إن الاهتمام بالآخرين و الحصول عليه من الآخرين حاجة نفسية إنسانية، تمنح الإنسان الشعور بالأمان و الثقة، و تعمق روابطه مع المحيط الذي يعيش فيه، سواء أتعلق الأمر بأسرته الصغيرة، التي تتمثل في الأب و الأم ...الزوج و الزوجة، أو في إطار أسرته الكبيرة، التي تتمثل في صلة رحمه و الأصدقاء و الجيران... في حين أن غياب الاهتمام يقود إلى برودة المشاعر و الجمود و اللامبالاة، و قد تتعداها إلى مشاكل جمّة، يصعب التفطن إليها، و حلّها في الوقت المناسب، و هكذا اللامبالاة و عدم التقدير يتسبب في تتراكم الكثير من التعقيدات غير المحبذة للطرفين... كثيرة هي محطات الحياة بالنسبة للمرأة و الرجل ...و كثيرة كذلك هي القصص العابرة التي نستخلص منها الكثير من المواعظ ...و تفتح لنا آفاقا عديدة...لعلنا لم نسمع بها من قبل، و لعلنا قد نقرأها على شكل قصة...أو نراه مجسدا في واقع حياتنا...و كثيرة هي الاختلافات التي تطرأ من حين لآخر ...و كثيرة كثيرة هي الأفكار السلبية التي تعلق بذهن الزوجة أو الزوج...و لا أحد منهما يبوح للآخر بما يجري في فكره، و هكذا تبقى نقاط استفهام معلقة تتشوف لإجابات حاسمة؟؟؟ و كثيرا ما ترتد تلك الوضعية سلبا على الزوجة ...لأنها دائما تفكر بطريقة رومانسية عاطفية .... ففي الجلسات النسائية التي يتمتعن فيها بسرد القصص، عن الحالة الفريدة الجميلة التي كانت أيام الخطوبة، و التي أصبحت اليوم في دفتر النسيان أو اللامبالاة...أو في خلوتها مع أختها تجدها تقر بما لم تستطع قوله لشريكها، أو تجدها تسر بذلك لصديقة حميمة تبث لها أحزانها عن اللامبالاة التي تعاني منها ...و ذلك يدل على إن الاهتمام و التقدير من الحاجات الأساسية للاستقرار النفسي و الشعور بالرضا عن الذات... إن الاهتمام يختلف بحسب طبيعة الأشخاص، و بحسب توجهاتهم و نفسياتهم، خصوصاً فيما بين الرجل و المرأة... و قد تجد الزوج أحيانا لا يحتمل تلك الرسائل التي تبعث بها الزوجة، لتجعله يدرك أنه غمطها حقها من الاهتمام بها، و تجده هو في الوقت نفسه يريد أن يفهمها بأنها تضيق على حريته كرجل .. عند قراءتي لكتاب "الرجال من المريخ و النساء من الزهرة "من تأليف الطبيب النفسي الأمريكي جون غراي، الذي صدر في ماي1992، يتناول فيه المشاكل التي قد تحدث بين الرجل و المرأة، نتيجة للاختلافات بينهم... و قد وضع فيه الكثير من النقاط التي من الممكن أن تساعد المرأة أو الرجل ...توضيحا للكثير من الجوانب التي تعتبرها الزوجة سلبية في زوجها ...و يعتبرها الزوج تقييدا للحرية ...نذكر بعضا منها هنا على سبيل الاستئناس و أهمها : ـ الرجال يحتاجون أن يشعروا بأن هناك من يحتاج إليهم، و تحتاج النساء إلي أن يشعرن بأنهن معززات... ــ يحتاج الرجال إلي الثقة و التقبّل، بينما تحتاج النساء إلي الرعاية و التقدير ــ لا يقبل الرجل النصيحة لأنه ذم في قدراته، و لا تقبل النساء مقاطعتها و تقديم حلول أثناء حديثها لأنه يعني عدم الاهتمام بمشاعرها...فمعظم حديث المرأة عن مشاعرها ــ حديث المرأة يحمل في طياته طلباتها بشكل غير مباشر (مثلاً: عندما تقول: أنا أشعر بضيق. الترجمة: أريد أن نأخذ إجازة. ــ طالما حديث المرأة عن مشاعرها فطبيعي أن تبالغ أو تعظم من الأمور الصغيرة و لا تعني إطلاقاً ما تقوله حرفياً... و عندما يذكر الكاتب قضية الجدال عند المرأة و الرجل ... "الجدال غالباً علي طريقة الكلام و ليس الموضوع أخطاء الرجال عند الجدال: القتال: أنتِ سبب الخطأ الهروب: أنا بريء أخطاء النساء: التظاهر: إخفاء الغضب التطويق: الاستسلام بأن الرجل علي حق بدل الجدال" فإذن الفرق واضح و جلي بين شخصية المرأة و الرجل، و لو اعتبر الزوجان ذلك، لقرب ذلك بينهما و ساعدهما كثيرا على تجنب التشنج في حواراتهما، و لأسهم ذلك في سد الفجوة التي تفصلهما و لقرَّبهما من بعضهما بعضا، و لو استأنسا بالتوجيهات النبوية فيما يتعلق بالعلاقات الزوجية لغناهما ذلك عن الكثير من التوجيهات النفسية، أمَا أو صانا الرسول بملاطفة الزوجة و ملاعبتها...؟ أما قال عليه الصلاة و السلام:" إن اللقمة يضعها الرجل في فم امرأته صدقة"؟ ألا تشير هذه التوجيهات إلى ضرورة التعبير عن الاهتمام بالزوجة؟ ألا يعني ذلك أن الرجل مدعو إلى إشعار زوجته باهتمامه بها، و أنها تعني له الكثير الكثير...؟ ألم يأمر الزوجة بضرورة الحرص على رضا زوجها، ألم يقل عليه الصلاة و السلام " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها"؟ أليس في حديثه هذا عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم، دعوة للزوجة على أن تظهر لزوجها بالغ اهتمامها به من خلال حرصها على راحته...؟ فلنتأسى برسول الله لتصفو لنا الحياة و نضع حدا لكل الخلافات...