مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/01/14 11:27
عنفـــوان كلمـــة
عنفـــوان كلمــة
سميرة بيطام
 
اعتدت في كلامي نقشا على السطور ترتيب أحاسيس و قضايا معاشة بمنطق موزون فلا افراط و لا تفريط لكي لا أبحر في عالم الخيال فاتهم في واقعيتي ، صرت تقيدينني أيتها الكلمة الصادقة بقيد الاستقامة فصرت أهاب منك اضطرابا في تنظيم الجملة المفيدة ، لكن الخوف ينجلي حينما أسافر في بحر الأمل المسجى بأفكاري المستقبلية و التي أسأل الله القدير أني يعين كل آمل في الخير أن يحقق طموحه و أهدافه في عالم يضج و يعج بالقضايا السياسية و المصيرية  المؤلمة في آن واحد ، مضى عام و يأتي عام و نعلق حوصلة لأمانينا ما تحقق منها و ما لم يتحقق و نخشى الركود و الجمود .
نستيقظ على صبح فيه الخير الكثير بعد تمام المسلمين لصلاتهم و تسبيحاتهم ، هكذا هو التزام الكلمة الطيبة ، و لست استعين بأحلام من تخلى عن مبادئ دينه و يرسم غدا مملوءا بالحقائق فاني أخشى من أن ترحل هذه الحقائق قبل أن يصل غدها لأنها لم تقتنع بأنه لابد من الالتزام بشرع الله أولا و الامتثال لأوامره و النهي عن مناهيه ، و لكن الواقع اليوم شيء آخر اذ أصبح المسلم المعاصر يفر بدينه بقدر ما يصلي و يصوم و يحج و يتخلى عن باقي الالتزامات الأخرى من نهي عن منكر و صلح بين المتخاصمين و السعي للخير في بواطن مفيدة جدا..
في عنفوان الكلمة الطيبة يكون التصريح الشفاف لما نعانيه من هشاشة الروابط الأسرية و المجتمعية ، فلا أقول أن الخسارة حلت و لكنها بوادر لها و يا حبذا لو نصحح مفاهيمنا و توجهاتنا و نوايانا بالأخص و التي لا يعلمها إلا الله ، و لكن مطلوب في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى مراجعة سطور مخطط الحياة و تصحيح ما يلزم و اضافة ما يمكن و حذف ما وجب ، فنحن نعيش ليس لنعيش اسما مسمى للحياة ينبض القلب بخفقانه و لكننا نعيش ليكون غدنا أفضل من أمسنا فلدينا عقل مفكر يبحث دائما عن حقيقة الأفضلية و التميز ، فلما لا نصقل مواهبنا و تجاربنا بالحكمة و التي تعيننا في كثير من الأمور التي يتوقف عليها مصيرنا؟.
ثم لنتخلى عن الشعور بمركب النقص تجاه من نراه ناجحا متفوقا أو يتمتع بصحة جيدة أو بمال وفير ، مركب النقص هذا أولا يفتح باب الشيطان فيوسوس لصاحبه أن صاحبك أفضل منك و هو يفهم أحسن منك و يتقن الكلام و التصرف ، فنزعة الأنا تتحرك لتلبي لها عنادا قد يكون غير مضبوط فتظهر البغضاء بالسكوت أولا لأن صاحبها يريد دائما أن يبدو في مظهر المتأدب و الخلوق ،  ثم تنتقل شرارة الشعور بمركب النقص الى الهجران و القطيعة و التباغض و بعدها يحدث التشتت و التفرق و قس على مجتمع يزن عقولا كثيرة يتصرف أغلبها بهكذا تصرف ، و السؤال المطروح هنا : أين هم صفوة الناس للنهوض مجددا من علامات التخلف؟ و أين هي النخبة الواعية لتنصح و تنهى عن مثل هكذا سلوكات بالقلم و الموعظة و المؤتمرات التي من شأنها أن تنفس عن كثير ممن يكبتون مثل هكذا قضايا أعدها عالقة و لم تعالج بعد.
ثم اذا كانت صفوة الناس المتحيرة من مهاجمة ضعاف النفوس تفر بدينها لتحفظه و لا ترد بالمثل فهي أيضا بحاجة لمن يسمع ألمها و يرى عرق الحسرة يتصبب على جبينها ، فقد أضحى مطلوبا عدالة في التعامل و الأخذ و العطاء ،  مطلوب حلم و تفهم و تجاوز علن سفاسف الأمور و مطلوب بالأخص تشجيع الكفاءات و احترامها و ايلائها الأهمية و القدر اللازم من الاحترام حتى تعطي و تساعد من يريد المساعدة.
 فعنفوان الكلمة يفتح قضايا للنقاش مهمة جدا و بقدر معالجتها بقدر توفير بيئة ملائمة لإعادة النهوض من ركود ساد الأمم منذ زمن ، فلا يعتقد أن نقص السلاح أو الامكانات او الموارد البشرية هي من تسبب في تخلف هذه الأمم و انما بالتدقيق سلوكات أفراد المجتمع فيما بينهم هي من أخرت الانبعاث الحضاري و عليه بعنفوان الكلمة نعرف الداء لنسارع لعلاجه و يجب أن يكون التشخيص دقيقا و لا يزين بالتسويف أو محاولة تلفيق التهمة لأمر آخر ليس له علاقة بالموضوع ، فكلما عرف السبب جعل له العلاج ميسرا و صحيحا و ناجحا في تحصيل النتيجة المرجوة. و ما الشعور بمركب النقص الا واحدا من اهم أسباب تخلف المجتمعات و نقص الوعي بان هذا الداء مستفحل و غياب فهم مظاهره و علاماته يؤدي الى صعوبة علاج مثل هذا الداء في المجتمع و في الأسرة  و في مجالات العمل بداخل المؤسسات و حتى في الجامعات لنصل الى حقيقة و هي ان مشكلة الشعور بالنقص طالت مستويات عليا من الاطارات فأختلط الأمر و تعقد و ليس من حل سوى التحلي بروح الصراحة و مواجهة الحقيقة بالاعتراف و من ثم تقديم العلاج المناسب بما تحتويه الأخلاق من قيم و مبادئ و عقيدة تعين على الفهم و اختزال الوقت و الظرف و المكان..
اذا كلما كان الاختزال سريعا كلما أمكن الانتقال الى معالجة ظاهرة مجتمعية أخرى و بنفس النسق من المواجهة و الصرامة و العزيمة في تصحيح الأخطاء و تقويم السلوكات، و ليس عيبا الاعتراف بهكذا نقائص لأن جل الأمم تعاني من الظاهرة.
 
 

أضافة تعليق