مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2020/07/11 11:28
الربانية وصفات الربانيين في ضوء القرآن الكريم

الربانية وصفات الربانيين في ضوء القرآن الكريم
أ.أديب عبده الوصابي
د. فخر الأدبى بن عبد القادر
قسم الدعوة والتنمية البشرية- أكاديمية الدراسات الإسلامية-جامعة الملايا-ماليزيا.‏
Alrabania and Alrabanieen qualities in light of the Holy Qur’an
Mr. Adeeb Abdo Al-Wesabi
Dr. Fakhrul-Adabi ben Abdul Kadir
Department of Da'wa and Human ‎Development, Academy of Islamic Studies,   University of Malaya, Malaysia

 


ملخص البحث:
إن الربانية وصفات أهلها من أهم المواضيع التي تربط الناس بالله عز وجل عموماً، والعلماء والدعاة خصوصاً ليجدوا الخير كله في الدنيا والآخرة، ولا يمكن معرفتها إلا بالرجوع إلى كتاب الله عز وجل الذين يأمرنا فيه بأن نكون ربانيين في كل جوانب حياتنا. ومن خلال تدبر آيات الربانيين وأقوال المفسرين وعلماء اللغة يتضح معناها اللغوي والاصطلاحي.
وصفات الربانيين تنقسم إلى ثلاثة أقسام، منها: الصفات الإيمانية، ومن أهمها قوة الصلة بالله، والإخلاص لله، والخشية من الله، والولاء لله ورسوله والمؤمنين، والتوبة النصوح، والدعاء الخالص.
 وصفات علمية ومن أهمها اتباع شرع الله، وتعليم الكتاب، ومدارسة العلم، وحراسة الدين، والحكمة، والفقه بالواقع.
وصفات سلوكية، ومن أهمها القدوة، والحكم بما أنزل الله، والتضحية، والنهي عن المنكر، ‏وحسن الخلق، والصبر، والثبات‏.
الكلمات الدلالية: الربانية ، صفات الربانيين، القرآن الكريم.
Abstract:
Alrabania and the qualities of Alrabanieen are one of the most important topics that link people in general and preachers to Allah in particular to find goodness in this world and the Hereafter. It could be understood by referring to the Qur’an as Allah orders us to be Rabanieen in all aspects of our life. The linguistic and idiomatic meanings are obvious by considering the verses of the Qur’an and the books of Qur’an interpretation.
The qualities of Alrabanieen are divided into three parts. Firstly, qualities related to belief, the most important of which are the deep knowing of Allah, fear, loyalty to Allah and his Messenger and believers, true repentance, and pure prayer. Secondly, scientific qualities such as following Sharia, teaching the Holy Quran, guarding religion, wisdom, and practical jurisprudence. Thirdly, behavioral features such as role models, following orders of Allah, sacrifice, preventing evil, good manners, patience, and persistence.
Keywords: Alrabania, qualities of Alrabaniean, the Holy Qur’an.
 

 
 
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
إننا اليوم نشتاق لعز الإسلام والمسلمين من جديد، ونتساءل لماذا انتصرنا بالأمس وهزمنا اليوم...؟ ويأتي الجواب جلياً واضحاً في كتاب الله تعالى: ﴿‏ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ سورة آل عمران الآية 160‏، وقال تعالى: ‏﴿‏وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏ ﴾ سورة الأنفال الآية 10، من خلال الآيتين السابقتين يتضح لنا أن السر الجوهري للنصر والتمكين يكمن في معية الله تعالى، ونصره، وذلك بعد إعداد العدة وبذل كل الأسباب المادية، وهذا الذي حققه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه-رضوان الله عليهم-، ومن جاء بعدهم من الربانيين الصادقين، فاستحقوا العزة والكرامة والتمكين في الأرض.
ولو سألنا سؤالاً آخر، من المسؤول عن ربط الناس بالله عز وجل؟ فيأتي الجواب كذلك في كتاب الله تعالى:‏ ﴿ ‏مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ‏ ﴾ سورة آل عمران الآية 79، أي كونوا أيها الناس منسوبين للرب، وهو الله تعالى
([1])، من خلال الآية الكريمة يتضح أن واجب الأنبياء والرسل- عليهم الصلاة والسلام-، ومن جاء بعدهم من الدعاة الربانيين في كل زمان ومكان، أن يربطوا الناس بربهم وخالقهم، ويقولوا لهم: كونوا ربانيين في عبادتكم، وتعاملاتكم، كونوا ربانيين في سركم، وجهركم، ‏ كونوا ربانيين في ‏أقوالكم، وأفعالكم، كونوا ربانيين في أنفسكم، وبيوتكم، ومجتمعاتكم، كونوا ربانيين في أمتكم، كونوا ربانيين في حياتكم كلها ‏﴿‏قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏﴾ سورة الأنعام الآية‏ ‏‏162‏. قال القرضاوي – حفظه الله -: "نريدها ( ربانية نقية ) واضحة الغاية، بينة الطريق، مستقيمة على أمر الله، ‏متبعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ماضية على نهج السلف، بعيدة عن بدع القول والعمل، ‏وانحراف الاعتقاد والسلوك، تسمو بالروح، وتزكي النفس، وتحيي الضمير، وتجدد الإيمان، وتصلح العمل، ‏وترقى بالأخلاق، وتنمي حقيقة الإنسان"([2]).‏
إن الدعاة الربانيين هم حجر الزاوية في البناء، ومحور التغيير في الواقع، وقادة الخير للأمة في كل العصور، فالمسؤولية عليهم كبيرة، والحمل ثقيل، والواجب عليهم عظيم، وذلك بقيادة الأمة إلى مصدر عزتها، وسر قوتها، وعنوان نهضتها، وذلك بالعودة الصادقة إلى الله تعالى الذي بيده مقاليد الأمور كلها ‏ ‏﴿‏‏وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ‏﴾ سورة هود الآية 123‏. ومن خلال هذا البحث نتعرف على صفات الربانيين ونماذجهم في ضوء القرآن الكريم.
أهمية البحث: هذا البحث يضيف إلى الحقل العلمي الأمور التالية:
أولاً: امتثال أمر الله تعالى في تحقيق الربانية، قال تعالى: ﴿‏وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ‏﴾ سورة آل عمران، الآية 79‏.
ثانياً: توضيح صفات الربانيين في ضوء القرآن الكريم.
مشكلة البحث: تبرز إشكالية البحث في أن الأمة اليوم تعاني من ضعف ربانيتها وصلتها بالله تعالى حتى انتقل هذا الضعف إلى صفوف العلماء والدعاة. وتتمحور مشكلة البحث حول:

 

  • ضعف تحقيق مفهوم الربانية في حياة الأمة وتأثرها بالحياة المادية التي تهتم بالمظهر وتهمل الجوهر.
  • قلة القدوات الربانية في مختلف الميادين التي تتمثل الصفات الربانية قولاً وعملاً.
  • الابتعاد عن التأسي بالنماذج الربانية التي أبرزها الله في كتابه الكريم.

أسئلة البحث: بناء على مشكلة البحث يمكن تلخيص الأسئلة التي يجيب عنها البحث بالآتي:
-ما الربانية وأدلتها في ضوء القرآن الكريم؟
-ما صفات الربانيين في ضوء القرآن الكريم؟
أهداف البحث: يسعى الباحث من خلال هذا البحث إلى تحقيق الأهداف الآتية:

 

  • تعريف الربانية وأدلتها في ضوء القرآن الكريم، ليتعلق العبد بربه بعلم ومعرفة.

-تفصيل صفات الربانيين في ضوء القرآن الكريم ليتصف أهل الإيمان بهذه الصفات العظيمة.
الدراسات السابقة: الدراسات السابقة من أهم المراجع ليبدأ الباحث من حيث انتهى الآخرون، ويجتهد بإضافة الشيء الجديد، ومن أهم الدراسات السابقة:
1-‏ زبادي، توفيق زبادي، الربانية طريق الإصلاح، مصر - الإسكندرية، دار الوفاء، ط 1، 1431 ه-2010م.
2– الهلالي، مجدي الهلالي، الطريق إلى الربانية، مصر -القاهرة، دار التوزيع والنشر، ط 1، 1432 ه- 2011 م.
3- أفراح التركي، أفراح بنت عبد العزيز دخيل التركي، خصائص ربانية الدعوة وثمراتها، السعودية، جامعة الإمام محمد بن سعود-كلية الدعوة والإعلام -قسم الدعوة والاحتساب، 1427 ه-1428 ه.
4– العودة، سلمان بن فهد العودة، ولكن كونوا ربانيين، مصر – الإسكندرية، دار الإيمان للطبع والنشر والتوزيع، ط 1‏، 1422 ه – 2002م.
5- سعيد حوى، سعيد بن محمد ديب بن محمود حوَّى النعيمي، إحياء الربانية، مصر، القاهرة، دار السلام، 1416 ه- 1995 م.‏
6- القرضاوي، يوسف عبد الله القرضاوي، الحياة الربانية والعلم، مصر - القاهرة، مكتبة وهبة، ط 1، 1416 ه-1995 م.
7– القرضاوي، يوسف عبد الله القرضاوي، الخصائص العامة للإسلام، لبنان- بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 2، 1404 ه – 1983 م.
 البحوث والدراسات السابقة ركزت على الربانية وأهميتها ووسائلها وخصائصها وصفات الربانيين ونماذجهم، ولكنها كانت بحوث ودراسات عامة والجديد في بحثي: التركيز على الربانية وصفات الربانيين في ضوء القرآن الكريم، وسيكون هذا البحث المتواضع استكمالاً ‏للجهود السابقة المباركة، ‏سأقوم بعون الله بمزيد من البيان والشرح والتفصيل والجمع والترتيب ليأخذ الموضوع بعض حقه ليستفيد الباحث أولاً، ‏والدعاة والأمة ثانياً، ونسأل الله العون والتوفيق والسداد.‏
منهج البحث: اعتمد الباحث في بحثه هذه على المناهج التالية:‏
المنهج الوصفي: اتبع الباحث وصف معاني الربانية وما يتعلق بها من خلال البحث في الدراسات ‏السابقة، ‏والبحوث، والكتب، والمقالات، والمواقع.‏
المنهج التحليلي‏: قام الباحث بتحليل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي يدور محورها حول ‏مفهوم ‏الربانية وصفات الربانيين معتمداً على التفسير الموضوعي لهذه الآيات وهذه الأحاديث، واستخراج أفضل ‏‏الاستنباطات التي سطرها العلماء قديماً وحديثاً من هذه النصوص لتدعيم بحثه مع تأكيده للقول أو ‏التفسير ‏الذي يراه هو الأنسب لروح النص، كذلك قام الباحث بتحليل أقوال العلماء والباحثين الذين ‏تحدثوا أو كتبوا ‏عن الربانية وصفات الربانيين ونماذجهم‏، والتي سوف يقوم بإيرادها في فصول ومباحث ومطالب هذا البحث. ‏
خطة البحث: وتشتمل على مقدمة ومبحثين وخاتمة:
المقدمة: وتشمل أهمية البحث، ومشكلة البحث، وأسئلة البحث، ‏وأهداف البحث، والدراسات السابقة ومنهج البحث، وخطة البحث. ‏
المبحث الأول: تعريف الربانية وأدلتها في ضوء القرآن الكريم، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الربانية لغةً.
المطلب الثاني: تعريف الربانية اصطلاحاً.
المطلب الثالث: أدلة الربانية في القرآن الكريم.
المبحث الثاني: صفات الربانيين في ضوء القرآن الكريم، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: صفات الربانيين الإيمانية.
المطلب الثاني: صفات الربانيين السلوكية.
المطلب الثالث: صفات الربانيين العلمية.
الخاتمة وتشمل: النتائج والتوصيات.
المبحث الأول: تعريف الربانية لغةً واصطلاحاً:
المطلب الأول: تعريف الربانية لغةً:
الربَّانيّة: اسم مؤنَّث منسوب إلى رَبّ: على غير قياس، مصدر كلمة ربانية: مصدر صناعيّ من رَبّ: تألُّه وحُسْنُ عبادة لله.
([3])، واختلف علماء اللغة في معاني كلمة (الرَّبَّانيّة) بحسب نوع الاشتقاق التي تعود إليه:
1 - المعنى الأول: الرَّبِّيُّ: وهو المنسوب إلى الرَّبِّ ومنه الرَّبَّانِيُّ، والرَّبَّانِيُّ: الموصوف بعلم الرب، وقيل: الحبر ورب العلم، وقيل: العالم المعلم، وقيل العالم الرَّاسِخُ في العِلم والدين، وقيل: يطلب بعلمه وجه الله، وقيل: العالِم العامِلُ المُعَلِّمُ، وقيل: العالي الدَّرجةِ في العِلمِ، وقيل: المُتَأَلِّه العارِفُ باللّه تعالى، وقيل: العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي.
([4])، وقيل: الذي يعبد الرب والكامل العلم والعمل. ([5])
تبين أن المعنى اللغوي الأول ل (ربَّانُّي) أن أصله يعود إلى كلمة (الرَّبِّيُّ) بمعنى: العارف بالله المنسوب إليه العابد له العالم العامل المعلم المخلص له.
2 - المعنى الثاني: الرِّبِّيُّ: والرِّبِّيُّ واحد، والرِّبِّيِّين وهم الأُلُوف من الناس، وقيل الرِّبيون منسوبون إلى الرَّبِّ، وقيل العلماء الأَتقياءُ الصُّبُر.
([6])
والمعنى اللغوي الثاني ل (ربَّانُّي) أن أصلها يعود إلى كلمة (الرِّبِّيُّ): جمعها رِّبِّيُّونَ بمعنى: الألوف من ‏الناس، أو المنسوبون للرب، ‏أو العلماء الأتقياء.‏
3- المعنى الثالث: الرّبُّ: المالكُ، والخالقُ، والصَّاحب. والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. يقال رَبَّ فلانٌ ضَيعتَه، إذا قام على إصلاحها.
([7])
تبين أن المعنى اللغوي الثالث ل (ربَّانُّي) أن أصلها يعود إلى كلمة (الرّبُّ): أي المالك، والخالق والصاحب والمصلح للشيء.
4 - المعنى الرابع: الرَّبِّ: بمعنى التربية كانوا يُرَبُّونَ المُتَعَلِّمينَ بِصغار العُلوم قبلَ كبارِها
([8])، الرَّبِّ في الأصل التربية وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام، يقال ربّه ورباه وربيبه. ([9]).
يتضح أن المعنى اللغوي الرابع ل (ربَّانُّي) أن أصلها يعود إلى كلمة (الرَّبِّ): بمعنى التربية.
مما تقدم تبين أن كلمة (ربَّانيّة) لها اشتقاقات لا تخرج عن (ربَّاِنيُّ، رِبِّيُ، ‏ربّ‏)، وجمعها (رَبَّانِيُونَ، رِبِيُّونَ، أرباب‏) وخلاصة المعاني اللغوية (للرَّبَّانِيّة) التي ترجع لكلمة (ربَّاِنيُّ): أي المنسوب للرب العارف به، المخلص له، العابد العالم المعلم العامل الفقيه. والتي ترجع إلى كلمة (رِبِّيُ)‏: أي الجماعة، العالم، التقي، الصابر، المنسوب للرب. والتي ترجع إلى كلمة ‏(ربّ): أي المالك، والخالق، والمصلح، والمربي، والقائم على الشيء.
المطلب الثاني: تعريف الربانية اصطلاحاً:
تعددت تعاريف ومعاني (الربَّانيّة) اصطلاحاً عند علماء التفسير بحسب ما ينسب إلى (الرَّبَّانيُّ ) أو(الرِّبِّيُ) من صفات حسب فهم كل مفسر كما سيأتي:
1 – المنتسب إلى الرب العارف به. قال ابن عاشور -رحمه الله –: والرَّبَّانيُّ وهو العالم المنسوب إلى الرب، أي إلى الله تعالى، لأن النسب إلى الشيء إنما يكون لمزيد اختصاص المنسوب بالمنسوب إليه. ومعنى أن يكونوا مخلصين لله دون ‏غيره‏.
([10])وقال الراغب الأصفهاني ‏ والرِّبيُّ: التقيِّ العالم المنسوب إلى الربّ. ([11]) وقال محمد بن سوار–رحمه الله: الربّاني الذي لا يختار على ربه أحداً سواه.([12]) وقال الرازي - رحمه الله -: ‏ الربّاني أن يكون الداعي له إلى جميع الأفعال طلب مرضاة الله.([13]) قال القشيري-رحمه الله-: "الرباني من كان لله وبالله لم تبق منه بقية لغير الله"([14]).
نجد أن تعاريف المفسرين السابقة توضح أن الرباني هو القريب من الله، فنيته لله، وقوله ذكر لله، وأفعاله في مرضاة الله، فهو لله، وبالله، ومع الله، لله في إخلاصه وصدقه، وبالله في توكله واستعانته، ومع الله في سره وجهره، فمن كان ذلك استحق شرف الانتساب إلى الله وكان ربانياً بحق.
2 – العالم العامل بعلمه. الرباني العالم بدين الرب الذي يعمل بعلمه، لأنه إذا لم يعمل بعلمه فليس بعالم.
([15])
وقال القشيري – رحمه الله -: " وقد جعل الله الربانيين تالين للأنبياء الذين هم أولو الدّين، فهم خلفاء ينهون الخلق بممارسة أحوالهم أكثر مما ينهونهم بأقوالهم"
([16]).
تبين من التعريف السابق أن الرباني الحق هو الذي يترجم علمه الرباني إلى عمل صادق، فهو للخيرات من السابقين، وللطاعات من المنافسين، وللجنات من المسارعين، له في كل خير سهم، وفي كل بِّر غنيمة. قال تعالى: ﴿‏أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ سورة المؤمنون، الآية 61 .
3 – الفقيه العالم الحكيم الحليم: ﴿كونُوا رَبَّانِيِّينَ﴾ سورة آل عمران، الآية 79، ‏قال ابن عباس وأبو رَزِين وغير واحد رضي الله عنهم: أي حكماء علماء حلماء، عن قتادة – رحمه الله - قال: كونوا فقهاء علماء.
([17]) وعن السدي - رحمه الله – قال: "كونوا فقهاء حكماء"([18]). وقال الطبري – رحمه الله -: "الربانيون، هم عمادُ الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا"([19]).
مما تقدم من الأقوال السابقة تبين أن الربانيين يحرصون على تعلم العلم والتففه في الدين، فكانوا فقهاء علماء، وكانت نتيجة هذا العلم والفقه حسن الأخلاق مع الخلق، ومن أبرز هذه الأخلاق الحلم والحكمة.
4 – التقي العابد الحكيم: والرّبانيّ: "هو المتألّه المتعبد"
([20]). روي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعطاء الخراساني، وعطية العوفي، وأهل تقوى ([21]). وعن سعيد بن جبير في قوله تعالى: ‏﴿كونُوا رَبَّانِيِّينَ﴾ ([22])‏، قال: كونوا حكماء أتقياء([23]).روي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "هم الذين يغذّون الناس بالحكمة، ويربونهم عليها"([24]).
من الأقوال السابقة تبين أن الرباني من عَمّر باطنه بالتقوى، وظاهره بالعبادة، أجرى الله الحكمة على يديه. وفتح له قلوب الناس قال تعالى: ‏ ‏﴿‏‏‏يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ سورة البقرة، الآية 269.
5 – المربي المصلح: فسر ابن عباس -رضي الله عنهما -: الربَّانيُّ بأنه هو "الذي يُربي الناس بصغار العلم قبل كباره
"([25])، وقال أبو العباس الحلبي– رحمه الله -: والربانيون جمع رباني، منسوب إلى لفظ الرب بمعنى التربية، وذلك أن ‏العلماء يَرُبُّون العلم، أي يصلحونه ويتعلمونه، ثم يُرَبُّون الناس به فيعلمونهم كما تعلموا، ويصلحونهم كما ‏صلحوا هم به، وهم الذين يُرَبُّون بصغار العلم قبل كبارها، فهو من لفظ التربية ومعناها ([26]). وقال الطبري -رحمه الله -: "وأولى الأقوال عندي بالصواب في الربانيين أنهم جمع رباني، والرباني المنسوب إلى الرَّبَّان، الذي يربُّ الناسَ، وهو الذي يُصْلح أمورهم، ويربّها"([27]).
الأقوال السابقة وضحت أن الربانيين يحبون الخير لكل الناس، فهم صالحين في أنفسهم مصلحين لغيرهم، يربون أنفسهم على الفضائل ويربون الآخرين عليها. سعادتهم تكتمل يوم يسعد الناس، فرحهم يوم يصلح الناس، يريدون صلاح الدين والدنيا لمن حولهم وفق منهج الله. فوجود هؤلاء المصلحين ضمان لعدم هلاك الناس قال تعالى: ‏‏﴿‏‏وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ‏﴾ سورة هود، الآية 117‏.
6 – القائد السياسي: والرباني الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم
([28]). وقال آخرون: "بل هم ولاة الناس وقادتهم‏" ([29]).
وعليه فالرباني قائد للناس في كل خير، يمتلك فنون القيادة والسياسة ويعمل على إسعاد من يقودهم في أمور الدين والدنيا. وهنا لابد على الرباني أن يتدرب على فنون القيادة والسياسة حتى يقود الآخرين بعلم، وخبره ليسعدهم، ويصلح أحوالهم. ومن أعظم الأزمات التي تعانيها الأمة اليوم قلة القيادات الربانية في مختلف الميادين. ما أحوجنا للتأمل والاقتداء بالقائد الرباني السياسي ذي القرنين ‏﴿‏إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا‏﴾ سورة الكهف، الآية 84‏.
7 – الفقيه بواقع أمته. "والرباني العالم بالحلال والحرام، والأمر، والنهي العارف بأنباء الأمة ما كان وما يكون"
([30]).
وهذا يعني أن الرباني لا يعيش لنفسه فقط بل يعيش لأمته فهو يتابع أحوال المسلمين في كل مكان، يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، ويقدم لهم كل ما يستطيع ولو دعوات حارة في سجوده وخلواته. ولنا في الرجل الرباني المذكور في سورة يس عبرة وعظة، الذي حمل همّ الدعوة حياً وميتاً وهو حريص على هداية قومة قال تعالى‏: ﴿‏قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ‏﴾ سورة يس، الآية 26 -27‏.
8 – شديد التمسك بدينه وطاعته لربه. قال الزمخشري -رحمه الله-"الرباني هو الشديد التمسك بدين اللَّه وطاعته"
([31]).
نستفيد من التعريف السابق أن الرباني حريص على دينه متمسك به ثابت عليه، الدين رقم واحد في حياته فلا يُقدّم عليه شيء فهو يؤدي الفرائض بتمامها، ويكثر من النوافل، متجنبا للمحرمات، والمكروهات، شعاره: اللهم لا تجعل مصيبتي في ديني، ودعاؤه: يا مقلب القلوب ثبتي قلبي على دينك. قال تعالى: ‏﴿‏وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ‏﴾ سورة الأعراف، الآية 170‏.
فالتعاريف السابقة لا تضاد بينها فهي من باب التفسير التنوعي وكل مفسر أبرز ما يراه مهماً عنده، ويمكن الجمع بينها فنقول الرباني: هو العالم الفقيه، العارف بالله، المخلص لوجهه، العابد له، المستمسك بدينه، العامل بعلمه، المعلم لغيره، القائد لمجتمعه، الفقيه بواقعه، المصلح لأمته، فإذا حقق الرباني ما سبق رزقه الله التقوى والحكمة والحلم في التعامل مع خلقه.
 ومن خلال التعاريف السابقة نستخلص تعريف للربانية عند المفسرين: وهي معرفة الله والانتساب إليه، عن طريق العلم والفقه والعبادة، وثمرتها في القلوب التقوى والإخلاص والثبات، وفي اللسان التلاوة والذكر والدعاء، وفي الجوارح الحكمة والحلم والصبر، ويكون أهلها قادة ومعلمين ومصلحين للناس في أمور دينهم ودنياهم.
المطلب الثالث: أدلة الربانية في ضوء القرآن الكريم:
إن ّكلمة (ربَّانية) لم ترد في القرآن الكريم بلفظها، ولكنها وردت بمشتقاتها، وعدد هذه المشتقات الواردة في القرآن 16 مشتقاً، وعدد مرات تكرر المشتقات في القرآن 862 مرة، ومشتقات الربانية الرئيسية في القرآن الكريم أربعة ألفاظ: الأول لفظ: (رَبَّانِيِّينَ) ورد مرة واحدة، والثاني لفظ: (الرَّبَّانِيُّون) ورد مرتين، والثالث لفظ: (رِبِّيُّونَ) ورد مرة واحدة، والرابع لفظ: (ربّ‏) ومشتقاته: (ربّك، ربّهم، ربّكم، ربّنا ‏، ربّي، ربّه، ربّكما ‏، ربّهما، أربّاب، ربّهما، ربّاً، ‏ ربّائبكم ‏) ورد 858 مرة، وتوزيعه كالآتي:
(ربّ) 142 مرة، (ربّك) ‏138‏ مرة، (ربّهم) 125‏ مرة، (ربّكم) 114 مرة، (ربّنا) 111 مرة، (ربّي) 101 مرة، (ربّه) 76 مرة، (ربّكما) 33 مرة، ‏ (ربّهما)‏ 9 مرات، (أربّاب) 4 مرات، (ربّهما) 3 مرات، (ربّاً) مرة واحدة، (ربائبكم) مرة واحدة.
إن هذا العدد الكبير من الآيات التي تشير للربانية يبين أن هذا الموضوع، من المواضيع القرآنية الهامة والأساسية والأصيلة، فيجب علي المسلمين الاهتمام به عموماً، والعلماء والدعاة إلى الله خصوصاً، وسنركز في هذا المبحث -إن شاء الله- على ثلاثة ألفاظ جامعة للربانية لتكون دليلاً عليها وهي (رَبَّانِيِّينَ‏، الرَّبَّانِيُّون، رِبِّيُّونَ‏) وسنشرحها ونفصلها، ونفرد لكل لفظ مطلب مستقل كالتالي:
1-لفظ (رَبَّانِيِّينَ):
ورد لفظ ‏ (رَبَّانِيِّينَ) ‏مرة واحدة في القرآن الكريم، وفي الآية التي ورد فيها اللفظ جعل الله الأمر بالاتصاف بالربانية على لسان من يؤتيهم الكتاب والحكم والنبوة، وجعل اختصاصهم بهذا الأمر بسبب قيامهم بتعليم كتاب الله وحرصهم على الاستمرار في التعليم
([32]). قال تعالى:﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُون ﴾ سورة آل عمران، الآية 79.
معاني لفظ (رَبَّانِيِّينَ) في الآية: ‏والربانيين واحدهم رباني منسوب إلى الرب. والرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، وكأنه يقتدي بالرب سبحانه في تيسير الأمور، وقال المبرد: الربانيون أرباب العلم، وقال آخر: الربانيون الذين يدبرون أمور الناس ويصلحونها. وقال آخر: الرباني العالم بدين الرب الذي يعمل بعلمه، لأنه إذا لم يعمل بعلمه فليس بعالم. وقال أبو رزين: الرباني هو العالم الحكيم. وقال عبد الله بن مسعود: حكماء علماء. وقال ابن جبير: حكماء أتقياء. والرباني الذي يجمع إلى العلم البصر بالسياسة، وقال أبو عبيدة: سمعت عالما يقول: الرباني العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي، العارف بأنباء الأمة وما كان وما يكون
([33]).
معنى الآية: وهذه الآية نزلت ردا لمن قال من أهل الكتاب للنبي صلى الله عليه وسلم لما أمرهم بالإيمان به ودعاهم إلى طاعته: أتريد يا محمد أن نعبدك مع الله، فقوله (ما كان لبشر) أي: يمتنع ويستحيل على بشر من الله عليه بإنزال الكتاب وتعليمه ما لم يكن يعلم وإرساله للخلق (أن يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ) فهذا من أمحل المحال صدوره من أحد من الأنبياء -عليهم أفضل الصلاة والسلام -، لأن هذا أقبح الأوامر على الإطلاق، والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - أكمل الخلق على الإطلاق، فأوامرهم تكون مناسبة لأحوالهم ومكانتهم، فلا يأمرون إلا بمعالي الأمور وهم أعظم الناس نهياً عن الأمور القبيحة، فلهذا قال (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ) أي: ولكن يأمرهم بأن يكونوا ربانيين، أي: علماء حكماء حلماء معلمين للناس ومربيهم، بصغار العلم قبل كباره، عاملين بذلك، فهم يأمرون بالعلم والعمل والتعليم التي هي مدار السعادة، وبفوات شيء منها يحصل النقص والخلل، والباء في قوله (بما كنتم تعلمون..) إلخ‏، باء السببية، أي: بسبب تعليمكم لغيركم المتضمن لعلمكم ودرسكم لكتاب الله وسنة نبيه‏، التي بدرسها يرسخ العلم ويبقى، ‏ وتكونون ربانيين
([34]).
تبين أن معاني لفظ (رَبَّانِيِّينَ) في القرآن الكريم هي: المنسوبون للرب، العارفون به، المخلصون له، العلماء العاملون المعلمون الحكماء الفقهاء الحلماء الأتقياء المربون المصلحون القادة السياسيون، الذين يعيشون واقع أمتهم، ويستمرون في تعليم، وتدريس الناس الكتاب، ويصبرون ويثبتون على كل سبق.
2- لفظ (الرَّبَّانِيُّون):
ورد لفظ ‏(الرَّبَّانِيُّون) ‏في القرآن الكريم مرتين:
الآية الأولى: وضحت حرص الربانيون على تحكيم شرع الله وفق كتاب الله قال تعالى: ‏﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ ‏بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا ‏قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ‏‏﴾ سورة المائدة، الآية 44.
معنى اللفظ في الآية: والربانيون جمع رَبَّانيّ، وهم العُلماء الحكماء البُصراء بسياسة الناس، وتدبير أمورهم، والقيام بمصالحهم
([35]). الربانيون وهم الذين يسوسون الناس بالعلم ويربونهم بصغاره قبل كباره، وقال أبو رزين: الربانيون العلماء الحكماء ([36]). الربانيون، أي: العلماء العاملين المعلمين الذين يربون الناس بأحسن تربية، ويسلكون معهم مسلك الأنبياء المشفقين ([37]).
معنى الآية: أنزل الله التوراة لا لتكون هدى ونوراً للضمائر والقلوب بما فيها من عقيدة وعبادات فحسب. ولكن كذلك لتكون هدى ونوراً بما فيها من شريعة تحكم الحياة الواقعية وفق منهج الله، وتحفظ هذه الحياة في إطار هذا المنهج. ويحكم بها النبيون الذين أسلموا أنفسهم لله؛ فليس لهم في أنفسهم شيء؛ إنما هي كلها لله؛ وليست لهم مشيئة ولا سلطة ولا دعوى في خصيصة من خصائص الألوهية -وهذا هو الإسلام في معناه الأصيل -يحكمون بها للذين هادوا -فهي شريعتهم الخاصة نزلت لهم في حدودهم هذه وبصفتهم هذه -كما يحكم بها لهم الربانيون والأحبار؛ وهم علماؤهم، وحكماؤهم، ‏وساستهم، وقضاتهم. وذلك بما أنهم قد كلفوا المحافظة على كتاب الله، وكلفوا أن يكونوا عليه شهداء، فيؤدوا له الشهادة في أنفسهم، بصياغة حياتهم الخاصة وفق توجيهاته، كما يؤدوا له الشهادة في قومهم بإقامة شريعته بينهم
([38]).
الآية الثانية: بينت أن الربانيين من أهم صفاتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‏قال تعالى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ سورة المائدة، الآية ‏63.
معاني اللفظ في الآية: والربانيون هنا أئمة اليهود المؤمنين وساستهم
([39])، وقيل علماء النصارى ([40])، قال ابن عباس -رضي الله عنهما -: ما في القرآن آية أشدَّ توبيخًا للعلماء من هذه الآية، ولا أخوفَ عليهم منها ([41]). وهذه الآية من أشد الآيات على تاركي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن الله تعالى جمع بين فاعل المنكر وتارك الإِنكار في الذم ([42]).
 "إن مهمة التفقه في دين الله والإنذار بهذا الدين. هذه المهمة في الأصل هي مهمة الربانيين"
([43]).
معنى الآية: أي هلا ينهى هؤلاء المسارعين فيما ذكر أئمتهم في التربية والسياسة وعلماء الشرع والفتوى فيهم عن قول الإثم كالكذب، وأكل السحت كالرشوة! لبئس ما كان يصنع هؤلاء الربانيون والأحبار من الرضا بهذه الأوزار، وترك فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه الآية حجة على العلماء إذا قصروا في الهداية والإرشاد، وتركوا النهي عن البغي والفساد، وإذا كان حبر الأمة ابن عباس يقول هذا، فما قول علماء السوء الذين أضاعوا الدين وأفسدوا الأمة بترك هذه الفريضة؟ ومن العجائب أننا نقرأ توبيخ القرآن لعلماء اليهود على ذلك، ونعلم أن القرآن أنزل موعظة وعبرة، ثم لا نعتبر بإهمال علمائنا لأمر ديننا، وعناية علمائهم في هذا العصر بأمر دينهم ودنياهم
([44]).
تبين أن معاني لفظ (الرَّبَّانِيُّونَ) في القرآن الكريم مثل معاني لفظ(رَبَّانِيِّينَ) وهم: المنسوبون للرب، العارفون به، المخلصون له، العلماء العاملون المعلمون الحكماء الفقهاء الحلماء الأتقياء المربون المصلحون القادة السياسيون، الذين يعيشون واقع أمتهم، ويستمرون في تعليم، وتدريس الناس الكتاب، ويصبرون ويثبتون على كل سبق.
ويزاد عليها هنا معنيين: حرصهم على تحكيم شرع الله‏، واتصافهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ‏
3- لفظ (‏رِبِّيُّونَ‏):
ورد لفظ (‏رِبِّيُّونَ‏) ‏في القرآن الكريم مرة واحدة، ووصف الربيون أتباع الأنبياء في هذه الآية بالجهاد والتضحية والثبات والصبر، قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ سورة آل عمران‏، الآية 146.
 معاني اللفظ في الآية‏: وفي (رِبِّيُّونَ) عدة أقاويل: أحدها: أنهم الذين يعبدون الرب واحدهم رِبّيُّ، وهو قول بعض نحْويي البصرة. والثاني: أنهم الجماعات الكثيرة، وهو قول ابن مسعود وعكرمة ومجاهد. والثالث: أنهم العلماء الكثيرون، وهو قول ابن عباس، والحسن. والرابع: أن (الربيون) الأتباع. والربانيون: الولاة، والربيون الرعية، وهو قول أبي زيد
([45]). والخامس: هم العلماء الصُّبُرُ، وهو قول الحسن: ‏والسادس (ربيون) بفتح الراء منسوب إلى ‏الرب وهو قول ابن عباس. والسابع: الربي الواحد من العباد الذين صبروا مع الأنبياء، وهم الربانيون ‏نسبوا إلى التأله والعبادة ومعرفة الربوبية لله تعالى، ‏ وهو قول الخليل ([46]). ‏
ومعنى الآية: وكم من نبي من أنبياء الله قاتل معه جماعات من أتباعه كثيرة، فما جَبُنُوا عن الجهاد لما أصابهم من قتل وجراح في سبيل الله، وما ضعفوا عن قتال العدو، وما خضعوا له، بل صبروا وثبتوا، والله يحب الصابرين على الشدائد والمكاره في سبيله
([47]).
تبين أن معاني لفظ (رِبِّيُّونَ‏) في القرآن الكريم: العارفون بالله، العابدون له‏، الجماعات الكثيرة، العلماء الكثير، الأتباع، العلماء الصُّبُرُ.
المبحث الثاني: صفات الربانيين في ضوء القرآن الكريم:
إن الربانيين ما وصلوا إلى منزلة الربانية إلا لأنهم اتصفوا بصفات أهلتهم حتى وصلوا هذه المنزلة الرفيعة، ومن خلال التدبر للآيات التي ورد فيها ذكر الربانيين وجدت أن صفاتهم تنقسم إلى ثلاثة أقسام: صفات إيمانية، وصفات علمية، وصفات سلوكية، وتفصيل ذلك في المطالب الآتية:
المطلب الأول: الصفات الإيمانية:
من الصفات التي يتصف بها الربانيون الصفات الإيمانية، ومن أبرزها قوة الصلة بالله، والإخلاص لله، والخشية من الله، والولاء لله ورسوله والمؤمنين، والتوبة النصوح، والدعاء الخالص، ومعانيها كالآتي:.
الصفة الأولى: قوة الصلة بالله ‏تعالى:
إن قوة الصلة بالله من صفات أهل الربانية الإيمانية، فالربانيون يوقنون ويؤمنون أن رفعتهم وعزتهم في الدنيا والآخرة في قوة صلتهم بالله قال تعالى: ‏﴿‏لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏﴾ سورة الكهف، الآية 39. أي لا قوة على ما نحاول من طاعته إلا به -سبحانه -.
([48])، وعلامة قوة الصلة بالله أخذ أوامر الله بقوة وعزيمة قال تعالى: ‏﴿‏يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ‏﴾ سورة مريم، الآية 12.‏ أي بجد واجتهاد، وعزيمة، وحرص على العمل. ([49])وسرعة توبتهم واستغفارهم لله قويا قال تعالى: ‏﴿‏وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ‏﴾‏ سورة هود، الآية 52، بل إنهم يبذلون كل أسباب القوة حتى يستحقوا النصر والتمكين والرهبة في نفوس أعدائهم، قال تعالى: ‏‏﴿‏وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ سورة الأنفال، الآية 60.
ومدح الإسلام المؤمن القوي عموماً وجعله الأفضل من غيره، فمن كان مؤمناً ربانياً فعليه أن يكون قوياً في جوانب حياته المختلفة الإيمانية والعبادية والعلمية والمالية والخلقية والاجتماعية والدعوية والعسكرية...الخ، ليحقق قوة الصلة بالله الشاملة كما يريدها الله تعالى قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"
([50]) أي صاحب العزيمة والهمة العالية خير فإنه يقاتل العدو، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويحتمل المشاق في سبيل الله دون أن يتوانى، مع قيامه بما يختص به من أوامر الله واجتنابه نواهيه. ([51])
ويتضح من خلال ما سبق أن قوة الصلة بالله من صفات الربانيين، فلا رفعه وعزة لهم إلا بالله، ودليل قوة الصلة بالله أخذ أوامره بجد وعزيمة، والعمل بأسباب القوة للوصول إليه -سبحانه-، ومدح النبي-صلى الله عليه وسلم-، المؤمن القوي وجعله أفضل من المؤمن الضعيف العاجز، فمن كان مؤمناً ربانيا كان قوياً في نواحي حياته المختلفة.
الصفة الثانية: الإخلاص لله ‏تعالى:
 ومن صفات الربانيين الإيمانية الإخلاص، فالرباني الذي انتسب إلى الرب وعرفه معرفة حقيقة لا تراه إلا باحثاً عن مرضاته في كل قول وعمل ونية، قال الإمام الرازي-رحمه الله -: الرباني هو الداعي له إلى جميع الأفعال طلب مرضاة الله.
([52])، والإخلاص عبادة واجبة أمر الله تعالى بها قبل الصلاة والزكاة لأنها سر القبول قال تعالى ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ سورة البينة، الآية 5، والرباني يجدد نيته لله باستمرار، ويقبل على الله تعالى، ويستعد للقاءه، بعمل خالص قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ سورة الكهف، الآية 110، فمن علم الله إخلاصه نصره وأعانه وأيده على نفسه وهواه وشيطانه ودنياه، وثبته على الحق عند المحن والفتن، فهذا النبي الرباني يوسف -عليه السلام-، صرف عنه الله السوء والفحشاء، فكان إخلاصه لله أقوي من جمال امرأة العزيز قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ سورة يوسف، الآية 24. ومن أخلص أورثه الله الجنة ونعيمها قال تعالى: ‏﴿وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ. أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ. فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ. فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ‏‏﴾ سورة الصافات، الآيات من 39 - 42.
 وقد نبه العلماء الربانيون، على صفة الإخلاص في كتبهم فمن أقوالهم: قول ابن الجوزي –رحمه الله-: فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله، وعبقت القلوب بنشر طيبه، فالله الله في إصلاح السرائر، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح الظاهر"
([53]). وقول ابن القيم–رحمه الله: "فالإخلاص هو سبيل الخلاص والإسلام هو مركب السلامة والإيمان خاتم الأمان"([54]). وقول الجرجانيّ –رحمه الله-: "الإخلاص ألّا تطلب لعملك شاهدا غير الله تعالى".([55]). نتوصل إلى أن الإخلاص من صفات الربانيين، فالرباني يطلب بجميع أقواله وأفعاله وأحواله مرضاة الله، وحكم الإخلاص واجب. والرباني يكون مستعدا للقاء الله بأعمال خالصة. ومن ثمرات الإخلاص الانتصار على النفس والهوى والشيطان والدنيا، ومن ثمراته دخول الجنة.
الصفة الثالثة: خشية الله ‏تعالى:
‏ومن صفات الربانيين الإيمانية خشية الله، وهي تألم القلب لتوقع مكروه مستقبلا، يكون تارة بكثرة الجناية من العبد وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته.
([56]) وهي صفة لازمة للإيمان، قال تعالى: ‏﴿فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏‏﴾ سورة التوبة، الآية 13. والرباني لا يخشى الناس في تطبيق أوامر الله وتبليغها وبيانها بدون خشية من أحد لأن ‏الغاية من وجودنا تعظيم الله وتنفيذ أوامره قال تعالى: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ..﴾ سورة المائدة، الآية 44. أي فلا تقف خشيتهم للناس دون تنفيذهم لشريعة الله. فالله- وحده- هو الذي يستحق أن يخشوه.([57]) وما نجح الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- ومن جاء بعدهم من الدعاة الربانيين، إلا لأنهم بلغوا رسالة الله بكل ثقة، وعزة وشجاعة، وتجنبوا كل تردد وخوف من الخلق، شعارهم في ذلك قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا﴾ سورة الأحزاب 39‏.‏ ‏‏بل جعل الله تعالى ثمرة العلم النافع هي الخشية، فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ سورة فاطر، الآية 28‏، فالعلماء الربانيين هم الذين بلغوا هذه الدرجة من علمهم بالله تعالى خشيته. فالعالِم من خاف اللهَ، ومن لم يَخْش اللهَ فليس بعالِم. ([58])
وللخشية من الله ثمرات يجنيها الرباني المتصف بها، فمنها الهداية قال تعالى: ‏﴿‏‏إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ سورة التوبة، الآية 18، ومنها الفوز‏ قال تعالى: ﴿‏ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ سورة النور، الآية 52‏‏، ومنها المغفرة والأجر الكبير قال تعالى: ‏﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ‏‏‏﴾ سورة الملك، الآية 12، ومنها دخول الجنة قال تعالى: ‏﴿‏‏‏مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ. ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾‏ سورة ق، الآية 33-34.
وتبين مما سبق أن الخشية من صفات الربانيين، وهي معرفة الله وهيبته، والرباني المتصف يبلغ رسالة الله بدون خوف الناس، ويكون من العلماء الربانيين الذين نفعهم علمهم، فالعالم الرباني من خاف الله. ولها ثمرات عظيمة، فمنها: الهداية، والفوز، والمغفرة، والأجر الكبير، ودخول الجنة‏.‏ ‏‏
الصفة الرابعة: الولاء:
والولاء لله ورسوله والمؤمنين من صفات الربانيين. فالولاء بمعنى النصرة والمحبة
([59])، أو هو التقرب وإظهار الود بالأقوال والأفعال والنوايا، لله ورسوله والمؤمنين، وهذا هو الولاء الشرعي الواجب على كل مسلم. ([60])
والمتدبر في آيات الربانيين في قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ سورة آل عمران، الآية 146 تأمل كلمة (معه) تدل على أن الجند الربانيون عندهم قوة في الولاء للقائد والفكرة.
والرباني يناصر ويحب ويطيع ويجالس ويتشبه ويجاهد مع من أمرنا الله بمولاتهم وهم الذين اتصفوا بحب الله، والذلة على المؤمنين، والعزة على الكافرين، والجهاد في سبيل الله، وقول الحق، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة قال تعالى: ‏﴿‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ‏﴾‏ سورة المائدة، الآيات 54-55.
والرباني الذي اتصف بالولاء جعل الله له ثمرات وفوائد عظيمة جزاء هذا الولاء، منها النجاة من الفتن والفساد قال تعالى: ‏﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ‏‏﴾ سورة الأنفال، الآية 73، ومنها الغلبة والنصر‏ قال تعالى:﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ‏﴾
([61])، ومنها الفوز برحمة الله قال تعالى: ‏﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ‏‏﴾ سورة المائدة، الآية 56، ومنها تثبيت الإيمان في قلوبهم ودخول الجنة ورضى الله والفلاح في الدارين قال تعالى: ‏﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏‏﴾ سورة المجادلة، الآية 22.
وهذا يعني أن الولاء لله ولرسوله والمؤمنين من صفات الربانيين، وهو المحبة والنصرة والود والطاعة والتقارب لهم، وحكم هذا واجب على كل مسلم. وصفات من يواليهم الرباني حب الله، والذلة على المؤمنين، والعزة على الكافرين، والجهاد في سبيل الله، وقول الحق، ‏وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة. والثمرات التي يجنيها الرباني من هذا الولاء النجاة من الفتن، والغلبة، ‏والفوز برحمة الله، وتثبيت الإيمان، ودخول الجنة، ورضى الله، والفلاح في الدارين‏.
الصفة الخامسة: التوبة:
ومن صفات الربانيين الإيمانية صفة التوبة. وهي الرجوع إلى الله بحل عقدة الإصرار عن القلب، ثم القيام بكل حقوق الرب.
([62]) وإذا تدبرنا آيات الربانيين وجدنا دعاءهم قوله تعالى: ﴿‏وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا‏﴾ سورة آل عمران، الآية 147.
وحكم التوبة واجبة لقوله تعالى:‏ ﴿وَتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏‏﴾ سورة النور، الآية 31 قال الإمام النووي -رحمه الله -: واتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبة، وأنها واجبة على الفور، ولا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة، والتوبة من مهمات الإسلام، وقواعده المتأكدة.
([63])
والتوبة لا تقبل إلا إذا كانت خالصة، ويقلع عن الذنوب والمعاصي، ويندم على ما فات، ويعزم على عدم الرجوع، وإرجاع الحقوق لأهلها، ولا بد أن تكون في زمن قبولها قال تعالى: ‏﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا. وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ‏‏﴾ سورة النساء، الآيات 17 - 18‏.‏ ‏‏
والرباني المتصف بالتوبة يجد ثمرات وفوائد كثيرة لتوبته من هذه الثمرات حب الله تعالى: ‏﴿‏‏ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ سورة البقرة، الآية 222، ومنها تبديل السيئات إلى حسنات قال تعالى: ‏﴿‏‏ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ سورة الفرقان، الآية 70، ومنها دخول الجنة قال تعالى: ‏﴿‏‏‏ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾ سورة مريم، الآية 60.
‏تبين مما سبق أن التوبة من الصفات الإيمانية للربانيين، وهي الرجوع إلى الله تعالى، وحكمها واجب. ولا تقبل إلا إذا كانت خالصة، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي، والندم على ما فات، والعزم على عدم الرجوع، وإرجاع الحقوق لأهلها، ولا بد أن تكون في زمن قبولها. ولها ثمرات على الرباني من أهمها دخول الجنة، وحب الله تعالى، وتبديل السيئات إلى حسنات.
الصفة السادسة: الدعاء:
ومن صفات الربانيين الإيمانية الدعاء‏، ‏‏وهو الرغبة إلى الله عز وجل.
([64]) وحكمه واجب قال تعالى: ‏﴿‏وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏﴾ سورة غافر، الآية 60 وجاء في آيات الربانيين دعاءهم وطلبهم من الله المغفرة والثبات والنصر على الكافرين قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ سورة آل عمران، الآية 147، والربانيون يدعون الله بشروط الدعاء وآدابه من إخلاص، وحضور قلب، وافتقار وانكسار، ويقين بالإجابة، وعدم استعجال، وإلحاح في المسألة، وتحري وقت الإجابة.
وأفضل الربانيين في التزام صفة الدعاء الانبياء والرسل- عليهم الصلاة والسلام – قال الله تعالى عنهم ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ سورة الأنبياء، الآية 90.
وللدعاء ثمرات وفوائد يحصل عليها الربانيون المداومون عليه، فمنها امتثال أمر الله تعالى: ‏﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا‏﴾ سورة الأعراف، الآية 56، دليل الإيمان بالله وأسماءه الحسنى قال تعالى: ‏﴿‏وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا‏﴾ سورة الأعراف، الآية 181.، ومنها القرب من الله وإجابة الدعوات قال تعالى: ‏﴿‏‏وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ سورة البقرة، الآية 186، ومنها دفع ورفع البلاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا يرد القدر إلا الدعاء"
([65]).
وبناءً على ما سبق  فأن الدعاء من صفات الربانيين، فهو الرغبة إلى الله، وحكمه واجب امتثالا لأمر الله. والربانيون يؤدونه بشروطه وآدابه من إخلاص، وثناء على الله، وحضور قلب، ويقين بالإجابة، وبدون استعجال، وتحري أوقات الإجابة، وإلحاح في المسألة، وخضوع وخشوع، وذل وفقر وانكسار.
والربانيون من الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام -أكثر من داوموا عليه. وله ثمرات وفوائد عظيمة منها طاعة الله والقرب منه، وإجابة الدعوات، ودليل الإيمان بالله وأسمائه، ورفع ودفع البلاء.
المطلب الثاني: الصفات الربانية العلمية:
والقسم الثاني من الصفات التي يتصف بها الربانيون الصفات العلمية ومن أهمها اتباع شرع الله، وتعليم الكتاب، ومدارسة العلم، وحراسة الدين، والحكمة، والفقه بالواقع وبيانها فيما يأتي:
الصفة الأولى: اتباع شرع الله:
واتباع شرع الله من صفات الربانيين، والاتّباع ما ثبت عليه الحجّة، وهو اتّباع كلّ من أوجب عليك الدّليل اتّباع قوله، فالرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- هو المثل الأعلى في اتّباع ما أمر به الله تعالى.
([66])
 وحكم الاتباع واجب لقوله تعالى: ‏﴿‏وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏﴾ سورة الأحزاب، الآية 2‏.‏ ‏‏
وصفة الاتباع لشرع الله وردت في‏ آيات الربانيين في قوله تعالى: ﴿‏إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ‏﴾ سورة المائدة، الآية 44. والاتباع لشرع الله لا بد يكون بعلم ودليل وإلا كان التخبط باتباع الأهواء قال تعالى: ﴿‏ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ‏﴾ سورة الجاثية، الآية 18 أي ‏فاتبع شريعتك الحقة الثابتة بالحُجج والدلائل، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون طريق الحق
([67]).
وللاتباع ثمرات عظيمة ينالها الربانيون منها محبة الله ورسوله قال تعالى: ‏﴿‏ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏﴾ سورة آل عمران، الآية 31، ومنها دعاء الملائكة لهم بالمغفرة قال تعالى: ‏﴿‏‏ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ﴾ سورة غافر، الآية 7، ومنها النجاة من الخوف والحزن قال تعالى: ‏﴿‏فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ‏﴾ سورة البقرة، الآية 38، ومنها هداية الله قال تعالى: ‏‏﴿‏الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ سورة الزمر، الآية 18‏.‏‏‏
‏ومما سبق تبين لنا أن الاتباع من صفات الربانيين، ويكون بعلم ودليل، وحكمه واجب. وله ثمرات عظيمة على المتصفين به منها محبة الله ورسوله، ودعاء الملائكة لهم بالمغفرة، والنجاة من الحزن والخوف، وهداية الله لهم للأفضل والأحسن.
الصفة الثانية: تعليم الكتاب: ‏
وتعليم الكتاب من صفات الربانيين، وقد وردت تعليم الكتاب في آيات الربانيين في قوله تعالى: ‏﴿‏‏وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ﴾ سورة آل عمران، الآية 79 والكتاب هو القرآن الكريم.
([68])
ووراثة الكتاب تعلماً وتعليماً ‏اصطفاء من الله لعباده الربانيين، قال تعالى: ‏﴿‏ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ‏﴾ سورة فاطر، الآية 32، وتعليم الكتاب وظيفة الأنبياء والرسل الربانيين -عليهم الصلاة والسلام- قال تعالى: ‏﴿‏‏هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ سورة الجمعة، الآية 2، بل أفضل الناس من تعلم والقرآن وعلمه للآخرين قال ‏النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"
([69]) وقال ابن حجر العسقلاني -رحمه الله-:إن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ولهذا كان أفضل.([70]) وقال المناوي -رحمه الله-: أي خير المتعلمين والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن لا في غيره إذ خير الكلام كلام الله فكذا خير الناس بعد النبيين من اشتغل به([71]).وتعليم القرآن شعار الدين قال ابن خلدون -رحمه الله-: اعلم أنّ تعليم الولدان للقرآن شعار الدّين أخذ به أهل الملّة، وصار القرآن أصل التّعليم الّذي يبنى عليه ما يحصل بعد من الملكات([72]).
فتعليم الكتاب من صفات الربانيين، وهذه الصفة اصطفاء من الله تعالى، وهي وظيفة الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام -، بل أصحابها أفضل الناس، وأجرها متعدي للآخرين، وهي شعار الدين في البلدان والأمصار.
‏ الصفة الثالثة: مدارسة العلم:
ومن صفات الربانيين العلمية مدارسة العلم، والمدارسة هي: الرياضة والتعهد للشّيْءِ.
([73])، وذكرت هذه الصفة في آيات الربانيين قال تعالى: ‏﴿‏‏وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُون﴾ سورة آل عمران، الآية 79، قال سعيد حوى-رحمه الله-: أطلقت كلمة الدراسة لأن ما يحتاجه الرباني من دراسات يتجدد ولا يتقيد، فكل قرن له جديده. ([74]) ومدارسة وتعاهد العلم عموماً والقرآن خصوصاً توصل صاحبها للربانية لأنها تعينه على التدبر والتفهم وبالتالي يستقيم كما أمر الله تعالى.
وأقل ما تكون المدارسة بين اثنين ولنا في جبريل عليه السلام ونبينا صلى الله عليه وسلم أسوة جاء في الحديث " وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسُه القرآن "
([75])، والمدارسة شاملة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"([76]). والتدارس هنا شاملٌ لجميع ما يتعلق بالقرآن الكريم، من التعلم والتعليم، والتدبر والتفسير، واستكشاف دقائق معاني القرآن الكريم وهداياته. ([77])
يقول مجدي الهلالي-حفظه الله: إن وجود حلقات المدارسة القرآنية من الأهمية بمكان لتعليم الناس كيف يدخلون إلى عالم القرآن فيهتدون بهداه، ويستشفون بشفائه.
([78])
وللمدارسة فوائد عظيمة على الربانيين وعلى المحيطين بهم منها نزول السكينة والرحمة وحضور الملائكة وذكر الله لهم كما في الحديث السابق، ومنها التعلم والتعليم والتعاهد للعلم، ومنها معرفة الحلال والحرام، ومنها التآلف بين المسلمين، ومنها تزكية النفوس وتهذيبها، ومنها ضبط تلاوة القرآن، أخذ العلوم الجديدة في كل عصر.
فمدارسة العلم من صفات الربانيين، وهي الرياضة والتعهد للعلم، وتكون للقرآن خصوصا وللعلوم عموماً، وفوائدها نزول السكينة، والرحمة، وحضور الملائكة، وذكر الله للدارسين، ومنها تعلم الحلال والحرام، وتزكية النفوس وتهذيبها، وضبط تلاوة القرآن، وتآلف المسلمين، ومعرفة الجديد من العلوم.
الصفة الرابعة:‏ حفظ الدين:
ومن صفات الربانيين حفظ الدين، ومعناه تثبيت أركان الدين وأحكامه في الوجود الإنساني والحياة الكونية، وكذلك العمل على إبعاد ما يخالف دين الله ويعارضه.
([79]) والعلماء الربانيين ومعهم الحكام ‏يقومون بحفظ الدين وحراسته ورد كل ما يخالفه فقد وردت هذه الصفة في آيات الربانيين في قوله تعالى:‏ ﴿‏‏ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ... ﴾ سورة المائدة، الآية 44. يعني الربانيين والأحبار.([80]) قال الشوكاني -رحمه الله-: أي على كتاب الله، والشهداء: الرقباء، فهم يحمونه عن التغيير والتبديل بهذه المراقبة. ([81])
والله تعالى تكفل بحفظ هذا الدين فقال: ‏﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ‏﴾‏ سورة الحجر، الآية 9، ورغم ذلك أمر الله تعالى بعدة وسائل لحفظ دينه يقوم بها المسلمون ومن باب أولى الربانيون، وهي:
العمل بالدين، والجهاد من أجله، والدعوة إليه، والحكم به، ورد كل ما يخالفه.
([82]) فدليل العمل بالدين قوله تعالى: ‏﴿‏وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ‏﴾ سورة التوبة، الآية 105.
 وقال عبد الله قادري الأهدل-حفظه الله-: إن أي مبدأ من المبادئ مهما سمت معانيه وقويت حججه وبراهينه، وحسنت صياغة نصوصه لا يكون له أثره الفعال ما دام غير مطبق عملا في واقع الحياة.
([83])ودليل الجهاد من أجله قوله تعالى: ‏﴿‏وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ‏﴾ سورة الأنفال، الآية 39، ودليل الدعوة إليه قوله تعالى: ‏﴿‏قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي‏﴾ سورة يوسف، الآية 108، ودليل الحكم به قوله تعالى: ‏﴿‏وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ‏﴾ سورة المائدة، الآية 49، ودليل رد كل ما يخالفه قوله تعالى: ‏﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ‏‏﴾ سورة آل عمران، الآية 85.
‏فحفظ الدين من صفات الربانيين، ويكون ذلك بالعمل به، والجهاد من أجله، والدعوة إليه، والحكم به، ورد كل ما يخالفه ‏
الصفة الخامسة: الحكمة: ‏‏
ومن صفات الربانيين العلمية صفة الحكمة، وهي عبارة عن العلم المتصف بالأحكام المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به والصد عن اتباع الهوى والباطل. والحكيم مَنْ له ذلك.
([84]). وقال الغزالي-رحمه الله-: الحكمة هي عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، والله عزّ وجلّ هو الحكيم الحقّ، لأنّه يعلم أجلّ الأشياء بأجلّ العلوم. ([85])
 وجاء في تفسير قوله تعالى:﴿كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ ﴾ سورة آل عمران، الآية 79، أي حكماء علماء
([86]). ومن أسماء الله الحسنى اسم الحكيم واقترن باسم العليم في عشرات الآيات، فلا حكمة بدون علم ومن هذه الآيات قوله تعالى: ‏﴿‏وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏﴾‏ سورة النور، الآية 18، ونعمة الحكمة من النعم العظيمة لمن رزقها قال تعالى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ سورة البقرة، الآية 269. وتعليم الحكمة من عمل الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام - قال تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ سورة الجمعة، الآية 2،وأمر الله تعالى حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بها في دعوته فقال تعالى: ﴿ ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ ﴾ سورة النحل، الآية 125، وبالتالي هي تكليف لكل داعية رباني.
ومن فوائد الحكمة، أنّها تدلّ على المعرفة بالله- عزّ وجلّ- مع نفاذ البصيرة وتهذيب النّفس وتحقيق الحقّ للعمل بمقتضاه والبعد عمّا ‏سواه، وأنّها سمة من سمات الأنبياء والصّالحين والعلماء الربانيين العالمين.‏ ومنها الإصابة في القول والسّداد في الفعل، ومنها العمل وفق الشّرع، وأنها دليل كمال العقل، وبها يلبس صاحبها تاج الكرامة في الدّنيا والآخرة، وبها ينفع الله صاحبها طلّاب العلم ومريدي الخير ويدرأ به أبوابا كثيرة من الشّرّ.
([87])
وهكذا تبين لنا أن صفة الحكمة من صفات الربانيين، وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، والحكيم من أسماء الله الحسنى وجاء مقترنا بالعليم لأن الحكمة تحتاج إلى علم، وهي من نعم الله العظيمة، ولا تستقيم الدعوة إلا بها. ولها فوائد جليلة من أهمها أنها تدل على معرفة الله، ومنها الإصابة في القول والعمل، وأنها تدل على كمال العقل.
الصفة السادسة: الفقه بالواقع: ‏
ومن صفات الربانيين الفقه بالواقع، قال أبو عبيدة: سمعت رجلا عالما يقول: الرباني العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي العارف بأنباء الأمة ما كان وما يكون
([88])‏.‏‏‏
وفقه الواقع: هو الوقوف على ما يهم المسلمين مما يتعلق بشؤونهم أو كيد أعدائهم لتحذيرهم والنهوض بهم واقعيا لا كلاما نظريا. (
[89])
ومن أدلة فقه الواقع هجرة المسلمين إلى الحبشة، لأن بها ملك الحبشة العادل الصالح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد"(
[90])، وكانت أرض صدق وأمان وأهلها متمسكون بالنصرانية وهي أقرب إلى الإسلام قال تعالى: ‏‏﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ‏﴾ سورة المائدة، الآية 82، ومن فقه الواقع فرح المسلمون بانتصار الروم على الفرس لأنهم أهل كتاب والفرس أهل شرك قال تعالى: ‏﴿‏‏الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾‏ سورة الروم، الآيات من 1 - 4، ومن فقه الواقع ترك النبي صلى الله عليه وسلم نقض الكعبة وبنائها قال لعائشة رضي الله عنها :" لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة، ولجعلتها على أساس إبراهيم"([91]). والعالم الرباني يجب عليه الانضباط بعدة ضوابط قبل العمل بفقه الواقع من أهمها الإحاطة بالنصوص الشرعية وفهمها، ومراعاة مقاصد الشرع، ومراعاة الفرق بين الوسائل والمقاصد، الفهم الدقيق للغة العربية ودلالتها. ([92])
وأكبر ثمرات فقه الواقع أنه يبرز واقعية التشريع الإسلامي، ويراعي مصالح العباد العاجلة والآجلة، ويبرهن أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان.
مما سبق تبين أن فقه الواقع من صفات الربانيين، وهو الوقوف على هموم وشؤون المسلمين واقعا لا كلاماً، وقبل العمل به يجب الإحاطة بالنصوص الشرعية وفهمها مع مراعاة مقاصد الشرع ودلالات اللغة العربية. وأعظم ثمرات فقه الواقع إبراز واقعية الإسلام، ومراعاة مصالح العباد، والتأكيد على أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان.
المطلب الثالث: الصفات الربانية السلوكية:
والقسم الثالث من الصفات التي يتصف بها الربانيون الصفات السلوكية ومن أهمها القدوة، والحكم بما أنزل الله، والتضحية، والنهي عن المنكر، ‏وحسن الخلق، والصبر، والثبات‏.
الصفة الأولى: القدوة:
من صفات الربانيين السلوكية القدوة. وهي أن يكون المربّي أو الداعي الرباني مثالا يحتذى به في أفعاله وتصرفاته.
([93]) وتكمن أهمية القدوة العملية أن تأثير الأفعال أقوى من تأثير الأقوال، فالأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- ترجموا المنهج الرباني النظري إلى واقع عملي فكانوا قدوة لأقوامهم من أولهم إلى آخرهم، ولذا جاء الأمر الرباني بالاقتداء بهم قال تعالى: ‏﴿‏‏أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ سورة الأنعام، الآية 90، واختص الله تعالى نبينا -صلى الله عليه وسلم – بالقدوة، لأنه كان أفضل وأكمل القدوات الربانية في جميع جوانب حياته فقال تعالى: ‏﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ‏﴾‏ سورة الأحزاب، الآية 21.
ومن مواقف القدوة العملية يوم الحديبية لما فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم -من قضية الكتاب قال: قوموا، فانحروا، فوالله ما قام منهم أحد حتى قال ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا رسول الله أتحب ذلك؟ أخرج، ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما.
([94])
ومن فوائد القدوة الحسنة للدعاة الربانيين، أنها دليل الإيمان بالله واليوم الآخر، والتأثير بها أسرع وأدوم في الآخرين، وبها يكسب حب وثقة الناس، وأنها من أهم وسائل النجاح في الدعوة والتربية، وبها ينال الفوز بالأجور المتعدية فالدال على الخير كفاعلة.
تبين أن القدوة من صفات الربانيين، وهي اقتداء الناس بأفعال الدعاة وتصرفاتهم. وأهمية القدوة أن الأفعال تؤثر في الناس أكثر من الأقوال، وجعل الله تعالى كل الأنبياء والرسل-عليهم الصلاة والسلام- قدوات ربانية عملية للناس. وأعظم القدوات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأهم فوائد القدوة الحسنة، أنها دليل الإيمان بالله واليوم الآخر، وبها تنجح الدعوة، وبها تنال الأجور المتعدية.
الصفة الثانية: الحكم بما أنزل الله:
ومن صفات الربانيين السلوكية الحكم بما أنزل الله. وهو سياسة النّاس والقضاء بينهم وتدبير أمورهم طبقا للأحكام الشّرعيّة.
([95]) قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ﴾ سورة المائدة، الآية 44، ففي الآية إشارة واضحة أن الحكم بما أنزل الله فيه الهداية والنور وأنه من صفات الأنبياء والربانيين والأحبار. قال قطب-رحمه الله-: إن الديانات التي جاءت من عند الله كلها تدعو إلى الحكم بما أنزله الله، وإقامة الحياة كلها على شريعة الله، وجعل هذا الأمر مفرق الطريق بين الإيمان والكفر. ([96])
وأهمية الحكم بما أنزل الله أنه شامل لجميع جوانب الحياة قال تعالى: ‏﴿‏‏وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ سورة النحل، الآية 89، أنه دليل الإيمان بوحدانية الله قال تعالى: ‏﴿‏‏وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾ سورة الكهف، الآية 26، وأنه من العبادات العظيمة قال تعالى:﴿‏إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ‏‏ ﴾ سورة يوسف، الآية 40.
والربانيون الذين آمنوا بتحكيم شرع الله في كل حياتهم تراهم الأسرع استجابة للتنفيذ قال تعالى:‏﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏‏﴾
([97])
ومن ثمرات الحكم بما أنزل الله، أنه أعلى مقامات العبادة، وأنه دليل الهداية والنور والفلاح في الدنيا والآخرة، وأنه دليل اليقين بشرع الله، وأنه من صفات الأنبياء والربانيين والصديقين، وبه تحفظ حقوق الناس وتحل مشكلاتهم، وبه ينتشر العدل والأمن والخير والسعادة.
نصل إلى أن الحكم بما أنزل الله من صفات الربانيين السلوكية، وهو الحكم بين الناس وفق شرع الله. وأهميته أن كل الديانات السماوية أقرته، وأنه شامل لجوانب الحياة، وأنه دليل وحدانية الله. وثمراته أنه أعلى مقامات العبادة، ودليل الفلاح، وبه تحفظ الحقوق، وينتشر العدل والأمن والخير والسعادة.
الصفة الثالثة: التضحية:
 ‏ومن صفات الربانيين السلوكية التضحية، وهي بذل النَّفس أو الوقت أو المال لأجل غاية أسمى، ولأجل هدف أرجى، مع احتساب الأجر والثواب على ذلك عند الله عزَّ وجلَّ.
([98]) وجاءت صفة التضحية في آيات الربانيين في قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ سورة آل عمران، الآية 146، قراءتان في هذه الآية قراءة أهل الحجاز والبصرة: (قُتِلَ)، بضم القاف، وقراءة أهل الحجاز والكوفة. ( قَاتَلَ )بفتح القاف وبالألف([99]). والتضحية بالنفس أعلى مراتب التضحية، فالرباني يضحي بنفسه في سبيل الله، فحياته لغاية عظيمة وهي ابتغاء مرضاة الله، وموته عظيم لإعلاء كلمة الله، وجزاؤه عظيم عند الله قال تعالى: ‏﴿‏وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ‏﴾‏ سورة آل عمران، الآية 169، أي أن المؤمن الذي يضحي بنفسه في سبيل نصر دينه ودعوة ربه هو من الشهداء الأبرار الذين يظفرون بجنان الخلد، وهم أحياء، أرواحهم في حواصل طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت. ([100])
يقول على الصلابي – حفظه الله-: والعالم الرباني الذي لا تفتقده مسيرة الجهاد فيعطي العلم حقه، والجهاد حقه، ولكل حقه، ويكون إمام محراب وقائد حرب مثله كمثل عبد الله بن المبارك – رحمه الله - المجاهد الذي كتب إلى أخ له عابد اعتكف في الحرم وترك مسيرة الجهاد فقال له:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا... لعلمت أنك في العبادة تلعبُ
من كان يخضب خده بدموعه... فنحورنا بدمائنا تخضبُ
([101])
ومن صور التضحية التضحية بالمال والوقت والعلاقات وغيرها من أجل إعلاء كلمة الله.
وللتضحية فوائد منها، امتثال أمر الله، ونصرة دين الله، والفوز برضوان الله، ودخول جنة الله، ومنها غفران الذنوب وتكفير السيئات، ومنها تحقيق التكافل والتراحم بين المسلمين، ومنها نيل العزة والسعادة.
 نتبين أن التضحية من صفات الربانيين، وهي بذل النفس والمال والوقت في سبيل إعلاء كلمة الله واحتساب الأجر عند الله، وفوائدها امتثال أمر الله، ونصرة الدين، والفوز بالجنة والرضوان، وغفران الذنوب، وتحقيق التكافل والتراحم، ونيل العزة والسعادة.
الصفة الرابعة: النهي عن المنكر:‏
ومن صفات الربانيين السلوكية النهي عن المنكر. وهو الزجر عما لا يلائم في الشريعة أو هو تقبيح ما تنفر عنه الشريعة والعفة وهو ما لا يجوز في دين الله تعالى.
([102])
ولأهمية هذه الصفة قال أبو حامد الغزالي-رحمه الله-: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين.
([103])
 وورد في آيات الربانيين ذكر هذه الصفة في قوله تعالى: ‏﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ‏‏﴾‏ سورة المائدة، الآية 63، وهذه الآية من أشد الآيات على تاركي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن الله تعالى جمع بين فاعل المنكر وتارك الإنكار في الذم. قال ابن عباس-رضي الله عنهما -: ما في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية.
([104])
ولقد أمر الله تعالى الربانيين في الآية بنهي الناس عن معصيتين خطيرتين وهما قول الإثم وأكل السحت. فقول الإثم أي الكذب، وأكل السحت أي الرشوة وأكل الحرام.
([105]) وفي هذا إشارة إلى خطورة الفساد الإعلامي بالكذب وتزوير الحقائق، والفساد المالي بأكل الحرام وحقوق الناس، وهنا يبرز دور الربانيين في تغيير هذا المنكرات الذي أصابت الأمة.
وللنهي عن المنكر ثمرات، منها: الخيرية قال تعالى: ‏﴿‏‏ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ سورة آل عمران، الآية 110، والفلاح قال تعالى: ‏ ‏﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏‏﴾‏‏ سورة آل عمران، الآية 104، والتمكين في الأرض قال تعالى:‏﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ سورة الحج، الآية 41، الفوز برحمة الله قال تعالى:﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏‏﴾‏ سورة التوبة، الآية 71، والنجاة من العذاب قال تعالى: ‏﴿‏‏ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا ‏يَفْسُقُونَ﴾ سورة الأعراف، الآية 165.
وبهذا اتضح لنا أن النهي عن المنكر من صفات الربانيين السلوكية، وهو الزجر عما لا يوافق شرع الله. وهو من أسباب بعثة الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام. ومن ثمراته الفوز برحمة الله، والخيرية، والفلاح، والتمكين في الأرض، والنجاة من عذاب الله.
الصفة الخامسة: حسن الخلق:
ومن صفات الربانيين السلوكية حسن الخلق. وهي سلامة النفس نحو الأرفق الأحمد من الأفعال، وقد يكون ذلك في ذات الله تعالى وقد يكون فيما بين الناس.
([106])
وقد ذكرت هذه الصفة ضمن صفات الربانيين في قوله تعالى: ‏﴿‏‏ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة آل عمران، الآية 148، أي المحسنون في عبادة الخالق ومعاملة الخلق.
([107]) ولأهمية الأخلاق كانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق". ([108])
فحسن الخلق أعظم صفات النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: ‏﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ‏‏﴾ سورة القلم، الآية 4. أي أنت على الخُلُقِ الذي أمرك الله به في القرآن.
([109])
والقارئ للتاريخ الإسلامي يجد أن حسن أخلاق الفاتحين الربانيين كانت أحد أهم الأسباب لدخول الناس في دين الله أفواجاً.
ولحسن الخلق فوائد وثمرات من أهمها: حب الله تعالى، وحب النبي صلى الله عليه وسلم والقرب منه في الجنة، وحب الناس، ودليل على كمال الإيمان، والرفعة في الدرجات، وثقل الميزان يوم القيامة، وتعمير الديار، وزيادة الأعمار، وانتشار التسامح والمحبة والتعاون بين أفراد المجتمع.
تبين للباحث أن حسن الخلق من صفات الربانيين السلوكية، وهو سلامة النفس نحو الأرفع من الأفعال، ويكون مع الله ومع الناس. وأهمية حسن الخلق أنه هدف بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أبرز صفات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه من أهم أسباب الفتوحات الإسلامية. وأهم ثمرات حسن الخلق حب الله ورسوله، وحب الناس، والرفعة، وثقل الميزان، وتعمير الديار، وزيادة الأعمار.
الصفة السادسة: الصبر:
 ومن صفات الربانيين السلوكية الصبر. وهو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع.
([110])
وورد ذكر هذه الصفة ضمن وصف الربانيين في قوله تعالى: ﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾
([111]) فما وهنوا لقتل النبي وما ضعفوا عن عدوهم، وما استكانوا لما أصابهم في الجهاد عن الله للناس وعن دينهم، وذلك هو الصبر والله يحب الصابرين. ([112]) والربانيون يحققون الصبر في حياتهم فتراهم يصبرون على طاعة الله، ويصبرون عن معصية الله، ويصبرون في الشدائد والمحن والابتلاءات.
ولأهمية الصبر فقد ذكر في القرآن الكريم مع مشتقاته أكثر من مائة مرة، وهو من صفات الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام- وخاصة أولو العزم منهم قال تعالى: ‏﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ‏‏﴾ سورة الأحقاف، الآية 35.
‏وللصبر ثمرات، من أهمها: دخول الجنة بغير حساب قال تعالى:‏﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ‏‏﴾‏ سورة الزمر: الآية10، حب الله قال تعالى: ‏﴿‏‏ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ سورة آل عمران، الآية 146، معية الله قال تعالى: ‏﴿‏‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾‏ سورة البقرة، الآية 153، والإمامة في الدين قال تعالى: ‏﴿‏‏ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ سورة السجدة، الآية 24، والتمكين لدين الله قال تعالى: ‏﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا‏‏﴾ سورة الأعراف، الآية 137.
‏تبين أن الصبر من صفات الربانيين السلوكية. وهو حبس النفس على كل ما يرضي الله. والربانيون يصبرون على طاعة الله، ويصبرون عن معصية الله، ويصبرون على المحن والابتلاءات. ولأهمية الصبر ذكر أكثر من مائة مرة في القرآن مع مشتقاته. وللصبر ثمرات، منها: دخول الجنة بغير حساب، ومحبة الله، ومعية الله، والإمامة في الدين، والتمكين لدين الله.
الصفة السابعة: ‏الثبات:
ومن صفات الربانيين السلوكية الثبات. هو عدم احتمال الزّوال بتشكيك المشكّك.
([113])
وجاء ذكر صفة الثبات في وصف الربانيين في قوله تعالى: ‏﴿وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ‏‏﴾‏ سورة آل عمران، الآية 147، يعني لا تجعلنا نفر من أرض المعركة، ولا نترك أرض المعركة أبدا.
([114]) والمؤمنون الربانيون يثبتهم الله في المحيا والممات قال تعالى:‏﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ‏‏﴾ سورة إبراهيم، الآية 27.
والربانيون يأخذون بوسائل الثبات منها ذكر الله قال تعالى: ‏﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏‏﴾ سورة الأنفال، الآية 45، ومنها الدعاء قال تعالى: ‏﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ‏‏﴾ سورة البقرة، الآية 250، وتحويل المواعظ إلى أفعال قال تعالى:‏﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ‏‏﴾ سورة النساء، الآية 66، وصحبة القرآن قال تعالى: ‏﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ‏‏﴾ سورة الفرقان، الآية 32، وقراءة قصص السابقين قال تعالى: ‏ ‏﴿كُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ‏‏﴾ سورة هود، الآية 12.
وثمرات الثبات على دين الله عديدة من أهمها أنه يدل على قوة الإيمان والثقة بالله تعالى، وبه اقتداء بالأنبياء والرسل-عليهم الصلاة والسلام-، وبه اهتداء إلى الصراط المستقيم، ومن أسباب دخول الجنة، ومن أهم أسباب النصر على الأعداء وظهور الحق ودخول الناس في دين الله. نسأل الله الثبات حتى الممات.
‏تبين أن الثبات من صفات الربانيين السلوكية، وهو الاستقامة على دين الله بدون شك.
وأهم وسائله الإكثار من ذكر الله، والمداومة على الأعمال الصالحة، وصحبة القرآن، والاستعانة بالله، وقراءة قصص السابقين من الثابتين على دين الله. وأهم ثمراته أنه دليل الإيمان، ومن أسباب دخول الجنة، وبه النصر وانتشار الحق‏.‏ ‏‏
الخاتمة
وفي الختام نحمد الله أولاً وآخراً على ما يسر من كتابة هذا البحث، ونسأل الله النفع والعون والتوفيق ‏والقبول‏. ‏‏‏ونخلص إلى أهم النتائج والتوصيات .
أولاً: النتائج:
1-معنى الربانية اللغوي يرجع إلى كلمة (ربَّاِنيُّ): أي المنسوب للرب العارف به، ‏والمخلص، والعابد، ‏‏والعالم، والمعلم، والعامل، والفقيه. ويرجع إلى كلمة (‏رِبِّيُ)‏: أي الجماعة، والعالم، والتقي، والصابر، ‏‏والمنسوب للرب. ويرجع ‏إلى كلمة ‏(ربّ): أي المالك، والخالق، والمصلح، والمربي، والقائم على ‏‏الشيء ‏‏.‏
‏2-الربانية هي: المعرفة الحقيقية بالله تعالى والانتساب إليه عن طريق العلم ‏الرباني، ‏والعبادات الظاهرة والباطنة، وتميز أهلها بالعلم والعمل والفقه والحكمة والتربية والقيادة ‏ومعرفة واقع الأمة، ‏مع الصبر والثبات للوصول إلى أعلى مراتب القرب من الله تعالى‏.‏ ‏‏‏
‏3- القرآن الكريم في كثير من الآيات تحدث عن مشتقات الربانية لفظاً ومعنى، وكذلك السنة النبوية، ‏‏وأقوال العلماء الربانيين، وجميع النصوص بينت وجوب التحلي بها في حياة المسلمين عامة، وحياة ‏الدعاة ‏والعلماء خاصة‏.‏ ‏‏
4- ‏ الربانيون لهم صفات إيمانية، من أهمها: قوة ‏الصلة ‏بالله، والإخلاص لله، والخشية من الله، والولاء لله ورسوله والمؤمنين، والتوبة النصوح، والدعاء ‏‏الخالص.‏
5- ‏الربانيون لهم صفات علمية، من أهمها: اتباع شرع الله، وتعليم القرآن الكريم، ومدارسة العلم، وحراسة ‏الدين، والحكمة، ‏والفقه بالواقع‏.‏ ‏‏‏
6- الربانيون لهم صفات سلوكية، من أهمها: القدوة الحسنة، والحكم بما أنزل الله، ‏والتضحية في سبيل الله، ‏والنهي عن المنكر، ‏وحسن الخلق، ‏والصبر، والثبات‏.‏
ثانياً: التوصيات:
‏1-الاعتصام بالقرآن الكريم والسنة النبوية فهما مصدر الربانية والسعادة والخير في الدنيا والآخرة.‏
‏2-تعميم دراسة موضوع الربانية في المؤسسات والهيئات والمساجد والمدارس والجامعات وغيرها لأنه موضوع ‏يهم كل مسلم‏.‏ ‏‏ ‏
‏3-إنشاء مراكز ومؤسسات وجمعيات متخصصة لإحياء الربانية في الأمة.‏
هوامش البحث:

 

 

([1]) ينظر: ابن عاشور، الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، التحرير والتنوير، (تونس، الدار التونسية للنشر، 1984 م)، ج 3‏، ص 295.‏
([2]) القرضاوي، يوسف عبد الله القرضاوي، الحياة الربانية والعلم، ص 16.‏‏‏
([3]) أحمد مختار، أحمد مختار عبد الحميد عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، (القاهرة، عالم الكتب، ط 1، 1429 هـ - 2008 م)، ج‏ 2‏ ‏، ص 842.
 ([4]) ينظر ابن منظور، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب، (لبنان، بيروت، دار صادر، ط 1)، ج 1 ‏، ‏ص 403 - 404 ‏.
([5]) ينظر إبراهيم مصطفى وآخرون، تحقيق مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط‏، (مصر، القاهرة، ‏دار الدعوة،)، ج 1‏، ‏ ‏ص 321.
([6]) ينظر ابن منظور، لسان العرب، مرجع‎ ‎سابق، ج 1‏، ص‏ 404‏.
([7]) ينظر ابن فارس، أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، (سوريا-دمشق، دار ‏الفكر، 1399 هـ - 1979 م )، ج 2، ص 381.
([8]) ينظر ابن منظور، لسان العرب، مرجع‎ ‎سابق، ج 1‏، ص 404.‏
([9]) ينظر الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، (دمشق- بيروت، دار القلم- الدار الشامية، ط 1، 1412 هـ)، ج 1‏، ص 366‏.
([10]) ينظر ابن عاشور، التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج 6‏، ص 208.
([11]) ينظر الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، تفسير الراغب الأصفهاني، (السعودية، الرياض، دار الوطن، ط 1، 1424 هـ - 2003 م)، ج 3‏، ص 897.
([12]) ينظر التُستري، أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس بن رفيع التُستري، تفسير التستري، (لبنان - بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1،1423 ه)، ج 1‏، ص 49.
([13]) ينظر الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بالرازي خطيب الري، مفاتيح الغيب ‏التفسير الكبير، (لبنان - بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1420 هـ)، ج 8‏، ص 272.
([14]) القشيري، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري، تفسير القشيري، (مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط 3)، ج 1، ص 436.
([15]) ينظر القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، (مصر-القاهرة، دار الكتب المصرية، ط 2، 1384 هـ - 1964 م)، ج 4‏، ص 122.
([16]) القشيري، تفسير القشيري، مرجع سابق، ج 1، ص 436.
([17]) ينظر الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي أبو جعفر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، (لبنان-‏‏بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1420 هـ - 2000 م)، ج 6‏، ص 541‏.
([18]) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 6‏، ص 541.
([19]) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 6‏، ص 544.
 ([20]) درويش‏، محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش، إعراب القرآن وبيانه، (سوريا - حمص - دار الإرشاد للشئون الجامعية‏، ط 4، 1415 ه)، ج 2‏، ص 481.
([21]) ينظر ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي الرازي ابن ‏أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم، (المملكة العربية السعودية، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط 3، 1419 ه)، ج 4‏، ص 1139‏.
 ([22]) سورة آل عمران، الآية 79.‏
([23]) ينظر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 6‏، ص 541.
([24]) ابن الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، (لبنان -بيروت، دار الكتاب العربي، ط 1، 1422 ه)، ج 3‏، ص 102.
([25]) أبو العباس، أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني الإدريسي الشاذلي الفاسي أبو العباس، البحر المديد، (لبنان -بيروت، ‏دار الكتب العلمية، ط 2، 2002 م – 1423 هـ)، ج 1‏، ص 373.
([26]) ينظر السمين الحلبي، أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي، عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، (لبنان - ‏بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1417هـ - 1996م)، ج 2‏، ص 61.
([27]) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 6‏، ص‏ 543‏.
([28]) ينظر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 6‏، ص 544.
([29]) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 6‏، ص 543.
([30]) البغوي، محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي، تفسير البغوي، (لبنان -بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 1 1420 ه)، ج 1‏، ص 463.
([31]) الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، (لبنان-بيروت، دار الكتاب العربي، ط 3، 1407 ه)، ج 1، ‏ ص 378.
([32]) ينظر موقع إسلام ويب، مقال بعنوان: كونوا ربانيين، بتاريخ: 27/11/2008م، قسم المقالات، أخلاق وتزكية، https://islamweb.net‏.‏‏‏
([33]) ينظر القرطبي، تفسير القرطبي، مرجع سابق، ج 4، ص 122.
([34]) ينظر السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، (لبنان-بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 1، ‏‏‏1420 هـ -2000 م)، ص 136. ‏
([35]) ينظر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 10، ص 341.
([36]) ينظر القرطبي، تفسير القرطبي، مرجع سابق، ج 6‏‏، ص 189.
([37]) ينظر السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان‏، مرجع سابق، ص 232.
([38]) قطب، قطب، في ظلال القرآن، ج2/ص374.
([39]) ينظر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 10، ص 448. ‏
([40]) ينظر القرطبي، تفسير القرطبي، مرجع سابق، ج 6‏، ص 237.
([41]) ينظر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 10، ص 449. ‏
([42]) ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، مرجع سابق، ص 565.
([43]) سعيد حوى، سعيد بن محمد ديب بن محمود حوى النعيمي، إحياء الربانية، ص 2-3.
([44]) رشيد رضا، محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين الحسيني، تفسير المنار، (مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990 م)، ج 6‏، ص 373.
([45]) ينظر الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي، تفسير الماوردي، (لبنان-بيروت، دار الكتب العلمية)، ج 1‏، ص 428.
([46]) ينظر القرطبي، تفسير القرطبي، مرجع سابق، ج 4‏ ‏، ص 230.
([47]) جماعة من علماء التفسير، المختصر في تفسير القرآن الكريم، مركز تفسير للدراسات القرآنية، (السعودية، ط 3، 1436 ه)، ص 68.
([48]) ينظر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 18، ص 24.
([49]) ينظر الزحيلي، وهبة بن مصطفى الزحيلي، التفسير الوسيط، سوريا -دمشق، دار الفكر، ط 1، 1422 هـ ج 2، ص 1465.
([50]) رواه مسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه -، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله، ج 4، ص 2052، رقم الحديث: 2664.
([51]) ينظر المباركفوري، صفي الرحمن المباركفوري، منة المنعم في شرح صحيح مسلم، (المملكة العربية السعودية -الرياض، دار السلام للنشر والتوزيع، ط 1، 1420 هـ - 1999 م)، ج 4، ص 225.
([52]) ينظر الرازي، مفاتيح الغيب التفسير الكبير، مرجع سابق، ج 8، ص 272.
([53]) ابن الجوزي، جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، صيد الخاطر، (سوريا - دمشق، دار القلم، ط 1، 1425 هـ - 2004 م)، ج 1، ص 220.
([54]) ابن القيم، محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، لبنان -بيروت، دار الكتب العلمية.، ج 1، ص 72.
([55]) صالح بن حميد وآخرون، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم، مرجع سابق، ج 2، ص 124.
([56]) ينظر المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، مرجع سابق، ص 314.
([57]) ينظر قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 375.
([58]) ينظر ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، مرجع سابق، ج 3، ص 510.
([59]) ينظر نكري، القاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري، دستور العلماء، (لبنان -بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1421 هـ - 2000 م)، ج 3، ص 321.
([60]) ينظر محماس الجلعود، محماس بن عبد الله بن محمد الجلعود، الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية، (مصر -القاهرة، دار اليقين للنشر والتوزيع، ط 1، 1407 هـ - 1987 م )، ج 1، ص 28.
([61]) سورة المائدة، الآية 56.
([62]) ينظر الجرجاني، علي بن محمد بن علي الجرجاني، التعريفات، لبنان -بيروت، دار الكتاب العربي، ط 1، 1405 ه‏‏‏، ص 70.
([63]) ينظر النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج،( لبنان – بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1392 ه )، ج 17، ص 59.
([64]) ينظر ابن منظور، لسان العرب، مرجع سابق، ج 14، ص 257.
([65]) حسنه الألباني، عن سلمان -رضي الله عته-، صحيح الجامع الصغير، باب اللام، ج 2، ص 1271، رقم الحديث: 7687.
([66]) صالح بن حميد وآخرون، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم-، مرجع سابق، ج 2، ص 10.
([67]) ينظر لجنة من علماء الأزهر، المنتخب في تفسير القرآن الكريم، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، مؤسسة الأهرام، ط 18، 1416 هـ - 1995 م، ص 740.
([68]) ينظر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 6، ص 546.
([69]) رواه البخاري، عن عثمان -رضي الله عنه -، صحيح البخاري، خيركم من تعلم القرآن وعلمه، ج 6، ص 192، رقم الحديث: 5027.
([70]) ينظر ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، لبنان - بيروت، دار المعرفة‏،‏ ‏‏ج 9، ص 76.
([71]) ينظر المناوي، محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري، فيض القدير شرح الجامع الصغير، (مصر، المكتبة التجارية الكبرى، ط 1، 1356 ه)، ج 3، ص 499.
([72]) ينظر ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، (لبنان -بيروت، دار الفكر، ط 2، 1408 هـ - 1988 م)، ص 740.
([73]) ينظر الزَّبيدي: محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى الزَّبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، (دار الهداية)، ج 16، ص 70.
([74]) ينظر سعيد حوى، إحياء الربانية، مرجع سابق، ص 14.
 ([75]) رواه البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما، صحيح البخاري، باب ذكر الملائكة، ج 4، ص 113، رقم الحديث 3220.
([76]) صححه الألباني، عن أبي هريرة رضي الله عنه، صحيح الجامع الصغير، باب الميم، ج 2، ص 967، رقم الحديث 5509.
([77]) ينظر عادل ضحوي، عادل سليمان ضحوي، بحث بعنوان / تدارس القرآن الكريم (مفهومه – أهميته - آليات تطبيقه)، قسم البحوث، مركز تفسير الدراسات القرآنية https://tafsir.net/research/.
([78]) ينظر مجدي الهلالي، العودة إلى القرآن لماذا؟ وكيف؟، قسم مكتبة الكتب، ص 147، موقع الايمان أولاً، http://www.alemanawalan.com    
([79]) ينظر نورالدين الخادمي، نور الدين بن مختار الخادمي، علم المقاصد الشرعية، (السعودية، الرياض، مكتبة العبيكان، ط 1، 1421 هـ - 2001 م)، ص 81.
([80]) ينظر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 10، ص 344.
([81]) ينظر الشوكاني، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، فتح القدير، دمشق – بيروت، دار ابن كثير- دار الكلم الطيب، ط 1 - 1414 هـ‏‏‏، ج 2، ص 50.
([82]) ينظر محمد اليوبي، محمد سعد بن أحمد بن مسعود اليوبي، مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية، (السعودية، الرياض، دار الهجرة للنشر والتوزيع، ط 1، 1418 ه – 1998 م )، ص 194.
([83]) ينظر قادري، عبدالله أحمد قادري الأهدل، الإسلام وضروريات الحياة، (السعودية، جدة، دار المجتمع للنشر والتوزيع، ط 3، 1422 ه)، ص 27‏.‏ ‏‏
([84]) ينظر النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، مرجع سابق، ج 2، ص 33.
([85]) ينظر الغزالي، محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد حجة الإسلام، المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى، (قبرص، الجفان والجابي، ط 1، 1407 ه - 1987 م)، ص 120.
([86]) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 6، ص 541.
([87]) ينظر صالح بن حميد وآخرون، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، مرجع سابق، ج 5، ص 1705.
([88]) ينظر البغوي، تفسير البغوي، مرجع سابق، ج 1، ص 463.
([89]) ينظر الألباني، أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم الألباني، فقه الواقع، (الأردن -عمان، المكتبة الإسلامية، ط 2، 1422 ه)، ص 30.
([90]) الطبري، محمد بن جرير الطبري أبو جعفر، تاريخ الأمم والرسل والملوك، (لبنان -بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1407 ه )، ج 1، ص 547.
([91]) رواه مسلم، عن عائشة -رضي الله عنها -، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، باب نقض الكعبة وبنائها، ج 2، ص 968، رقم الحديث: 1333.
([92]) ينظر نجم الدين عبد الله، نجم الدين عبد الله محمد، فقه الواقع وأثره في توجيه النصوص، العراق – الجامعة العراقية، مجلة العلوم الإسلامية، العدد السابع عشر، 2017 م، ص 1029.
([93]) ينظر صالح بن حميد وآخرون، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، مرجع سابق‏، ج 1، ص 143.
([94]) ينظر المباركفوري، صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، (لبنان – بيروت، دار الهلال، ط 1)، ص 314.
([95]) ينظر عدد من المختصين، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم ، مرجع سابق‏، ج 5، ص 1707.
([96]) ينظر قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج 2، ص 365.
([97]) سورة النور، الآية 51.
([98]) ينظر موقع الدرر السنية، موسوعة الأخلاق، الأخلاق المحمودة، خلق التضحية، https://dorar.net.
([99]) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، مرجع سابق، ج 7، ص 264.
([100]) ينظر الزحيلي، وهبة بن مصطفى الزحيلي، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، (سوريا-دمشق، دار الفكر المعاصر، ط 2، 1418 هـ)، ج 2، ص 40.
([101]) ينظر الصلابي، عَلي محمد محمد الصَّلاَّبي، تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم، (الإمارات -الشارقة - مكتبة الصحابة، مصر – القاهرة- مكتبة التابعين، ط 1، 1422 هـ - 2001م)، ج 1، ص 452- 453.
([102]) ينظر الجرجاني، التعريفات، مرجع سابق، ص 54.
([103]) ينظر الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، إحياء علوم الدين، لبنان -بيروت -مكتبة ‏المعرفة.‏، ج 2، ص 306.
([104]) ينظر ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، مرجع سابق، ج 1، ص 565.
([105]) ينظر القاسمي، محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي، محاسن التأويل، لبنان، ‏بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1418 ه‏.‏ ‏‏، ج 4، ص 183.
([106]) ينظر القزويني، عمر بن عبد الرحمن القزويني أبو المعالي، مختصر شعب الإيمان للبيهقي، (سوريا-دمشق، دار ابن كثير، ط 2، 1405 ه)، ص 116.
([107]) ينظر السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، مرجع سابق، ص 151.
([108]) رواه البخاري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، الأدب المفرد، باب حسن الخلق، ص 104، رقم الحديث: 273.
([109]) ينظر الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، (دمشق -الدار الشامية، بيروت -دار القلم، ط 1، 1415 هـ)، ص 1121.
([110]) ينظر ‏‏الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ‏دمشق- بيروت، دار القلم- الدار الشامية، ط 1، 1412 هـ، ‏ص 474.
([111]) سورة آل عمران آية (146).
([112]) ينظر محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج 4، ص 141.
([113]) ينظر التهانوي، محمد بن علي ابن القاضي محمد حامد بن محمّد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي، موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، (لبنان- بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، ط 1– 1996 م)، ج 1، ص 536.
([114]) ينظر ‏الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، تفسير الشعراوي، مصر، مطابع أخبار اليوم، 1997 م‏، ج 3، ص 1810.
المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم.
  • ابن أبي حاتم، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي الرازي ابن ‏أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم، المملكة العربية السعودية، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط 3، 1419 ه.
  • ابن الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، لبنان - بيروت، دار الكتاب العربي، ط 1، 1422 ه‏.‏ ‏‏
  • ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، لبنان - بيروت، دار المعرفة‏.‏ ‏‏
  • ابن الجوزي، جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، صيد الخاطر، سوريا - دمشق، دار القلم، ط 1، 1425 هـ - 2004 م‏.‏ ‏‏
  • ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، لبنان -بيروت، دار الفكر، ط 2، 1408 هـ - 1988 م.
  • ابن عاشور، الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، التحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية للنشر، 1984 م‏.‏ ‏‏
  • ابن فارس، أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، سوريا-دمشق، دار ‏الفكر، 1399 هـ - 1979 م‏.
  • ‏ ابن القيم، محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، لبنان -بيروت، دار الكتب العلمية.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب، لبنان، بيروت، دار صادر، ط1، ابن هشام، عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، السيرة النبوية لابن هشام، مصر، شركة مكتبة ومطبعة ‏مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط 2، 1375 هـ - 1955 م‏.‏
  • إبراهيم مصطفى وآخرون، تحقيق مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط‏، مصر، القاهرة، ‏دار الدعوة‏.‏ ‏‏‏
  • أحمد مختار، أحمد مختار عبد الحميد عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، القاهرة، عالم الكتب، ط 1، 1429 هـ - 2008 م‏.‏ ‏‏
  • أبو العباس، أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني الإدريسي الشاذلي الفاسي أبو العباس، البحر المديد، لبنان -بيروت، ‏دار الكتب العلمية، ط 2، 2002 م – 1423 هـ‏.‏ ‏‏
  • الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، دمشق- بيروت، دار القلم- الدار الشامية، ط 1، 1412 هـ.
  • الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، تفسير الراغب الأصفهاني، السعودية، الرياض، دار الوطن، ط 1، 1424 هـ - 2003 م‏.‏ ‏‏
  • الألباني، أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم الألباني، صحيح الجامع الصغير، بيروت – دمشق، المكتب الإسلامي، ط 3، 1408 ه -1988 م‏.‏ ‏‏
  • الألباني، أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم الألباني، فقه الواقع، الأردن -عمان، المكتبة الإسلامية، ط 2، 1422 ه‏.‏ ‏‏
  • البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر ‏الناصر، لبنان -بيروت، دار ‏‏طوق النجاة‏، ط 1، ‏1422 هـ‏.‏ ‏‏‏
  • البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي‏، الأدب المفرد، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، ‏لبنان – بيروت، دار البشائر الإسلامية، ط 3، ‏ 1409‎ه- 1989 م‏.‏ ‏‏
  • البغوي، محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي، تفسير البغوي، لبنان -بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 1 1420 ه‏.‏
  • ‏‏ اليوبي، محمد سعد بن أحمد بن مسعود اليوبي، مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية، السعودية، الرياض، دار الهجرة للنشر والتوزيع، ط 1، 1418 ه – 1998 م‏. ‏‏‏
  • التُستري، أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس بن رفيع التُستري، تفسير التستري، لبنان - بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1423 ه.
  • التهانوي، محمد بن علي ابن القاضي محمد حامد بن محمّد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي، موسوعة كشاف ‏اصطلاحات الفنون والعلوم، لبنان- بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، ط 1، 1996 م‏.‏
  • جماعة من علماء التفسير، المختصر في تفسير القرآن الكريم، مركز تفسير للدراسات القرآنية، السعودية، ط 3 ، 1436 ه.
  • الجرجاني، علي بن محمد بن علي الجرجاني، التعريفات، لبنان -بيروت، دار الكتاب العربي، ط 1، 1405 ه‏.‏ ‏‏
  • الجلعود، محماس بن عبد الله بن محمد الجلعود، الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية، مصر -القاهرة، ‏دار اليقين للنشر والتوزيع، ط 1، 1407 هـ - 1987 م‏.
  • ‏‏‏‏ الخادمي، نور الدين بن مختار الخادمي، علم المقاصد الشرعية، السعودية، الرياض، مكتبة العبيكان، ط 1 ،  1421 هـ - 2001 م‏.‏‏‏
  • درويش‏، محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش، إعراب القرآن وبيانه، سوريا - حمص - دار الإرشاد ‏للشئون الجامعية‏، ط 4، 1415.
  • رشيد رضا، محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين الحسيني، تفسير المنار، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990 م‏.‏ ‏‏
  • الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب ‏الري، مفاتيح الغيب ‏التفسير الكبير، لبنان - بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1420 هـ‏.‏
  • الزَّبيدي: محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى الزَّبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية‏.‏ ‏‏
  • الزحيلي، وهبة بن مصطفى الزحيلي، التفسير الوسيط، سوريا -دمشق، دار الفكر، ط 1، 1422 ه.ـ
  • الزحيلي، وهبة بن مصطفى الزحيلي، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، سوريا-دمشق، دار الفكر المعاصر، ط 2، 1418 هـ‏.‏ ‏‏
  • الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، لبنان- بيروت، دار الكتاب العربي، ط 3، 1407 ه‏.‏ ‏‏
  • سعيد حوى، سعيد بن محمد ديب بن محمود حوَّى النعيمي، الأساس في السنة وفقهها، مصر، القاهرة، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، ط 3، 1416 هـ - 1995 م‏.‏
  • السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، لبنان- بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 1، ‏‏‏1420 هـ - 2000 م‏.‏ ‏‏
  • السمين الحلبي، أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي، عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، لبنان - ‏بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1417 هـ - 1996 م‏.‏‏‏
  • الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، تفسير الشعراوي، مصر، مطابع أخبار اليوم، 1997 م‏.‏ ‏
  • الشوكاني، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، فتح القدير، دمشق – بيروت، دار ابن كثير- دار الكلم الطيب، ط 1 - 1414 هـ‏.‏ ‏‏
  • صالح بن حميد وآخرون، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم، السعودية – جدة، دار الوسيلة، ط 4، 2010 م
  • الصلابي، عَلي محمد محمد الصَّلاَّبي، تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم، الإمارات -الشارقة - مكتبة الصحابة، مصر – القاهرة- مكتبة التابعين، ط 1، 1422 هـ - 2001 م‏.‏
  • الطبري، محمد بن جرير الطبري أبو جعفر، تاريخ الأمم والرسل والملوك، لبنان -بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1407 ه‏.‏ ‏‏
  • الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي أبو جعفر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، لبنان-‏‏بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1420 هـ - 2000 م‏.‏
  • الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، إحياء علوم الدين، لبنان -بيروت -مكتبة المعرفة.‏
  • الغزالي، محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد حجة الإسلام، المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى، قبرص، الجفان والجابي، ط 1، 1407 ه - 1987 م‏.‏ ‏‏
  • قادري، عبد الله أحمد قادري الأهدل، الإسلام وضروريات الحياة، السعودية، جدة، دار المجتمع للنشر ‏والتوزيع، ط 3، 1422 ه.‏
  • القاسمي، محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي، محاسن التأويل، لبنان، بيروت، دار ‏الكتب العلمية، ط 1، 1418 ه‏.‏ ‏‏
  • القزويني، عمر بن عبد الرحمن القزويني أبو المعالي، مختصر شعب الإيمان للبيهقي، سوريا-دمشق، دار ابن ‏كثير، ط 2، 1405 ه‏.‏ ‏‏
  • القشيري، عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري، تفسير القشيري، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط 3.
  • القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي، تفسير القرطبي، مصر-القاهرة، دار الكتب المصرية، ط 2، 1384 هـ - 1964 م.
  • لجنة من علماء الأزهر، المنتخب في تفسير القرآن الكريم، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، مؤسسة الأهرام، ط 18، 1416 هـ - 1995 م
  • مجلة العلوم الإسلامية، العدد السابع عشر، 2017 م، ص 1029. مقال: نجم الدين عبد الله، نجم الدين عبد الله محمد، فقه الواقع وأثره في توجيه النصوص، العراق – الجامعة العراقية.
  • مسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري ‏ ، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله -‏صلى الله عليه وسلم- ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ، لبنان -بيروت ، دار إحياء التراث العربي ‏.‏
  • الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي، تفسير الماوردي، لبنان- بيروت، دار الكتب العلمية‏.‏ ‏‏
  • المباركفوري، صفي الرحمن المباركفوري، منة المنعم في شرح صحيح مسلم، المملكة العربية السعودية -الرياض، دار السلام للنشر والتوزيع، ط 1، 1420 هـ - 1999 م.
  • . المباركفوري، صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، لبنان – بيروت، دار الهلال، ط 1.‏
  • نكري، القاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري، دستور العلماء، لبنان -بيروت، دار الكتب ‏العلمية، ط 1، 1421 هـ - 2000 م‏.‏ ‏‏‏
  • النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، لبنان – بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1392 ه‏. ‏‏‏
  • المناوي، محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري، فيض القدير شرح الجامع الصغير، مصر، المكتبة التجارية الكبرى، ط 1، 1356 ه‏.‏ ‏‏
  • الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، دمشق -‏الدار الشامية، بيروت -دار القلم، ط 1، 1415 هـ‏.
المواقع الإكترونية:

أضافة تعليق
آخر مقالات