كانت لي فرصة جيدة لألتقي بشباب من الجنسين في مقتبل العمر، و دار بيننا حوار حول عدة نقاط اعتبرها منطلقات هامة في حياة الإنسان ككل...كما أعتبرها نقطة تحول لهؤلاء الشباب مما هم فيه إلى الأفضل، و ذاك الذي يسعى إليه بنو الإنسان منذ أن كان على الأرض إنسان... قد نرى الكثير من الشباب اليوم غارقا في ملذات الحياة، منشغلا بجمالها، مقبلا على العب من النعيم الذي يجده فيها ...لديهم الكثير من النقاط التي صنفوها من خلال تفكيرهم على أنها مهمة، بينما اعتبروا أخرى ثانوية مع أنها بالنسبة لنا نحن الراشدون نعتبرها أهم و أجدى...و نراها أنها أحق بالمبادرة بها و أنها لا تقبل التأجيل... من ذلك أننا نجد أن الكثير من شبابنا يتهاون في صلاته خاصة و أمور العبادة عامة، و قد يتركها كليا ... و قد يعود ذلك لعدة أسباب من أهمها: عدم توجيه أولياء الأمور لأبنائهم منذ الصغر، فهم لم ينصحوهم أو يوجهوهم، بل تركوهم يلعبون و يمرحون و كأن الدنيا مخصصة للعب و المرح فقط...في أن هناك من سعوا بكل ما أتاهم الله من قوة ليجعلوا من فلذات أكبادهم يتسنموا مرقاة الكمال، حتى جعلوا منهم قدوة في الأخلاق والتربية. إن الكثير من المختصين في مجال التربية، عكفوا على دراسة الأسباب التي تجعل هذا مستقيما و جادا و منضبطا، و من ذاك منحرفا و متقاعسا و متهورا، و اجتهدوا في البحث عن الكيفية التي يمكن بها انتشال شبابنا من هذا المستنقع الذي غرقت فيه نسبة كبيرة منهم، فكانت الاستنتاجات التالية، و اعتبروها بداية للدخول إلى هذه القلوب: ـ على الناصح لهذه الفئة أن يبتعد في بداية الأمر عن استخدام أسلوب العنف أثناء توجيه الشباب إلى أداء العبادات، فالشباب دومًا يبحثون عن أهوائهم و بالإمكان توجيه تفكيرهم إلى أداء العبادات و لكن بالطرق المحببة التي يرجونها و يتعلمون بها. ـ الشباب يدافعون و يبررون: فهذا أحدهم يقول على سبيل التبرير: إن أهم أسباب تهاون كثير من الشباب في أداء العبادات عمومًا، و الصلوات المفروضة خصوصًا، يعود لعدة أسباب من جملتها: أصدقاء السوء فتأثيرهم يظهر واضحًا و جليًا على هؤلاء الشباب الطيبين فـ"الصاحب ساحب" كما قيل. و يضيف آخر أن الكلمة الشائعة بين الشباب هي أنهم مشغولون على الدوام، و ليسوا بفاضين لأداء العبادات في أوقاتها، و لديهم الكثير من مشاغل الدنيا. و قالت بعض الفتيات: إن من أهم أسباب تثاقل فئة من الشباب عن أداء العبادات، هم رفقاء السوء، و كذلك انشغال معظم الشباب و الفتيات بالإنترنت، و مواقع الدردشة و التعارف، فكثير من الشباب يتركون صلاة الجماعة، و يصلونها ببيوتهم لجلوسهم على مواقع النت، أو تفوتهم و لا يصلونها بتاتا... ـ انعدام التواصل و غياب الحوار بين الأصول و الفروع، فانعدام عناية الأسرة الأم و الأب، الجد و الجدة بالحوار اليومي، و لو لمدة خمس دقائق حال دون توجيه الخلف الوجهة السليمة، في الحياة، فما يتخلل ذل التواصل من أوامر و نواهي و تنبيه و تحذير يكون له التأثير الإيجابي، و ما هو مجرد كلمات عابرة فقولهم: هل صليت، او هل فعلت كذا، مع المداومة و التكرار و ما يصاحبها من تعابير وجهية عن ارضا و السخط، تتدخل كآليات تحمله على أن يتذكر، فيفكر، فينجز... و الحل الأمثل هو أن نحمل الشاب على مراجعة نفسه، و إعادة تقييم علاقاته و تشجيعه على الابتعاد عن قرناء السوء، و التركيز على توعيته و تحسيسه بمسؤوليته قبل نفسه و أسرته و مجتمعه فذلك مما يسهم في التعجيل بنضجه و يمهد لاستقامته و عودته إلى جادة السبيل و الاهتمام بأخراه بقدر اهتمامه بدنياه...