محمد إدريس
رغم ما للعربية من محورية في الإسلام، إلا أن لعدة لغات أخرى من لغات المسلمين أهمية كبيرة اكتسبتها لأسباب مختلفة منها ما هو تاريخي ومنها ماهو سياسي ومنها ماهو ديموغرافي. وإذا ألقينا نظرة على خريطة العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه فسنجد أن أهم تلك اللغات هي الإندونيسية الملاوية التي تسود في إندونيسيا وبروناي وماليزيا حتى جنوب تايلند، والأردية في شبه القارة الهندية، والفارسية في طاجكستان وأفغانستان وإيران، والتركية في تركيا، والعربية في العالم العربي، والسواحلية في شرق أفريقيا والهوساوية في غربها.
وتكتسب تلك اللغات أهميتها من العدد الكبير للناطقين بها وانتشارهم على رقعة جغرافية واسعة تشمل أكثر من بلد، ومن كونها الوسيلة التي يتواصل عن طريقها مسلمو المنطقة التي تسودها كل منها مع بعضهم، ومن كون المواد المقروءة والمسموعة والمرئية المتوفرة بها كثيرة نسبيا. ولا يعني هذا أن المسلمين حول العالم لا يتحدثون سوى تلك اللغات، فهناك الفولانية ولغة المندن بلهجاتها المختلفة والصومالية والأورومية والبوسنية والألبانية ولغات الترك المختلفة في آسيا الوسطى والبنغالية، إلى غير ذلك من اللغات التي يتحدثها عدد معتبر من المسلمين.
ورغم انتشار تلك اللغات إلى أن أمامها عقبات عدة منها أن بعضها تزاحمه لغة أخرى في بعض دول الإقليم الذي تستخدم فيه، وأن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الكثير من بلدان المسلمين تحد من القدرة على دعمها وتجعل الكثيرين زاهدين فيها، وذلك بالرغم من أن بعضها مصنفة على أنها من اللغات الكبرى على مستوى العالم.
ولذلك فإن من الضروري أن نحاول التعريف بتلك اللغات وأن ندعمها ونتيح إمكانية تعلمها بين المسلمين، وهو أمر ليس بمستحيل حتى وإن غاب الدعم الرسمي، فعصر المعلومات الذي نعيشه اليوم يتيح أمامنا فرصا كثيرة للقيام بذلك بتكاليف منخفضة نسبيا. وينبغي أن يكون الهدف من ذلك تقوية الأواصر بين المسلمين، وذلك عن طريق إيجاد مجموعات ممن يتقنون تلك اللغات في كل بلد إسلامي يقوم كل منهم بترجمة الأخبار والأعمال الهامة من تلك اللغات إلى لغة أبناء جلدتهم حتى يتاح لنا التعرف على بعضنا دون الحاجة إلى المرور عبر لغات وسيطة كالإنجليزية والفرنسية، وحتى نضع بذلك اللبنات الأولى للوحدة فيما بيننا وإن اختلفت ألستنا وتباعدت المسافات ما بيننا.