتج هذا من منطلق الفلسفة المادية والجنسية التي ألغت مفهوم الضوابط الأخلاقية والحدود المتصلة بالقيم وأطلقت الوحش في الإنسان، حين ادعت نسبية الأخلاق وربطتها باختلاف المجتمعات والعصور، في حين أن الأخلاق قيم ثوابت متصلة بالعقيدة والدين لا تخضع لقانون المتغيرات ومن منطلق مفهوم فرويد للجنس ودارون للحيوان ودوركايم للاجتماع، تشكل هذا الفن الغربي الذي غزا بلادنا غزوًا شديدًا وسيطر على فنوننا الأصيلة السمحة فكان منها ذلك (التخت) الضخم الذي تشكل من مائة عازف بعشرات الآلات الموسيقية وتلك الأغاني الراقصة المتمايلة، وما تثير من الشهوات، فكيف يمكن أن يكون هذا أمرًا يدافع عنه أو يصور أنه مما سمح به الإسلام من الفنون.
إننا نعرف من قراءاتنا في تاريخ الفنون في الغرب وتاريخ الموسيقى ###12### بالذات أنه فن كنسي بدأ أول أمره مع نواقيس كنائس الغرب، وكان من معطيات إغراء الناس على العبادة وما كان من شتراوس أو فاجنر أو بتهوفن إلا كنائسي الموسيقى أساسًا، ثم تحولوا قليلا مع الاحتفاظ بذلك الطابع الصاخب الذي يهز النفوس.
ولقد نجد أن هناك خلافًا أساسيًا وجذريًا بين الذات الإسلامية والذات الغربية في مواجهة هذه الفنون، فالمسلمون يتناولون هذه الأمور في بساطة ويسر ويشكلونها في وجدان المؤمن وفي الحفاظ على العقيدة وفي حدود ما قرره الإسلام من حماية لوجود المسلم وعقله من الإغراق في كل ما يثير الشهوات، بينما تتشكل كل الفنون في الغرب حتى الفنون المتصلة بالعبادة في جو الصخب والأضواء الصارخة والشموع المرتفعة والبخور والعطور والمبالغة الشديدة التي يراد بها كسب عواطف الناس ومشاعرهم.
وهذا خلاف جذري في مفاهيم المسلم ووجدانه فهو يعاف الاستسلام لهذه الأجواء ويصد عنها بفطرته البسيطة السليمة الحريصة عن مخافة الله تبارك وتعالى فلا شك أن إقرار المسلم لهذه الظاهرة الخطيرة المصاحبة لحفلات الموسيقى من صخب ومن إسراف ومن آثاره كل هذا لا يتفق مع مفهوم الإسلام للفن أو للموسيقى.
ولعل أخطر ما يتصل بهذا مما يراد أن يفرض على المجتمع المسلم ###13### في هذا العصر ظاهرة الرقص التي تجري وسائل كثيرة ومحاولات متعددة لفرضه على الفتاة المسلمة سواء في المدرسة أو في البيت أو من خلال التلفزيون والإذاعة، وتلك عملية خطيرة مرسومة يراد بها إزالة أسباب الثبات والإيمان من النفوس وزعزعته فإذا أضفنا إليها محاولات تدريب الفتيات على الرياضة نصف عاريات في حلقات الرياضة المدرسية والمقررة عرفنا إلى أي مدى ستصل بالفتاة المسلمة هذه المحاولة من أخطار.
إن الذين يريد أن يفرضوا على الأمة الإسلامية قيمًا ومقدرات وأخلاق غير قيمها مسرفون في التفاؤل بأنهم قادرون على تغريب الأمة ونقلها إلى أوضاع تتفق مع رغبات الذين يخططون لاحتواء المسلمين وصهرهم في بوتقة الحضارة المعاصرة، وهي حضارة قامت على غير قاعدتي الربانية والأخلاق واستعلت بعلمها مغرورة تظن أنها قادرة على التصرف من غير توجيه الدين، ولذلك فقد أطلقت كلمة (وصاية) على أحكام الدين وحدوده وضوابطه التي وضعها الحق تبارك وتعالى لحماية المجتمعات من الانهيار والفساد، ونحن نؤمن بأن البشرية محتاجة أشد الحاجة إلى أن تسلم وجهها لله تبارك وتعالى ولا تستعلي عن رقابته.
إن الحضارة المعاصرة قد قصرت في هذا المجال وأطلقت لنفسها عنان الشهوات واللذات والمطامع تحت عنوان كاذب مضلل هو ###14### (الحرية الفردية) ولا ريب أن الحرية أمر معترف به ولكنها ككل قيمة من قيم المجتمعات والحضارة لها ضوابطها ووسائل حماية الفرد من اغتيال الآخرين لحريته.
ومن هنا فنحن نقف أمام دعاوي الانطلاق التي تتحصن بعبارة رديئة مموجة هي مقولة (الوصاية) التي يرددها أولئك الذين يتجاوزون الحدود التي وصفها الله تبارك وتعالى سواء فيما ينشر من قصص عالمية مسرفة في الفاحشة، أو من كتب تفرض على الطلاب أو من أفلام ومسرحيات وأغان على النحو الذي يشتكي منه الأدباء ويرون فيه خطرًا على أبنائهم وبناتهم من مسلسلات مسرفة في الإباحة فإذا كتب أو تكلم ناصح أمين يدعو إلى تصحيح الأوضاع كانت الإجابة في صلف وغباء (لا تقبل وصاية من أحد) والحقيقة أنها ليست وصاية ولكنها مشاركة وتوجيه وإشارة إلى حق الله علينا جميعًا في حماية مجتمعنا وأبنائنا وبناتنا من غائلة هذا الغزو الشديد الخطر الذي يتهددنا من قبل ما يسمى دولة الفن غناء ورقصًا وموسيقى ومسرحيات نحن نعرف المخططات التي تقودها والغايات التي تسوقها والأهداف التي ترمي وراءها إلى تفريغ هذه الأجيال الجديدة واحتوائها بحيث تهدم كل مقومات العزيمة والإيمان والثبات والاخشبشان والقدرة على إعداد النفس المسلمة لتكون قادرة على حماية وجودها فلا تنهار أمام الأخطار المحاصرة للأمة الإسلامية اليوم والتي يتطلب منها شيئًا آخر غير ما نرى ونسمع، إننا في حاجة ###15### إلى إعداد هذا الشباب المسلم ليكون ردءًا لهذه الأمة من كل مؤامرات الغزو، فهذه الأمة تريد أن تعيش على طريق الله تبارك وتعالى وأن تتخلق بأخلاق الإيمان والتقوى، وأن الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست وصاية من أحد ولكنها نصيحة الإخاء المفروضة على كل منا إزاء الآخر وإزاء المجتمع حتى لا يأخذنا الله تبارك وتعالى بعذاب من عنده، عذاب الذين قصروا في النصح لأمتهم وإخوانهم.
إن هناك فارقًا واسعًا وبونًا شاسعًا بين مفهوم الترويح الإسلامي وبين هذا الصخب الهادر غير المنضبط، فالإسلام يدعو إلى ضبط الغرائز لا إطلاقها وتبريد الشهوات لا تسخينها، والتوسط في أمور الترويح والمتاع لا الإسراف وحماية الوجود الإنساني والكيان البشري من التصدع والانهيار وأن يظل المسلم دائمًا واعيًا صاحيًا لا يشغل عن حقيقة نفسه ولا عن عباداته وواجباته، ونحن نقبل كل أدوات الحضارة وصناعاتها، ولكن لسنا مكلفين بأن نقبل مضامين الغرب في أي شيء، سواء في الفن أو القيم، ولا يستطيع أحد أن يفرض علينا المضامين أو الكلمات أو الألحان التي يستعملها الغرب والتي لا تتفق مع مزاجنا وطابعنا، نعم نحن لسنا ضد الفن ولكنا ضد الفحش، والفن طاقة توظف للخير وقد توظف للشر وحب الوظيفة والهدف يكون التحليل والتحريم، ولذلك يجب التفرقة بين القيم في كل مجتمع عن الآخر، ولسنا مطالبين بأن ننقل الأوضاع نقلا ###16### ولكن لأننا أمة لها تاريخها وقيمها ودينها فإن لها مفهومًا للموسيقى، ولنا أيضًا رأي في كيفية تقديم هذا الفن، فالإسلام حرم الأصوات المخنثة والألحان المائعة والكلمات المبتذلة، وحرم ذلك الجو المشحون بالسموم والمخدرات الذي يغشى دائمًا تلك الأحفال الشهيرة وعندما نقول ذلك فلسنا ندعو إلى وصاية أو هي محاكم التفتيش أو أن هذا منطلق للكآبة أو الظلامة أو غيرها، بل نحن ندعو إلى انطلاق النفس إلى البشر والسماحة من منطلق داخلي عميق الأثر في إقامة الترويح.
إن جو الفن في مصر في حاجة إلى عمل كبير لتحريره من ظروف خطيرة بدأت في السنوات الأخيرة تكشف عن نفسها وتتصل بتجارة الجنس والمخدرات والسموم البيضاء وما كشف عنها هو القليل وما خفي كان أعظم، وما يمكن أن تكون هذه الأوكار مصدرًا للخير أو أسوة حسنة أو نموذجًا يقدم لأبنائنا وبناتنا، كل ذلك في حاجة إلى إعادة نظر حتى يمكن إعادة المجتمع حقيقة لاستقبال إلى عصر جديد من الإيمان بالله واليقين لقيمه وأخلاقياته الرفيعة حتى يكشف الله عنا الغمة ويزيل سحب الظلام التي تحيط بنا، وعلينا أن نعلن عودتنا إلى ربنا إليك نعود إلى منهجك الأصيل فليس لها من دون الله كاشفة.
الأستاذ/ أنور الجندي
هي قاعدة أساسية: نعم ولكن شروط وضوابط
القاعدة الإسلامية الأصيلة هو تقبل الإسلام لكل معطيات الحياة التي تحقق وجود الإنسان لا يرفض منها شيئًا ولكنه يصوغها في مفهوم مستقل متحرر عن طابعها عمد الأمم الأخرى والفلسفات المختلفة، فليس في الإسلام بسماحته وسعة آفاقه رفض لمعطيات الحياة ولكنه من الناحية الأخرى يضع ضوابط وحدودًا لخطوات التعامل وأساليب التنازل.
ومن هنا فليس الإسلام في حاجة كبيرة إلى محاولات من كتبوا ليقنعوا الناس بأن الإسلام يقر مفهوم الترويح عن طريق الفنون ووسائل إدخال البهجة على النفوس فذلك أمر مسلم به تسليمًا كاملا وحقيقيًا في شريعة الإسلام ولكن وجه الاختلاف هو في الأسلوب الذي تعدم به هذه الفنون ووسائل أدائها، وكيف يمكن أن تكون مؤازرة للفطرة لا مضادة لها، وأن تكون متقبلة من وجهة نظر الدين أساسًا.
إن هذه الصورة التي تقدم بها الفنون في عصرنا وفي مجتمعنا لا يمكن أن تتطابق مع الصورة التي يضرب بها المثل عن عهد رسول الله ###11### أو عهد الصحابة الأكرمين، وهي ليست تطورًا طبيعيًا لفنون الإسلام التي كانت في مراحل تطورها حريصة على ألا تخرج عن جوهر الإسلام ولا تصادم حدوده وضوابطه.
ويرجع ذلك إلى أن النفوذ الأجنبي فرض أسلوبه وطابعه ونظامه كله وخاصة في مجال الفنون وما يتعلق بالعواطف والوجدانات من منطلق غربي عصري واضح هو منطلق الكشف عن الشهوات والإباحة والحرية المطلقة في الانطلاق نحو الأهواء وإعطاء الغرائز حريتها في الحركة دون أي حدود، وقد نتج هذا من منطلق الفلسفة المادية والجنسية التي ألغت مفهوم الضوابط الأخلاقية والحدود المتصلة بالقيم وأطلقت الوحش في الإنسان، حين ادعت نسبية الأخلاق وربطتها باختلاف المجتمعات والعصور، في حين أن الأخلاق قيم ثوابت متصلة بالعقيدة والدين لا تخضع لقانون المتغيرات ومن منطلق مفهوم فرويد للجنس ودارون للحيوان ودوركايم للاجتماع، تشكل هذا الفن الغربي الذي غزا بلادنا غزوًا شديدًا وسيطر على فنوننا الأصيلة السمحة فكان منها ذلك (التخت) الضخم الذي تشكل من مائة عازف بعشرات الآلات الموسيقية وتلك الأغاني الراقصة المتمايلة، وما تثير من الشهوات، فكيف يمكن أن يكون هذا أمرًا يدافع عنه أو يصور أنه مما سمح به الإسلام من الفنون.
إننا نعرف من قراءاتنا في تاريخ الفنون في الغرب وتاريخ الموسيقى ###12### بالذات أنه فن كنسي بدأ أول أمره مع نواقيس كنائس الغرب، وكان من معطيات إغراء الناس على العبادة وما كان من شتراوس أو فاجنر أو بتهوفن إلا كنائسي الموسيقى أساسًا، ثم تحولوا قليلا مع الاحتفاظ بذلك الطابع الصاخب الذي يهز النفوس.
ولقد نجد أن هناك خلافًا أساسيًا وجذريًا بين الذات الإسلامية والذات الغربية في مواجهة هذه الفنون، فالمسلمون يتناولون هذه الأمور في بساطة ويسر ويشكلونها في وجدان المؤمن وفي الحفاظ على العقيدة وفي حدود ما قرره الإسلام من حماية لوجود المسلم وعقله من الإغراق في كل ما يثير الشهوات، بينما تتشكل كل الفنون في الغرب حتى الفنون المتصلة بالعبادة في جو الصخب والأضواء الصارخة والشموع المرتفعة والبخور والعطور والمبالغة الشديدة التي يراد بها كسب عواطف الناس ومشاعرهم.
وهذا خلاف جذري في مفاهيم المسلم ووجدانه فهو يعاف الاستسلام لهذه الأجواء ويصد عنها بفطرته البسيطة السليمة الحريصة عن مخافة الله تبارك وتعالى فلا شك أن إقرار المسلم لهذه الظاهرة الخطيرة المصاحبة لحفلات الموسيقى من صخب ومن إسراف ومن آثاره كل هذا لا يتفق مع مفهوم الإسلام للفن أو للموسيقى.
ولعل أخطر ما يتصل بهذا مما يراد أن يفرض على المجتمع المسلم ###13### في هذا العصر ظاهرة الرقص التي تجري وسائل كثيرة ومحاولات متعددة لفرضه على الفتاة المسلمة سواء في المدرسة أو في البيت أو من خلال التلفزيون والإذاعة، وتلك عملية خطيرة مرسومة يراد بها إزالة أسباب الثبات والإيمان من النفوس وزعزعته فإذا أضفنا إليها محاولات تدريب الفتيات على الرياضة نصف عاريات في حلقات الرياضة المدرسية والمقررة عرفنا إلى أي مدى ستصل بالفتاة المسلمة هذه المحاولة من أخطار.
إن الذين يريد أن يفرضوا على الأمة الإسلامية قيمًا ومقدرات وأخلاق غير قيمها مسرفون في التفاؤل بأنهم قادرون على تغريب الأمة ونقلها إلى أوضاع تتفق مع رغبات الذين يخططون لاحتواء المسلمين وصهرهم في بوتقة الحضارة المعاصرة، وهي حضارة قامت على غير قاعدتي الربانية والأخلاق واستعلت بعلمها مغرورة تظن أنها قادرة على التصرف من غير توجيه الدين، ولذلك فقد أطلقت كلمة (وصاية) على أحكام الدين وحدوده وضوابطه التي وضعها الحق تبارك وتعالى لحماية المجتمعات من الانهيار والفساد، ونحن نؤمن بأن البشرية محتاجة أشد الحاجة إلى أن تسلم وجهها لله تبارك وتعالى ولا تستعلي عن رقابته.
إن الحضارة المعاصرة قد قصرت في هذا المجال وأطلقت لنفسها عنان الشهوات واللذات والمطامع تحت عنوان كاذب مضلل هو ###14### (الحرية الفردية) ولا ريب أن الحرية أمر معترف به ولكنها ككل قيمة من قيم المجتمعات والحضارة لها ضوابطها ووسائل حماية الفرد من اغتيال الآخرين لحريته.
ومن هنا فنحن نقف أمام دعاوي الانطلاق التي تتحصن بعبارة رديئة مموجة هي مقولة (الوصاية) التي يرددها أولئك الذين يتجاوزون الحدود التي وصفها الله تبارك وتعالى سواء فيما ينشر من قصص عالمية مسرفة في الفاحشة، أو من كتب تفرض على الطلاب أو من أفلام ومسرحيات وأغان على النحو الذي يشتكي منه الأدباء ويرون فيه خطرًا على أبنائهم وبناتهم من مسلسلات مسرفة في الإباحة فإذا كتب أو تكلم ناصح أمين يدعو إلى تصحيح الأوضاع كانت الإجابة في صلف وغباء (لا تقبل وصاية من أحد) والحقيقة أنها ليست وصاية ولكنها مشاركة وتوجيه وإشارة إلى حق الله علينا جميعًا في حماية مجتمعنا وأبنائنا وبناتنا من غائلة هذا الغزو الشديد الخطر الذي يتهددنا من قبل ما يسمى دولة الفن غناء ورقصًا وموسيقى ومسرحيات نحن نعرف المخططات التي تقودها والغايات التي تسوقها والأهداف التي ترمي وراءها إلى تفريغ هذه الأجيال الجديدة واحتوائها بحيث تهدم كل مقومات العزيمة والإيمان والثبات والاخشبشان والقدرة على إعداد النفس المسلمة لتكون قادرة على حماية وجودها فلا تنهار أمام الأخطار المحاصرة للأمة الإسلامية اليوم والتي يتطلب منها شيئًا آخر غير ما نرى ونسمع، إننا في حاجة ###15### إلى إعداد هذا الشباب المسلم ليكون ردءًا لهذه الأمة من كل مؤامرات الغزو، فهذه الأمة تريد أن تعيش على طريق الله تبارك وتعالى وأن تتخلق بأخلاق الإيمان والتقوى، وأن الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست وصاية من أحد ولكنها نصيحة الإخاء المفروضة على كل منا إزاء الآخر وإزاء المجتمع حتى لا يأخذنا الله تبارك وتعالى بعذاب من عنده، عذاب الذين قصروا في النصح لأمتهم وإخوانهم.
إن هناك فارقًا واسعًا وبونًا شاسعًا بين مفهوم الترويح الإسلامي وبين هذا الصخب الهادر غير المنضبط، فالإسلام يدعو إلى ضبط الغرائز لا إطلاقها وتبريد الشهوات لا تسخينها، والتوسط في أمور الترويح والمتاع لا الإسراف وحماية الوجود الإنساني والكيان البشري من التصدع والانهيار وأن يظل المسلم دائمًا واعيًا صاحيًا لا يشغل عن حقيقة نفسه ولا عن عباداته وواجباته، ونحن نقبل كل أدوات الحضارة وصناعاتها، ولكن لسنا مكلفين بأن نقبل مضامين الغرب في أي شيء، سواء في الفن أو القيم، ولا يستطيع أحد أن يفرض علينا المضامين أو الكلمات أو الألحان التي يستعملها الغرب والتي لا تتفق مع مزاجنا وطابعنا، نعم نحن لسنا ضد الفن ولكنا ضد الفحش، والفن طاقة توظف للخير وقد توظف للشر وحب الوظيفة والهدف يكون التحليل والتحريم، ولذلك يجب التفرقة بين القيم في كل مجتمع عن الآخر، ولسنا مطالبين بأن ننقل الأوضاع نقلا ###16### ولكن لأننا أمة لها تاريخها وقيمها ودينها فإن لها مفهومًا للموسيقى، ولنا أيضًا رأي في كيفية تقديم هذا الفن، فالإسلام حرم الأصوات المخنثة والألحان المائعة والكلمات المبتذلة، وحرم ذلك الجو المشحون بالسموم والمخدرات الذي يغشى دائمًا تلك الأحفال الشهيرة وعندما نقول ذلك فلسنا ندعو إلى وصاية أو هي محاكم التفتيش أو أن هذا منطلق للكآبة أو الظلامة أو غيرها، بل نحن ندعو إلى انطلاق النفس إلى البشر والسماحة من منطلق داخلي عميق الأثر في إقامة الترويح.
إن جو الفن في مصر في حاجة إلى عمل كبير لتحريره من ظروف خطيرة بدأت في السنوات الأخيرة تكشف عن نفسها وتتصل بتجارة الجنس والمخدرات والسموم البيضاء وما كشف عنها هو القليل وما خفي كان أعظم، وما يمكن أن تكون هذه الأوكار مصدرًا للخير أو أسوة حسنة أو نموذجًا يقدم لأبنائنا وبناتنا، كل ذلك في حاجة إلى إعادة نظر حتى يمكن إعادة المجتمع حقيقة لاستقبال إلى عصر جديد من الإيمان بالله واليقين لقيمه وأخلاقياته الرفيعة حتى يكشف الله عنا الغمة ويزيل سحب الظلام التي تحيط بنا، وعلينا أن نعلن عودتنا إلى ربنا إليك نعود إلى منهجك الأصيل فليس لها من دون الله كاشفة.
الأستاذ/ أنور الجندي