مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
الشيخ القرضاوي قراءة في جدلية الشيخ والحركة (1/3)
قراءة في جدلية الشيخ والحركة (1/3)

بقلم: حسام تمام *

الشيخ يوسف الشيخ القرضاوي هو ابن خالص لحركة الإخوان المسلمين، فلم يعرف عنه انتماء حركي أو فكري لغير جماعة الإخوان ومدرستها، كما لم يعرف له خروج صريح منها أو عنها. وقد عرف الشيخ القرضاوي بحركة الإخوان ربما بالقدر الذي عرفت به، وارتبطا معا في كل مراحل العمر كأنك تقرأ تاريخها حين تقرأ مذكراته التي صدرت في ثلاثة أجزاء حتى كتابه هذه السطور؛ وكأنه يكتب عن نفسه حين يؤرخ للجماعة في كتابه: الإخوان المسلمون سبعون عاما في الدعوة والتربية.

يقترب عمر الشيخ القرضاوي من عمر الإخوان ( ولد في عام 1926 وتأسست الجماعة بعد ميلاده بعامين ) وتاريخه في الدعوة يكاد يتطابق مع الفترة الأبرز في تاريخ دعوة الإخوان.

كان الشيخ القرضاوي واحدا من أبناء جيل من الأزهرية الذين التحقوا بالجماعة وتتلمذوا في مدرستها ونشطوا في دعوتها، جيل ضم أشهر الأسماء في عالم الفقه والدعوة من أمثال الشيوخ محمد الغزإلى وسيد سابق ومتولي الشعراوي وعبد المعز عبد الستار وعبد الستار فتح الله سعيد وعبد الرشيد صقر وأحمد العسال وعبد العظيم الديب وخالد محمد خالد و مناع القطان وأحمد الشرباصي وصلاح أبو إسماعيل وأحمد حسن الباقوري ومحمود عبد الوهاب فايد ومحمد سيد طنطاوي ومحمد المختار المهدي وعبد الله الخطيب ومحمد الرواي ومحمد البري... حتى يمكن النظر إلىه كجيل مؤسس في علاقة الأزهر بالحركة الإسلامية الأم.

ورغم أنه كان واحدا من العشرات بل وربما المئات الذين التحقوا بالجماعة من طلاب الأزهر الشريف وخريجيه إلا أن الشيخ القرضاوي كان نسيج وحده في علاقة الشيخ بالحركة وفي وضعية الأزهرية في الحركة الإسلامية؛ فالآخرون ممن تشابهوا معه في تجربة الالتحاق بالحركة الإسلامية أم استوعبتهم الحركة كاملا داخلها فتماهوا فيها حتى فقدوا شخصية العالم الأزهري المستقل فلم يعد لهم وجود أو تأثير أو اجتهاد خارجها ( كما هو الحال مع الشيخ محمد عبد الله الخطيب عضو مكتب الإرشاد الذي يلقب بمفتي الجماعة وهو أقرب إلي ممثل للتنظيم لدي الأزهرية أكثر منه ممثل الأزهرية في التنظيم، ومثله أيضا الشيخ أبو الحمد ربيع عضو مكتب الإرشاد الراحل)، أو اصطدموا بها حين عبروا عن ذاتهم وأفكارهم وأحسوا بذاتهم ’’ الأزهرية ’’ وما تحمله أو تفرضه من استقلال العالم الأزهري ( كما جري مع الشيخ محمد الغزإلى الذي فصلته الجماعة ضمن من عرفوا بمجموعة المشايخ الأزهرية في تداعيات أزمة صدامها مع النظام الناصري عام 1954 أو الشيخ عبد الستار فتح الله سعيد الذي استقال من مكتب الإرشاد في عام 1987 بسبب ما اعتبره سيطرة السياسيين على الجماعة وعدم اعتبارهم للأزهرية )، أو أنهم تبنوا مبكرا مقاربة تقوم على ترك مسافة بينهم كعلماء أزهريين وبينها كحركة تجمع ما بين الدعوة والسياسة( مثلما فعل الشيخ محمد البري الذي صار رئيسا فيما بعد لجبهة علماء الأزهر، والشيخ محمد المختار المهدي إمام أهل السنة الرئيس العام للجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة، والشيخ محمد متولي الشعراوي – إن صحت رواية أنه كان إخوانيا- الذي ابتعد مبكرا عن الجماعة وكان يرى أنه من الأفضل للإنسان أن يبقى مع الإخوان فترة التكوين التي يأخذ فيها خير الحركة ثم لابد أن يتركها قبل أن يطوله أذاها ؛ الذي كان يعني به صراعاتها السياسية).

وحده يوسف الشيخ القرضاوي كان الشيخ الذي استطاع نسج علاقة خاصة وفريدة مع جماعة الإخوان؛ هي علاقة الشيخ المتحقق والحركة التي دائما ما كانت ترتاب من كل من يحمل بداخله جينات الاستقلال في الفكر أو الحركة ..حتى شاعت فيها مقولة أن (لا مكان في الإخوان لعسكري ولا أزهري)!

وحده يوسف الشيخ القرضاوي كان الشيخ الذي استطاع نسج علاقة خاصة وفريدة مع جماعة الإخوان؛ هي علاقة الشيخ المتحقق والحركة التي دائما ما كانت ترتاب من كل من يحمل بداخله جينات الاستقلال في الفكر أو الحركة ..حتى شاعت فيها مقولة أن (لا مكان في الإخوان لعسكري ولا أزهري)!

لقد امتلك الشيخ يوسف الشيخ القرضاوي مواهب وقدرات أتاحت له بناء علاقة خاصة مع حركة الإخوان المسلمين، وهي علاقة نادرة قلما تتكرر بين شيخ أزهري وحركة تجمع ما بين الدعوة والسياسة. إن تفهّم هذه العلاقة الخاصة والفريدة يتطلب الإمساك بمفاتيح أساسية يمكن أن تفتح أمامنا أبواب واسعة للتعرف على مساحات مازالت مجهولة في حياة الشيخ يوسف الشيخ القرضاوي آخر حبات العقد في جيل من كبار مشايخ الأزهر الشريف المجددين الذين ملئوا الدنيا وشغلوا الناس. ***

أول مفاتيح العلاقة نجده في : تعدد وجوه الشيخ القرضاوي ومن ثم المواقع التي احتلها والأدوار التي لعبها في الحركة..فالشيخ القرضاوي يمثل نمطا فريدا بين الأزهرية يستعيد تراث العلماء الأوائل الذين يجمعون بين علوم ومعارف يندر اجتماعها في شخص واحد في هذا الزمن الذي أصبح زمن التخصص بل والتخصص الدقيق داخل الفرع الواحد من المعارف والعلوم، و يكاد القرضاوي- الذي يبدو متأثرا بنموذج الإمام أبي إدريس الشافعي- أن يكون آخر حبات عقد هذا النمط الذي انفرط . فالشيخ القرضاوي في أحد وجوهه هو أبرز ممثلي مدرسة تيسير الفقه الإخوانية التي قامت على مهمة تقريب الفقه وتبسيطه والتي نجحت في أن تخرج الفقه من الشأن الخاص إلى الشأن العام، وهي المدرسة بدأها الشيخ سيد سابق بكتابه فقه السنة الذي وضعه بتكليف من الشيخ المؤسس حسن البنا وقدّم له بمقدمة تحتفي به وتعرف بأهميته. وإذا كان للشيخ سيد سابق فضل السبق فقد كان الشيخ القرضاوي الأشهر بين فقهاء هذه المدرسة والأكثر قدرة على التجديد والاستمرارية، وقد كانت بدايته مع كتابه الشهير (الحلال والحرام في الإسلام ) الذي أصدره عام 1959، فكان أول وأشهر كتبه التي عرفت به في العالم الإسلامي على نطاق واسع.

لا تنحصر أهمية كتاب ( الحلال والحرام ) للقرضاوي في مجرد اختياراته الفقهية التي تميل لرفع الحرج والتيسير على الناس وهو منهجه الذي التزمه طوال حياته (التيسير في الفتوي والتبشير في الدعوة)، ولكن تتعداها إلى أهمية مقاربته التي تعتمد تقريب الفقه وإتاحته للمسلم غير المختص بالعلم الشرعي. إن الشيخ القرضاوي في هذا الكتاب الذي افتتح به حياته في التأليف يخرج الفقه من كتب الفقهاء المكتوبة بلغة تراثية متخصصة بل ومغلقة أحيانا ويصوغه بلغة معاصرة سهلة قريبة من معجم المثقف بل والمتعلم العصري بما يسمح لغير الفقهاء بالتعامل مباشرة مع مسائل وقضايا يحتاج إليها في حياته اليومية.

مع كتاب ( الحلال والحرام ) وما تلاه من كتابات فقهية أخرى للقرضاوي لم يعد المسلم المعاصر يجد عنتا في التعامل مع الفقه ومسائله، بل صارت كتب الفقه جزءً من مكتبة المسلم الملتزم كما هو الحال في كتاب الحلال والحرام نفسه والذي طبع ما يقارب من ثلاثين مرة وترجم إلى أكثر من عشرين لغة!

سيستمر الشيخ القرضاوي في توجهه هذا خاصة بعد القبول الحسن الذي لاقاه كتابه ( الحلال والحرام في الإسلام ) وستتوإلى كتاباته التي تبسط مسائل الفقه وتقربها للقارئ غير المختص فيصدر له ( فقه الزكاه ) في مجلدين، ثم ( فتاوي معاصرة ) في ثلاث مجلدات ..ثم يخصص سلسلة كاملة لهذا الغرض سماها سلسلة تيسير الفقه أصدر منها: الصيام ، الطهارة، أصول الفقه الميسر...ليصبح الشيخ القرضاوي أهم شيوخ مدرسة تيسير الفقه وتقريبه التي استفادت منها حركة الإخوان والحركة الإسلامية في عمومها في بسط مشروعها الذي اعتمد على نقل مسائل الشرع من الخاص إلى العام وتجاوز احتكار المؤسسات الدينية للمعرفة الدينية.

الشيخ القرضاوي أهم شيوخ مدرسة تيسير الفقه وتقريبه التي استفادت منها حركة الإخوان والحركة الإسلامية في عمومها في بسط مشروعها الذي اعتمد على نقل مسائل الشرع من الخاص إلى العام وتجاوز احتكار المؤسسات الدينية للمعرفة الدينية.

لم يقف دور الشيخ القرضاوي الفقيه على تبسيط الفقه وتقريبه وتيسير مسائله على أهمية هذا العمل إذا ما وضع في سياقه التاريخي، بل جاوز ذلك إلى السعي لحسم كثير من المسائل الفقهية التي لم يكن يجرؤ على الاقتراب منها والكلام فيها- فضلا عن التيسير بشأنها- غيره من فقهاء الحركة من قبل. فكان من أوائل من تكلموا في قضايا مثل الحكم الشرعي للموسيقى والغناء ، فخصص جزءً وافرا من كتابه الأول ( الحلال والحرام ) لهذا الموضوع وكذلك تطرق له في ( فتاوي معاصرة ) ثم أصدر كتبا كاملة في الباب نفسه فكتب كتابا عن ( الإسلام والفن ) وثان عن ( فقه الغناء والموسيقى في ضوء الكتاب والسنة) وآخر عن ( اللهو والترويح ). لقد تبنى الشيخ القرضاوي في هذه القضايا منهج التيسير والإباحة ولم يتوسع في المنع والتحريم كما كان يفعل غيره وكان في وعيه- دائما- حاجة المشروع الإسلامي إلى التيسير باعتباره مشروع أمة وليس مشروعا فرديا يمكن لصاحبه أن يتوسع في المنع إتباعا لقاعدة سد الذرائع.

كما كان من أول من تعاطى بقوة مع موضوع الحقوق الاجتماعية والسياسية للمرأة فدعم الأستاذ عبد الحليم أبو شقة في إصدار موسوعته الشهيرة ( تحرير المرأة في عصر الرسالة ) التي يمكن أن تعد أهم ما صدر في هذا الباب. وتصدى بجرأة كبيرة لمزاج التشدد والميل للتحريم في مسائل المرأة الذي سيطر على الحركة الإسلامية إبان السبعينيات، بل وذهب في بعض الأحيان إلى مخالفة شيخه ومرشده الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان مثلما فعل في إباحته لعمل المرأة سياسيا والإقرار لها بالحقوق السياسية كاملة ( المشاركة في الانتخابات تصويتا وترشيحا ) على الرغم من أن البنا كان يذهب إلى عكس ذلك. وللقرضاوي رسالة لطيفة عن ( مركز المرأة في الحياة الإسلامية ) يمكن أن تلخص رؤيته المتسامحة ومنهجه في التعاطي مع قضايا المرأة.

لقد مكنت الشيخ القرضاوي جرأته كفقيه على التعاطي مع عدد من الإشكالات الفقهية التي كانت عقبة أمام تطور الحركة في بعض مراحلها؛ خاصة مسائل الفقه السياسي، فجاء الشيخ القرضاوي ليفكك للحركة هذه الإشكاليات ويقدم لها المخرج اللازم مثلما فعلت فتواه بجواز نشأة الأحزاب السياسية وتعددها ( باعتبار أن الأحزاب في السياسة مذاهب في الفقه ) وبحق المرأة في ممارسة السياسة تصويتا وترشيحا.

ولم يكن الشيخ القرضاوي في حركة الإخوان مجرد فقيه تلجأ إلىه في مسائل الفقه الخاصة، كما لم يتوقف دوره عند بتلبية حاجات الحركة من الفقه الميسر ( بفتح السين ) والميسر ( بكسرها )، بل كان فيها داعية مبرزا تهتز له أعواد المنابر وتتأثر لخطبه ومواعظه البليغة الفاعليات والملتقيات الإسلامية الخاص منها بأعضاء الحركة ومحازبيها أو المفتوحة لجمهور الصحوة الإسلامية وهو وجه آخر ومهم من وجوه الشيخ القرضاوي التي أثرث في علاقته بالحركة الإسلامية.

ليست هناك إحصاءات موثقة كما ليس ممكنا الحديث عنها أصلا؛ لكن بالإمكان وبقدر لا بأس به من الثقة القول بأن الشيخ القرضاوي كان الداعية الأكثر تأثيرا في تاريخ الحركة الإسلامية اعتمادا على كونه صاحب الباع الأكبر في هذا المجال عبر آلاف الخطب والدروس والمحاضرات التي ألقاها في الخاص والعام من عمل الحركة منذ أن عمل بقسم نشر الدعوة في بداية حياته وطوال أكثر من ستين عاما لم يتوقف فيها عن الخطابة ودروس الوعظ حتى وهو يكتب الكتب أو يقدم برامج إذاعية ( نور وهداية) أو برامج التلفاز الشهيرة مثل ( الشريعة والحياة ) أو ( هدي الإسلام ).

لقد بدأ الشيخ القرضاوي الخطابة ودروس الوعظ ولم يتحصل بعد على الشهادة الثانوية، فخطب في مسجد قريته ولم يزل ابن السادسة عشر عاما واشتهر حتى تسمي المسجد باسمه. ثم استمر في الدعوة واعظا وخطيبا في الجامعة الأزهرية وفي صفوف الحركة الإسلامية التي كانت تستعين به في عمل قسم نشر الدعوة، وحتى حين استعانت به في قسم الاتصال في العالم الإسلامي فقد كان دوره دعويا يقوم على إعطاء دروس الوعظ والتعريف بالفكرة الإسلامية خارج القطر ( كما يحكي في مذكراته عن رحلته الأولي إلى الشام )..وفي محبسه مع الإخوان في محنتهم الثانية إبان صدامها الأول مع النظام ىالناصري عام 1954 كان الشيخ القرضاوي الإمام الذي يصلي بأبناء الحركة والداعية الذي يخطب فيهم ليبثهم معاني الإيمان والصبر والثبات وكانت هذه مهمته الأولي وربما الوحيدة إذا اعتمدنا مذكراته الشخصية.

وحين هاجر إلى الخليج كان أبرز ما عرف به واشتهر كونه داعية موفقا يمتلك أسباب النجاح من قوة حافظة وسلامة لغة وحسن بيان وسعة ثقافة وقدرة على الخطابة واستثارة عواطف الجماهير، وهو ما كان سببا في توفيقه في الرحلات الدعوية التي كان يقوم بها في أنحاء العالم وما زال منذ انتقاله للإقامة في قطر.

يذكر له تاريخ الحركة الإسلامية في نشأتها الثانية في عقد السبعينيات في مصر أنه كان الداعية الأكثر تأثيرا في الجماعات الإسلامية التي نشأت في الجامعات المصرية هذه الفترة، وأنه تقاسم مع الشيخ محمد الغزالى الذي كان يسبقه سنا ولم يكن قد غادر البلاد وقت المحنة الناصرية، مهمة التأثير في القطاع الأكبر من هذه الجماعات بما أدي إلى نقلها تدريجيا تيار الإخوان المسلمين ثم تنظيمها.

كان الشيخ القرضاوي أول خطيب لصلاة العيد الجامعة التي أعادت الجماعات الإسلامية إحياء سنة إقامتها في الخلاء، فخطب أول خطبة صلاة عيد الفطر في الخلاء في ميدان عابدين عام 1976 والتي صارت من بعدها تقليدا ثابتا، كما خطب في العيد التالى في استاد الإسكندرية.

كان الشيخ القرضاوي أول خطيب لصلاة العيد الجامعة التي أعادت الجماعات الإسلامية إحياء سنة إقامتها في الخلاء، فخطب أول خطبة صلاة عيد الفطر في الخلاء في ميدان عابدين عام 1976 والتي صارت من بعدها تقليدا ثابتا، كما خطب في العيد التالى في استاد الإسكندرية.

استمر الشيخ القرضاوي في عمل الداعية حتى بعد أن استقر أستاذا في جامعة قطر، ولم يصرفه العمل البحثي والكتابة عن القيام بعمل الداعية من خطابة ووعظ، بل لم يتوقف عن هذا العمل حتى بعد أن بدأ يحل ضيفا على البرامج الدينية في محطات التلفاز والفضائيات. فرغم أن أكثر من أربعين مليون مسلم عبر العالم يتابعونه عبر برنامج الشريعة والحياة في فضائية الجزيرة الشهيرة مازال الشيخ القرضاوي ملتزما بدور ومهام الداعية في أبسط صورها؛ فلا يتخلف عن خطبة الجمعة في مسجده الشهير بالعاصمة القطرية الدوحة ( مسجد عمر بن الخطاب ) إلا لسفر أو مرض. ولا يعتذر عنها أو عن الصلاة برواد المسجد أيا كان عددهم وإمامة التراويح بهم في رمضان ووعظهم بين الركعات ثم الدعاء بهم دعاءً طويلا في الوتر الأخير من الصلاة..لا يعترف الشيخ القرضاوي بأن وسيلة من وسائل الدعوة يمكن أن تغني عن أخرى، ولا يقبل أن يتوقف عن درس دعوي يحضره عشرات أو حتى مئات الناس لحساب برنامج في قناة يشاهده الملايين.

بل لا ينفصل الشيخ القرضاوي الإنسان عن الداعية حتى في عطلات الصيف وأجازات السياحة، فهو في كل بلد يزوره يحل ضيفا على الحركة الإسلامية الممتدة في أنحاء العالم العربي وفي المهاجر؛ يدعوه أبناؤها في مناشطهم وفاعلياتهم الخاص منها والعام ليقوم بينهم خطيبا وواعظا، فهو لا يفصل بين وقت السفر للاستجمام والترفيه وبين ما يراه واجب الدعوة. أذكر أننا كنّا ضيوفا في ملتقى إسلامي في المغرب، في صيف 2006، وكان الشيخ القرضاوي يقضي إجازة الصيف مع أهله في مدينة طنجة، وألمّ به المرض فمنعه الأطباء من الحركة خشية تدهور حالته الصحية وإراحة له من عناء السفر والخطابة ( وكان ينتظر إتمام الثمانين أمد الله في عمره)، ولما علم بإصرار شباب الحركة الإسلامية في مدينة مكناس التي تبعد عنه بمئات الكيلو مترات واجتماعهم بالآلاف انتظارا للقائه سافر بطائرة خاصة وخطب فيهم أكثر من ساعتين متواصلتين لا يقطعها إلا التكبير وصيحات الترحيب.
.الشهاب
أضافة تعليق