إحدي أهم اسباب إنحطاط العالم العربي الإسلامي منذ بزوغ الحركة الإستعمارية الغربية هي تفشي الرذائل والسيئات و العيوب في أوساط المسلمين من جراء إبطالهم لشرع الله و إعراضهم عن أخلاق الإسلام.
أهم مظهر عاني منه المجتمع المسلم إنتشار آفة الكذب و التي هي إحدي الكبائر التي نهانا عنها رسول الحق صلي الله عليه و سلم و ردعنا عنها بقوة الله عز و جل في قرآنه الكريم.
فقد جاء في محكم القرآن الكريم عن الكذب آيات كثيرة و في سور عديدة نذكر منها :
( فلا صدق و لا صلي و لكن كذب و عصي) سورة القيامة الآية 32
(أرأيت إن كذب و تولي. ألم يعلم بأن الله يري) سورة العلق الآية 13
( إنا قد أوحي إلينا أن العذاب علي من كذب و تولي) الآية 48 من سورة طه
و في أحاديث رسول الله صلي الله عليه و سلم عن إبن مسعود رضي الله عنه : " إن الصدق يهدي إلي البر و إن البر يهدي إلي الجنة، و إن الرجل ليصدق حتي يكتب عند الله صديقا، و إن الكذب يهدي إلي الفجور و إن الفجور يهدي إلي النار، و إن الرجل ليكذب حتي يكتب عند الله كذابا" متفق عليه (البخاري6094، و مسلم 2607) و عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلي الله عليه و علي آله و سلم قال : " أربع من كن فيه، كان منافقا خالصا، و من كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من نفاق حتي يدعها : إذا أؤتمن خان، و إذا حدث كذب، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر".متفق عليه (البخاري 34، مسلم 58)
يكون الكذاب قد تعلم الكذب منذ صغره و التنشأة التي لم تعتمد علي الطريقة الصحيحة في غرس قيم و مثل و أخلاق الإسلام في نفس الطفل، تولد لنا شخصية مسلمة ضعيفة، مريضة، منحرفة.
كم من أم إن جلست إليها و أستمعت لمخاوفها و إنشغالاتها ستقول لك : "إكتشفت ان إبني أو إبنتي يكذبان." و الكذب عيب خلقي إن لازم الطفل منذ الصغر فهو يكبر معه و هو كبيرة من الكبائر التي يعود إلي الوالدين واجب التصدي لها و بكل حزم. فالكذب إن إنتشر في أوساط مجتمع ما، مسؤولية شيوعه، يتقاسمها الجميع، كبارا و صغارا.
علي الأم أن تسأل نفسها هذا السؤال و أن تجيب عنه بكل صدق : لماذا طفلي يكذب ؟
إنه يكذب لأنني قصرت في معالجة هذا الأمر معه باكرا. الكذب مدخل كل السيئات، و إذا ما لم نحتاط و لم نعرف كيف نتعاطي مع طفلنا قي تلقينه لمحاسن الصدق و جزاءه الوفير نكون قد فشلنا في إختبار التربية. ليس من السهل أبدا تعليم الطفل الصدق و نحن نعيش في مجتمع جعل من الكذب وسيلة لقضاء مآربه.
و رغم ذلك علينا بالتصميم و التوكل علي الله و إستعمال ذكاءنا و التعويل علي طيبة الصبي لإفهامه أن كل شيء متوقف علي خطواته الأولي في مسرح الحياة. من شهور تحدثت لأم إكتشفت أن بنتها تكذب :"ما آلمني أنني لاحظت عليها مبكرا ميلها إلي المبالغة و التخيل الغير المنطقي، لكنني كنت أكذب نفسي و أقول أن ثرثرة بنتي هي علامة علي أنها ستكون نجيبة في دراستها خاصة في مجال اللغات!"
-كيف عرفت أنها تكذب ؟ خاصة أنها الآن عاملة، قلت للسيدة.
"في مراهقتها كانت تجلس إلي في كل الأوقات و تتحدث بلا إنقطاع، فكنت أزجرها و أطلب منها أن تقوم لغرفتها أو تعينني علي أشغال البيت. محذرة إياها من كثرة الحديث المؤدية لا محالة إلي الكذب. فكانت تسكت و في يوم ما من هذا العام، دخلت علي و جهها متقلب، فأردت معرفة السبب فجاءني ردها صاعقا : ما أنا عليه من هم و كدر هو كذبي يا أمي."
-طيب، جميل أنها إعترفت بالأمر.
- و لكن بعد ماذا ؟ قضت سنوات طويلة و هي تكذب و لم أدرك بأنه كان يتوجب علي فعل أكثر من نهيها شفويا، لم أعاقبها و لم أهددها بوعيد الله ! كان بإمكاني أن أستدل بأحاديث رسول الله صلي الله عليه و سلم و التشديد علي سوء المآل في الدنيا و الآخرة. إلا أنني تراخيت معها و لم أكن حازمة و صارمة كما يجب."
نري حسرة هذه الأم، فشعورها بالتقصير أظهر لها ثغرات في التربية التي لقنتها إبنتها و هذا هو حال الكثير من الأولياء للأسف، في هذه الحالة الإبنة إستفاقت في سن متقدمة و ما هو إيجابي أنها عزمت علي عدم العودة إلي كبيرة الكذب و ندمها كان صادقا. في المقابل كم من طفل كبر و إعتاد الكذب في مشاعره و سلوكاته و مواقفه ؟
ربط الصغير بالمعين الروحي و تبيان سيرة المصطفي عليه الصلاة و سلم بحيث يتمثل الطفل خصال و محاسن أفضل الخلق، تنمي فيه الحرص علي التقليد الإيجابي. عام بعد عام نؤكد لأطفالنا قيمة الصدق و كيف أنه مجلبة لرضوان الرب و الفلاح في الدنيا و الآخرة. ليس أهم من التعاطي الصادق مع الطفل، و أما المراهق الذي يشتكي سوء أدب أقرانه و كيف يسخرون منه لأنه صادق، فعلينا أن نضع في كفة الميزان، رضي الله و رسوله و الوالدين و في الكفة الأخري رضي زملاءه، هل يستويان ؟ طبعا لا.
تسفيه الأخلاق الحميدة من عامة جاهلة لا يجب أن يثبط الوالدين، و عليهما أن يدركا جيدا معني التقوي، فلا يأبها للأعراف البالية المسيطرة، دائما ما تكون مهمة الربانيين غاية في الدقة و الصعوبة و لكن ما يهمنا من كل ذلك مسايرة الشرع و موافقة الإسلام.
و في حالة ما سجلنا تمادي الطفل في الكذب علينا بمعاقبته بشتي الأشكال، كأن يلزم سريره، أن لا نهديه هدية، أن لا يتناول وجبته معنا. أن لا يشاهد حصته المفضلة، أن لا يأكل الفاكهة، أن لا نخرجه في نزهة. و علينا بشرح مسألة جد هامة : علي الطفل الكذاب أن لا يخاف من قول الحقيقة حتي و إن كشفت سوء تصرفه، فعليه أن يفهم بأن قول الحق يغطي علي خطإه مهما عظم ، فإن إطمئن إلي عواقب قول الحقيقة سنري الصغير لا يتحرج في صدقه. فالمعاملة الذكية ينتج عنها تحري الإستقامة و رضي الوالدين و هذا بالضبط ما نهدف إليه من خلال التربية الصالحة.
كثيرا ما نشتكي من كذب أبناءنا و إستهانتهم بالصدق، هل كنا نحن في المقابل شفافين في تربيتهم علي هذه الخصلة الحميدة ؟
هل علمناهم قيمة الصدق و كيف يبارك الله في حياة الصادق كما بارك في حياة رسول الهدي محمد صلي الله عليه و سلم و أصحابه الكرام و علي رأسهم رضوان الله عليهم الصحابي الجليل أبو بكر الصديق ؟
هل أعطينا أطفالنا دروس في الصدق من خلال مرآة أفعالنا و أقوالنا ؟
الصدق يتبع النية و الفكرة و الفعل و لا مناص لنا من أن نعيش صادقين مع أنفسنا و مع الله و مع غيرنا. فالحضارة عبارة علي أفعال شامخة نابعة من صفاء السريرة و نقاءها، فلا بد لنا من مقاربة رزينة لواقعنا. يومياتنا مليئة بالأخطاء و الخطايا لكن الأجمل و الأتقي أن نسعي بإنتظام و دون يأس أو ملل لتصحيح الأوضاع، و إذا ما نجحنا في تكوين شخصية سوية لأبناءنا نكون قاب قوسين من النصر المبين. فالأمة تنهض بأفرادها و اليوم قبل أي وقت مضي نحن في سباق مع أعداءنا، فلتكن خطتنا التربوية جادة و محكمة، و الله المستعان.
أهم مظهر عاني منه المجتمع المسلم إنتشار آفة الكذب و التي هي إحدي الكبائر التي نهانا عنها رسول الحق صلي الله عليه و سلم و ردعنا عنها بقوة الله عز و جل في قرآنه الكريم.
فقد جاء في محكم القرآن الكريم عن الكذب آيات كثيرة و في سور عديدة نذكر منها :
( فلا صدق و لا صلي و لكن كذب و عصي) سورة القيامة الآية 32
(أرأيت إن كذب و تولي. ألم يعلم بأن الله يري) سورة العلق الآية 13
( إنا قد أوحي إلينا أن العذاب علي من كذب و تولي) الآية 48 من سورة طه
و في أحاديث رسول الله صلي الله عليه و سلم عن إبن مسعود رضي الله عنه : " إن الصدق يهدي إلي البر و إن البر يهدي إلي الجنة، و إن الرجل ليصدق حتي يكتب عند الله صديقا، و إن الكذب يهدي إلي الفجور و إن الفجور يهدي إلي النار، و إن الرجل ليكذب حتي يكتب عند الله كذابا" متفق عليه (البخاري6094، و مسلم 2607) و عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلي الله عليه و علي آله و سلم قال : " أربع من كن فيه، كان منافقا خالصا، و من كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من نفاق حتي يدعها : إذا أؤتمن خان، و إذا حدث كذب، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر".متفق عليه (البخاري 34، مسلم 58)
يكون الكذاب قد تعلم الكذب منذ صغره و التنشأة التي لم تعتمد علي الطريقة الصحيحة في غرس قيم و مثل و أخلاق الإسلام في نفس الطفل، تولد لنا شخصية مسلمة ضعيفة، مريضة، منحرفة.
كم من أم إن جلست إليها و أستمعت لمخاوفها و إنشغالاتها ستقول لك : "إكتشفت ان إبني أو إبنتي يكذبان." و الكذب عيب خلقي إن لازم الطفل منذ الصغر فهو يكبر معه و هو كبيرة من الكبائر التي يعود إلي الوالدين واجب التصدي لها و بكل حزم. فالكذب إن إنتشر في أوساط مجتمع ما، مسؤولية شيوعه، يتقاسمها الجميع، كبارا و صغارا.
علي الأم أن تسأل نفسها هذا السؤال و أن تجيب عنه بكل صدق : لماذا طفلي يكذب ؟
إنه يكذب لأنني قصرت في معالجة هذا الأمر معه باكرا. الكذب مدخل كل السيئات، و إذا ما لم نحتاط و لم نعرف كيف نتعاطي مع طفلنا قي تلقينه لمحاسن الصدق و جزاءه الوفير نكون قد فشلنا في إختبار التربية. ليس من السهل أبدا تعليم الطفل الصدق و نحن نعيش في مجتمع جعل من الكذب وسيلة لقضاء مآربه.
و رغم ذلك علينا بالتصميم و التوكل علي الله و إستعمال ذكاءنا و التعويل علي طيبة الصبي لإفهامه أن كل شيء متوقف علي خطواته الأولي في مسرح الحياة. من شهور تحدثت لأم إكتشفت أن بنتها تكذب :"ما آلمني أنني لاحظت عليها مبكرا ميلها إلي المبالغة و التخيل الغير المنطقي، لكنني كنت أكذب نفسي و أقول أن ثرثرة بنتي هي علامة علي أنها ستكون نجيبة في دراستها خاصة في مجال اللغات!"
-كيف عرفت أنها تكذب ؟ خاصة أنها الآن عاملة، قلت للسيدة.
"في مراهقتها كانت تجلس إلي في كل الأوقات و تتحدث بلا إنقطاع، فكنت أزجرها و أطلب منها أن تقوم لغرفتها أو تعينني علي أشغال البيت. محذرة إياها من كثرة الحديث المؤدية لا محالة إلي الكذب. فكانت تسكت و في يوم ما من هذا العام، دخلت علي و جهها متقلب، فأردت معرفة السبب فجاءني ردها صاعقا : ما أنا عليه من هم و كدر هو كذبي يا أمي."
-طيب، جميل أنها إعترفت بالأمر.
- و لكن بعد ماذا ؟ قضت سنوات طويلة و هي تكذب و لم أدرك بأنه كان يتوجب علي فعل أكثر من نهيها شفويا، لم أعاقبها و لم أهددها بوعيد الله ! كان بإمكاني أن أستدل بأحاديث رسول الله صلي الله عليه و سلم و التشديد علي سوء المآل في الدنيا و الآخرة. إلا أنني تراخيت معها و لم أكن حازمة و صارمة كما يجب."
نري حسرة هذه الأم، فشعورها بالتقصير أظهر لها ثغرات في التربية التي لقنتها إبنتها و هذا هو حال الكثير من الأولياء للأسف، في هذه الحالة الإبنة إستفاقت في سن متقدمة و ما هو إيجابي أنها عزمت علي عدم العودة إلي كبيرة الكذب و ندمها كان صادقا. في المقابل كم من طفل كبر و إعتاد الكذب في مشاعره و سلوكاته و مواقفه ؟
ربط الصغير بالمعين الروحي و تبيان سيرة المصطفي عليه الصلاة و سلم بحيث يتمثل الطفل خصال و محاسن أفضل الخلق، تنمي فيه الحرص علي التقليد الإيجابي. عام بعد عام نؤكد لأطفالنا قيمة الصدق و كيف أنه مجلبة لرضوان الرب و الفلاح في الدنيا و الآخرة. ليس أهم من التعاطي الصادق مع الطفل، و أما المراهق الذي يشتكي سوء أدب أقرانه و كيف يسخرون منه لأنه صادق، فعلينا أن نضع في كفة الميزان، رضي الله و رسوله و الوالدين و في الكفة الأخري رضي زملاءه، هل يستويان ؟ طبعا لا.
تسفيه الأخلاق الحميدة من عامة جاهلة لا يجب أن يثبط الوالدين، و عليهما أن يدركا جيدا معني التقوي، فلا يأبها للأعراف البالية المسيطرة، دائما ما تكون مهمة الربانيين غاية في الدقة و الصعوبة و لكن ما يهمنا من كل ذلك مسايرة الشرع و موافقة الإسلام.
و في حالة ما سجلنا تمادي الطفل في الكذب علينا بمعاقبته بشتي الأشكال، كأن يلزم سريره، أن لا نهديه هدية، أن لا يتناول وجبته معنا. أن لا يشاهد حصته المفضلة، أن لا يأكل الفاكهة، أن لا نخرجه في نزهة. و علينا بشرح مسألة جد هامة : علي الطفل الكذاب أن لا يخاف من قول الحقيقة حتي و إن كشفت سوء تصرفه، فعليه أن يفهم بأن قول الحق يغطي علي خطإه مهما عظم ، فإن إطمئن إلي عواقب قول الحقيقة سنري الصغير لا يتحرج في صدقه. فالمعاملة الذكية ينتج عنها تحري الإستقامة و رضي الوالدين و هذا بالضبط ما نهدف إليه من خلال التربية الصالحة.
كثيرا ما نشتكي من كذب أبناءنا و إستهانتهم بالصدق، هل كنا نحن في المقابل شفافين في تربيتهم علي هذه الخصلة الحميدة ؟
هل علمناهم قيمة الصدق و كيف يبارك الله في حياة الصادق كما بارك في حياة رسول الهدي محمد صلي الله عليه و سلم و أصحابه الكرام و علي رأسهم رضوان الله عليهم الصحابي الجليل أبو بكر الصديق ؟
هل أعطينا أطفالنا دروس في الصدق من خلال مرآة أفعالنا و أقوالنا ؟
الصدق يتبع النية و الفكرة و الفعل و لا مناص لنا من أن نعيش صادقين مع أنفسنا و مع الله و مع غيرنا. فالحضارة عبارة علي أفعال شامخة نابعة من صفاء السريرة و نقاءها، فلا بد لنا من مقاربة رزينة لواقعنا. يومياتنا مليئة بالأخطاء و الخطايا لكن الأجمل و الأتقي أن نسعي بإنتظام و دون يأس أو ملل لتصحيح الأوضاع، و إذا ما نجحنا في تكوين شخصية سوية لأبناءنا نكون قاب قوسين من النصر المبين. فالأمة تنهض بأفرادها و اليوم قبل أي وقت مضي نحن في سباق مع أعداءنا، فلتكن خطتنا التربوية جادة و محكمة، و الله المستعان.