مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/28 00:26
خير جليس في الزمان كتاب ....
اخترت هذا الموضوع الذي صادف افتتاح صالون معرض الكتاب الدولي بالجزائر العاصمة (الصنوبر البحري)، و لكن تساءلت بيني و بين نفسي، كيف للإنسان منا أن يعرف ما ينتقيه من كتب قيمة من المكتبات الموجودة بحيه، أو بهذه المعارض التي تقام هنا و هناك، و منها المعرض الدولي للكتاب، و الذي تشارك فيه مجموعة كبيرة من الدول العربية و الأجنبية، و دور نشر جزائرية...و التي تمتلك مجموعة كبيرة من العناوين المفيدة، للصغار و الكبار، منها التي تهتم بالتربية، و التكنولوجيا، و منها من تهتم بالتاريخ و قضايا معاصرة...إلخ إذن فالقضية لا بد من المهتم بالكتاب، أن يدرك ما هو الكتاب الذي يمكن أن يكون له خير جليس، و ليس هذا فحسب بل يعود عليه بالفائدة كلما فتحه و عاد إليه... لكن السؤال ماذا نقرأ؟ و كيف نقرأ؟ إن المسلم يهتم بقراءة ما رغب الشرع في قراءته ومن ذلك: - القرآن الكريم، وقد جاء في الحديث عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَ لَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَ لَامٌ حَرْفٌ وَ مِيمٌ حَرْفٌ ( - كتب العلم الشرعي، فهي من أنفع الطرق لتحصيل العلم. و من تراجم البخاري: "بَاب مَا يُذْكَرُ فِي الْمُنَاوَلَةِ وَ كِتَابِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعِلْمِ إِلَى الْبُلْدَانِ وَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَسَخَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَصَاحِفَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ وَ رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ذَلِكَ جَائِزًا وَ احْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي الْمُنَاوَلَةِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ حَيْثُ كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا وَ قَالَ لَا تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ.هذا من جهة الناحية الشرعية. و يوجد من يقرأ كتب الثقافة و الأدب، و بها يريد توسيع مداركه العلمية، في تخصصات معينة أو جوانب مختلفة من المعرفة، و منها كذلك لتنمية موهبته، و القدرة على البحث. - و منها كتب التاريخ و التراجم و ما يدخل في معرفة الآخرين سواء من عاش في زماننا و لم نلتق به عن قرب، أو لمن لم ندركهم، و نريد أن نعرف عنهم. و قد ذكر عباس محمود العقاد في كتابه "مطالعات في الكتب و الحياة" أن القراءة تزيد في عمق العمر للإنسان، فالإنسان الذي عمره ستون سنة لا يزيد عمره ثانية واحدة بالقراءة، و لكن يزيد عمق هذه الستين سنة، فيطوي داخلها خلاصة تجارب و أعمال و تفكير أناس كثر يسر الله له مطالعة كتاباتهم أو ما كتب عنهم. و منهم من يقرأ الكتب قصد تسلية نفسه، و حفظ وقته بما يفيد، و حتى تبقى ذاكرته نشطة يقظة، لا يراودها الكسل و التقاعس عن القراءة...فنحن نقرأ لنتثقف و نظيف إلى ما عندنا من معلومات، معلومات جديدة تفيدنا في حياتنا ككل. و هنا أقول إلى المربيات الفاضلات، من أمهات و أخوات، لا بد من اقتناء مكتبة في بيتك، لننتقي كتبها بعناية، بحيث تلبي احتياجاتنا الدينية و الثقافية و الأدبية و الترفيهية... فلا بد من تعويد أطفالنا القراءة و الكتابة عن طريق رؤيتهم لنا و نحن نقرأ، و نحن نصنف الكتب، و نحن نجعل من هدايانا المعتبرة أن تكون "كتابا" و قليل من يعرف قيمته، لأن في زمننا هذا من أهديته كتابا، كأنك لا تريد أن تهاديه أصلا، اجعلي من غرفة الجلوس سلة جميلة تحمل بعض الكتيبات التي تحمل قواعد التربية الإسلامية للطفل، أو كتيبات فقهية للمرأة المعاصرة، أو بعض المجلات الهادفة... فلا بد أن يحرص المربي على أن تكون مصادر ثقافة ابنه نقية، لا يشوبها شيء من الترهات أو الأباطيل أو المغالطات، وذلك بأن نجعل من القرآن الكريم و السنة النبوية و سيرة خير البرية صلى الله عليه و سلم أساسا لمصادر هذه الثقافة، و نضيف إليها كتب مختارة مبسطة ملائمة لأبنائنا في شرح هذه المصادر الأساسية. لقد أثبتت الكثير من الدراسات الحديثة، أن الطفل يلتقط و يحفظ ما يردد عليه في مرحلة مبكرة جدا، حتى و هو جنين في بطن أمه... و يؤكد ذلك هذه القصة الشيقة، يروى أنه كان أحد الآباء حريصا على شراء ما استجد من القصص و الكتب المفيدة لأولاده، و في ضحى يوم من أيام رمضان دخلت أم الطفل ذي التسع سنوات لإيقاظه فعندما استيقظ قال لأمه:"ّ قبل أن ينهض من فراشه، لقد خططت برنامجا يوميا لي بدأت به منذ صباح اليوم". و قال:"ّ لقد صليت الفجر، و جلست أذكر الله حتى أشرقت الشمس، ثم أديت ركعتين و نمت، و سأكمل برنامجي اليومي، سألته أمه: و كيف ستنظم وقتك؟ قال:" لقد أخذت تنظيم يومي من هذا الكتاب... فالقراءة هواية و حرفة و وسيلة علمية و تسلية، و طريقا إذا سلكناه نجده بحرا زاخرا، و موجا غامرا، فلتنتقي أحسن ما تجدينه لتقرئيه، و انتقي أحسن ما تجدينه لتتكلمي به، و انتقي أحسن ما يُتكلم به لتحفظيه، و اذكري دائما أن ما تقرئينه يؤثر في تكوينك و بناء شخصيتك، فاحرصي على أن لا تقرئي لمجرد الاستمتاع، بل احملي نفسك على أن تفضي قراءاتك إلى الاستفادة و الانتفاع...
أضافة تعليق