كثيرا ما نعثر في وسائل الأعلام منذ حوالي عامين هذا الإدعاء الزاعم بأن من أوجد تنظيم الدولة الإسلامية الإجرامي: الإدارة الأمريكية و هذا الزعم عار من الصحة. فمن السذاجة بمكان أن نعتقد بأن الإدارة الأمريكية تنشأ و تسلح تنظيم سينقلب عليها آجلا أم عاجلا فقد فهمت جيدا درس بن لادن الذي عوض أن يطالب بإبطال الحكم الملكي في بلده و أن يساهم بدفع بالتي هي أحسن إستبداد عائلة آل سعود إرتكب جريمة قتل مدنيين أبرياء مجردين من السلاح في الهجومات الإجرامية ل11 سبتمبر 2001.
إنما تتحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية معنوية و أخلاقية عن ظهور هذا التنظيم الإجرامي في منطقة الشام و العراق من جراء إحتلالها للعراق و بعد إنسحابها العسكري منه تركت إدارة عراقية هشة طائفية حفزت المتطرفين المسلمين من الإستيلاء علي جزء من العراق و سوريا و حتي الدولة التركية هي الأخري تتحمل مسؤولية ما، فيما يجري في هذه المنطقة الحساسة من قلب العالم العربي الإسلامي بتركها حدودها مفتوحة لحاملي السلاح.
أعضاء التنظيم الإسلامي جاءوا من أصقاع و مشارب مختلفة من الكرة الأرضية، ظانين أن ما يقومون به هو إنتصار للإسلام و دفاعا عن المسلمين و مقدساتهم.
لنسأل أنفسنا : هل الإسلام في حاجة إلي مقاتلين من طينة من يضطهدون نساء يزيديات و من يكفرون الرئيس محمد مرسي المحكوم عليه بالإعدام ظلما و عدوانا ؟ أم أننا في حاجة كمسلمين إلي نهضة حضارية و إلي إصلاح أوضاعنا علي المستوي السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي كل دولة عربية علي حدة و تكوين نواة عربية تتوحد مع بقية دول العالم الإسلامي حول قواسم مشتركة لنصرة الإسلام في فلسطين و لتقديم نموذج حضاري راق للغرب صاحب الحضارة المادية و لكي نواجه الدور الآسيوي المتعاظم في قيادة العالم حضاريا؟
لنصدق مع أنفسنا: ألا يجب أن نكف من تبرير فشلنا و إنحدارنا الأخلاقي و الحضاري بتعليقه في كل مرة علي مشجب الإدارة الأمريكية ؟
تحترم الإدارة الأمريكية الطرف المسلم المعتد بقيمه الإسلامية المتطور حضاريا كما هو حال ماليزيا و أندونيسيا.
سنة التدافع تقضي أن نكون نحن المسلمين أذكياء و أن نوظف قيمنا الإسلامية لصالح الإنسانية ككل و ليس لصالح المسلمين فقط، و يفترض منا أن نبلغ رسالة الإسلام إلي عالم تائه بين الحيوانية المادية و بين معتقدات لم تحل أزمات عويصة كظاهرة التلوث و الفقر و الحروب و طغيان نظام إقتصادي ربوي.
و ملف فلسطين مؤجل إلي حين ما نستعيد المبادرة الحضارية و نستند فعليا في أرض الواقع إلي قيم الحق و العدل و الفضيلة. محكوم علينا بالنهوض، و ما أسس له مفكرين أفذاذ مثل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله من نهج تصور عقلاني مؤمن فاعل في أرض الواقع محتم علينا تبنيه كأفراد و مجتمعات مسلمة و لا نملك للخروج من الإنحطاط الشامل الذي نعاني منه إلا العمل بالإقرار الإلهي ألا و هو : بسم الله الرحمن الرحيم( سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد) الآية 53 سورة فصلت.
و بمناسبة قرب حلول عيد الفطر السعيد، أتقدم لكم بأصدق التهاني، ندعو الله أن يفرج كرب المسلمين في سوريا و اليمن و في كل الأصقاع التي يعانون فيها من ظلم. اللهم يتقبل منا و منكم و يغفر الله لنا و لكم و رزقكم حسن العاقبة و جزاكم عنا كل خير.
لكم أزكي التحيات و أصدقها
السيدة عنيبة