عندما ننظر في أوراق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، سنكتشف بمرارة عظم المؤامرة التي تحاك ضد حقنا في فلسطين، تدعي السلطة الفلسطينية أنه بموجب إتفاقيات أوسلو لم يتبقي لها إلا الحد الأدني الذي تطالب به و الذي يعني الحصول علي حق إقامة دولة فلسطينية علي أجزاء من مساحة فلسطين 1967 مع تعديلات طفيفة و تقسيم القدس و الإعتراف بحق العودة و تطبيقه بشكل جزئي ! و الأدهي و الأمر ما كشفه المحامي و القانوني الفرنسي زياد كلوت للصحافية السويسرية سليفيا كاتوري في حوار شامل نشره موقع العولمة الكندي :" إن فلسطينيوا السلطة يفاوضون الإسرائيلين لمجرد أن يقال أن هناك مفاوضات جارية، فالجهة الإسرائيلية ليست لديها نية في الإستجابة لمطالب السلطة و القياديين الفلسطينيين علي علم بذلك!"و لعلم القراء القانوني زياد كلوت كان ضمن طاقم المستشارين القانونيين للمفاوضين الفلسطينيين !
إذن نري حجم المأساة ؟ كيف يدعي من يعتبرون أنفسهم الأوصياء علي القضية أنهم يعملون لإنصاف شعبهم المحتل و هم متواطئين مع العدو في مغالطة الرأي العام الفلسطيني و الدولي !!! التبجح بأن عضوية الأمم المتحدة ستفرض علي الدول إحترام مبدأ قيام دولة فلسطينية علي الأرض كذبة أخري، و صدقها الكثيرون في فلسطين و غير فلسطين، لا الأمم المتحدة و لا أي محفل دولي آخر قادر علي إعادة الحقوق لأصحابها إلا المعنيين بالأمر، و ليس طبعا بالمطالبة بالإعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود 1967 ! نحن لسنا معنيين بحدود 67 كما يهمنا إسترجاع كل الأرض و الضمان للاجئين حق العودة كاملا، و هذا ما لا تعمل له سلطة فلسطينية محكومة بأجندة صهيوأمريكية. رأينا محتوي المفاوضات التي إنطلقت منذ تسعة عشر سنة و التي أظهرت التنازلات المخزية للطرف الفلسطيني و كيف أن العدو و رغم خطورة هذه التنازلات لم يعبأ بها و بقي يماطل و يطيل إلي ما لا نهاية مسلسل المفاوضات، هل يعقل أن بعد كل هذا لازال فريق السلطة الفلسطينية يأمل في موقف جاد من العدو ؟
هل يعقل أن الشعب الفلسطيني في الضفة لم يفهم بعد ما فهمه إخوانه في غزة ؟ أنه لا يجدي التفاوض علي فتات و الأصلح للجميع العودة إلي المقاومة المسلحة ! و هل مقاومة سلمية تنفع مع جيش عدو معروف بوحشيته و تفوقه التكنولوجي ؟ و هل ما أخذ بالقوة يسترد هكذا بمجرد التظاهر و الإعتصام أو بالمسلسل المضحك المبكي المسمي المفاوضات ؟ علي الفلسطنيين أن يعوا أن إنقسامهم أطال من عمر المأساة، و لا اقصد الإنقسام بين فتح و حماس و إنما الإنقسام في رؤية المخرج. فمن جهة تجاري السلطة إلي أبعد الحدود قوي الإستكبار من العدو إلي واشنطن و مثل هذه المسايرة لعقود لم تنجب سوي الخذلان و الخسران لأصحابها، المشكلة فيمن وثقوا بالسلطة و ينظرون بعين الريبة لمن يدعو بقطع كل سبل الإستسلام و الإنهزام و إختيار الإختيار الحر و المسؤول ألا و هو المقاومة المسلحة، فالآن مصر و بعد الطور الأول من جولة الإنتخابات صوتت علي الإسلاميين و هي سائرة بإذن الله في رفع الحصار علي غزة إبتداءا من معبر رفح، لم إذن المزيد من الرضوخ إلي منطق واشنطن تل أبيب ؟ علي الفلسطينيين أن يوحدوا رؤاهم، فمصيرهم متوقف علي التمسك الصارم بحقوقهم.