د.محمد إبراهيم العشماوي
الأستاذ في جامعة الأزهر
بعض الأئمة يزيدون في دعاء ليلة القدر المروي عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - ألفاظا لم ترد فيه، فيقولون: اللهم إنك عفو كريم حليم عظيم رحيم تحب العفو، فاعف عنا!!
وهذا خطأ من ثلاثة وجوه:
الأول: أنه وإن جازت رواية بعض الأحاديث بالمعنى والتصرف في ألفاظها بما لا يخل بمعانيها؛ إلا أن أحاديث الأدعية والأذكار يجب التقيد بألفاظها وحروفها؛ لأنها مقصودة لذاتها، وفي الألفاظ النبوية من الأسرار والأنوار والبركات والإشراقات والتجليات ما لا يوجد في غيرها من كلام البشر!
ثانيا: أن هذه الزيادات لم تقع في شيء الروايات، نعم وقعت زيادة كلمة(كريم) في إحدى نسخ الترمذي، لكن نبه المحققون إلى أنها زائدة في النسخ أو الطبع، ومما يدل على ذلك خلو سائر النسخ منها، ووقوعها عند النسائي بنفس الإسناد بدونها، وأن عامة الحفاظ رووه بدون هذه الزيادة، ولم ترو من طريق يصح!
ثالثا: أن هذه الزيادات المذكورة تخل بفصاحة الكلام وبلاغته، والمتكلم به هو أفصح العباد، وخير من نطق بالضاد ؛ لأن الحديث مكون من ثلاث جمل متراكبة في اتساق عجيب بينها، فالأولى إخبار بأنه تعالى عفو، والثانية إخبار بأنه يحب العفو، والثالثة طلب العفو منه سبحانه؛ لما أنه عفو يحب العفو!
والفصل بين هذه الجمل المتناسقة، بنحو الوصف بالكرم والحلم والعظمة والرحمة؛ يقضي على هذا التناسق العجيب، ويخرج الكلام عن سياقه، ويحوله عن نظمه واتساقه، فتأمل!