مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2025/09/02 09:54
حتى تثبت غزّة!
غزّة كلّها، بكلّ من فيها، مدرسةُ ثبات، وعنوانُ صبرٍ وأنفةٍ وعزّة. ومع أنّه كان بإمكان أبطالها ـــ بميزان الشرع ـــ الاستسلامُ وطلب الأمان، إلا أنّهم آثروا الاحتمال والصمود، على قلّة الناصر وعِظَم المعاناة.
وأمام هذا المشهد المهيب، فإنّ واجب شعوب الأمّة وعلمائها وأصحاب اليسار فيها أن يواصلوا التثبيت والدعم والمؤازرة، كلٌّ بما يستطيع: فالموسر بماله، والعالِم ببيانه، والمفكّر بوعيه، والخطيب بمنبره، والصحفي بقلمه وعدسته، والشاب بحركته واجتهاده. فالمعركة ليست معركة غزة وحدها، بل معركة الأمّة كلّها، ومن تنصّل منها اليوم فلن يَسلَم من تبعاتها غداً.
وعلى الأمّة أن تعي جيداً أنّه مهما عظمت التضحيات، ومهما ازدادت المعاناة، فإنّ الثبات خيرٌ من الاستسلام، والشهادةُ خيرٌ من الهوان. ولها في سقوط غرناطة، حين سلّم ابن الأحمر مفاتيحها إلى بني الأصفر خيرُ مثلٍ وعِبرةٍ، إذ لم يكن الاستسلام آنذاك إلا بوّابة لمزيدٍ من السقوط والذلّ والردة.
ولتعلم الأمّة أنّ ما بعد غزّة لن يكون كما قبلها:
فإن كان ثباتٌ وصمودٌ، بقيت القضيّة الفلسطينية حيّةً في وجدان الأمة بل والعالم، وبخاصّة بعد تماهي حكومة رام الله مع المشهد الدولي والإقليمي الساعي إلى تصفية القضية. كما أنّه يعني تباطؤ عجلة التطبيع، بعد الإجرام الفاحش الذي ارتُكب بحقّ إنسان غزّة.
أمّا إن وقع السقوط، فذلك يعني نهاية مرحلة وبداية مرحلة أشدّ خطراً: مرحلةُ الإجهاز على الحق الفلسطيني  في الوجود برمّته، والانتقال إلى مشروع "إسرائيل الكبرى"، بالتوسّع في أراضي المسلمين، سواء من جهة سيناء، أو الجولان والسويداء وريف دمشق، أو في جنوب لبنان، مع بدء خلخلة دول الطوق برمّتها، وتغويل الأقليات الدينية والعرقية في المنطقة وتمريدها، وبسط الهيمنة الصهيونية على المحيط الإقليمي، وإطلاق موجات تهجير واسعة لإنسان غزّة والضفّة على السواء، والعمل على نزع روح المقاومة من الفلسطيني بل ومن المسلم عموماً بكلّ وسيلة ممكنة.
وإزاء ذلك، فإنّ الواجب على الجميع بذلُ الوسع في الدعم والمؤازرة والتثبيت، بلا توانٍ ولا تردّد. فالقضيّة ليست شأن فصيلٍ أو حزبٍ أو إقليم، بل هي قضيّة الإسلام والمسلمين، ومعركة الوجود والهوية.
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: ٢١]. 
والله الهادي
 
 
أضافة تعليق