أعتقد بأننا نعيش عصر إختلاط الأدوار في كيان الأسرة و الذي شوش كثيرا علي المرأة المسلمة. هل عليها أن تكون أم و زوجة أم عليها أن تنهض بأعباء القوامة و التي أسندت بنص قرآني واضح إلي الرجل ؟ من سنين عدة كنت أتحدث مع سيدة ربطتني بها علاقة مهنية، قالت لي ما يلي :
"عندما تزوجت إشترط علي زوجي أن أبقي في البيت مع أنني طبيبة و تقبلت الأمر علي مضض لكن بعد ولادة إبني الوحيد، قررت العودة إلي العمل و أفهمت زوجي بأنه لا بد لي من العمل.
- و ما هو السبب في رجوعك إلي العمل ؟ سألتها.
- ينبغي علي توفير حياة مرفهة لإبني.
-كم عمر إبنك الآن ؟
- 11 شهر.
- و من تقوم علي شؤونه.
-مربية.
-لكن في ديننا سيدتي، أولي بالمرأة أن تكون أم صالحة لإبنها، فهو ماذا سيفعل بالمستوي المادي المرفه عندما يبلغ السابعة و الثامنة من العمر و هو لا يعرفك، بل سيكن كل الحب و الإحترام للمربية التي إحتضنته و قبلته و عطفت عليه و كانت إلي جنبه عندما مرض...
قاطعتني السيدة، منزعجة :
-أنا من حملته و أنا من وضعته، فكيف سيتنكر لي؟؟ إنك تبالغين عفاف.
إبتسمت لها :
-طيب، هل درست واجبات الزوجة و الأم في الإسلام قبل زواجك ؟
-لا، لم أدرس! أجابتني، ثم إنني أعيش زمني هذا، لم أدرس و لم أعمل كطبيبة لسنوات قبل زواجي لأبقي جليسة البيت بعد زواجي، ثم كما قلت لك أريد أن أضمن لإبني أفضل الفرص في الدراسة و علي بتوفير له كل الماديات التي يحلم بها أي طفل.
-هذا واجب والده الكريم، قلت لها، فواجب الإنفاق يقع علي الأب القوام علي زوجته و أبناءه و أما أنت فواجبك أن تربيه علي قيم الإسلام ليكون خير عضو في أمة الإسلام.
فنظرت لي السيدة نظرة حادة:
-لن نتفاهم في هذا الموضوع، أنت تتكلمين من وجهة نظر الدين و أنا لا يلعب الدين دور كبير في حياتي، لنطوي الصفحة من فضلك و نخوض في موضوع آخر.
هل فهم القاريء الكريم ما وددت إيصاله لهذه السيدة ؟ المشكلة الرئيسية التي نحن بصددها في عالمنا اليوم أن المسلمة تنظر إلي الدين علي أنه طقوس و تجهل كل شيء عن فلسفة ديننا في رسم معالم مجتمع مسلم يحترم فطرة الرجل و المرأة علي السواء. متي سنفهم بأن الأهواء من تتحكم فينا و ليس إيماننا و متي سنفهم بأن النظام الإقتصادي المفروض علينا من قوي العولمة لا يتلاءم و واقعنا و قيمنا و قد قولب هذا النظام الإقتصادي أفهام الناس و ذهنياتهم و أصبحت نظرتهم للدين أنه لا يصلح إلا للصلاة و الصوم، و لا دخل له في ضبط العلاقة بين الزوج و الزوجة، بين الأب و الإبن و بين الحاكم و الرعية و بين المسؤول و المواطن و بين الإعلامي و المواطن و بين العبد و خالقه ؟