مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/12 22:36
أين وصل الاصلاح في المستشفيات الجزائرية؟
أين وصل الاصلاح  في المستشفيات الجزائرية ؟
 
لا شك أنه ما من دولة إلا و تسعى لتحسين و ترقية قطاعين حساسين جدا هما الصحة و التعليم ، و لا شك أن أي ميزانية لحكومة ما و الا و ترتب لأجل دفع عجلة الاصلاح في الصحة أولا  نحو التحسين ، لان هذا القطاع حساس جدا و مهم كثيرا فهو شريان الحياة في أي مجتمع و من غير صحة عقلية و جسدية لن تقوم لأي دولة قائمة صحية  قوية ، و لا شك أيضا أن اهتمامات الرؤساء في أي برنامج للتنمية انما تولى لقطاع الصحة بالدرجة الأولى لضمان الرعاية و الوقاية من الامراض و الفيروسات و كل  ما من شأنه أن  يشكل تهديدا لصحة المواطنين .
و المتتبع لبرامج الاصلاح يجدها أخذت وقتا و أغلفة مالية كبيرة لاقتناء الأجهزة  الطبية و الأدوية و لواحق العلاج المهمة في المصالح الاستشفائية ، و لاشك ان برامجا للتكوين سطرت لفئات ممارسي الصحة و بدأ برنامجها في دورات سطرتها الوزارة الوصية ، و لكن أين اثر الاصلاح الذي بادرت به الوزارة و بجهود كبيرة  ؟ و لما لم نلتمس تنوعا في تغيير السلوك اليومي سواءا لممارسي الصحة أو للموظفين الاداريين و حتى للمواطنين أنفسهم ؟  لأنهم يمثلون حلقة تمسك طرفها بالطرف الآخر في حركة متعدية ، فهل كان لازما لاعادة مراجعة محتوى البرامج الاصلاحية أم أن نتائجه لا تظهر آنيا و انما على المدى البعيد ؟ ،  و لكن هذا لا يمنع من القضاء على بعض الظواهر التي كثرت في الآونة الأخيرة بداخل المستشفيات مثل ظاهرة المريض المتجول ، و الذي يجد نفسه في غدو و رواح بين الادارة و المصلحة الاستشفائية و أحيانا لا يلق جوابا مقنعا و مؤكدا لرفض علاجه أو لتأجيل موعده  فيكتفي لاختصار الطريق للذهاب اما للقطاع الخاص و اما الصبر و انتضار  موعد آخر للعلاج ، و أرى أن بعض الحالات المرضية لا تقبل التأجيل أو التأخير و لا بد من استشعار الضمير المهني في احتوائها و تقديم العلاج المناسب .
و ما تلمسته من غياب في حركة العمل بالمستشفى هو غياب الجانب الانساني الذي حرم منه الكثير من  المرضى بدافع الانشغال بالعمل من الجانب الطبي و الشبه الطبي و بدافع نقص الموارد البشرية  و كثرة الملفات الطبية و بالمرة  لكثرة المرضى ، و لست أرى في هذه الحجج من مانع للاستقبال الجيد للمريض و توجيهه التوجيه اللائق به كانسان يعتبر غير مكتمل للقوة الصحية و لابد من الرفق به و معاملته معاملة خاصة لحين تمام العلاج ، ثم ظاهرة تنقل الموظفين و الأطباء و الشبه طبيين بغير حاجة للخروج من المصلحة الاستشفائية له مؤثره في ربح الوقت و التفرغ الكامل للمريض و يكثر تواجدهم في النادي  ، ثم مهنة التطبيب او الجراحة ليست بالمهن  التي تقبل اضافات في الكلام او مضيعة الوقت و لو في وقت الراحة ، فلا بد من الظهور بمظهر اللياقة الحضارية في التخاطب و المداومة العملية بتمام ساعاتها، و ان وجد فراغ فلما لا يوظف للمطالعة و تبادل المعلومة الطبية فيما بين المختصين .
فمن هذا العرض يمكن استخلاص بعض معوقات الاصلاح في المستشفيات و الراجع بالأساس الى الضمير المهني ، هذا الرادع لأي ظاهرة افلاس في الخلق و في العمل هو المهم من كل الأموال و الطاقات و الجهود ، و إلا ما فائدة معدات حديثة و الضمير المهني غائب أو مغيب ؟ و ما فائدة التجهيزات المكتبية للإدارة  و الموظفون في حركة غير عادية لمغادرة مقر العمل قبل الأوان أو يقبلون على  تأجيل العمل من غير وجه قانوني ، فبدل ان يحصل أي طالب لوثيقة ادارية في أوانها يفرض عليه الانتضار أياما و احيانا شهورا بدافع قد لا يكون مقنعا بالمرة .
ثم لماذا الاكثار من الأيام الدراسية و تبذير المال العام في الأكل و التحصيل العلمي صفر مصفرا ،أين هي متابعة مصالح التفتيش التابعة للوزارة لتفقد تطبيق البرامج و تفقد آداء العمل على كل الأصعدة و بإحساس متقدم في المردودية ؟ .
و تحضرني اللحظة ملاحظة وجود لوحات للتعريف على مداخل بعض  المصالح الاستشفائية يعود وقتها لحقبة الاستعمار الفرنسي و تحمل المصلحة الاستشفائية أسماء لفرنسيين ربما يكون تخصصهم في الطب او الجراحة و الأجدر ان تحمل أسماء لشهداء أطباء  جزائريين  الجنسية لتكون الوطنية حاضرة رقما و اسما و إحساسا و بالمرة واجب وطني بالدرجة الأولى ..
ان الاصلاح الحقيقي يبدأ من هنا ، أولا بالتخلي عن كل ما ليس له انتماء للهوية الوطنية و من ثم تحفيز الضمير المهني قبل اي تطبيق لأي برنامج و بعدها تنمية الشعور بالأخلاق و القيم و تفعيلها في المعاملات اليومية مع المريض و حتى فيما بين الأطباء و الشبه طبيين أنفسهم ، فالإصلاحات ليست برامج و معدات و ادوية و أصبغة لجدران المستشفى و زرع ورود و أشجار و الذهنيات  لم تعي معنى الشعور بالمسؤولية و توظيف الجانب الانساني ، فالإصلاح الحقيقي هو : اصلاح الفرد و من ثم اصلاح البنايات و الهيئات و الادارات لان الفرد ان ما كان معوج الأخلاق و القيم و التفاعل الموزون الذي تضمنه التربية بالدرجة الأولى  لن تتحقق نتائج الاصلاح و لو بعد عشرات السنين ، فالعبرة ليست بالكم أو النوعية و انما بمستوى الأخلاق و الإنسانية ثم ليعي الجميع أن مسألة الاصلاح ليست تخص فردا واحدا متمثلا في  شخص وزير أو اي مسؤول و انما هي تفاعل قوى الجميع و بكل مستوياتهم المهنية و العلمية .
 
أضافة تعليق