لوحظ في الأعوام الأخيرة و ذلك منذ انطلاق التكنولوجية الحديثة في جميع المجالات، و المحفزة بأرقى الخدمات بحيث لا تعب و لا نصب و لا بحوث تثقل كاهل هذا الباحث أو تلك الباحثة للوصول إلى المعلومات المطلوبة، في ميادين عدة تخوض في الاقتصاد، و الجغرافيا، و العلوم الحديثة بشتى أنواعها... أنه بالموازاة إلي ذلك فإن هذه الثقافة الوافدة أنتجت لنا ثقافة ركيكة، في معناها و محتواها، بمعنى أن هذا المثقف هجر الكتب العلمية و الدينية و الاجتماعية، و ما تحمله من معلومات هامة و ضخمة و من أسلوب بديع في طريقة طرح المعلومات...و الاستفادة منها، حتى في طريقة اللغة و تحسين وظيفة اللسان في النطق بلغة واضحة فصيحة، و إكتساب ألفاظ نظيفة في لغة التعامل مع الآخر. و ذلك لأن هذا الكتاب استبدل للأسف "بالشبكة العنكبوتية" التي تحمل هي كذلك معلومات في كل المجالات، و ما على الشخص سوى الأخذ بفأرة الكمبيوتر الشخصي الذي يستعمله، حتى يجد نفسه يمخر في بحور عميقة من المعلومات بدون إرهاق...القصة كلها بـ : كبسة زر الماوس، و يكون الشخص قد جهز بحثا في الجيولوجيا، أو في الأدب القديم أو المعاصر...أو حصل علي فتوى على السريع ...إلخ، و لكنه لم يستطيع أن يعطي لهذا الشاب أو تلك الشابة ما نسميه بالقاعدة الأساسية التي تبنى عليها هذه الثقافة، فلا تجد من المتخرجين بشهادات ليسانس أو ماجستير، من يستطيع التفوق في بناء شخصية ثقافية متينة ذات أخلاق عالية، عكس الجيل الذي تربى على أمهات الكتب، و القراءة المستمرة التي تثري جوانب هامة من ثقافته، فكره، أخلاقه، معتقداته و لسانه... بكل أسف أصبح الكتاب اليوم يعاني سكرات الإحتضار عند هذا الجيل، الذي سمي بـ "جيل النت" و هو جيل يعيش في فراغ كبير يسيطر على عقول أفراده المنشغلة بإضاعة الوقت بالموبايل الذي أصبح اليوم أداة مباهاة بينهم، و السعيد في نظرهم هو من يحصل على آخر طراز من هذا النوع أو ذاك، أو تراهم منشغلين بالألعاب الالكترونية، التي أخذت حيزا واسعا من حياة الصغار و الكبار منهم، مع أن الكثير منها مدمر للعقول، أو نراهم مشدودين إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي اجتذبتهم إلى الثقافة الغربية التي زرعت في عقول الصغار منهم معتقدات خطيرة، إن لم تطهر منها عقولهم ستكون وبالا عليهم. إننا عندما نقارن نسبة المطالعة بين الكتب و النت، نجد الفارق كبيرا و هو آخذ في الاتساع ، و لهذا وجب التصدي لهذه الظاهرة التي عمت الدول الإسلامية و العربية، بكل اختصار تعيش الثقافة الحقة اليوم حالة تسول بين شباب النت و هذا الكتاب الموضوع على الرف، و هناك خوف من تعرض الجيل إلى تمزق فكري عميق، فشبابنا بدأ يذوب في الهوة الثقافية الفكرية للغرب، فلا بد إذن من وسيلة ما للخروج من هذا المأزق، و هذه المهمة في الحقيقة منوطة بمؤسسة التربية و التعليم، و وزارة الثقافة، و الأسرة، و لا بد أن تلتقي جهودها جميعا لجعل هذا الكتاب يعود إلى الساحة بطريقة أو بأخرى، حتى يمكن لنا إنقاذ شبابنا من هذه الثقافة المزيفة و العودة بهم إلى الثقافة الحقة..