مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
لماذا لا يمكن للولايات المتحدة الضغط على إيران بلغة التهديد
لماذا لا يمكن للولايات المتحدة الضغط على إيران بلغة التهديد
-المحرر السياسي

ما إذا كانت طهران قادرة عسكريا أو غير ذلك، ليست هذه القضية. المسألة هي أنه استقر في أذهان الإيرانيين، أن الغرب يدرك، أنه بمجرد تعرض إيران لتهديد خطر، فإن لدى طهران إمكانيات وقدرات لتعطيل إنتاج النفط في المنطقة عبر مهاجمة ناقلات النفط، وخطوط الأنابيب ومعامل التكرير ومرافق الإنتاج. ومن شأن ذلك، أن يشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاديات الغربية. من هذا المنطلق، فإن لغة التهديد ليست سلاحا فعالا يمكنه ثني الإيرانيين عن مشروعاتهم.
بقلم المحرر السياسي

الإيرانيون شعب أبي، هذه الميزة لها جذور في تاريخ إيران، وقد بلغ بها الأمر إلى حد التطرف في مراحل معينة من تاريخ نفوذها الجغرافي السياسي.

وفي الوقت نفسه، فإن الثقافة الإيرانية معادية للغرب. وطالما لا يشعر الإيرانيون أنهم يتعرضون لإذلال واحتقار، فإنهم يعاملون الأجانب بلباقة. هذه النواحي الثقافية قد تبدو بسيطة، ولكن يتم تجاهلها على نطاق واسع من قبل صناع القرار ومستشاريهم في الولايات المتحدة عند التعامل مع إيران.

والمؤكد أن السياسات الإستراتيجية تجاه إيران لا يمكن أن تتطور وتتفاعل في مكاتب واشنطن، بالاعتماد على المنشقين المتحيزين، أو جماعات المعارضة، أو خارج نطاق الاتصال بالأكاديميين والمستشارين العقلاء والمنصفين.

والأفكار التي قدمها المستشارون، مثل برنارد لويس وفؤاد عجمي وأحمد الجلبي بشأن رد فعل العراقيين على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، شجعت، دون شك، إدارة جورج بوش على خوض الحرب على العراق.

بعد 30 عاما من ’’الخصومة’’ بين إيران والولايات المتحدة، يبدو أن أكبر عقبة في التواصل مع طهران اليوم من جانب واشنطن، هي استمرار فشل سياسة العصا والجزرة الأمريكية.

والسبب في أن هذه السياسة لن تفلح في ’’ترويض’’ أو ’’تغيير’’ إيران، يرجع إلى أمرين: الأول، يكمن في عقلية الإيرانيين، وقد أشرنا إليه من قبل. وقد جاءت نتائج سياسة عرض العضلات على الإيرانيين ومحاولات إذلالهم، على عكس ما كان يطمح إليه واضعو التوجهات الغربية، إذ إن سياسات الإذلال تبعث على المقاومة والتصميم، وربما تقود أيضا إلى التطرف في المواقف والتصلب في السياسات المضادة.

وأكبر خطأ ارتكبته إدارة بوش، هو احتقار الآخرين، حيث استبدت بالرئيس السابق وبرفاقه عقلية التفوق والهيمنة، وإذا رغبت الولايات المتحدة في تغيير سياساتها في ظل إدارة جديدة، فعليها إجراء محادثات بطريقة قائمة على الاحترام المتبادل. التغيير الحقيقي هو تغيير اللهجة والرؤية في التعامل مع دول وأمم أخرى. أما مجرد استخدام كلمات جديدة، مع الإبقاء على اللهجة نفسها وطريقة الحديث نفسها، فإنه لا تغيير.

الأمر الثاني، في فشل سياسة الترغيب والترهيب، هو أن النظام الإيراني يعتقد أن العقوبات لا ولن تصل إلى حد تهديد وجوده. صحيح أن النظام في طهران قلق بشأن تهديده، ولكن من هم في السلطة لا يعتقدون أنه عن طريق التلويح بـ’’العصا’’ في وجوههم، بما في ذلك فرض عقوبات أكثر تشددا، فإن حكمهم معرض للتقويض. ومن بإمكانه إسقاطهم؟ إذ لا يوجد ـ حاليا ـ بديل واحد ممكن تصوره لحكم إيران، سواء من داخل أو خارج البلاد.

ما إذا كانت طهران قادرة عسكريا أو غير ذلك، ليست هذه القضية. المسألة هي أنه استقر في أذهان الإيرانيين، أن الغرب يدرك، أنه بمجرد تعرض إيران لتهديد خطر، فإن لدى طهران إمكانيات وقدرات لتعطيل إنتاج النفط في المنطقة عبر مهاجمة ناقلات النفط، وخطوط الأنابيب ومعامل التكرير ومرافق الإنتاج. ومن شأن ذلك، بطبيعة الحال، أن يشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاديات الغربية. من هذا المنطلق، فإن لغة التهديد ليست سلاحا فعالا يمكنه ثني الإيرانيين عن مشروعاتهم.

إذا كان هناك أي أمل في انفراج في العلاقات الإيرانية الأمريكية، فإن صناع السياسة في الولايات المتحدة يحتاجون إلى التقاط هذه الرسالة في وقت ما: مع الإيرانيين،لا و لن تنجح سياسة ’’البلطجة’’ ولغة التهديد.
.مجلة العصر
أضافة تعليق