مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/12/30 22:23
الحشرات المستعمرة للجثة -دليل جنائي بامتياز-
الحشرات المستعمرة للجثة
دليل جنائي بامتياز

سميرة بيطام
 

و انا اطالع بعض المراجع الأجنبية باللغة الفرنسية حول موضوع الاثبات الجنائي بالحمض النووي ،وقعت على مرجع اعتبره مهم جدا ولو ان صلته بالبصمة الوراثية بعيد نوعا ما لكنه أخذني الى عالم الحشرات و كيف اتخذه العلماء دليلا جنائيا بعد تحليل اليرقة او الحشرة لمعرفة تاريخ وفاة الضحية سواء وجدت في مسرح الجريمة او نقلت الى مكان آخر له علاقة بالجريمة المرتكبة دائما.. هذا عنوان الكتاب و مؤلفه:
Insectes Cadavres et Scène de Crime
–Principes et  applications  de l’entomologie médico-légal –Préface : Jean –Pol Beauthier , Professeur de médecine légale à la faculté de Médecine –Université Libre de Bruxelles
كتاب جذاب و مشوق في قراءته ، تابعت عبر صفحاته الترجمة العلمية للمصطلحات  و التعرف على تفاعلات الطبيعة بمكونات العالم الخارجي للأحياء من درجة حرارة و رطوبة و برودة و كيف تؤثر على تحصيل الدليل الجنائي بواسطة  الحشرات المتحصل عليها على الجثث أو بالقرب منها و لهذه المواقع دلائل و تفسيرات علمية دقيقة يركز عليها عالم الحشرات للوصول الى الكشف عن حقيقة الفعل المرتكب و كذا فاعله...
ما لم أجد له أثرا واسعا هو غياب المراجع باللغة العربية عن هذا الموضوع القيم جدا و الذي كان يبدو للكثير أن استخلاص الدليل الجنائي من حشرة قد يبدو للوهلة الأولى مستحيلا او امرا غير جدي ،و منهم من يقر بوسطية ان يجتمع العلم و القانون بشمائل و أوجه تقارب عديدة  و عليه فان من كتبوا في هذا المجال   M .LEE GOF امثال  : في كتابه :
A Fly For the prosecution –How Insect Evidence Helps Solve Crimes

سأنقل فقرة من كتابه فيها وجهة نظر المؤلف عن علم الحشرات قوله :

Academics and the legal system do not usually  coexist in comfort .the law of science and the rules of evidence have little in common. In theory ,Academia functions on the principle of collegiality. The average  academic entering the legal system is in adversarial .The average academic entering the legal system is in for a tremendous culture shock.
Until recently the courts had little help outside help in determining the competence of a forensic entomologist. For other forensic disciplnes –pathology ,anthropology ,odontology, psychiatriy , and toxicology-there were established boards or other regulatory bodies providing certification of at least some level of competence .But until 1996 ,there was no such board
or body for forensic entomology .It was up to each entomologist to provide documentation of his or her competence
ليبدو أن علم الحشرات علم دقيق و ينسب لكل عالم ركيزة علمية فيها توثيق المعارف و المعلومات التي حصل عليها من كفاءته ، و لكن يجب التركيز بدقة على استعمال المصطلحات في مجال التحقيق الجنائي للكشف عن لغز الجريمة أيا كان الدليل المعتمد عليه أو الطريقة المعتمد عليها في الوصول للحقيقة كقول :
W.Jerry Chisum - ,BS  Brent E.Turvey   في كتابهما :
CRIME RECONSTRUCTION

There is much confusion on the subject of inductive and deductive reasoning. This is perhaps a product of using dictionaries to define terms rather than more learned references .It is olso perhaps a product of the desire to present inductive/statistical inferences as more certain than they actually  are. The concept , however , are fairly straight for ward and simple , and not open to a lot of debate with respect to certainty.
Deductive reasoning , strictly speaking , involves arguments made where if the premises are true ,then the conclusions flow directly from the premises given (Walton ,1989, p110).Or , as DeForest et al(1983, p13) ,who considers induction and  deduction subjects that too many forensic scientists are only vaguely familiar with
Induction is a type of inference that proceeds from a set of specific observations to a generalization , called a premise .This premise is a working assumption , but it may not always be valid .A deduction , on the other hand , proceeds from a generalization to a specific case , and that is generally what happens in forensic practice
Providing that the premise is valid , the deduction will be valid.But knowing whether the promise is valid is the name of  the game here ;it is not difficult to be fooled into thinking that one’s premises are valid when they are not
Forensic scientist have, for the most part ,treated induction and deduction rather casually .They have failed to recognize that induction , not deduction , is the counterpart of hypothesis testing and theory revision .They have tended to equate  a hypothesis with a deduction ,which is not .As a consequence ,too often a hypothesis is declared as a deductive conclusion,when in fact it is statement awaiting verification through testing

 
ما يدلل على أن التحقيق الجنائي و بالأخص الاعتماد على علم الحشرات الجنائي لهو في دقة متناهية وفق منهجية علمية و مصطلحية مدروسة جيدا ، و عليه لا بد لكل علم من قاموس يشرح الكلمات المستعملة في التحقيق و كذا نوع الأدلة الجنائية ، خاصة و أن العلم في تطور مستمر ، و علم الحشرات الجنائي أكثر ما يميزه هو تجارب علمية و أبحاث دقيقة في ثنايا الحشرات اذ يصل العلماء ببحوثهم الى استنتاجات تساعد على رسم طريق جديد في عالم التحقيق الجنائي عبر مراحل منوعة من البحث المستمر و التجريب المنوع...
و يمكن القول أن الخنافس ثاني حشرة تتحلل بعد الذباب الأزرق ، و الخنافس تستعمل للتحقيق في سبب موت الضحية ان كان مسموما اذ يمكن معرفة نسبة الهيروين التي تناولها ، اما العناكب ، و هي تأتي في آخر مرحلة بعد الخنافس و الذباب الأزرق ، و بالمناسبة يمكن الحديث عن متحف لندن الذي يحتوي على ثلاثين مليون حشرة هي الأكبر في العالم ،سرعان ما انتقل علماء الحشرات من التجميع الى المراقبة ليتم التوصل الى كون الحشرات أكثر نظاما من أي كائنا حية اخرى ،و يمكن تحليل العلاقة بين موت حيوان الى بداية حياة حشرة ، و هي علاقة  مع الموت متوقعة لكنها بين البشر غير متوقعة ، و حتى و ان توافرت التقنية العالية فان الطبيب الشرعي لا يمكنه تحديد وقت  وفاة الجثة مضى عليها اثنين و سبعين ساعة ، إلا أن فرعين من المعرفة اجتمعا على مدى المائة سنة الماضية، وهما علم الحشرات، وعلم تحليل الجريمة، لكن هذين الفرعين المهمين لم يحرزا تقدماً في حل ما لم يُحل بعد.
لدراسة ما يحصل لجثة بشرية بعد موت صاحبها أو قتله يجري العلماء مثل الدكتورة جينارد أبحاثاً على الخنازير؛ لأن جثة أي حيوان ميت هي محور اهتمام بعض الحشرات..
أول من يحضر إلى الجثة من الحشرات* بعد دقائق من الموت، هي الذبابة المنزلية العادية، وهي ستحدد بسرعة ما إذا كانت الجثة مكاناً مناسباً لوضع بيضها، وإن كان مصدراً جيداً لغذاء اليرقات بعد التفقيس، وهي على وشك أن تقوم بعملية لها أهمية أساسية بالنسبة لعالم الحشرات الجنائي.
عندما تضع الذبابة بيضها يبدأ توقيت الساعة الحيوية، وهو الفترة الزمنية المطلوبة لنمو البيضة لتصبح يرقة، ومن ثم ذبابة راشدة وهي فترة زمنية معلومة عادة ما تستغرق عشرة أيام، يمكن لعوامل كالحرارة ان تؤثر على هذه العملية ، و لكن بتحديد مرحلة نمو الحشرة يمكن للخبراء ان يقدروا عمرها ، و يربطوها بالفترة الزمنية لموت صاحب 
 الجثة إذا ما وُجدت جثة مغطاة باليرقات يمكننا عندئذ تحليل وتحديد نوع اليرقات، ويمكننا تحديد عمرها  ، وبالتالي تحديد الوقت الذي استعمرت فيه الجثة.
إن عالم الأمراض يستطيع تحديد وقت الموت بدقة إذا لم يمضِ عليه اثنتان وسبعون ساعة، ومن هنا يستطيع عالم الحشرات زيادة بُعد إضافي ، و بدراسة الطبيعة الحيوية لحركة الحشرة ، يمكن اكتشاف العديد من الأدلة المتعلقة بوقت الموت.
يعتقد من الناحية النظرية أنه يمكن تحديد عمر اليرقة في غضون ربع ساعة هذا جيد في المختبر ولكن كيف يكون ذلك على أرض الواقع؟  
الدكتور زكريا إرزن جوكلو هو أبرز علماء الحشرات الجنائيين في بريطانيا، وقد أسهم في حل أكثر من خمسمائة قضية جنائية خلال 27 عاماً
القضية الشائعة التي لم يستطع علم التحليل الجنائي التقليدي حلها، هي قضية الجثة الموجودة في المنزل المغطى، جريمة أم حادث؟.
عُثر على جثة رجل مسن ممدد على السرير، كانت جثته مليئة باليرقات، لم يكن له أقرباء أو أصدقاء, وبالفعل لم يعلم أحد بوجوده هناك، ما عدا الحشرات.
ربما كان مريضاً، ومن الواضح أنه لم يتمكن من الاعتناء بنفسه، وربما كان يحتضر أو غائباً عن الوعي، نحن لا نعرف، السؤال كان: هل مات قبل تغطية المنزل بالألواح الخشبية؟ أم بعد ذلك؟.
كانت الشرطة والدكتور زكريا في مواجهة جثة موجودة في قبر مقفل، وتحديد وقت الوفاة قد يعني قضية قتل أو حادث مأساوية.
اليرقات كانت على الجثة، وطلب من أحد عناصر الشرطة عينة منها و حصل اكتشاف مذهل بعد تحول اليرقات الى ذباب .
الذباب في هذه القضية كان من نوع الذباب الأخضر وهو ليس من النوع الذي تجده عادة في المنازل، وهو لا يدخل البيوت إلا في حال وجود جثة، ولكن من المستبعد أن تكون الجثة قد أحضرت من مكان آخر.
لا يوجد أي دليل على دخول أي أحد ووضعه للجثة هناك، ومن ثم تغطيته للمنزل من جديد، كانت هناك نقاط دخول معينة للذباب.
حشرات الدكتور زكريا والذباب الأخضر ومراحل نموه منذ وضع البيض إلى التفقيس وحالة البلوغ، والمزيد من وضع البيض أثبتت جميعها أن القضية لم تكن جنائية، بل كانت أسوأ من ذلك.
أظهرت سن اليرقات الموجودة على الجثة أن أقل تقدير لوقت الوفاة كان بلا شك قبل تاريخ تغطية المنزل بالألواح.
يمكننا الاستنتاج أنه في الحقيقة مات بعد وقت قليل من تغطية المنزل بالألواح الخشبية.
يمكن للحشرات أن تخبرنا وقت الوفاة بالتحديد ولكن نموها يتأثر جذرياً بسبب عامل الحرارة، لذا فإن المعلومات التي تعطينا إياها في بعض الأحيان لا تكون دقيقة.
يستنتج عمر اليرقة من خلال تقدير طولها أو وزنها، ومن ثمَّ ربط ذلك بالحرارة التي كانت تنمو فيها، وهذا سهل نسبياً إذا ما كانت لديك درجة حرارة عادية ثابتة، ولكن بطبيعة الحال عندما تكون هناك جثة لن يكون بجانبها ميزان حرارة يخبرك بما كانت عليه درجة الحرارة عند موتها.
هو نموذج لطريق الاستنتاج بعد عرض الحيثيات من قبل المختصين او علماء الحشرات ، وبالتي طريقة البحث و التحري تختلف تماما عن طريقة التحري بالبصمة الوراثية مثلا DNA ، لنستنتج في الاخير كباحثين و ليس كمختصين أن كل مجال تخصصي الا و له طريقة و منهجية و أسلوب حتى في طريقة الاستنتاج تختلف من جريمة لأخرى و من مختص لآخر حتى لو اشتركت المعايير الدولية في البحث الجنائي.. لتبقى الأبحاث مستمرة ما استمر تطور الجريمة و ما اكتنفها الغموض.. لتبقى الظروف الطبيعة عامل يسهل التحاليل و الاستنتاجات العلمية بمقادير صحيحة و أرقام معتمدة كدرجة الحرارة و الرطوبة مثلا.
 
 
 
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مأخوذ من مقال علم الحشرات الجنائي(1).
 
 
 
 
 

أضافة تعليق