في 16 سبتمبر 2021 وقع إطلاق المركبة الفضائية فلكون 9 من صنع شركة سبايس إكس لمالكها إيلون موسك في أول رحلة سياحية إلي الفضاء الخارجي بركاب مدنيين سياح، قرأت الخبر و بي غصة. الأمريكيين من أهل الكتاب و من اللادينيين يتدبرون آيات الله في الكون بطلب العلم الحثيث فمكنوا انفسهم  من إكتشاف الفضاء و التحليق فيه ليتأملوا صنع الله الحكيم و أما المسلمين في اليمن و العراق و سوريا فيتفننوا في التقاتل و التناحر و ماذا غنموا من التخلف و إستبداد الأهواء و قتل بعضهم بعض سوي الخسران المبين ؟

وباء كورونا كوفيد-19  و متحوره دلتا المرض القاتل بيننا و لم نعتبر بعد ....

فماذا نحتاج أكثر مما نحن فيه لنستفيق من غفلتنا و جهلنا ؟ متي نثوب إلي رشدنا و نتوب و نستهدي بالله الواحد الأحد لنعمل لدنيانا فننشر خير الإسلام و عدله و نوره لننال جنة الرضوان في الآخرة؟

 أكثر ما يثير الإستهجان في وضعنا، أننا ننتصر للأنا المتضخمة كنا حكام أو محكومين أكثر مما ننتصر للحق كما أنزله ربنا تعالي علي خاتم الأنبياء محمد عليه و علي آله الصلاة و السلام.

من ينظر إلي العالم العربي في ايامنا، سينتبه فورا أن هذا العالم لا يملك أسباب الديمومة، فنحن أشبه بمملكة نيرون، ساد الفساد و المفسدين إلي حد الطغيان، فكيف نريد لأنفسنا حياة الرخاء و العدل و نحن لم نجتهد لإيجاد أسبابها ؟

الغرب الكتابي و اللاديني من جهته لا يملك أيضا أسباب الإستمرار، فحضارتهم في أفول لأنهم يعيشون حالة خواء روحي و إنحدار أخلاقي رهيب و هم بالرغم من تقدمهم المادي غير قادرين علي الحفاظ علي ريادتهم الحضارية. فأي حضارة أول ما تقوم تنبني علي القيم الدينية التي تصح بها أي نهضة إنسانية بينما البديل الذي من المفروض يتعين علينا تقديمه للإنسانية التائهة لم نقدمه بل اعطينا صورة بائسة عن المسلمين و تأذي بذلك ديننا كون أهل الكتاب و اللادينيون لا يميزون بين الإسلام كدين و أفعال المسلمين. فأي زيغ منا يلصق مباشرة بالإسلام.

لا يملك العالم العربي حكاما و محكومين فرص في مغالبة الشر المستبد بوجودهم بسبب يعرفه الكل و يتغاضوا عنه :

"لا سبيل لحياة كريمة بدون جهاد النفس الأمارة بالسوء" نحن لا نعاني من فساد الطبقة الحاكمة و فقط بل أيضا من فساد المحكومين ايضا. فتعاقب منظومات حكم فاسدة علي مدي اكثر من نصف قرن نتج عنها شعوب لاهية تحكمها الأهواء و ليس مباديء و قيم و شرائع الدين الحنيف.

بعض النخب الحاكمة العربية تحتمي بالكيان الصهيوني و تري في وجوده المظلة الحامية التي تكرس وجودهم في أعلي هرم السلطة و يتناسون أن حكم بنو إسرائيل آيل إلي الزوال، ففساد عقيدتهم لا يسمح لهم بالبقاء و الإستمرار. فالإنسانية تسير نحو يوم القيامة. أقر الله تعالي موعد حتمي  لمحاسبة الإنسانية و السنن الإلهية التي سنها عز و جل تقضي بأن التقدم المادي بدون ركيزة أخلاقية ربانية سيفضي لا محالة إلي إنهيار عنيف عاصفا بالوجود الإنساني ككل  أما ما نحن فيه من ضياع البوصلة و إنحرافنا عن الصراط المستقيم، فالمصير الذي يرتقبنا سيكون بمثابة سحق لأقوام و شعوب عاصية متمردة علي دين الله مسلطا علينا جنوده... فمآل قوم هود و صالح و لوط سنعرفه بدورنا إن لم يخرج من بيننا القائد الصالح و المؤمنين الصالحين...

إعتماد إستراتيجيات تخلو من أي إقرار و عمل بسنن الله و شرائعه بمثابة توقيع علي شهادة وفاتنا، لا شيء مخالف لشريعة الرب يدوم. فالتنمية التي لها منظرون و خبراء لن تنفع إن لم تنطلق من قاعدة تكرس عبودية المخلوق ناحية خالقه تعالي. فأنظمة الإقتصاد فيما يسمي العالم الحر لم تتمكن من خلق حالة الرفاه و الرخاء لكل شعوبها بمختلف شرائحهم، فهم قاموا بنهضة صناعية هددت و تهدد التوازن البيئي و حتي الإنتقال إلي ثورة رقمية يسيرها الأنترنت و الذكاء الإصطناعي لن يحقق المبتغي المنشود من نخب غربية فاقدة للمناعة الأخلاقية كما رسمها الإسلام.

نحن نعيش حالة تشتت و تنافر و إنغلاق علي الذات و إعلاء من شأن الأهواء و نحمل الغرب مسؤولية فشلنا بالرغم من أننا بالغين راشدين و كل أحد يتحمل مسؤولية أفعاله أمام الرب تعالي ، هل ستستمر اوضاعنا علي ما هي عليه الآن ؟

لا، كيف ؟

ستتظافر ثلاث عوامل لتضع حدا لأنظمة الحكم في عالمنا العربي و هي علي التوالي :

-العامل الأخلاقي : انتشار الفساد و انهيار منظومة القيم و تفكك اهم صِمَام للآمان : الأسرة

-العامل المناخي : لا  يملك العالم العربي استراتيجية موحدة و لا وطنية كل بلد علي حدة لمواجهة عواقب الاحتباس الحراري الخطيرة جدا

-العامل الاقتصادي : لا يملك العالم العربي موحدا او كل دولة علي حدة اقتصاد المعرفة اي اقتصاد منتج للثروة و بنضوب النفط و الغاز ستزداد الأزمات الاقتصادية حدة و تصل إلي نقطة اللارجوع بالإضافة إلي إنعدام العدالة في توزيع الثروة و هذا حتما سيقود الطبقات الدنيا و المتوسطة الي الثورات و الاحتجاجات و هذا يؤدي الي زعزعة الاستقرار و  حينها لن يكون في وسع الطبقة الحاكمة إيجاد الحلول السليمة من شدة فسادها و استبدادها و ايضا و خاصة عجزها ...