قد لا تبدو الكفالة فى الاجراءت الجنائية محورا للدراسة والبحث فى بادىء أمرها ، وذلك لان كثيرا من الناس ومن بينهم بعض القانونيين ، يرون انها امر تلقائى ، وبسيط ، ومفهوم ، حيث انه من السهل على كل مواطن ان يأتى الى ضابط الشرطة المختص أو الى وكيل النيابة او القاضى لاخراح المتهم من الحراسة بعد احضار الضامن وأيداع مبلغ الكفالة ان وجد . ولكن سرعان ما يتكشف أن الامر لا يبدوا دائما بتلك البساطة ، وان ثمة مشكلات قانونية على درجة من الخطورة والتعقيد ربما تعترض المتهم والضامن (الكفيل) ومبلغ الكفالة على حد سواء ، اذن فالكفالة فى الاجراءت الجنائية من المواضيع التى تستحق الدراسة ، لبيان طبيعتها القانونية من ناحية وشرح انواعها وأهدافها وآثارها القانونية من ناحية أخرى لاسباب ثلاثة :
1/ ان الكفالة هى الآداة التى يلجأاليها المتهمون للخروج من حراسة الشرطة الى حين انتهاء المحاكمة
2/ان الكفالة تمثل الخيط الوحيد الى يربط المتهم بسلطات التحرى والمحاكمة
3/ اما السبب الثالث فذو طبيعة اجتماعية ربما يكون من المناسب ربطها باسباب اقدمنا على هذه الدراسة ، لما لا حظناه من مشاعر فوارة تنتاب كثيرا من ذووا المتهميين ، وتدفعهم الى اللهاث على مدى ساعات وربما ايام لاخراجهم من حراسة الشرطة بالكفالة ، وهى مشاعر تفرزها فى كثير من الاحيان موجبات الشهامة والمروءة ، دون النظر الى عواقب تصرفاتهم ، فالقانون هو الى يجرى فى نهاية الامر على تلك التصرفات مهما كان نبل الدوافع ، فكم من مرة تبرع احد الناس بماله لكى يودع ككفالة لاحد المتهمين ، وكم من مرة قام احد الناس بحجز عقاره او سيارته لصالح البلاغ لللافرج عن المتهم فيه ، وكلها تصرفات لها أبعاد لايمكن ان تدور بمخيلة أولائك الناس وهم يلهثون لاخراج المتهم من الحراسة .
بعد الاستعانة بالله شرعنا فى هذه الدراسة المبسطة ، والتى قسمناها الى ثلاثة فصول ، ويحتوى كل فصل على ثلاثة فروع ثم اختتمنا بالنتائج والخاتمة ، سائليين المولى السداد والتوفيق
(رب هب لى علما وألحقنى بالصالحين)
صدق الله العظيم