الخلايا العلمانية «النائمة»!
بقلم شعبان عبدالرحمن
[email protected]
شعبان عبدالرحمن
أخذت «محرقة غزة» نصيبها الوافر من التحليلات والمعالجات الإعلامية لكن نقطة محورية لم تأخذ حظها من المعالجة، وهي تلك «الآلة الإعلامية» الضخمة التي تنطلق من الأرض العربية، وبأموال الشعوب العربية، وتلقى الدعم غير المحدود من بعض الأنظمة، بل تحظى بتحريضها!
هذه «الآلة الإعلامية» خاضت بقيادة التيار العلماني المتطرف بشتى فصائله الليبرالية والماركسية والشيوعية والمتصهينة، خاضت خلال محرقة غزة حرباً لا تقل ضراوة عن الحرب الصهيونية على المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس، ومن يراجع ملف المقالات والتعليقات والتصريحات التي انطلقت من تلك الآلة يدرك إلى أي مدى كانت تسعى لتأليب الشارع العربي ضد المقاومة في مقابل إثبات - بطريق غير مباشر - أحقية الكيان الصهيوني فيما ارتكبه من محرقة وحشية مجرمة.
وقد استهدفت تلك «الآلة الإعلامية» العلمانية ضرب عمق المقاومة وأم رأسها عبر حملة اتهامات وأباطيل مكثفة ضد قادة المقاومة، بدءاً من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس حتى آخر شهيد فلسطيني، ولم ترحم تلك الحملة التي فقدت الحياء والمروءة الشهداء من القادة فوصفتهم بـ«المقبورين»، وصورت بعضهم وهو يلقى ربه بعبارات جنسية رخيصة، وحرصت على التشكيك في الذمم المالية للمجاهدين، وبالتالي الذمم الوطنية والسلوك الإسلامي...
ولم تكن مصادفة أن تتلاقى أفكار كتاب تلك «الآلة الإعلامية» من المغرب العربي حتى مشرقه لتعزف خلال الحرب معزوفة واحدة، ترمي كل قيادات المقاومة بكل نقيصة، وتلك خدمة كبيرة تم تقديمها للكيان الصهيوني - عن قصد أو غير قصد - في وقت لاقى فيه هذا الكيان أعنف انتقادات إعلامية وسياسية على المستوى الدولي.. ولذلك فقد حظي قادة تلك الحملة بقائمة الشرف الصهيونية التي نشرتها صحافة العدو!
والقضية أن ذلك التيار العلماني بآلته الإعلامية يبرز على السطح مع كل أزمة أو قضية سياسية أو فكرية أو مجتمعية، ليخدِّم على هدف واحد هو توجيه سهام التشكيك والسب والتحريض إلى كل ما هو إسلامي من قريب أو بعيد.. والأمثلة على ذلك لا تنتهي.
وأصل القضية فيما نحن بصدده تتمثل في ذلك الداء الدفين في مجتمعاتنا، وأعني به هذه «الحالة» من مخاصمة التدين في مجتمعاتنا العربية، والحيلولة دون عودتها إلى إسلامها.
وليس بخافٍ أن الذي صنع هذه «الحالة»، ويعمل على تفعيلها هو ذلك التيار العلماني المتطرف المدعوم من بعض الأنظمة الحاكمة التي وقعت في فخ معادلة غير صحيحة، وهي: أن المزيد من التدين في المجتمعات يعني المزيد من تناقص عمرها الافتراضي على كراسي الحكم، فكان لابد من محاصرة ذلك بشتى السبل والوسائل، وبدهاء يخفي الخصومة للدين أو للتدين وقد انعقدت شراكة بين الطرفين صاحبي المصلحة؛ التيار العلماني بمشروعه التغريبي، وبعض الأنظمة بمشروعها الجاثم على صدور شعوبها.
ومن هنا، فليست المشكلة فقط في انتقادات صدرت من هنا أو هناك تهاجم قادة المقاومة خلال حرب غزة، ولكن المشكلة أننا أمام مشروع متكامل يقوم على رعايته التيار العلماني بتصنيفاته الفكرية السياسية، وتحميه بعض الأنظمة من خلال تمليكها إيَّاه معظم وسائل الإعلام وأدوات الثقافة ليتلاعب بالرأي العام كيف يشاء.
وأصبحنا نفاجأ بين الحين والآخر بواحدة من ضربات تلك الخلايا العلمانية النائمة بين ضلوع مجتمعاتنا ضد عقيدة الأمة أو ثوابتها الدينية أو شعائرها أو دعاتها.. تسخر من الحجاب تارة، وتشكك في رموز العمل الإسلامي تارة، وتروج لقصص وكتب بأبخس الأسعار تعلن الإلحاد وتسب الذات الإلهية، وتروّج للرذيلة والإباحية تارة أخرى.
نحن إذاً لسنا بصدد شخص أو أشخاص، وإنما نحن أمام «حالة» مزروعة في بلادنا منذ عهد المعلم «يعقوب» عميل الحملة الفرنسية وسمسارها الأول، مازالت تصرُّ على أن رسالتها هي حظر الإسلام في بلاده وعلى أبنائه حتى يظل المشروع الغربي قائماً.
وليس المطلوب قصف أقلام ذلك التيار العلماني ولا «قصل» رقابهم.. ولكن المطلوب حوار يغمد فيه الجميع حرابهم ويفكرون بعقولهم، وصولاً إلى أرضية مشتركة في مواجهة طوفان المشروع الصهيوني الغربي.
لكن السؤال الذي يلح اليوم وسط التطورات الدراماتيكية المتلاحقة: ألم يحن الوقت للأنظمة والحكومات التي تخاصم الإسلام - بطريق مباشر وغير مباشر - أن تراجع أجندتها وتحالفاتها وإستراتيجياتها وتعيد ترتيب أوراقها؟ خاصة أن كل حملات ذلك التيار باءت بالفشل الذريع وحققت خسائر فادحة خصمت من رصيد تلك الأنظمة الكثير لدى شعوبها؟!
المجتمع
بقلم شعبان عبدالرحمن
[email protected]
شعبان عبدالرحمن
أخذت «محرقة غزة» نصيبها الوافر من التحليلات والمعالجات الإعلامية لكن نقطة محورية لم تأخذ حظها من المعالجة، وهي تلك «الآلة الإعلامية» الضخمة التي تنطلق من الأرض العربية، وبأموال الشعوب العربية، وتلقى الدعم غير المحدود من بعض الأنظمة، بل تحظى بتحريضها!
هذه «الآلة الإعلامية» خاضت بقيادة التيار العلماني المتطرف بشتى فصائله الليبرالية والماركسية والشيوعية والمتصهينة، خاضت خلال محرقة غزة حرباً لا تقل ضراوة عن الحرب الصهيونية على المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس، ومن يراجع ملف المقالات والتعليقات والتصريحات التي انطلقت من تلك الآلة يدرك إلى أي مدى كانت تسعى لتأليب الشارع العربي ضد المقاومة في مقابل إثبات - بطريق غير مباشر - أحقية الكيان الصهيوني فيما ارتكبه من محرقة وحشية مجرمة.
وقد استهدفت تلك «الآلة الإعلامية» العلمانية ضرب عمق المقاومة وأم رأسها عبر حملة اتهامات وأباطيل مكثفة ضد قادة المقاومة، بدءاً من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس حتى آخر شهيد فلسطيني، ولم ترحم تلك الحملة التي فقدت الحياء والمروءة الشهداء من القادة فوصفتهم بـ«المقبورين»، وصورت بعضهم وهو يلقى ربه بعبارات جنسية رخيصة، وحرصت على التشكيك في الذمم المالية للمجاهدين، وبالتالي الذمم الوطنية والسلوك الإسلامي...
ولم تكن مصادفة أن تتلاقى أفكار كتاب تلك «الآلة الإعلامية» من المغرب العربي حتى مشرقه لتعزف خلال الحرب معزوفة واحدة، ترمي كل قيادات المقاومة بكل نقيصة، وتلك خدمة كبيرة تم تقديمها للكيان الصهيوني - عن قصد أو غير قصد - في وقت لاقى فيه هذا الكيان أعنف انتقادات إعلامية وسياسية على المستوى الدولي.. ولذلك فقد حظي قادة تلك الحملة بقائمة الشرف الصهيونية التي نشرتها صحافة العدو!
والقضية أن ذلك التيار العلماني بآلته الإعلامية يبرز على السطح مع كل أزمة أو قضية سياسية أو فكرية أو مجتمعية، ليخدِّم على هدف واحد هو توجيه سهام التشكيك والسب والتحريض إلى كل ما هو إسلامي من قريب أو بعيد.. والأمثلة على ذلك لا تنتهي.
وأصل القضية فيما نحن بصدده تتمثل في ذلك الداء الدفين في مجتمعاتنا، وأعني به هذه «الحالة» من مخاصمة التدين في مجتمعاتنا العربية، والحيلولة دون عودتها إلى إسلامها.
وليس بخافٍ أن الذي صنع هذه «الحالة»، ويعمل على تفعيلها هو ذلك التيار العلماني المتطرف المدعوم من بعض الأنظمة الحاكمة التي وقعت في فخ معادلة غير صحيحة، وهي: أن المزيد من التدين في المجتمعات يعني المزيد من تناقص عمرها الافتراضي على كراسي الحكم، فكان لابد من محاصرة ذلك بشتى السبل والوسائل، وبدهاء يخفي الخصومة للدين أو للتدين وقد انعقدت شراكة بين الطرفين صاحبي المصلحة؛ التيار العلماني بمشروعه التغريبي، وبعض الأنظمة بمشروعها الجاثم على صدور شعوبها.
ومن هنا، فليست المشكلة فقط في انتقادات صدرت من هنا أو هناك تهاجم قادة المقاومة خلال حرب غزة، ولكن المشكلة أننا أمام مشروع متكامل يقوم على رعايته التيار العلماني بتصنيفاته الفكرية السياسية، وتحميه بعض الأنظمة من خلال تمليكها إيَّاه معظم وسائل الإعلام وأدوات الثقافة ليتلاعب بالرأي العام كيف يشاء.
وأصبحنا نفاجأ بين الحين والآخر بواحدة من ضربات تلك الخلايا العلمانية النائمة بين ضلوع مجتمعاتنا ضد عقيدة الأمة أو ثوابتها الدينية أو شعائرها أو دعاتها.. تسخر من الحجاب تارة، وتشكك في رموز العمل الإسلامي تارة، وتروج لقصص وكتب بأبخس الأسعار تعلن الإلحاد وتسب الذات الإلهية، وتروّج للرذيلة والإباحية تارة أخرى.
نحن إذاً لسنا بصدد شخص أو أشخاص، وإنما نحن أمام «حالة» مزروعة في بلادنا منذ عهد المعلم «يعقوب» عميل الحملة الفرنسية وسمسارها الأول، مازالت تصرُّ على أن رسالتها هي حظر الإسلام في بلاده وعلى أبنائه حتى يظل المشروع الغربي قائماً.
وليس المطلوب قصف أقلام ذلك التيار العلماني ولا «قصل» رقابهم.. ولكن المطلوب حوار يغمد فيه الجميع حرابهم ويفكرون بعقولهم، وصولاً إلى أرضية مشتركة في مواجهة طوفان المشروع الصهيوني الغربي.
لكن السؤال الذي يلح اليوم وسط التطورات الدراماتيكية المتلاحقة: ألم يحن الوقت للأنظمة والحكومات التي تخاصم الإسلام - بطريق مباشر وغير مباشر - أن تراجع أجندتها وتحالفاتها وإستراتيجياتها وتعيد ترتيب أوراقها؟ خاصة أن كل حملات ذلك التيار باءت بالفشل الذريع وحققت خسائر فادحة خصمت من رصيد تلك الأنظمة الكثير لدى شعوبها؟!
المجتمع