مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2014/08/27 18:42
د.محمودمجيد الكبيسي

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله، وصلَّى الله على سيدِّنا محمدٍ وآلِهِ وسلَّم، ورَضِي الله عن صحابتِهِ أجمعين والتابعين لهم إلى يوم الدين.
أهمية البحث:
إنَّ تزويج القاصرات أمر شائع في بعض المجتمعات، ومنها المجتمع الإسلامي، وكثيرا ما تتخذ القاصرة من قبل وليها وسيلة للتكسب، ونجد هذا عرفًا شائعًا في بعض المجتمعات الإسلامية، وبخاصة المجتمعات الريفية، وغير المتعلمة، وساعد على انتشارها سعة في المال عند كثير من الناس، وفقر مدقع عند آخرين.
وكثيرا ما يترتب عليه ظلم للقاصرة بتزويجها من شخص غير مؤهلٍ للتعامل معها، إما لأنه قد ضعف عن أداء حقها في الإحصان، وإما لأنه فقد الحكمة في مراعاة صغر سنها، فيتعامل معها كما يتعامل مع جماد لا إحساس فيه، ولا عاطفة يحملها.
مشكلة البحث:
وبناء على ما تقدم فإن مشكلة البحث تكمن في ظلم تتعرض له القاصرات، ظلم يتنوع بين أذى جسديًّ قد يودي بحياتها، وبين تعاسة نفسية قد تدفعها إلى الانحراف، أو الانتحار، أو الهروب من بيت الزوجية.
ومما أذكى أوار هذه المشكلة، ولفت الانتباه إليها وسائل الإعلام والاتصال، وما تحمله من تهويل، حيث صار الحديث عن هذه المشكلة متاحاً للعقلاء والجهال، بالحكمة من الحكماء، والجهل من دهماء الناس، والعيب والدس من المتربصين بهذا الدين، حتى اتُهم بسببها الدين، وانتقصت الشريعة، وعيب بسببها على العلماء، ووجد فيها بعض الإعلاميين ضالتهم في الإثارة والكسب غير المشروع.
فكان لا بد من الوقوف عندها ووضع اليد على حكم هذه المشكلة.
أهداف البحث:
محاولة الوصول إلى معرفة الحكم الشرعي لحكم تزويج القاصرات، وهل كان تشكيك المشككين في مشروعيته صحيحًا، وإذا كان الحكم الشرعي يجيز هذا التزويج، فهل سبب هذه المشكلة هو الحكم، أو الممارسات الخاطئة، وسوء استغلال هذا الحكم؟ وهل - فعلا - المشكلة بهذه الضخامة، والجسامة، أم إنه تهويل استغله إعلاميون منتفعون، وأصحاب نوايا سيئة متربصون؟
حدود البحث:
حدود البحث هي:
حكم تزويج القاصرات شرعًا، وحكم ما يتعرضن له من استغلال بشع، يتنافى أحيانًا مع أقل وأضعف متطلبات العيش الإنساني، والكرامة التي توج الله - عَزَّ وَجَلَّ - بها هذا الإنسان.
منهجية البحث:
يتبع البحث ثلاثة مناهج:
المنهج الاستقرائي: وذلك باستقراء جميع نصوص القرآن والسنة، وأقوال الفقهاء والمفسرين، وأدلتهم في إثبات الحكم.
المنهج التحليلي: وذلك بتحليل النصوص الشرعية وفق القواعد الأصولية اللغوية في استنباط الأحكام من النصوص؛ محاولاً فهم النصوص الشرعية، وما دلَّت عليه، بعبارة أخرى فإن منهج البحث هو الوصول إلى الرأي من خلال النصوص، وليس الوصول بالنصوص إلى الرأي.
منهج النقد والتقويم، وذلك بتقويم(1) الأقوال التي وردت في هذه المسألة، ونقدها، وبيان أولوية بعضها على بعض، من وجهة نظر الباحث.
وهي محاولة آمل أن يوفقني الله - عزَّ وجلَّ - فأقدم ما يخدم هذه القضية، والله من وراء القصد.
سبب اختيار الموضوع:
سبب اختيار الموضوع هو حاجة المجتمع إلى معرفة الحكم الشرعي في هذه المسألة، وكيفية التعامل مع هذا الحكم، وبيان نزاهة الشريعة، وعدالة أحكامها، وأنَّ ما يحصل في المجتمعات الإسلامية مما هو ظلم، أو عُرِض على أنه ظلم إنما هو سوء تصرف نتيجة جهل، أو جشع وطمع، أو انصياع لعرف ليس من السهل الخروج عليه.
الدراسات السابقة:
الـدراسـة العلمية المسـتفيضة الـوحيـدة التي اطلعت عليها هي (حكمُ تقنين منع تزويج الفَتَيَات «أقل من 18 سـنة» وتحـديـد سـنِّ الـزواج) تأليف عبد الرحمن بن سـعد الشثـري. وهي دراسة تستحق التقدير، والاحترام، بما بذل فيها المؤلف - جزاه الله، عَزَّ وَجَلَّ، خيرًا - من جهد يدل على شديد صبر، واطلاع كبير، وطول نفس يشبع القارئ، أو يزيد، ولقد استفدت منها، بما حوت من مادة دسمة، لكنها - كأي عمل بشري، وعملي هذا منه - لم تقطع الطريق أمام غيرها.

تحليل الموضوع:
يتكون البحث من تمهيد ومبحثين، وخاتمة:
التمهيد: في تعريف القاصرة، وبيان ما تبلغ به الأنثى.
المبحث الأول: في حكم تزويج الأنثى قبل البلوغ.
المبحث الثاني: في حكم تزويج القاصرات.


















التمهيد
في تعريف القاصرة
وبيان ما تبلغ به الأنثى
تعريف القاصرة، لغة:
قصر يقصُر عن الشيء قصورًا: عجز عنه. ومنه: قَصُر السهم عن الهدف: لم يبلغه. وقَصُرت بنا النفقة: لم تبلغ بنا مقصدنا(1).
تعريف القاصرة، شرعاً:
مصطلح (القاصر) لا يستعمله فقهاؤنا، وهو مصطلح لعلماء القانون، ومع أنه مصطلح عندهم، فإني لم أجد من عرفه منهم. والقاصر عندهم خلاف الرشيد، فمن ليس برشيد فهو قاصر، والرشيد ـ عندهم ـ كل شخص أتمَّ ثمانية عشرة سنة من عمره (أو إحدى وعشرين سنة على خلاف بينهم) دون أن يعترضه عارض من عوارض الأهلية، عند بلوغه هذه السن.
ومن هنا نستطيع أن نستنتج أنَّ القاصر عندهم هو: الشخص الذي لم يتم سن الثامنة عشرة من عمره (أو لم يتم سن الحادية والعشرين على خلاف بينهم) أو أتمها، واعتراه عارض من عوارض الأهلية.
وهم يسمون الشخص قبل أن يتم هذه السن، أو أتمها لكن اعتراه عارض من عوارض الأهلية. ـ (قاصرًا)؛ لأنَّ الشخص في مثل هذه السن عاجز عن تدبير شؤونه، والقيام بما فيه المصلحة لنفسه، وماله؛ لذا يثبتون لأوليائهم الولاية عليهم في أنفسهم وأموالهم(2).
أما القاصر في الفقه الإسلامي، فيمكن تعريفه بأنه: من لم يبلغ البلوغ الشرعي، أو بلغه، لكن عارضًا من عوارض الأهلية أصابه.
فالفقه الإسلامي يرى أنَّ انتهاء العجز، ببلوغ الشخص أولى درجات الكمال العقلي، الذي نستدل إليه بواسطة تغير في الجسم، وأهم التغيرات هو قدرته على الإنجاب، فإن لم يكن فبلوغه بالسنِّ.
فإذا بلغ الشخص البلوغ الشرعي عاقلاً، جرت عليه أحكام الأشخاص الكاملين، وثبتت له أهلية الأداء الكاملة، ما لم يخالطه ضعف في العقل، أو حماقة في التصرف. قال الله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ (النساء: 6) أي امتحنوا البالغين سنَّ النكاح واختبروهم، فإن كانوا حسني التصرف في الأموال، فقد انتهت ولايتكم عليهم في أنفسهم وأموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم.
اشتراط البلوغ:
العقل شرط للتكليف، إلاَّ أنَّ التكليف لا يناط بكل مقدار من العقل، وإنما هناك درجة من العقل إذا بلغها الإنسان أصبح مكلفًا، وهي وصوله إلى حدٍّ يفهم فيه خطابات التكليف، ويدرك مغزاها، لكن لما كان وصول الشخص إلى هذا الحد أمرًا خفيًّا، يتفاوت فيه الناس من شخص إلى شخصٍ آخر - كان لا بدَّ من إقامة وصفٍ ظاهرٍ منضبطٍ هو مظنة حصول تلك المرتبة، كما أقام الشارع السفر مقام المشقة؛ لأنه مظنة لحصولها عنده.
والوصف الظاهر المنضبط الذي أقامه الشارع علامة على وصول الشخص ذلك الحد هو بلوغه حدًّا يستطيع فيه الإنجاب - وهو أمرٌ حسيٌّ بجميع علاماته - لأنه وقت يستكمل فيه الإنسان - عادة - شرائط العقل وأسبابه(1).
علامات البلوغ في الأنثى:
أجمع العلماء على أنَّ الأنثى تبلغ بالحيض، قال ابن المنذر: «وأجمعوا على أنَّ الفرائض والأحكام تجب على... على المرأة بظهور الحيض منها»(1).
وأقل سنٍّ تحيض فيه الأنثى تسع سنوات.
فإن لم تحض فقد اختلف العلماء في السن التي متى ما أتمتها تكون بالغة:
فذهب الشافعية، والحنابلة، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية ـ وهو رواية عن أبي حنيفة ـ إلى أنَّ سن البلوغ في الأنثى خمس عشرة سنة.
والمذهب عند الحنفية أنها لا تعتبر بالغة إلا إذا أتمت سبع عشرة سنة.
والمشهور عند المالكية أنها تكون بالغة إذا أتمت ثماني عشرة سنة.
وذهب ابن حزم إلى أنها تكون بالغة إذا أتمت تسع عشرة سنة، وهو رواية عن أبي حنيفة(2).

المبحث الأول
في حكم تزويج الأنثى قبل البلوغ
اختلف العلماء في حكم تزويج الأنثى قبل البلوغ، على أقوال:
القول الأول: يجوز تزويج الصغيرة، بكراً كانت أم ثيباً. وهو قول جمع من العلماء، منهم الحنفية، والمالكية، والحنابلة(1)، بل إنَّ من العلماء من نقل الإجماع على جواز تزويج الصغيرة، قال ابن عبد البر: «أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها»(2).
وفي مسائل الإمام أحمد: «قلت: الرجل يزوج ابنه، وهو صغير فإذا كبر قال: لا أريد. قال: ليس له ذاك، عقدُ الأب عليه عقدٌ. قلت: فالجارية الصغيرة يزوجها أبوها؟ قال: ليس بين الناس في هذا اختلاف، ليس لها أن ترجع»(3).
وقال ابن قدامة: «قال ابن المــنذر : أجمع كل من نحـفظ عنه من أهل العلم ، أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز، إذا زوجها من كفء، ويجوز له تزويجها مع كراهيتها، وامتناعها»(4).
وقال النووي: «أجمع المسلمون على جواز تزويجه بنته البكر الصغيرة لهذا الحديث»(5).
وقال ابن حجر: «قال المهلب: أجمعوا على أنه يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر، ولو كانت لا يوطأ مثلها»(6).
وقال الباجي: «والبكر على ثلاثة أضرب:... فأما الصغيرة فلا خلاف أنَّ الأب يملك إجبارها، ويجوز إنكاحه لها»(1).
واستدلوا على ذلك بما يلي:
الدليل الأول: من القرآن الكريم:
1- فقد قال تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ (الطلاق: 4).
وجه الدلالة: أنّ الآية بينت عدة الصغيرة التي لم تَحِضْ، والعدة لا تكون إلاّ بعد فرقة زواج صحيح، بطلاق أو فسخ(2).
ومما يؤيد أنَّ الصغيرة مقصودة في قوله: ﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾: ما رواه أبي بن كعب -  - في سبب نزول هذه الآية، قال: «يا رسول الله، إن النساء من أهل المدينة يقلن: قد بقي من النساء من لم يذكر فيها شيء. قال: وما هو؟ قال: الصغار، والكبار، وذوات الحمل، فنزلت الآية» (3).
فالصحابة سألوا النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - عن عدة الصغار، ولم ينكر عليهم، ثم نزلت الآية جوابًا لما أبدوه من سؤال.
وقال ابن الهمام: «تزوّجُ قدامةَ بن مظعون بنت الزبير يوم وُلدت، مع علم الصحابة نصٌّ في فهم الصحابة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم - عدم الخصوصية في نكاح عائشة»(4).
2- قال تعال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ (النساء: 3).
فعن عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْها - «قال لها: يا أمَّتاه ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ إلى ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ قالت عائشة: ياابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن ينتقص من صداقها، فنُهُوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء. قالت عائشة: استفتى الناس رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - بعد ذلك فأنزل الله ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ﴾ إلى قوله تعالى ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ (النساء: 127). فأنزل الله - عَزَّ وَجَلَّ - لهم في هذه الآية: أن اليتيمة إذا كانت ذات مال وجمال رغبوا في نكاحها ونسبها والصداق، وإذا كانت مرغوبا عنها في قلة المال والجمال تركوها وأخذوا غيرها من النساء. قالت: فكما يتركونها حين يرغبون عنها، فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها، إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق» (1).
وجه الدلالة: أن الله - عَزَّ وَجَلَّ - أباح لهم التزوج من اليتيمة إذا أوفوها صداقها، واليتيمة هي المرأة التي لم تبلغ، فتدل الآية على أنَّ نكاح الصغيرة جائز. قال ابن حجر: «فيهِ دلالَة على تَزويج الوليّ غير الأب التي دُون البُلُوغ بكراً كانت أو ثيِّباً، لأنَّ حقيقَة اليتيمة مَن كانت دُون البُلُوغ ولا أب لَهَا، وقد أذنَ في تزويجها بشرطِ أن لا يُبخَس من صَداقهَا، فَيَحتاج مَنْ مَنَعَ ذلكَ إلى دليل قوِيّ»(2).
الدليل الثاني: فعل النبي، - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ -.
فقـد تـزوج - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - من عائشة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْها - وهي صغيرة(3).
الدليل الثالث: فعل الصحابة:
فقد روى هشام بن عروة عن أبيه: أنه قال: (دخَلَ الزبيرُ بن العوام على قدامة بن مظعون يَعودُه, فبُشِّر زبيرٌ بجاريةٍ وهو عنده, فقال له قُدامةُ: زوجنيها, فقال له الزبيرُ بن العوام ما تصنعُ بجاريةٍ صغيرةٍ وأنتَ على هذه الحالُ؟ قال: بلى, إن عشتُ فابنة الزبير, وإن مِتُّ فأحبُّ مَن وَرِثني, قال: فزوَّجها إياه)(1).
وعن عكرمة : (أنَّ عليَّ بن أبي طالب - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنكحَ ابنته جارية تلعبُ مع الجواري عمرَ بن الخطاب)(2).
الدليل الرابع: أن الحاجة إلى النكاح موجودة في الصغر؛ لأن للنكاح أغراضا ومقاصد لا تتحقق إلاّ بين الأكفاء، والكفء لا يتفق في كل وقت، ولو انتظرنا لفات، فكانت الحاجة ماسّة إلى إثبات الولاية للولي في الصغر(3).
شرط زفافها إلى الزوج:
ويشترط القائلون بالجواز لزفافها إلى الزوج إطاقتها المعاشرة الزوجية، وأنه لا ضرر عليها منها. يقول النووي: «وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول به: فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عمل به، وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد: تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: حد ذلك أن تطيق الجماع، ويختلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسن. وهذا هو الصحيح. وليس في حديث عائشة تحديد، ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع، ولا الإذن فيه لمن لم تطقه وقد بلغت تسعا»(4).
القول الثاني: يجوز تزويج الصغيرة البكر، أما الثيب فلا تزوج حتى تبلغ وتستأذن، وبهذا قال الشافعي، وابن حزم.
واستدلوا على جواز تزويج الصغيرة البكر بما تقدم من الآية والحديث، وفرّقوا بين الثيب والبكر بحديث: «الثيب أحق بنفسها من وليّها، والبكر تُسْتأمَر، وإذنها سكوتها»(1). فقد فرّق الحديث بين الثيب والبكر، وجعل حقّ الثيب في نفسها أعلى من حقّ وليّها، وأقل هذا الحق أن تأذن، ولا يعتبر إذنها قبل البلوغ، فلا تُزَوَّج حتى تبلغ. ونسب ابن حزم هذا القول إلى طاوس، وقتادة، سفيان الثوري(2).
القول الثالث: لا يجوز تزويج الصغيرة، بكراً كانت، أم ثيباً، وبهذا قال ابن شبرمة، وأبو بكرٍ الأصم.
ووجه هذا القول: أنّ الأصل في الأبضاع التحريم، حتى يرد دليل يبيحها، ولم يرد، ولأنّ الصغير والصغيرة غير محتاجين إلى النكاح، وأوّل أصحاب هذا القول زواج النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - من عائشة بأنه من خصوصياته(3).
لكن لم أجد موقفهم من الآية، فلعلهم لا يرونها نصًّا قاطعًا في جواز زواج الصغير؛ لأن قوله: ﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ يحتمل اللائي لم يحضن من البالغات ممن لم يبلغن سن اليأس، وهي خاصّة بهنّ.
مناقشة وترجيح:
الأصل في الأبضاع التحريم، ولا يحل بضع إلا بدليل، فهل أدلة الإباحة قادرة على إثبات هذا الحكم؟
الآيتان اللتان استدل بهما أصحاب القول الأول يدلان بظاهرهما على جواز نكاح الصغيرة، لكن يدخلهما الاحتمال.
فالآية الأولى: ﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ تحتمل اللائي لم يحضن من البالغات، وهي خاصّة بهنّ.
وقول ابن الهمام: «تزوّجُ قدامةَ بن مظعون بنت الزبير يوم وُلدت، مع علم الصحابة نصٌّ في فهم الصحابة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم - عدم الخصوصية في نكاح عائشة»(1). لا يتعدى فهم الصحابي من الآية عدم الخصوصية، وهو رأيٌ له. ورأي الصحابي مختلف في الاحتجاج به، والراجح - والله أعلم - عدم حجيته.
وقد لخص الغزالي آراء العلماء في مذهب الصحابي، فقال: «ذهب قَوْمٌ إلى أن مذهب الصحابي حجة مطلقاً، وقَوْمٌ إلى أنه حجة إن خالف القياس، وقَوْمٌ إلى أن الحجة في قول ابي بكر وعمر خاصة لقوله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ -: «اقتدوا باللذَيْن من بعدي: أبي بكر وعمر»(2) وقَوْمٌ إلى أن الحجة في قول الخلفاء الراشدين إذا اتفقوا».
ثم ذهب إلى أن هذه الآراء كلها باطلة، وأنَّ (قول الصحابي) من الأدلة الموهومة، واستدل على بطلانها، عقلاً، فقال: «والكل باطل عندنا؛ فإن من يجوز عليه الغلط والسهو، ولم تثبت عصمته عنه فلا حجة في قوله، فكيف يحتج بقولهم مع جواز الخطأ؟ وكيف تدعى عصمتهم من غير حجة متواترة؟ وكيف يتصور عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف؟! وكيف يختلف المعصومان؟ كيف وقد اتفقت الصحابة على جواز مخالفة الصحابة؟! فلم ينكر أبو بكر وعمر على من خالفهما بالاجتهاد، بل أوجبوا في مسائل الاجتهاد على كل مجتهد أن يتبع اجتهاد نفسه»(1).
وحديث عائشة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا - عن الآية الثانية من هذا النوع، أيضًا. على أنَّ حديث الآية عن تزويج اليتيمة، أو تزوجها لا يسلتزم بالضرورة تزويجها قبل البلوغ، بل ربما يتزوجها بعد البلوغ، وتسميتها (يتيمة) تسمية مجازية باعتبار ما كان.
بمعنى آخر: الآيتان - من وجهة نظر الباحث - تدلان على جواز تزويج الصغيرة، لكنهما دليلان ظنيان يحتملان التأويل بما ذكرته من احتمالات، ومن تأولهما على ما ذكرت من احتمالات لم يكن بعيدًا عن الموضوعية في الاستدلال.
وزواج النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - من عائشة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا - نصٌّ واضح في دلالته على معناه، إذ لا يحتمل معنى غير أنَّ إنكاح الصغيرة وقـع، لكنَّه يحتمل الخصوصية؛ لأنه فعلٌ، ولعل مما يقوي هذا الاحتمال أنَّ للنبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - في باب النكاح خصوصيات.
هذا أمر، والأمر الآخر أن هناك من نقد متن هذا الحديث، من خلال روايات أخرى، وبين أنَّ تزوج النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - من عائشة كان وعمرها سبع عشرة سنة(2).
والخـلاصـة أنَّ لـدينـا قـولين في الفقـه الإسـلامـي(3) في تزويج الصغيرة قبل البلوغ:
قولاً بالجواز، وهو الذي عليه الجمهور. وآخر بعدم الجواز.
ومما ينبغي التنبيه إليه:
أولاً: أن من المجيزين من يذهب إلى القول باستحباب ألاَّ تزوج الصغيرة حتى تبلغ، يقول النووي: «واعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا: ويستحب أن لا يزوج الأب والجد البكر حتى تبلغ، ويستأذنها؛ لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهة، وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة؛ لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحة ظاهرة يخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة، فيستحب تحصيل ذلك الزوج؛ لأن الأب مأمور بمصلحة ولده فلا يفوتها. والله أعلم»(1).
وقال الألباني - رحمه الله -: «ينبغي أن لا يزوِّج صغيرته ـ ولو بالغة ـ من رجل يكبرها في السِّنِّ كثيراً، بل ينبغي أن يُلاحظ تقاربهما في السِّن، لِما روى النسائي (2/70) بسندٍ صحيحٍ عن بريدة بن الحصيب - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: «خطب أبو بكرٍ وعمر - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما - فاطمة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا - فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ -: إنها صغيرة، فخطبها عليّ؛ فزوّجها منه» .قال السندي في شرحه على سنن النسائي: فيه أن الموافقة في السن أو المقاربة مرعيّة؛ لكونها أقرب إلى الألفة»(2).
ثانياً: أن منهم من كره تزويج الصغيرة، فقد روى ابن أبي شيبة عن طاوس أنه كان يكره نكاح الصغيرين. وروى عن يونس أنه كان لا يعجبه نكاح الصغار(3).
ثالثاً: أن بعضاً من المجيزين جعل للصغيرة الخيار إذا بلغت. قال النووي: «وإذا بلغت فلا خيار لها في فسخه عند مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز، وقال أهل العراق: لها الخيار إذا بلغت»(4).
رابعاً: لم أجد من العلماء من منع تزويج البنت البالغة، ومن علامات بلوغها - كما تقدم - الحيض، وهي قد تحيض، وعمرها تسع سنوات، أو عشر، أو أكثر.
وهذا ما لا يريده الساعون إلى تقنين تزويج الصغيرة، ولا يقفون عنده، فهم يريدون تحديد (18) سنة للعقد على الفتاة، أو أكثر. وهذا لم أجده لأحد من فقهائنا.
فهل يجوز لولي الأمر أن يحدد سن تزويج الفتاة بسنٍّ محددة، ثماني عشرة، أو عشرين سنة؟
هذا ما نتحدث عنه في المبحث التالي






المبحث الثاني
في حكم تزويج القاصرات
والمراد بالقاصرة في هذا البحث: الفتاة التي لم تكمل سن الثامنة عشرة(1).
فهل يجوز للحاكم أن يمنع تزويج الفتاة قبل أن تبلغ هذا السن؟ بعبارة أخرى هل لولي الأمر أن يمنع بعض المباحات، أو يحددها، أو يضع شروطًا لفعلها بناء على المصلحة المرسلة، ومبدأ السياسة الشرعية؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من التذكير بتعريف كل من المصلحة المرسلة والسياسة الشرعية.
المصلحة المرسلة: هي كل منفعة تناسب مقاصد الشرع العليا(2)، سكت عنها الشارع، فلم يرد دليل خاص على اعتبارها، ولم يقم دليل خاص على إلغائها وإبطالها.
وأما السياسة الشرعية: فقد عرفها ابن عقيل بأنها: «ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول ـ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ ـ ولا نزل به وحي»(3).
وقال ابن نجيم: «ظاهر كلامهم هنا [التعزير]: أن السياسة: هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها، وإن لم يرد بذلك دليل جزئي»(4).
وعرفها الشيخ خلاف بأنها: «تدبير الشئون العامة للدولة الإسلامية بما يكفل تحقيق المصالح، ودفع المضار، مما لا يتعدى حدود الشريعة وأصولها الكلية، وإن لم يتفق وأقوال الأمة المجتهدين».
وبعبارة أخرى فالسياسة الشرعية: هي ما يصدر عن ولي الأمر من أنظمة وقوانين تنظم حياة المجتمع، بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة، بما لا يخالف المبادئ الإسلامية العامة.
وبعد هذا فإنَّا إذا استعرضنا فعل بعض فقهاء الصحابة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم - أنهم فعلوا أشياء لم يفعلها رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - أو خالفوا - في الظاهر - ما كان عليه العمل في عصر النبوة، أو لم يعملوا بما عمل به رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - ومن ذلك:
1- توفي رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - ولم يستخلف، مع وجود الداعي إلى الاستخلاف؛ لأن الخلافة أمر مهمٌ، وضروريٌ للمجتمع، فالظاهر أن تركه للاستخلاف تشريعٌ، فكان الحكم الظاهر المتبادر ألا يستخلف أبـو بكـر اقتـداء بسـنة النبـي - صَـلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - التركية، لكنه - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - استخلف عمر(1)، ثم جاء عمر - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - فجعل الخلافة في ستة نفر من الصحابة(2)، فكان فعله - في ظاهره - مخالف لترك النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - وفعل أبي بكر.
2- ومن أبرز الأمثلة على هذا اعتبار عمر - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلاقًا ثلاثًا. قال ابن عباس - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -:«كان الطلاق على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم»(1).
فهذا عمر - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - خالف ما كان على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - زجرًا للمطلِّق، وردعًا لغيره.
3ـ وسأل رجل النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - عن ضالة الإبل(2)، هل يلتقطها؟ فغضب - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - حتى احمرت وجنتاه، وقال: «ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، تَرِدُ الماء وترعى الشجر، فَذَرْها حتى يلقاها ربُّها» (3). وقد بقي الأمر على هذا من عدم التقاط ضالة الإبل، حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - أمر بالتقاطها وتعريفها ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها(4). ولما تولى الخلافة علي - رضي الله تعالى عنه - سار على ما سار عليه عثمان من إباحة التقاط الإبل، لكنه أمر أن يبني لها بيت تُحفظ فيه، وتعلف علفا لا يُسمنها ولا يهزلها، ثم من يقيم البينة على أنه صاحب شيء منها تعطى له، وإلا بقيت على حالها لا يبيعها(1).
وهذا العمل - في ظاهره - مخالفة صريحة لما زجر عنه رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - وغضب منه حتى احمرت وجنتاه!!
لكن لماذا أقدم هذان الصحابيان الجليلان على هذا العمل؟ السبب أنهما نظرا إلى الحكمة من نهي النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - عن التقاط الإبل، فوجدا أن الحكمة منه هو حفظ الإبل لصاحبها؛ لأنَّ الإبل لا خوفَ عليها في الصحراء، من الحيوانات المفترسة، وسيجدها صاحبها في يومٍ ما، أو تعود إليه، والتقاطُها قد يحول دون وصول صاحبها إليها، أو وصولُها إلى صاحبها.
فلما كان عهد عثمان، وعلي - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وكثر اللصوص، أصبح ترك التقاط الإبل يعرضها للسرقة، فصار حفظها في التقاطها، فما فعله هذان الصحابيان مخالفة في ظاهرها، موافقة تمام الموافقة في مآلها.
4ـ وقضى عمر - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - في رجل تزوج من امرأة معتدة في عدتها، ودخل بها بأنها حرام عليه حرمة مؤبدةً(2)، مع أنَّ المحرمات من النساء فُصِّلْنَ في القرآن تفصيلاً دقيقاً، ولم يذكر القرآن هذه المرأة فيهن، ثم جاء النص: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ (النساء: 24) في هي داخلة في عموم ﴿مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ لكن عمر - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - قضى بتحريم امرأة حلال؛ بحكم السياسة الشرعية، زجرا للمتزوجَيْن، وردعًا لغيرهما(1).
5- عن السائب بن يزيد - رضي الله تعالى عنه - قال: «كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء، ولم يكن للنبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - مؤذن غير واحد»(2). فهذا عثمان - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - أحدث أذانًا لم يكن موجوداً على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - بناء على المصلحة.
6- وقد حرق عثمان - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - المصاحف(3)، وأبقى القرآن على حرف واحدٍ، مع علمه بأنَّ القرآن أنزل على سبعة أحرف(4).
فهذه اجتهادات من الصحابة، جاءت على خلاف ما كان عليه العمل في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - تحريًا للمصلحة، وإعمالاً للسياسة الشرعية.
كما أننا إذا استعرضنا أقوال بعض الفقهاء نجد أنهم أفتوا بفتاوى فيها تقييد للمباح؛ لأن المجتمع أساء استغلاله، أو اقتضت المصلحة تقييده بحكم تغير الزمن.
يقول الشيخ الزرقاء - رحمه الله، عَزَّ وَجَلَّ -: «والاجتهاد الإسلامي قد أقر لولي الأمر العام من خليفة أو سواه أن يحد من شمول بعض الأحكام الشرعية وتطبيقها، أو يأمر بالعمل بقول ضعيف مرجوح إذا اقتضت المصلحة الزمنية ذلك، فيصبح هو الراجح الذي يجب العمل به، وبذلك صرح فقهاؤنا، وفقا لقاعدة (المصالح المرسلة)، وقاعدة (تبدل الأحكام بتبدل الزمان). ونصوص الفقهـاء في مختلف الأبـواب تفيـد أن السلطان إذا أمر بأمر في موضوع اجتهادي - أي : قابل للاجتهاد، غير مصادم للنصوص القطعية في الشريعة - كان أمره واجب الاحترام والتنفيذ شرعا، فلو منع بعض العقود لمصلحة طارئة واجبة الرعاية، وقد كانت تلك العقود جائزة نافذة شرعا، فإنها تصبح بمقتضى منعه باطلة، وموقوفة على حسب الأمر».
ثم قال: «جاء في كتاب الوقف من [الدر المختار] وحاشيته [رد المحتار(1)] نقلا عن معروضات المولى أبي السعود - وهو مفتي المملكة العثمانية، ثم قاضي القسطنطينية في عهد السلطانين: سليمان وسليم، ومن كبار رجال المذهب الحنفي المتأخرين، المعول على فتاويهم وترجيحاتهم -أنه: صدر الأمر السلطاني بعدم نفاذ وقف المدين في القدر الذي يتوقف تسديد الدين من أمواله، قطعا لما يلجأ إليه بعض الناس من وقف أموالهم؛ لتهريبها من وجه الدائنين. وبناء على الأمر صرح الفقهاء من بعده بعدم نفاذ مثل هذا الوقف من المدين، ولو كان دينا محيطا بجميع أمواله؛ لأن الدين إنما يتعلق بذمته لا بعينه»... ثم أورد أمثلة متعددة، ومضى قائلاً: «والمهم جدا في هذه النصوص ليس هو الموضوعات التي وردت فيها، بل المبدأ الفقهي الذي تتضمنه؛ لما له من تأثير ذي بال في شتى الأحكام»(1).
ومن ذلك: أنظمة السير، فإنَّ الأصل الشرعي أنَّ السير في الطرقات مباحٌ، فللمارة الحق أن يسيروا بهذا الشارع، أو ذاك، ذهابًا وإيابًا، لكن أنظمة المرور تبيح السير في بعض الشوارع باتجاه واحدٍ، وتمنع السير باتجاهين، وتمنع الوقوف هنا، وتسمح بالوقوف هناك، وهكذا، وتوقع عقوبة على من يخالف هذه القوانين.
ولا أحد يقول عن أنظمة المرور إنها مخالفة للشرع، وأنها حرمت ما أباح الله - عَزَّ وَجَلَّ - بل إن من الفقهاء المعاصرين من يحرم مخالفة هذه الأنظمة؛ لأنَّ هذه الأنظمة شرعت من وليِّ الأمر بناء على ما فيها من مصلحةٍ للمجتمع.
ومنها: عقود بيع السيارات، والعقارات وشرائها، وعقود النكاح التي أمرت القوانين الحاضرة بتسجيلها في دوائر خاصة. فهذا خلاف ما كان عليه العمـل في عهـد الـرسـول - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهَ وَسَلَّمَ - وصحابته الكرام - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم - لكن المصلحة اقتضت هذه التشريعات.
وهذه دِولٌ شرعت تشريعات تمنع نساءها من الزواج بغير أبناء وطنهنَّ، وتمنع شبابها من الزواج بغير بنات وطنهم، وهذا خلاف ما عليه الإباحة من الزواج بكل مسلمة، أو بغير مسلمة ممن أباح الشرع الزواج منهن، بغض النظر عن جنسيتها، وما هذه التشريعات إلاَّ لمصلحة رآها المشرعون في هذه البلاد، وأمر بها ولي الأمر بمقتضى مبدأ السياسة الشرعية.
ويقول الأستاذ الدكتور عبد الله الطيار: «لولي الأمر أن يقيد المباح، بمعنى المباح العام، لا بمعنى الحق الثابت بنصوص لا مجال للاجتهاد فيها، مع اشتراط وجود دليل يؤيده، ومصلحة شرعية معتبرة يستند إليها، واعتبار ذلك التقييد تقييداً مؤقتاً لا دائماً، يزول بزوال مسوغه؛ لأن أعمال السياسة الشرعية تختلف عن الأعمال التشريعية التي لها صفة الدوام، لكن ليس لولي الأمر سلطة تقييد الحقوق وإلغائها كما هو مراد، لأنها حقوق ثابتة بنصوص شرعية، فتقييد الحق شيء، وإلغاؤه من أساسه شيء آخر، فالطلاق بيد الرجل بأدلة الكتاب والسنة، فلا يحق لولي الأمر التدخل فيه إلا بما يعود عليه بالمصلحة.
وإذا كان لولي الأمر أن ينهى عن بعض المباحات فإن هذا النهي لا ينسخ أصل مشروعيتها ولا يلغي النص الذي شرعها، إنما هو فقط وقف للعمل بأصل هذه المشروعية، وهو وقف مؤقت بتحقق المصلحة وزوال المفسدة، ومتى زالت ألغي الوقف المؤقت ورجع الحكم إلى أصله الثابت الذي لم ينسخ ولم يلغ، تماماً كما لو شفي المريض الذي منعه الطبيب من بعض طعامه، فإن هذا الحظر يزول ليرجع الأمر فيه إلى الإباحة الأصلية.
وعلى ذلك فيجوز لولي الأمر تقييد الزواج من الكتابية، بناء على تقدير المصالح والمفاسد واسـتناداً إلى رأي عمر بن الخطاب، وابن عمر - رضي الله عنهما - وهذا محل اجتهاد لولي الأمر من حيث جلب المصلحة أو دفع الضرر المترتبين على الزواج من الكتابية»(1).
هذا هو المبدأ العام في هذه المسألة - فيما يبدو - وهو الذي عليه كثير من الفقهاء، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، والذي ينبغي التوقف عنده، هل من المصلحة تقييد نكاح القاصرات بهذا السن؛ لكي نقول: ينبغي - أو يجب - على ولي الأمر أن يصدر أمرًا كهذا؟؟
من المعلوم أنه لا يوجد أمر صلاحٌ كلُّه، وإنَّ تزويج القاصرة من هذا النوع. هذا أمر، والأمر الآخر فنحن نتكلم عن وليٍّ أمينٍ حريصٍ على مصلحة ابنته، متطلعٍ إلى ما يحقق لها مستقبلاً تسعد فيه مع زوج لها.
فهل مصلحة تزويج القاصرة تربو على المفاسد والأضرار التي تترتب عليه؟
لعل قائلاً يقول: إنَّ من مصلحة الأنثى أن تجد الزوج المناسب، فوجوده لا يتيسر في كل وقت، والمفترض أنَّ هذا الزوج الذي اختاره لها أبوها زوج مناسب، ومن مصلحتها أن تحصن مبكرة حتى لا تتعرض للمغريات والمفاسد التي تترتب على تركها دون زواج، لا سيما ونحن في زمن عسُر فيه العثور على الزوج المناسب، وكثرت المغريات، وتيسرت. وها هي مجتمعاتنا تعج بالعوانس، وتزخر بفتيات تعرضن للمفاسد، وخرجن إلى سوق اللهو والعربدة. ثم إذا بلغت ورشدت، ولم ترضَ هذا الزواج فقد أعطاها كثير من الفقهاء حق فسخ هذا النكاح.
لكن قد يقال: إنَّ في تزويج القاصرة إرغامًا لها على قبول أمرٍ مصيريٍّ دون أن يكون لها خيار، وهي إن رضيت به الآن - وليس لها رضى كاملاً، أصلاً - فقد تسخط هذا الزواج مستقبلا. كما أنَّ الولي لا يُوَفَّق إلى الصواب، ولا تتحقق في اختياره المصلحة في كل أمرٍ. وإذا كان هناك عانسات، وهناك من تهن عن جادة الصواب بسـبب تأخـر الـزواج، فـإنـه في المقابـل هنـاك مـن تأخـر زواجهـنَّ وحزن على الزوج المناسب.
وإعطاء الصغيرة حق الفسخ إذا رشدت لا يعوضها الخسارة التي منيت بها بسبب هذا الزواج، بل ربما تفضل البقاء زوجة - على ما فيه من منغصات - على أن تصبح مطلقًة.
وبعد: فالذي يبدو - والله أعلم - بعد العرض المتقدم:
أنَّ لولي الأمر التدخل في تحديد سن الزواج، إذا كان في هذا التدخل تحقيق مصلحة تتعلق بإحدى الضروريات الخمس، وتزويج القاصرات من هذا.
وأنَّ على الفقهاء الاستعانة بالمتخصصين من علماء الاجتماع لتتبع حالات الزواج في الصغر، ودراستها، لمعرفة المصالح والأضرار التي تترتب على تزويجهنَّ، وبيان أرجح الأمرين، وأنَّ عليهم الاستعانة بأطباء متخصصين لمعرفة إيجابيات زواج القاصرات، وسلبياته الصحية، ثم بناء على هذه الدراستين يصدر الفقهاء الحكم الشرعي المناسب.
وأعتقد أنه - إذا لم يتم تحديد السن - يجب أن يكون تزويج من لم تكمل سن الثامنة عشرة تحت إشراف القضاء، سواء أكان من حيث بنائها الجسمي، أو من حيث صلاحية هذا الزوج لها؛ ووفق آليات محددة نستشعر من خلالها أنَّ في هذا الزواج مصلحةً لها، وبهذا نَحُدُّ من متاجرة بعض الآباء ببناتهنَّ، والاستعجال من بعض آخر. والله أعلم.











فهرس المصادر والمراجع
1- الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، دار قتيبة، دار الوعي (1414هـ/1993م).
2- الأم للإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت:204هـ) خرج أحاديثه وعلق عليه: محمود مطرجي. دار الكتب العلمية، لبنان، الطبعة الأولى (1413هـ/1993م).
3- البحر الرائق، لزين الدين بن نجيم (ت:970هـ) دار المعرفة، بيروت.
4- تبيين الحقائق، لعثمان بن علي الزيلعي (ت:742هـ) دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.
5- التعليقات الرضيّة على الروضة النديّة، لصديق حسن خان، بقلم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، تحقيق علي بن حسن الحلبي، دار ابن عفان للنشر والتوزيع، دار ابن القيم للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى (1423هـ/2003م)
6- تلخيص الحبير، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ) صححه وعلق عليه: عبدالله هاشم المدني (1384هـ/1964م).
7- التلويح شرح التنقيح، لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت:792) دار الكتب العلمية، بيروت.
8- تنقيح الأصول، لصدر الشريعة عبيد الله بن مسعود الحبوبي (ت:747) دار الكتب العلمية، بيروت.
9- تيسير التحرير، لمحمد أمين بن محمود البخاري المعروف : بأمير بادشاه (ت:972هـ) دار الفكر للطباعة والنشر.
10- جامع البيان، لمحمد بن جرير الطبري (ت:310هـ) دار الحديث، القاهرة (1407هـ/1987م).
11- حدود سلطة ولي الأمر فيما يأمر به وينهى عنه في قضايا النكاح وفرقة، للأستاذ الدكتور/ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار، عن الموقع:
857 http://www.m-islam.com/articles.php?action=show&id=
12- الدر المختار، لمحمد علاء الدين الحصكفي (ت:1088هـ) مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، الطبعة الثانية (1386هـ/1966م).
13- روضة الطالبين، لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت:676هـ) المكتب الإسلامي، بيروت (1395هـ/1975م).
14- سنن ابن ماجة، لمحمد بن زيد القزويني (ت:275هـ) تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. مطبعة عيسى الحلبي ـ مصر.
15- سنن أبي داود، لسليمان بن الأشعث السجستاني (ت:275هـ) تحقيق: محـي الـدين عبـد الحميد. دار إحياء السنة النبوية.
16- سنن الترمذي، لمحمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت:297هـ) تحقيق وتخريج: أحمد محمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي وإبراهيم عوض، مصطفى البابي الحلبي - مصر.
17- سنن الدارقطني، لعلي بن عمر الدارقطني (ت:385هـ) علق عليه وخرج أحاديثه: مجدي بن منصور الشوري، دار الكتب العلمية، لبنان. الطبعة الأولى (1417هـ/1996م).
18- السنن الكبرى، لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت:458هـ) دائرة المعارف العثمانية ـ الهند.
19- سنن النسائي، لأحمد بن شعيب بن علي النسائي (ت:303هـ) شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر. الطبعة الأولى (1383هـ/1964م).
20- شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المصري الأزهري (ت:1122هـ) مكتبة الثقافة الدينية (1424هـ/2003م).
21- شرح المحلى على المنهاج، لمحمد بن أحمد المحلى (ت:864هـ) مطبعـة مصطفى الحلبي - مصر - الطبعة الثالثة (1375هـ).
22- شرح النووي على صحيح مسلم، لأبي زكريا يحي بن شرف النووي (ت:676هـ) دار إحياء التراث العربي - بيروت - الطبعة الثالثة (1392هـ/1972م).
23- صحيح البخاري، لإسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت:256هـ) مطبوع مع فتح الباري، تحقيق: الشيخ عبد العزيز بن باز. دار المعرفة - بيروت.
24- صحيح الترمذي، صحح أحاديثه الشخ محمد ناصر الألباني، أشرف على استخراجه زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى (1411هـ/1991م).
25- صحيح مسلم، لمسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت:261هـ) تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. مطبعة عيسى الحلبي - مصر - الطبعة الأولى (1374هـ/1955).
26- الصحيح من أسباب النزول، لعصام بن عبد المحسن الحميدان، الطبعة الثانية (1425هـ/2004م) مؤسسة الريان، بيروت.
27- الصغير بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء، للدكتور محمود مجيد الكبيسي، راجعه وعُني بطبعه عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، طبع على نفقة إدارة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر، مطابع دار الثقافة، قطر.
28- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، العلامة ابن قيم الجوزية، تحقيق نايف بن أحمد الحمد، دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع ، مطبوعات مجمع الفقهي الإسلامي.
29- عصر الخلافة الراشدة، محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين، للدكتور أكرم بن ضياء العمري، مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الثالثة (1422هـ/2001م).
30- عقد الجواهر الثمينة، لجلال الدين عبد الله بن نجيم بن شاس (ت:616هـ) تحقيق د. محمد أبو الأجفان، أ. عبد الحفيظ منصور، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى (1415هـ/1995).
31- فتح الباري، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ) تحقيق وتصحيح: الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. دار المعرفة ـ بيروت.
32- فتح القدير على الهداية، لمحمد بن عبدالواحد، المعروف بابن الهمام (ت:861هـ) دار إحياء التراث - بيروت.
33- فتح القدير، لمحمد بن علي الشوكاني (ت:1250هـ) عالم الكتب.
34- فيض القدير شرح الجامع الصغير لمحمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي الحدادي المناوي (ت:1031هـ) دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية (1391هـ/1972م).
35- القامـوس المحيـط، لمحمـد بن يعقـوب الفيروز آبادي (ت:817هـ) المطبعة الحسينية - مصر - الطبعة الثانية (1344هـ).
36- قانون الأحوال الشخصية الاتحادي لدولة الإمارات رقم (28) لسنة 2005م.
37- القانون المدني الأردني.
38- القانون المدني الإماراتي.
39- القانون المدني العراقي.
40- القانون المدني المصري.
41- الكتاب المصنف، لعبد الله بن محمد بن أبي شيبة (ت:235هـ) المطبعة العزيزية، حيدر آباد، الدكن (1390).
42- كشاف القناع، لمنصور بن يونس بن إدريس البهوتي (ت:1051هـ) مطبعـة الحكومـة - مكة المكرمة (1394هـ).
43- لسان العرب، لمحمد بن مكرم بن منظور (ت:711هـ) دار صادر - بيروت.
44- المبسوط، لمحمد بن أحمد السرخسي (ت:490هـ) دار المعرفة - بيروت - الطبعة الثانية.
45- المحلى، لعلي بن أحمد بن سعيد بن حزم (ت:456هـ) تصحيح د. عبد الغفار سليمان البنداري. دار الكتب العلمية. لبنان.
46- مختصر اختلاف العلماء لأبي بكر أحمد بن علي الجصاص الرازي (ت:370هـ) دراسة وتحقيق: د. عبد الله نذير أحمد. دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى (1416هـ/1995م).
47- المستدرك على الصحيحين، لمحمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت:748هـ) مطبعة المطبوعات الإسلامية، حلب.
48- المستصفى من علم الأصول، لمحمد بن محمد الغزالي (ت:505هـ) تحقيق محمد مصطفى أبو العلا، مكتبة الجندي (1391هـ/1970م) مصر.
49- المصباح المنير، لأحمد بن محمد على الفيومي المقري (ت:770هـ) مكتبة لبنان (1987م).
50- مصنف عبد الرزاق تحقيق : الأعظمي . المكتب الإسلامي ط2 عام 1403
51- المصنف، لعبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت:211هـ) تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ الطبعة الثانية ـ 1403هـ/1983م).
52- مغني المحتاج، لمحمد الخطيب الشربيني (ت:977هـ) مطبعة مصطفى الحلبي - مصر - (1377هـ/1958م).
53- المغني، لعبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة (ت:620هـ) مكتبة الرياض والحديثة - الرياض.
54- المقدمات الممهدات، لمحمد بن أحمد بن رشد (ت:520هـ) تحقيق: د. محمد حجي. الطبعة الأولى، دار الغرب الإسلامي (1408هـ/1988م).
55- المنتقى شرح الموطأ لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت:474) مطبعة السعادة، مصر، الطبعة الأولى (1331هـ) تصوير دار الكتاب العربي، بيروت.
56- مواهب الجليل، لمحمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي، المعروف بالحطاب (ت:954هـ) دار الفكر ـ الطبعة الثانية (1398هـ/1978م).
57- الموطأ، للإمام مالك بن أنس (ت:179هـ) صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد فؤاد عبدالباقي. دار أحياء الكتب العربية - عيسى الحلبي - مصر.
58- نهاية المحتاج، لمحمـد بن أبي العباس الرملي (ت:1004هـ) دار الفكر للطباعة والنشر - بيروت - الطبعة الأخيرة- (1404هـ/1984م).
59- الهداية، لعلي بن أبي بكر المرغيناني (ت:593هـ) دار إحياء التراث العربي - لبنان.
من اعمال الباحث
أضافة تعليق