الكثير من الأسئلة التي تطرح عن النتائج المدرسية للتلميذ في مختلف مراحله المدرسية، و ذلك نستدل به عن مدى اهتمام الكثير من الآباء و الأمهات بالنتائج الدراسية لأبنائهم، الاهتمام الذي قد يبلغ حداً ينسيهم الاهتمام بالأبناء أنفسهم، كما لو كانت هذه النتائج ـ في نظرهم ـ أهم من الأبناء، حتى إن الابن، في مثل هذه الحالة، يشعر أن حب والديه له و عطفهما عليه مرهون بنتائجه الدراسية، مما يجعل علاقته بوالديه معرضة دائماً للاهتزاز و عدم الثبات...و يراها متوقفة على قيمة تلك النتيجة الإيجابية أو السلبية ... و شعور التلميذ الابن بالفشل و الإحباط بسبب نتائجه الدراسية المتدنية قد يدفعه حتى إلى التفكير بأشياء سيئة جدا للغاية لكونه يعتبر أنه لم يعد يساوي شيئاً في نظر والديه، و أنهما لن يمنحاه الحب و العطف اللذين تعودا منحهما له، و بذلك تضطرب صورته عن ذاته. و قد يميل إلى تعذيب نفسه بأشكال مختلفة، كأن يتظاهر بالمرض، أو يفقد شهيته للطعام، أو يتكاسل في أداء واجباته المدرسية، كل ذلك ليثير اهتمام والديه به شخصياً، بدل اهتمامهما بنتائجه المدرسية، و قد يلجأ الطفل إلى مثل هذه الأساليب اللاشعورية عندما يتحول اهتمام والديه به إلى الاهتمام بمولود جديد لهما، بل قد تظهر لديه بعض الأعراض المرضية، بسبب تحول الاهتمام عنه، كالتبول اللاإرادي و إلى غير ذلك من الأمور، التي يمكن ان تطرأ عليه ... في تقديري المتواضع أرى أن للآباء و الأبناء مسؤولية واحدة اتجاه النتائج السلبية أو الإيجابية، بمعنى أن الأب و الأم مسؤولون كل المسؤولية عن توفير الجو المناسب و الملائم وقت الدراسة و طبعا وقت الفروض و الامتحانات، و القيام بكل ما هو ممكن لإنجاح هذه الفترة – طبعا أتحدث عن فترة التمدرس ككل – حتى يكون بإمكان التلميذ أن يستوعب ما أخذه من علم في مدرسته ويكمله مع والديه بالمراجعة الحقة، و بضبط وقت اللعب، و وقت النوم، و وقت الأكل ... طبعا هنا لا أتكلم عن الفئة المحرومة من الأب أو من الأم، أو من كليهما، أو حالات الطلاق التي تعود سلبا على الطفل، أو الشجار الدائم ... رأي المختص في علم الاجتماع، الدكتور اسماعيل صايغي الذي يشير إلى أنه:"على الآباء احترام خصوصية الطفل، و ذلك حول ظاهرة هروب الأبناء من البيت، بسبب خوفهم من ردود أفعال آبائهم من نتائجهم الدراسية المتدنية، و أنه يجب على كل أب و أم أن يقتنعوا بأن هناك اختلافات كبيرة بين الأبناء، سواء في صفاتهم الجسمية أو مستوياتهم العقلية". و أوضح الدكتور صايغي، أن هذا الاختلاف من الظواهر التي يهتم بها علم النفس، و يعمل على إظهار الفروق الفردية منذ الطفولة للآباء “و هو ما نبرزه دوما للآباء الذين يخضعون أبناءهم لمتابعة نفسية، بسبب عدم تركيزهم الدراسي، أو إخفاقهم في التمدرس، و هم كثيرون” و أضاف:" أن الأولياء في الوقت الحالي يريدون أن يكون كل أبنائهم نوابغ و دكاترة، و بالتالي، فإن تلك المواصفات التي يضعها هؤلاء الآباء لأبنائهم و لا يتسامحون معها، و ذلك مما يجعل الطفل ذو القدرات الدراسية المحدودة يلجأ للكذب على والديه، موهما إياهما بأنه تحصّل على نقاط جيدة خوفا منهما، لأنه إذا قال الحقيقة، فإن والده أو والدته سوف يعاقبانه بقسوة و عنف، و” هو هنا لا يستطع أن يعبّر انفعاليا، و معنى ذلك الكبت أنه يعاني من قلق داخلي يلجأ بسببه للكذب، و بالتالي فإن الوسيلة الوحيدة لتفادي عقاب الوالدين عند تحصلهم على نتائجه المدرسية السيئة، هو الهروب من البيت، سواء للبنات أو الذكور، رغم العواقب الوخيمة التي تنجر عن ذلك. و عليه يضيف المختص في علم النفس، أن المسؤولية في هذا الأمر ترجع للآباء الذين يتوجب عليهم – حسبه - مساعدة الطفل على تفادي أسباب الهروب، بتقبل المستوى العقلي و الدراسي للابن، و كذا سماته البارزة، و اتجاهه الخلقي العام و ميوله، و مرافقته بالتنسيق مع القائمين على المدرسة، دون اعتماد أي وسيلة من وسائل التخويف أو الوعيد.