في مواجهة ركام الفكر المطروح على الساحة اليوم
قراءات الشباب المسلم في مواجهة ركام الفكر المطروح على الساحة اليوم:
[ما هي المحاذير التي يجب ألا يقع فيها الشباب المسلم عند قراءة كتاب وكيف يقرأ المسلم الكتاب وماذا يقرأ المسلمون حتى يحصنوا أنفسهم ضد موجات الغزو الفكري؟].
هذه أسئلة تتردد كثيرًا ويطلب من الباحثين المسلمين الإجابة عليها والواقع أن الإسلام لا يحرم قراءة أي نوع من الكتب بشرط أن يكون لدى القارئ خلفية من الفهم والثقافة والقدرة على معرفة الغث من السمين، ولقد حدد الإسلام الوجهة في أن يتابع المثقف المسلم العلوم النافعة أساسًا ولا يشغل نفسه بالكتب التي تعني بالذات والشهوات والإباحيات وما يروي أحاديث البغاة والزنادقة الذين يصورون الشهوات سواء أكان ذلك في صورة قصة أو في ديوان شعر أم في كتابة عامة، فهذه الكتب التي تنتشر كثيرًا هذه الأيام لمؤلفين مجهولين أو التي تعيد إحياء فكر الباطنية والزنادقة: أمثال أبي نواس وبشار وغيرهم من الكتب التي تصنف تحت عنوان الأدب أو التي تحاول أن تقدم صورًا عاصفة من أحاديث الرواة التي كان يقدمها القصاص في بعض المجالات العابثة أو الندوات الصاخبة، فهذه كلها كتب لا تفيد ولا تعطي النفس المسلمة ما تتطلع إليه من إيمان ويقين وتقوى، وقد نبذت هذه الكتب طوال فترات تماسك المجتمعات الإسلامية، وعندما كانت الأمة الإسلامية مشغولة بالمهام الكبرى في بناء حضارتها وعلومها.
فلما ضعفت الأمة وركنت إلى الرخاوة والضعف استطاع الزنادقة والشعوبيون ودعاة الإباحة استنساخ هذه الكتب وإذاعتها من جديد ونحن نقف في هذه الكتب موقف الحذر فلا نتخذها مراجع في أبحاثنا العلمية ولا نصدق ما جاء بها ولا نؤمن بما أورده كتاب التغريب من أن هؤلاء الزنادقة كان لهم وزن في مجتمعهم أو تأثير، والمراجع الحقيقية تؤكد أنهم كانوا فئة مرذولة مقصاة عن المجتمع الزاخر بالعلماء والباحثين الخلص في عصرهم وأن كل ما حاول طه حسين وجماعته من أن يجعل لهؤلاء ولآثارهم وجود حقيقي إنما كان من باب الهدم، ولذلك فنحن لا نثق بما جاء في كتاب (الأغاني) ولا نثق في مؤلفه (الأصفهاني) ولنرجع إلى ترجمته فنجد إنه كان رجلاً شعوبيًا معاديًا للإسلام مواليًا لأعداء الإسلام وخصومه، وإنه جمع هذه الأشعار والروايات ليرضي طبقة من المترفين الفاسدين، وأن ما رواه في كتابه مضطرب لا يثق به أحد، وأنه ما قصد علمًا ولا بحثًا جادًا ولكنه أراد غواية وإفسادًا كان من بين خطط الشعر وبين الذين هم دعاة التغريب في ذلك العهد، وكذلك نقف هذا الموقف من كتاب (ألف ليلة) هذا الكتاب اللقيط الذي ليس له مؤلف معين والذي جمعت رواياته من مجتمع فارس الوثني قبل الإسلام وأضيفت إليه بعض قصص عراقية ومصرية، كذلك كل ما أورد من شعر منسوب إلى عمر الخيام لم يصح فيه شيء إلا القليل فلم يكن الخيام في الحقيقة شاعرًا وإنما كان عالمًا فلكيًا ولكن بعض القوى التغريبية أرادت أن تتخذ منه تكأة لإذاعة شعر فارسي في الخمر لم يعرف له مؤلف على النحو الذي قام به (فتزجرالد) وترجمة عصبة من الشعراء العرب الذين خدعوا أو جرى التأثير عليهم ثم كشفت الحقيقة من بعد.
أما ما يتردد دائمًا على ألسنة بعض المغرضين من الإشارة إلى الشعر الغربي الذي عرف في مرحلة من مراحل المجتمعات الإسلامية سواء من شعر الخمر أو الجنس أو الغلمة فإن هذا وافد معروف وفد على الأدب العربي تحت تأثير الظروف التي واجهها المجتمع الإسلامي بعد ترجمة آثار اليونان والفرس والهنود من كتابات إباحية وجنسية تأثر لها بعض الشعراء والكتاب وهي مرحلة مضطربة معروفة – استطاع الفكر الإسلامي والأدب العربي أن يخرج منها ويعود إلى أصالته. ومن هنا فليست هذه النصوص مما تؤخذ على الأدب العربي وهذه المرحلة قد حفلت أيضًا بالفكر الفلسفي والفكر الصوفي الفلسفي الذي أثار نظريات وحدة الوجود والحلول والتناسخ وما يتصل بها من نظريات العقول العشرة والفيض والنرفانا وغيرها وهذه كلها نظريات واجهها الفكر الإسلامي وكشف عن زيفها وكتب عنها أئمة أعلام: كالشافعي وأحمد بن حنبل والغزالي، وكان قمة من وصل إلى الغاية في هذا الإمام ابن تَيْمِيَّة.
ومن هنا فإن الشباب المسلم يجب أن يكون على وعي بهذه المرحلة من تاريخ الفكر الإسلامي التي تأثرت بترجمات الفكر اليوناني والفارسي والهندي، وما أثاره من قضايا وما جرت من محاولات الفلاسفة للربط بين الإسلام وهذا الفكر وما بلغوا من فشل في هذا المجال، وما دحض به مفكروا الإسلام أخطاء الفكر اليوناني وفساد وجهته.
ولما كان الإسلام ومنهجه كله (في مختلف جوانبه عقيدة وشريعة وأخلاقًا) قد اكتمل قبل أن يختار الرسول صلى الله عليه وسلم الرفيق الأعلى (اليوم أكملت لكم دينكم) فإن كل هذه المطروحات التي حاولت أن تجد مكانًا لها في الفكر الإسلامي بعد ترجمة الفلسفات قد بانت غربتها واختلافها بل وتعارضها مع مفهوم الإسلام الذي جاء بمنهج مختلف عن منهج الحضارات العبودية التي سبقته وخاصة حضارات اليونان والرومان والفرس والفراعنة والهنود، هذه الحضارات التي قامت على أمرين رفضهما الإسلام وأنكرهما إنكارًا تامًا:
أولاً: الوثنية وعبادة الإنسان للصنم.
ثانيًا: الرق وعبودية الإنسان للإنسان وإعلان الفلسفات جميعها (وخاصة فلسفة أرسطو وأفلاطون) بأن الرق حجر أساسي في بناء الحضارات، وقد رفض الإسلام ذلك كله وهدمه وحطم وجوده.
هذه هي الخلفية الأساسية للشباب المسلم المثقف في النظر إلى الفكر البشري الذي جاء الإسلام ليكشف زيفه ويقيم منهج النبوة الصحيح للإنسانية كلها على نحو مخالف تمامًا قوامه التوحيد الخالص وإسلام الوجه لله تبارك وتعالى وإقامة العدل والإخاء البشري والرحمة ’’وليظهره على الدين كله’’، فلك يلبث أن قامت الأمة الإسلامية من حدود الصين إلى نهر اللوار في أقل من ثمانين عامًا، وقد قدمت الأمة الإسلامية للغرب المنهج العلمي التجريبي الذي أنشأ الحضارة المعاصرة وقد قبلت أوروبا منهج العلم ولم تقبل منهج الفكر والعقيدة، فأقامت حضارة ينقصها البندين الأساسيين للحضارة الإسلامية، وهما البعد الرباني والبعد الأخلاقي ومن ثم أخذت تواجه الارتطامات والصدمات والعواصف والأزمات حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من اضطرابات ولسوف يصيبها ما أصاب الحضارة الوثنية التي سبقتها ولابد أن تواجه الانهيار.
ولقد قدمت الحضارة الغربية للعالم منهجين: أحدهما رأسمالي والآخر اشتراكي، وقد تبين بعد مرور الوقت الكافي بعجز كلا المنهجين عن أن يقدما للبشرية أشواق الروح أو طمأنينة النفس وتعالي الصيحات اليم تطالب بمنهج جديد وتلفت علماء الغرب الذين استطاعوا أن يتحرروا من أسر التقليد والتبعية فنادوا بالعودة إلى الإسلام بوصفه المنقذ الوحيد للبشرية من أزمتها الخانقة.
في ضوء هذا المفهوم يجب أن يقرأ الشباب المثقف بوعي وحرص ما يقدم عليه فلا يخدعه أحد من الأسماء اللامعة أو الصحف الواسعة الانتشار ولا المؤلفات البراقة، والعبرة بالمضمون والرائد لا يكذب أهله فإذا كذبها كان حقًا على الأمة أن تكشف زيفه وأن تنحيه، ولقد كانت هناك أسماء لامعة خدعت الناس طويلاً لأنها دعت أمتها إلى التبعية وإلى الاستسلام أمام الغرب الذي لم يكن في يوم من الأيام إلا خصمًا يطمع في احتواء عقليات المسلمين ويرغب في تزييف منهج الإسلام.
على هذا النحو الذي رسمه كرومر ودنلوب وزويمر، والذي وكل المستشرقون أتباعهم من أصحاب الأسماء العربية أن يكملوا المهمة، إيمانًا بأنهم أقدر على كسب ثقة أهليهم، ولقد تكشفت هذه السموم وارتدت هذه الأسهم إلى صدور أصحابها ولم يعد في الإمكان إعادة الثقة إلى كل من خان هذه الأمة أو خدعها أو دعاها إلى التنكر لدينها أو عقيدتها أو لغتها أو قرآنها. هذا هو المنطلق الأول لفهم الوجهة في قراءة ذلك الركام الهائل المطروح أمام المثقف المسلم (أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
في مواجهة ركام الفكر المطروح على الساحة اليوم: نظريات مضللة نكشف زيفها:
يجب أن يكون موقفنا نحن المسلمين واضحًا من كل ما يقدم على الساحة حتى نستصفي مفهومنا الصحيح للثقافة والعلوم والمجتمع وقضايا السياسة والاقتصاد والتربية وغيرها فقد حدث خلط كثير خلال هذه السنوات التي مرت وخاصة سنوات الاحتلال الأجنبي وما ترك من رواسب لا تزال قائمة في مجالات الفكر والثقافة والتعليم والصحافة في محاولة لصبغ فكرنا بلون غربي أو مغرب.
كان النفوذ الأجنبي ظاهرًا في عصر الاحتلال وكانت المرحلة واضحة التبعية للاتجاه الغربي الليبرالي والرأسمالي، وكانت كل المؤسسات خاضعة لتلك الوجهة، وكانت هناك وطنية تعمل على التحرر من النفوذ الأجنبي، ولكن كان هناك من يخدمون هذا النفوذ. ومن هنا فإن تاريخ الحركة الوطنية أيام الاحتلال يجب أن يدرس بعناية وأن ينظر فيه إلى ما مقام به كرومر من بناء نماذج كانت تؤمن بالالتقاء مع النفوذ الأجنبي في منتصف الطريق وتقبل منه القليل، وقد اعتمد الاستعمار على التعليم في تكوين هذه القيادات وكانت التجربة السياسية القائمة على النظام الغربي زائفة، وكانت التبعية للنظام الغربي وسيطرته الاقتصادية حتى بعد انتهاء الاحتلال العسكري واضحة وقائمة.
ثم جاءت بعد ذلك مرحلة التجربة الماركسية وكانت تمثل تبعية من نوع آخر، عانى خلال مرحلته المفهوم الإسلامي الأصيل أشد المعاناة، فقد حجب وراء تصور قاصر، يجعل الإسلام دينًا لاهوتيا قاصرًا على العبادة والمساجد بعيدًا عن مفهوم الإسلام الحقيق: مفهوم المنهج الرباني القائم على خضوع الحياة الاجتماعية والسياسية له بوصفه نظام مجتمع ومنهج حياة، وكان لهذا المفهوم أثره الواضح في مجالات الثقافة والتعليم والصحافة وخضعت المناهج التعليمية والجامعية إلى النظم الليبرالية والماركسية، وقامت الحياة الثقافية على هذا المنهج أو ذاك دون أن يتاح للمنهج الإسلامي الذي هو الأصل أن يستعان أو يدافع عن مفهومه ووجوده إلا من خلال صحف متواضعة وكتب قليلة، وكتابات تقوم على الدفاع والرد على الشبهات المثارة ولا تملك أن تقدم منهجها الأصيل بصورة حقيقية.
وهكذا كان الفكر الحديث الذي يقدم من خلال مناهج العلوم الاجتماعية والنفس والفلسفة والاقتصاد والأدب والتاريخ مشوبًا بالتصور الغربي، لا يضع للدور الإسلامي في تاريخ العلوم أو الفكر كبير اهتمام، بل إن العلوم التي كان للإسلام دوره الرائد في صياغتها تدرس الآن دون إشارة إليه وتبدأ من حيث أخذها الغرب وتجاهل دور المسلمين فيها، فإذا اتصلت هذه العلوم والمناهج بتاريخ المسلمين أنفسهم أو بتراثهم قدمت على نحو متعسف مضلل، فهي تتناول تاريخ الإسلام بأسلوب علماني وتحكم عليه من خلال منهج التفسير المادي للتاريخ وتقلل من عظمته وتفرغه من شحنته الروحية وتجعله باردًا كالثلج، وتلك محاولة مقصودة من أجل إطفاء نوره وإذهاب طابعه القادر على بناء النفس المسلمة من جديد.
إن هناك أسماء كثيرة لمعت بفضل النفوذ الأجنبي ووضعت في موضع القيادة الفكرية يجب أن يعاد النظر فيها على ضوء الحقائق التاريخية التي ظهرت ووفق مفهوم الأوضاع التي كانت تحجب الأضاليل فسعد زغلول ولطفي السيد وعبد العزيز فهمي وجرجي زيدان وطه حسين وسلامه موسى وتوفيق الحكيم، كل هؤلاء يجب أن يعاد النظر إليهم في ضوء الحقائق التي عرفت، وخاصة ما يتصل بها الماسونية وبروتوكولات صهيون، وأن هناك أسماء أخرى ظلت تحت تأثير الموجة الطارئة يجب أن يعاد النظر إليها أمثال المتنبي والغزالي وعمر الخيام والسلطان عبد الحميد.
ولابد من وقفة حاسمة عند دور المماليك والدولة العثمانية في تاريخ مصر والبلاد العربية، فما تزال القوى التابعة للنفوذ الأجنبي تحاول أن تثير الاتهامات والشبهات مرضاة للغرب الذي يعلن عن كراهيته للمماليك الذين قضوا على نفوذه وأزالوا وجوده في الحروب الصليبية وإخراجه مهزومًا من بلاد المسلمين بعد قرنين من الزمان وكذلك كراهيتهم للسلطان محمد الفاتح الذي انتزع القسطنطينية والدور الذي قامت به الدولة العثمانية في وجود مصر وشمال إفريقيا وخاصة الجزائر وتونس من النفوذ الغربي الزاحف.
ولابد من الاهتمام بالدعوات المضللة التي استطاع النفوذ الأجنبي إبرازها والتركيز عليها خاصة قضية تحرير المرأة، والانفجار السكاني والفلكلور، وأن يكون هناك موقف قائم على الأصالة من الترجمة بصفة عامة ومن ترجمة الروايات العالمية التي لا تمثل مشاعرنا ولا قيمنا والتي تركز على الإباحيات والكشف على النحو الذي نشر في مصر أخيرًا ووجد في كلية الآداب، فهذا عيب كبير أن تكون مصر قائدة الأصالة العربية الإسلامية هي التي تصدر هذه النماذج العارية المكشوفة والإباحية.
إننا نطالب في مقدمة كل كتاب يترجم إلى اللغة العربية بيانًا عن ضرورة هذا العمل وميزاته ووجه المقارنة بينه وبين ما يوجد في لغتنا وثقافتنا وأن يكون واضحًا أنه عمل مرتبط بعصر وبيئة وأنه ليس على الإطلاق قواعد فكرية أو قوانين علمية، فنحن لا نقبل فكر الآخرين إلا إذا كان بمثابة (مواد خام) نشكلها في إطار فكرنا كما نشاء.
لقد قدمت لنا في العقود الماضية نظريات كثيرة في القومية (ساطع الحصري) وفي العلمانية (طه حسين) وفي الأدب المكشوف (توفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس وغيرهما) وفي الماركسية (محمد مندور) وفي الجنس (فرويد وسلامه موسى) وفي مذهب العالمية الماسونية (لويس عوض) وإحياء التراث وتزييفه (طه حسين، عبد الرحمن الشرقاوي).
وكل هذه الكتابات يجب أن تقرأ بحذر وأن يكون معروفًا هدف كتابها ومصادر ثقافتهم والغاية التي يتوخونها من طرح هذه الكتابات.
ولقد قدم بعض الكتابات (الأغاني، وألف ليلة، ورسائل إخوان الصفا، وكليلة ودمنا) على أنها مراجع يمكن اعتمادها في كتابات الأطروحات العلمية.
وقد كشف الباحثون عن فساد هذه الكتب وعجزها عن أن تكون مصادر صحيحة وقدمت في خلال العقود الماضية مذاهب ونحل مضللة كالبهائية والقاديانية وعنيت الصحب بالعباس البهاء وبعض مؤسسي الصهيونية الذين قدموا كمفكرين عالميين.
لقد كشفت دوائر العلوم في الغرب فساد كثير من النظريات المطروحة في أفق الفكر الإسلامي ومناهج الدراسة والتعليم على علوم حقيقية. بينما لم تكن في الحقيقة إلا نظريات وفروض عقلية قابلة للخطأ والصواب.
ولقد تكشفت في الغرب مفاهيم جديدة حول نظرية دارون ونظرية فرويد ونظرية سارتر ونظرية دوركايم. كما تبين أكذوبة ما يسمى بالحضارة العالمية. وتعالت الأصوات باضطراب مفاهيم العلوم الاجتماعية والإنسانية.
وتبين أن هناك محاولة ملحة في إثارة النعرات الإقليمية والقومية والعنصرية وإحياء التاريخ القديم السابق للإسلام.
وهناك هجوم كاسح على اللغة العربية بقصد اختراقها لأنها الفصحى لغة القرآن. وهناك محاولات مستميتة لإحياء العاميات سواء في المسرح أو المسلسلات أو الصحافة أو القصة فضلاً عن إنكار فضل المسلمين على الحضارة والتجريب ومحاولة حجب الشريعة الإسلامية وإعلان القانون الوضعي.
كما تبين فساد مفاهيم الاقتصاد السياسي الربوي وعلم النفس الفرويدي ومفاهيم ماركس ودوركايم وسارتر وفساد فكرة وحدة الأديان أو وحدة الثقافة كما كشف الباحثون عن تناقض الكتب القديمة واستحالة اندماج الإسلام في الإيدلوجيتين الليبرالية والشيوعية.
وتميز الإسلام بالنسبة للأديان السماوية والوضعية جميعًا بذاتيته الخاصة وكتابه الخالد النص الثابت الموثق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
أخطر القضايا التي تواجه الشباب المسلم اليوم التبعية للفكر الوافد.
التبعية للفكر الوافد:
ما يزال الشباب المسلم في هذا العصر في حاجة إلى معرفة أبعاد القضية الكبرى التي تمتلك عليهم اليوم فكرهم وينقسمون إزائها تحت تأثير الخدعة التي جرت على أقلام أتباع الاستشراق والتغريب وهي اصطناع أسلوب الغرب في مواجهة التفوق عليه والتحرر من نفوذه. وهي خدعة ضخمة كشفت الأحداث خلال أكثر من قرن كامل عن فسادها فقد استهدف النفوذ الأجنبي بها احتواء المسلمين في دائرة مغلقة هي دائرة فكره والتبعية له، والانحباس بها دون امتلاك إرادة فكرهم المشرق والمنطلق الذي يحمل لواء النظرة الجامعة وبكامل عناصر المادة والروح والذي يحمل شارة العزة والكرامة والعبودية لله تبارك وتعالى وحده من دون الأمم أو الحضارات أو الإيدلوجيات والمذاهب الوافدة.
بل إنه لمن العجب أن نجد مسئولاً يحمل مسئولية النيابة عن العرب في منظمة دولية كبرى يقول هذا القول ويردد الفكرة الباطلة المسمومة حين يقول: ’’إنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل استيراد الحضارة الحديثة دون استيراد قيمها معها فنحن فيما يرى هذا التغريبي لا يستطيع استيراد المنتجات التكنولوجية للعالم الحديث دون تبني نفس القيم التي كانت خلف الحضارة التكنولوجية فالحضارة كل متكامل لا يتجزأ’’.
ونقول لو أن رجلاً مثل فرنسيس بيكون، أو جلبرت سلفستر الثاني قال لقومه في مطالع عصر النهضة الأوروبية هذا القول لجعلوه أضحوكة الدهر ولكن من قومنا من يقول هذا ويردده دون أن يشعر بأنه يخدع أمته خداعًا شديدًا، ذلك أن مفهوم الحضارة المادية بمعنى المادية ليست إلا تجارب علمية في مجال الطبيعة والكيمياء والعلوم التجريبية لا تفرض في حاملها أو القائم بها أن يكون مؤمنًا بمفاهيم الخطيئة والمادية والعلمانية أو يكون مؤمنًا بأن يجعل هذا التقدم العلمي كله في سبيل تدمير البشرية بالقنبلة الهيدروجينية أو نشر أساليب الإباحة والفساد والانحراف تحت اسم الفن أو المسرح وإفساد المجتمعات وهدم الأسرة ودفع الشباب إلى الانحراف تحت اسم الوجودية أو الهيبة، إن هناك فاصلاً عميقًا بين التجربة العلمية التي يطمع المسلمون في الحصول عليها وبين أسلوب العيش الغربي الذي يطبق هذه المعطيات الحديثة، ولقد كانت معطيات المنهج العلمي التجريبي الذي بدأه المسلمون تنطلق من خلال مفاهيم الرحمة والعدل والإخاء الإنساني فاستطاع الغربيون أن ينقلوا المقايسات المادية إلى إطار فكرهم دون أن يأخذوا نفس القيم الإسلامية التي كانت تقوم عليها وقد كان ذلك سببًا هامًا من أسباب انحراف الحضارة وفسادها وظهور أزمة الإنسان الغربي المعاصر.
لقد ردد هذه المفاهيم كثير من دعاة التغريب وكانوا في ذلك مخادعين مضلين، ولم يعد مثل هذا القول يخدع أحدًا فقد تكشف الأهداف الخطيرة القائمة وراء دعوة المسلمين إلى أسلوب العيش الغربي بفساده وانحرافه وخمره وإباحياته وإن كان المسلمون قد جروا من الشوط ثمة فإنهم يعرفون الآن أن هذه التبعية هي التي اجتاحت وجودهم وأدخلتهم في الأزمة الخطيرة التي يعانونها وهم يواجهون أهواء البشرية كلها ممثلة في النفوذ الأجنبي والصهيونية والماركسية جميعًا.
لقد كان المفكر والشاعر المسلم محمد إقبال في الثلاثينات من هذا القرن قد حذر قومه من هذه الأخطار حين قال:
على المسلم المعاصر أن يحذر الوقوع في الخطر الذي يمكن فيما ينطوي عليه الفكر الأوروبي الجديد من إلحاد وخصوصًا أن أساليب الخداع فيه كثيرة فقد انخدع به كثيرون من المسلمين كما انخدع بالفعل به بعض الدعاة في الهند فعلينا أن نعيد النظر في تفكيرنا الإسلامي من جانب نمحض هذا الفكر الجديد بروح مستقلة يقظة من جانب آخر. إن أخف الأضرار التي أعقبت فلسفة الغرب المادية هي ذلك الشلل الذي اعترى نشاطه والذي أدركه هكسلي وأعلن سخطه عليه.
وللاشتراكية الحديثة الملحدة، ولها كل هؤلاء الدعاة المتحمسين المضللين، لقد استمدت أساسها الفلسفي من المتطرفين من أصحاب مذهب هيجل، فقد أعلنت العصيان على ذات المصدر الذي كان يمكن أن يمدها بالقوة والهدف فهي إذ ليست بقادرة على أن تشفي علل الإنسانية.
وعلى المسلم أن يقدر وأن يعيد بناء حياته الاجتماعية في ضوء الميادين القاطعة في الإسلام كمبدأ التوحيد وختم الرسالة وأن يستنبط من أهداف الإسلام التي لم تنكشف إلا الآن تكشفًا جزئيًا تلك الديمقراطية التي هي الحكاية الأخيرة للإسلام ومقصده.
إن المسلم القوي الذي أنشأته الصحراء وأحكمته رياحها الهوجاء أضعفته رياح العجم فصار منها كالناي تحولاً ونواحًا وإن الذي كان تكبيره يذيب الأحجار انقلب وجلاً من صفر الأطيار والذي هز عزمه شم الجبال غل يديه ورجليه بأوهام الاتكال والذي كان ضربه في رقاب الأعداء صار يضرب صدره في اللاواء والذي نقشت قدمه على الأرض ثورة كسرت رجلاه عكوفًا في الخلوه والذي كان يمضي على الدهر حكمه وتقف الملوك على بابه رضى من السعي والقناعة وذلة الاستخدام والخشوع.
ويقول إقبال: إن أوروبا اليوم هي أكبر عائق في سبيل الرقي لأخلاق الإنسان. أما المسلم فإن له هذه الآراء النهائية القائمة على أساس من ’’تنزيل’’ يتحدث إلى الناس من أعماق الحياة والوجود وما تعني به هذه الآراء من أمور خاصة في الظاهر يترك أثره في أعماق النفوس الأساسي الروحي للحياة عند المسلم بإيمان يستطيع المسلم أن يسترخص الحياة في سبيله.
وقد تعددت كتابات الكاشفين عن فساد التبعية وعن فساد الصنم المعبود الذي هوى. يقول أحدهم: إن المجتمع البشري اليوم قد سئم ويئس من منبع أوروبا الذي فقد زمنه، ولم يستطع خلال هذه النهضة الهائلة الطويلة أن يضيف إلى رصيد الإنسان إلا الحديد والنار والبارود والدخان والقنابل المدمرة والغازات السامة والآلات المبيدة. إن الفراغ الذي حدث في قيادة الإنسانية اليوم فراغ رهيب ولكنه فراغ لا يستطيع أحدًا أن يملأه إلا العالم الإسلامي ونقول: بل دعوة التوحيد الخالص التي حملها الإسلام وما زال محجوبًا من المسلمين.
ويقول باحث آخر: إن أولئك الرجال الذين اعتنقوا الأفكار الغربية (قومية وليبرالية واشتراكية) ظنًا منهم أنها تحرر القدس أو توحد الأمة أو تعيد للمسلمين والعرب كيانهم، هم مخدوعون وعليهم أن يعودوا إلى مفهوم الإسلام بعد أن أصبحت تلك الشعارات والأفكار هباءً منثورًا وألفاظ بلا مضمون ولا تؤدي إلى سراب خادع وهم بالتأكيد ما لجأوا إلى ذلك إلا هربًا من الإسلام وخطره على النفوذ الأجنبي والشيوعية والصهيونية التي ينتمي إليها زعماء تلك التيارات والاتجاهات ومؤسسوها أ. هــ.
وهكذا نجد أن الطريق قد وضح وأن الرؤيا أصبحت قادرة على استيعاب الأبعاد والغايات الخطيرة التي تستكن وراء التغريب وإخراج المسلمين من ذاتيتهم وهويتهم وقيمهم الأساسية.
الأستاذ أنور الجندي
قراءات الشباب المسلم في مواجهة ركام الفكر المطروح على الساحة اليوم:
[ما هي المحاذير التي يجب ألا يقع فيها الشباب المسلم عند قراءة كتاب وكيف يقرأ المسلم الكتاب وماذا يقرأ المسلمون حتى يحصنوا أنفسهم ضد موجات الغزو الفكري؟].
هذه أسئلة تتردد كثيرًا ويطلب من الباحثين المسلمين الإجابة عليها والواقع أن الإسلام لا يحرم قراءة أي نوع من الكتب بشرط أن يكون لدى القارئ خلفية من الفهم والثقافة والقدرة على معرفة الغث من السمين، ولقد حدد الإسلام الوجهة في أن يتابع المثقف المسلم العلوم النافعة أساسًا ولا يشغل نفسه بالكتب التي تعني بالذات والشهوات والإباحيات وما يروي أحاديث البغاة والزنادقة الذين يصورون الشهوات سواء أكان ذلك في صورة قصة أو في ديوان شعر أم في كتابة عامة، فهذه الكتب التي تنتشر كثيرًا هذه الأيام لمؤلفين مجهولين أو التي تعيد إحياء فكر الباطنية والزنادقة: أمثال أبي نواس وبشار وغيرهم من الكتب التي تصنف تحت عنوان الأدب أو التي تحاول أن تقدم صورًا عاصفة من أحاديث الرواة التي كان يقدمها القصاص في بعض المجالات العابثة أو الندوات الصاخبة، فهذه كلها كتب لا تفيد ولا تعطي النفس المسلمة ما تتطلع إليه من إيمان ويقين وتقوى، وقد نبذت هذه الكتب طوال فترات تماسك المجتمعات الإسلامية، وعندما كانت الأمة الإسلامية مشغولة بالمهام الكبرى في بناء حضارتها وعلومها.
فلما ضعفت الأمة وركنت إلى الرخاوة والضعف استطاع الزنادقة والشعوبيون ودعاة الإباحة استنساخ هذه الكتب وإذاعتها من جديد ونحن نقف في هذه الكتب موقف الحذر فلا نتخذها مراجع في أبحاثنا العلمية ولا نصدق ما جاء بها ولا نؤمن بما أورده كتاب التغريب من أن هؤلاء الزنادقة كان لهم وزن في مجتمعهم أو تأثير، والمراجع الحقيقية تؤكد أنهم كانوا فئة مرذولة مقصاة عن المجتمع الزاخر بالعلماء والباحثين الخلص في عصرهم وأن كل ما حاول طه حسين وجماعته من أن يجعل لهؤلاء ولآثارهم وجود حقيقي إنما كان من باب الهدم، ولذلك فنحن لا نثق بما جاء في كتاب (الأغاني) ولا نثق في مؤلفه (الأصفهاني) ولنرجع إلى ترجمته فنجد إنه كان رجلاً شعوبيًا معاديًا للإسلام مواليًا لأعداء الإسلام وخصومه، وإنه جمع هذه الأشعار والروايات ليرضي طبقة من المترفين الفاسدين، وأن ما رواه في كتابه مضطرب لا يثق به أحد، وأنه ما قصد علمًا ولا بحثًا جادًا ولكنه أراد غواية وإفسادًا كان من بين خطط الشعر وبين الذين هم دعاة التغريب في ذلك العهد، وكذلك نقف هذا الموقف من كتاب (ألف ليلة) هذا الكتاب اللقيط الذي ليس له مؤلف معين والذي جمعت رواياته من مجتمع فارس الوثني قبل الإسلام وأضيفت إليه بعض قصص عراقية ومصرية، كذلك كل ما أورد من شعر منسوب إلى عمر الخيام لم يصح فيه شيء إلا القليل فلم يكن الخيام في الحقيقة شاعرًا وإنما كان عالمًا فلكيًا ولكن بعض القوى التغريبية أرادت أن تتخذ منه تكأة لإذاعة شعر فارسي في الخمر لم يعرف له مؤلف على النحو الذي قام به (فتزجرالد) وترجمة عصبة من الشعراء العرب الذين خدعوا أو جرى التأثير عليهم ثم كشفت الحقيقة من بعد.
أما ما يتردد دائمًا على ألسنة بعض المغرضين من الإشارة إلى الشعر الغربي الذي عرف في مرحلة من مراحل المجتمعات الإسلامية سواء من شعر الخمر أو الجنس أو الغلمة فإن هذا وافد معروف وفد على الأدب العربي تحت تأثير الظروف التي واجهها المجتمع الإسلامي بعد ترجمة آثار اليونان والفرس والهنود من كتابات إباحية وجنسية تأثر لها بعض الشعراء والكتاب وهي مرحلة مضطربة معروفة – استطاع الفكر الإسلامي والأدب العربي أن يخرج منها ويعود إلى أصالته. ومن هنا فليست هذه النصوص مما تؤخذ على الأدب العربي وهذه المرحلة قد حفلت أيضًا بالفكر الفلسفي والفكر الصوفي الفلسفي الذي أثار نظريات وحدة الوجود والحلول والتناسخ وما يتصل بها من نظريات العقول العشرة والفيض والنرفانا وغيرها وهذه كلها نظريات واجهها الفكر الإسلامي وكشف عن زيفها وكتب عنها أئمة أعلام: كالشافعي وأحمد بن حنبل والغزالي، وكان قمة من وصل إلى الغاية في هذا الإمام ابن تَيْمِيَّة.
ومن هنا فإن الشباب المسلم يجب أن يكون على وعي بهذه المرحلة من تاريخ الفكر الإسلامي التي تأثرت بترجمات الفكر اليوناني والفارسي والهندي، وما أثاره من قضايا وما جرت من محاولات الفلاسفة للربط بين الإسلام وهذا الفكر وما بلغوا من فشل في هذا المجال، وما دحض به مفكروا الإسلام أخطاء الفكر اليوناني وفساد وجهته.
ولما كان الإسلام ومنهجه كله (في مختلف جوانبه عقيدة وشريعة وأخلاقًا) قد اكتمل قبل أن يختار الرسول صلى الله عليه وسلم الرفيق الأعلى (اليوم أكملت لكم دينكم) فإن كل هذه المطروحات التي حاولت أن تجد مكانًا لها في الفكر الإسلامي بعد ترجمة الفلسفات قد بانت غربتها واختلافها بل وتعارضها مع مفهوم الإسلام الذي جاء بمنهج مختلف عن منهج الحضارات العبودية التي سبقته وخاصة حضارات اليونان والرومان والفرس والفراعنة والهنود، هذه الحضارات التي قامت على أمرين رفضهما الإسلام وأنكرهما إنكارًا تامًا:
أولاً: الوثنية وعبادة الإنسان للصنم.
ثانيًا: الرق وعبودية الإنسان للإنسان وإعلان الفلسفات جميعها (وخاصة فلسفة أرسطو وأفلاطون) بأن الرق حجر أساسي في بناء الحضارات، وقد رفض الإسلام ذلك كله وهدمه وحطم وجوده.
هذه هي الخلفية الأساسية للشباب المسلم المثقف في النظر إلى الفكر البشري الذي جاء الإسلام ليكشف زيفه ويقيم منهج النبوة الصحيح للإنسانية كلها على نحو مخالف تمامًا قوامه التوحيد الخالص وإسلام الوجه لله تبارك وتعالى وإقامة العدل والإخاء البشري والرحمة ’’وليظهره على الدين كله’’، فلك يلبث أن قامت الأمة الإسلامية من حدود الصين إلى نهر اللوار في أقل من ثمانين عامًا، وقد قدمت الأمة الإسلامية للغرب المنهج العلمي التجريبي الذي أنشأ الحضارة المعاصرة وقد قبلت أوروبا منهج العلم ولم تقبل منهج الفكر والعقيدة، فأقامت حضارة ينقصها البندين الأساسيين للحضارة الإسلامية، وهما البعد الرباني والبعد الأخلاقي ومن ثم أخذت تواجه الارتطامات والصدمات والعواصف والأزمات حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من اضطرابات ولسوف يصيبها ما أصاب الحضارة الوثنية التي سبقتها ولابد أن تواجه الانهيار.
ولقد قدمت الحضارة الغربية للعالم منهجين: أحدهما رأسمالي والآخر اشتراكي، وقد تبين بعد مرور الوقت الكافي بعجز كلا المنهجين عن أن يقدما للبشرية أشواق الروح أو طمأنينة النفس وتعالي الصيحات اليم تطالب بمنهج جديد وتلفت علماء الغرب الذين استطاعوا أن يتحرروا من أسر التقليد والتبعية فنادوا بالعودة إلى الإسلام بوصفه المنقذ الوحيد للبشرية من أزمتها الخانقة.
في ضوء هذا المفهوم يجب أن يقرأ الشباب المثقف بوعي وحرص ما يقدم عليه فلا يخدعه أحد من الأسماء اللامعة أو الصحف الواسعة الانتشار ولا المؤلفات البراقة، والعبرة بالمضمون والرائد لا يكذب أهله فإذا كذبها كان حقًا على الأمة أن تكشف زيفه وأن تنحيه، ولقد كانت هناك أسماء لامعة خدعت الناس طويلاً لأنها دعت أمتها إلى التبعية وإلى الاستسلام أمام الغرب الذي لم يكن في يوم من الأيام إلا خصمًا يطمع في احتواء عقليات المسلمين ويرغب في تزييف منهج الإسلام.
على هذا النحو الذي رسمه كرومر ودنلوب وزويمر، والذي وكل المستشرقون أتباعهم من أصحاب الأسماء العربية أن يكملوا المهمة، إيمانًا بأنهم أقدر على كسب ثقة أهليهم، ولقد تكشفت هذه السموم وارتدت هذه الأسهم إلى صدور أصحابها ولم يعد في الإمكان إعادة الثقة إلى كل من خان هذه الأمة أو خدعها أو دعاها إلى التنكر لدينها أو عقيدتها أو لغتها أو قرآنها. هذا هو المنطلق الأول لفهم الوجهة في قراءة ذلك الركام الهائل المطروح أمام المثقف المسلم (أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
في مواجهة ركام الفكر المطروح على الساحة اليوم: نظريات مضللة نكشف زيفها:
يجب أن يكون موقفنا نحن المسلمين واضحًا من كل ما يقدم على الساحة حتى نستصفي مفهومنا الصحيح للثقافة والعلوم والمجتمع وقضايا السياسة والاقتصاد والتربية وغيرها فقد حدث خلط كثير خلال هذه السنوات التي مرت وخاصة سنوات الاحتلال الأجنبي وما ترك من رواسب لا تزال قائمة في مجالات الفكر والثقافة والتعليم والصحافة في محاولة لصبغ فكرنا بلون غربي أو مغرب.
كان النفوذ الأجنبي ظاهرًا في عصر الاحتلال وكانت المرحلة واضحة التبعية للاتجاه الغربي الليبرالي والرأسمالي، وكانت كل المؤسسات خاضعة لتلك الوجهة، وكانت هناك وطنية تعمل على التحرر من النفوذ الأجنبي، ولكن كان هناك من يخدمون هذا النفوذ. ومن هنا فإن تاريخ الحركة الوطنية أيام الاحتلال يجب أن يدرس بعناية وأن ينظر فيه إلى ما مقام به كرومر من بناء نماذج كانت تؤمن بالالتقاء مع النفوذ الأجنبي في منتصف الطريق وتقبل منه القليل، وقد اعتمد الاستعمار على التعليم في تكوين هذه القيادات وكانت التجربة السياسية القائمة على النظام الغربي زائفة، وكانت التبعية للنظام الغربي وسيطرته الاقتصادية حتى بعد انتهاء الاحتلال العسكري واضحة وقائمة.
ثم جاءت بعد ذلك مرحلة التجربة الماركسية وكانت تمثل تبعية من نوع آخر، عانى خلال مرحلته المفهوم الإسلامي الأصيل أشد المعاناة، فقد حجب وراء تصور قاصر، يجعل الإسلام دينًا لاهوتيا قاصرًا على العبادة والمساجد بعيدًا عن مفهوم الإسلام الحقيق: مفهوم المنهج الرباني القائم على خضوع الحياة الاجتماعية والسياسية له بوصفه نظام مجتمع ومنهج حياة، وكان لهذا المفهوم أثره الواضح في مجالات الثقافة والتعليم والصحافة وخضعت المناهج التعليمية والجامعية إلى النظم الليبرالية والماركسية، وقامت الحياة الثقافية على هذا المنهج أو ذاك دون أن يتاح للمنهج الإسلامي الذي هو الأصل أن يستعان أو يدافع عن مفهومه ووجوده إلا من خلال صحف متواضعة وكتب قليلة، وكتابات تقوم على الدفاع والرد على الشبهات المثارة ولا تملك أن تقدم منهجها الأصيل بصورة حقيقية.
وهكذا كان الفكر الحديث الذي يقدم من خلال مناهج العلوم الاجتماعية والنفس والفلسفة والاقتصاد والأدب والتاريخ مشوبًا بالتصور الغربي، لا يضع للدور الإسلامي في تاريخ العلوم أو الفكر كبير اهتمام، بل إن العلوم التي كان للإسلام دوره الرائد في صياغتها تدرس الآن دون إشارة إليه وتبدأ من حيث أخذها الغرب وتجاهل دور المسلمين فيها، فإذا اتصلت هذه العلوم والمناهج بتاريخ المسلمين أنفسهم أو بتراثهم قدمت على نحو متعسف مضلل، فهي تتناول تاريخ الإسلام بأسلوب علماني وتحكم عليه من خلال منهج التفسير المادي للتاريخ وتقلل من عظمته وتفرغه من شحنته الروحية وتجعله باردًا كالثلج، وتلك محاولة مقصودة من أجل إطفاء نوره وإذهاب طابعه القادر على بناء النفس المسلمة من جديد.
إن هناك أسماء كثيرة لمعت بفضل النفوذ الأجنبي ووضعت في موضع القيادة الفكرية يجب أن يعاد النظر فيها على ضوء الحقائق التاريخية التي ظهرت ووفق مفهوم الأوضاع التي كانت تحجب الأضاليل فسعد زغلول ولطفي السيد وعبد العزيز فهمي وجرجي زيدان وطه حسين وسلامه موسى وتوفيق الحكيم، كل هؤلاء يجب أن يعاد النظر إليهم في ضوء الحقائق التي عرفت، وخاصة ما يتصل بها الماسونية وبروتوكولات صهيون، وأن هناك أسماء أخرى ظلت تحت تأثير الموجة الطارئة يجب أن يعاد النظر إليها أمثال المتنبي والغزالي وعمر الخيام والسلطان عبد الحميد.
ولابد من وقفة حاسمة عند دور المماليك والدولة العثمانية في تاريخ مصر والبلاد العربية، فما تزال القوى التابعة للنفوذ الأجنبي تحاول أن تثير الاتهامات والشبهات مرضاة للغرب الذي يعلن عن كراهيته للمماليك الذين قضوا على نفوذه وأزالوا وجوده في الحروب الصليبية وإخراجه مهزومًا من بلاد المسلمين بعد قرنين من الزمان وكذلك كراهيتهم للسلطان محمد الفاتح الذي انتزع القسطنطينية والدور الذي قامت به الدولة العثمانية في وجود مصر وشمال إفريقيا وخاصة الجزائر وتونس من النفوذ الغربي الزاحف.
ولابد من الاهتمام بالدعوات المضللة التي استطاع النفوذ الأجنبي إبرازها والتركيز عليها خاصة قضية تحرير المرأة، والانفجار السكاني والفلكلور، وأن يكون هناك موقف قائم على الأصالة من الترجمة بصفة عامة ومن ترجمة الروايات العالمية التي لا تمثل مشاعرنا ولا قيمنا والتي تركز على الإباحيات والكشف على النحو الذي نشر في مصر أخيرًا ووجد في كلية الآداب، فهذا عيب كبير أن تكون مصر قائدة الأصالة العربية الإسلامية هي التي تصدر هذه النماذج العارية المكشوفة والإباحية.
إننا نطالب في مقدمة كل كتاب يترجم إلى اللغة العربية بيانًا عن ضرورة هذا العمل وميزاته ووجه المقارنة بينه وبين ما يوجد في لغتنا وثقافتنا وأن يكون واضحًا أنه عمل مرتبط بعصر وبيئة وأنه ليس على الإطلاق قواعد فكرية أو قوانين علمية، فنحن لا نقبل فكر الآخرين إلا إذا كان بمثابة (مواد خام) نشكلها في إطار فكرنا كما نشاء.
لقد قدمت لنا في العقود الماضية نظريات كثيرة في القومية (ساطع الحصري) وفي العلمانية (طه حسين) وفي الأدب المكشوف (توفيق الحكيم وإحسان عبد القدوس وغيرهما) وفي الماركسية (محمد مندور) وفي الجنس (فرويد وسلامه موسى) وفي مذهب العالمية الماسونية (لويس عوض) وإحياء التراث وتزييفه (طه حسين، عبد الرحمن الشرقاوي).
وكل هذه الكتابات يجب أن تقرأ بحذر وأن يكون معروفًا هدف كتابها ومصادر ثقافتهم والغاية التي يتوخونها من طرح هذه الكتابات.
ولقد قدم بعض الكتابات (الأغاني، وألف ليلة، ورسائل إخوان الصفا، وكليلة ودمنا) على أنها مراجع يمكن اعتمادها في كتابات الأطروحات العلمية.
وقد كشف الباحثون عن فساد هذه الكتب وعجزها عن أن تكون مصادر صحيحة وقدمت في خلال العقود الماضية مذاهب ونحل مضللة كالبهائية والقاديانية وعنيت الصحب بالعباس البهاء وبعض مؤسسي الصهيونية الذين قدموا كمفكرين عالميين.
لقد كشفت دوائر العلوم في الغرب فساد كثير من النظريات المطروحة في أفق الفكر الإسلامي ومناهج الدراسة والتعليم على علوم حقيقية. بينما لم تكن في الحقيقة إلا نظريات وفروض عقلية قابلة للخطأ والصواب.
ولقد تكشفت في الغرب مفاهيم جديدة حول نظرية دارون ونظرية فرويد ونظرية سارتر ونظرية دوركايم. كما تبين أكذوبة ما يسمى بالحضارة العالمية. وتعالت الأصوات باضطراب مفاهيم العلوم الاجتماعية والإنسانية.
وتبين أن هناك محاولة ملحة في إثارة النعرات الإقليمية والقومية والعنصرية وإحياء التاريخ القديم السابق للإسلام.
وهناك هجوم كاسح على اللغة العربية بقصد اختراقها لأنها الفصحى لغة القرآن. وهناك محاولات مستميتة لإحياء العاميات سواء في المسرح أو المسلسلات أو الصحافة أو القصة فضلاً عن إنكار فضل المسلمين على الحضارة والتجريب ومحاولة حجب الشريعة الإسلامية وإعلان القانون الوضعي.
كما تبين فساد مفاهيم الاقتصاد السياسي الربوي وعلم النفس الفرويدي ومفاهيم ماركس ودوركايم وسارتر وفساد فكرة وحدة الأديان أو وحدة الثقافة كما كشف الباحثون عن تناقض الكتب القديمة واستحالة اندماج الإسلام في الإيدلوجيتين الليبرالية والشيوعية.
وتميز الإسلام بالنسبة للأديان السماوية والوضعية جميعًا بذاتيته الخاصة وكتابه الخالد النص الثابت الموثق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
أخطر القضايا التي تواجه الشباب المسلم اليوم التبعية للفكر الوافد.
التبعية للفكر الوافد:
ما يزال الشباب المسلم في هذا العصر في حاجة إلى معرفة أبعاد القضية الكبرى التي تمتلك عليهم اليوم فكرهم وينقسمون إزائها تحت تأثير الخدعة التي جرت على أقلام أتباع الاستشراق والتغريب وهي اصطناع أسلوب الغرب في مواجهة التفوق عليه والتحرر من نفوذه. وهي خدعة ضخمة كشفت الأحداث خلال أكثر من قرن كامل عن فسادها فقد استهدف النفوذ الأجنبي بها احتواء المسلمين في دائرة مغلقة هي دائرة فكره والتبعية له، والانحباس بها دون امتلاك إرادة فكرهم المشرق والمنطلق الذي يحمل لواء النظرة الجامعة وبكامل عناصر المادة والروح والذي يحمل شارة العزة والكرامة والعبودية لله تبارك وتعالى وحده من دون الأمم أو الحضارات أو الإيدلوجيات والمذاهب الوافدة.
بل إنه لمن العجب أن نجد مسئولاً يحمل مسئولية النيابة عن العرب في منظمة دولية كبرى يقول هذا القول ويردد الفكرة الباطلة المسمومة حين يقول: ’’إنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل استيراد الحضارة الحديثة دون استيراد قيمها معها فنحن فيما يرى هذا التغريبي لا يستطيع استيراد المنتجات التكنولوجية للعالم الحديث دون تبني نفس القيم التي كانت خلف الحضارة التكنولوجية فالحضارة كل متكامل لا يتجزأ’’.
ونقول لو أن رجلاً مثل فرنسيس بيكون، أو جلبرت سلفستر الثاني قال لقومه في مطالع عصر النهضة الأوروبية هذا القول لجعلوه أضحوكة الدهر ولكن من قومنا من يقول هذا ويردده دون أن يشعر بأنه يخدع أمته خداعًا شديدًا، ذلك أن مفهوم الحضارة المادية بمعنى المادية ليست إلا تجارب علمية في مجال الطبيعة والكيمياء والعلوم التجريبية لا تفرض في حاملها أو القائم بها أن يكون مؤمنًا بمفاهيم الخطيئة والمادية والعلمانية أو يكون مؤمنًا بأن يجعل هذا التقدم العلمي كله في سبيل تدمير البشرية بالقنبلة الهيدروجينية أو نشر أساليب الإباحة والفساد والانحراف تحت اسم الفن أو المسرح وإفساد المجتمعات وهدم الأسرة ودفع الشباب إلى الانحراف تحت اسم الوجودية أو الهيبة، إن هناك فاصلاً عميقًا بين التجربة العلمية التي يطمع المسلمون في الحصول عليها وبين أسلوب العيش الغربي الذي يطبق هذه المعطيات الحديثة، ولقد كانت معطيات المنهج العلمي التجريبي الذي بدأه المسلمون تنطلق من خلال مفاهيم الرحمة والعدل والإخاء الإنساني فاستطاع الغربيون أن ينقلوا المقايسات المادية إلى إطار فكرهم دون أن يأخذوا نفس القيم الإسلامية التي كانت تقوم عليها وقد كان ذلك سببًا هامًا من أسباب انحراف الحضارة وفسادها وظهور أزمة الإنسان الغربي المعاصر.
لقد ردد هذه المفاهيم كثير من دعاة التغريب وكانوا في ذلك مخادعين مضلين، ولم يعد مثل هذا القول يخدع أحدًا فقد تكشف الأهداف الخطيرة القائمة وراء دعوة المسلمين إلى أسلوب العيش الغربي بفساده وانحرافه وخمره وإباحياته وإن كان المسلمون قد جروا من الشوط ثمة فإنهم يعرفون الآن أن هذه التبعية هي التي اجتاحت وجودهم وأدخلتهم في الأزمة الخطيرة التي يعانونها وهم يواجهون أهواء البشرية كلها ممثلة في النفوذ الأجنبي والصهيونية والماركسية جميعًا.
لقد كان المفكر والشاعر المسلم محمد إقبال في الثلاثينات من هذا القرن قد حذر قومه من هذه الأخطار حين قال:
على المسلم المعاصر أن يحذر الوقوع في الخطر الذي يمكن فيما ينطوي عليه الفكر الأوروبي الجديد من إلحاد وخصوصًا أن أساليب الخداع فيه كثيرة فقد انخدع به كثيرون من المسلمين كما انخدع بالفعل به بعض الدعاة في الهند فعلينا أن نعيد النظر في تفكيرنا الإسلامي من جانب نمحض هذا الفكر الجديد بروح مستقلة يقظة من جانب آخر. إن أخف الأضرار التي أعقبت فلسفة الغرب المادية هي ذلك الشلل الذي اعترى نشاطه والذي أدركه هكسلي وأعلن سخطه عليه.
وللاشتراكية الحديثة الملحدة، ولها كل هؤلاء الدعاة المتحمسين المضللين، لقد استمدت أساسها الفلسفي من المتطرفين من أصحاب مذهب هيجل، فقد أعلنت العصيان على ذات المصدر الذي كان يمكن أن يمدها بالقوة والهدف فهي إذ ليست بقادرة على أن تشفي علل الإنسانية.
وعلى المسلم أن يقدر وأن يعيد بناء حياته الاجتماعية في ضوء الميادين القاطعة في الإسلام كمبدأ التوحيد وختم الرسالة وأن يستنبط من أهداف الإسلام التي لم تنكشف إلا الآن تكشفًا جزئيًا تلك الديمقراطية التي هي الحكاية الأخيرة للإسلام ومقصده.
إن المسلم القوي الذي أنشأته الصحراء وأحكمته رياحها الهوجاء أضعفته رياح العجم فصار منها كالناي تحولاً ونواحًا وإن الذي كان تكبيره يذيب الأحجار انقلب وجلاً من صفر الأطيار والذي هز عزمه شم الجبال غل يديه ورجليه بأوهام الاتكال والذي كان ضربه في رقاب الأعداء صار يضرب صدره في اللاواء والذي نقشت قدمه على الأرض ثورة كسرت رجلاه عكوفًا في الخلوه والذي كان يمضي على الدهر حكمه وتقف الملوك على بابه رضى من السعي والقناعة وذلة الاستخدام والخشوع.
ويقول إقبال: إن أوروبا اليوم هي أكبر عائق في سبيل الرقي لأخلاق الإنسان. أما المسلم فإن له هذه الآراء النهائية القائمة على أساس من ’’تنزيل’’ يتحدث إلى الناس من أعماق الحياة والوجود وما تعني به هذه الآراء من أمور خاصة في الظاهر يترك أثره في أعماق النفوس الأساسي الروحي للحياة عند المسلم بإيمان يستطيع المسلم أن يسترخص الحياة في سبيله.
وقد تعددت كتابات الكاشفين عن فساد التبعية وعن فساد الصنم المعبود الذي هوى. يقول أحدهم: إن المجتمع البشري اليوم قد سئم ويئس من منبع أوروبا الذي فقد زمنه، ولم يستطع خلال هذه النهضة الهائلة الطويلة أن يضيف إلى رصيد الإنسان إلا الحديد والنار والبارود والدخان والقنابل المدمرة والغازات السامة والآلات المبيدة. إن الفراغ الذي حدث في قيادة الإنسانية اليوم فراغ رهيب ولكنه فراغ لا يستطيع أحدًا أن يملأه إلا العالم الإسلامي ونقول: بل دعوة التوحيد الخالص التي حملها الإسلام وما زال محجوبًا من المسلمين.
ويقول باحث آخر: إن أولئك الرجال الذين اعتنقوا الأفكار الغربية (قومية وليبرالية واشتراكية) ظنًا منهم أنها تحرر القدس أو توحد الأمة أو تعيد للمسلمين والعرب كيانهم، هم مخدوعون وعليهم أن يعودوا إلى مفهوم الإسلام بعد أن أصبحت تلك الشعارات والأفكار هباءً منثورًا وألفاظ بلا مضمون ولا تؤدي إلى سراب خادع وهم بالتأكيد ما لجأوا إلى ذلك إلا هربًا من الإسلام وخطره على النفوذ الأجنبي والشيوعية والصهيونية التي ينتمي إليها زعماء تلك التيارات والاتجاهات ومؤسسوها أ. هــ.
وهكذا نجد أن الطريق قد وضح وأن الرؤيا أصبحت قادرة على استيعاب الأبعاد والغايات الخطيرة التي تستكن وراء التغريب وإخراج المسلمين من ذاتيتهم وهويتهم وقيمهم الأساسية.
الأستاذ أنور الجندي