الاربعاء 19 محرم 1436 الموافق 12 نوفمبر 2014
عبدالله القرشي
الفتنة الطائفية لا تحتاج إلى تعريف؛ فقد أصبحت حوادثها الدامية حولنا تعريفا مكرورا، تُلقِّن العقلاء دروسا غالية لا يجدونها في الكتب والقراطيس. الفتنة الطائفية أشبه ما تكون بالحرائق المجنونة يشعلها الأطفال والسفهاء على حين غفلة من أهل الدار، فإذا اشتعلت النار وتطاولت ألسنتها، فإنها لن تسأل من أشعلها، ولن تسأل عن طريقها، وستأكل أخضرها ويابسها من متاع البيت وأرواحه. إن الجريمة التي حدثت بالأحساء وذهب ضحيتها بعض المواطنين الشيعة هي حدثٌ مؤلم في ذاته، وجريمة مستنكرة بلسان أهل العلم والعقل من كل الطوائف والحمد لله. والحق يقال: إنه ما زالت الاحتياطات العلمية والعملية ضد الفتن الطائفية غير كافية ولا شافية.
إننا نعيش في محيط مضطرب تحركه أصوات الفتنة، وهذا يوجب مزيدا من الحذر والحيطة. والفتنةُ الطائفية لا تحتاج إلى قوة كبيرة تشعل نارها، يكفي عود ثقاب على حين غفلة وانشغال، ثم ستمد النار نفسها بالطاقة، وتحول ما حولها إلى مدد وحطب! أخطر ما قرأت بعد جريمة الأحساء، تعليق قادم من مَواطِن الابتلاء والفتن الطائفية، يعلق على الحادثة، ويقدم خطابه باسم الخبرة والتجربة، ويرثي لحال البسطاء والمغفلين الذين يدينون هذا الحادث ولا يستفيدون من دروس المرحلة! إن الفتن الطائفية صنعت خبراءها، وأصبحوا باسم الخبرة والتجربة ينقلون الأزمة والفتنة، «وفيكم سماعون لهم». هذه الأصوات هي أخطر ما يكون على استقرارنا وتعايشنا وأمننا العام. ومهما كانت النية صالحة فإنه لا يجوز التهاون في تعرية مضمونها بالدليل والخبرة والبرهان. قبل الفتنة الطائفية يستطيع العقلاء أن يتحدثوا ويسمع لهم، أما إذا بدأت الفتنة فإنها أول ما تلتهم أصوات العقلاء من كل طائفة، حيث تتقدم العاطفة ويتأخر العقل، ويحضر الثأر ويغيب الحل، وتغدو الحجة القوية محل استفزاز وسَخَط وليست محل تأثير وإقناع. ولذلك علينا أن نستثمر أوقات الأمن والاستقرار في بناء وعي راسخ يستنكف من هذه الفتن، وألا نكتفي بالإدانة العاجلة. إن إدانة الفتن الطائفية لا تعني موافقة الطوائف على ما معها من عقائد، ولا تعني عدم الحذر والحيطة من المندسين داخل كل طائفة، ولا تعني عدم اكتراثنا بما يحصل من ظلم وإجرام في بقية البلدان.. لكنه يعني الوقوف بحزم دون انتقال الأزمة إلى عقر دارنا، ويعني التأسي بالهدي النبوي حين جعل من المدينة مثالا رائعا في الاستقرار والتعايش على ما فيها من المشركين واليهود والمنافقين. وهم على كفرهم وضلالهم آمنون على دمائهم وحقوقهم.
إن خبراء الفتنة يريدون منا غيرةً على دين الله تزيد على غيرة رسول الله وأصحابه في المدينة! ويريدون أن نمحو تاريخا طويلا من التعايش من أجل تجربة عابرة!
ويريدون أن نتخلى عن فهمنا لشريعة الله وما يوجبه العقل والحكمة من أجل خبرتهم وتجربتهم! وهذه الأصوات في غاية الخطر والضرر مهما كانت نواياها حسنة، ومهما التمسنا لها العذر من تجاربها الخاصة.
*صحيفة مكة أون لاين
عبدالله القرشي
الفتنة الطائفية لا تحتاج إلى تعريف؛ فقد أصبحت حوادثها الدامية حولنا تعريفا مكرورا، تُلقِّن العقلاء دروسا غالية لا يجدونها في الكتب والقراطيس. الفتنة الطائفية أشبه ما تكون بالحرائق المجنونة يشعلها الأطفال والسفهاء على حين غفلة من أهل الدار، فإذا اشتعلت النار وتطاولت ألسنتها، فإنها لن تسأل من أشعلها، ولن تسأل عن طريقها، وستأكل أخضرها ويابسها من متاع البيت وأرواحه. إن الجريمة التي حدثت بالأحساء وذهب ضحيتها بعض المواطنين الشيعة هي حدثٌ مؤلم في ذاته، وجريمة مستنكرة بلسان أهل العلم والعقل من كل الطوائف والحمد لله. والحق يقال: إنه ما زالت الاحتياطات العلمية والعملية ضد الفتن الطائفية غير كافية ولا شافية.
إننا نعيش في محيط مضطرب تحركه أصوات الفتنة، وهذا يوجب مزيدا من الحذر والحيطة. والفتنةُ الطائفية لا تحتاج إلى قوة كبيرة تشعل نارها، يكفي عود ثقاب على حين غفلة وانشغال، ثم ستمد النار نفسها بالطاقة، وتحول ما حولها إلى مدد وحطب! أخطر ما قرأت بعد جريمة الأحساء، تعليق قادم من مَواطِن الابتلاء والفتن الطائفية، يعلق على الحادثة، ويقدم خطابه باسم الخبرة والتجربة، ويرثي لحال البسطاء والمغفلين الذين يدينون هذا الحادث ولا يستفيدون من دروس المرحلة! إن الفتن الطائفية صنعت خبراءها، وأصبحوا باسم الخبرة والتجربة ينقلون الأزمة والفتنة، «وفيكم سماعون لهم». هذه الأصوات هي أخطر ما يكون على استقرارنا وتعايشنا وأمننا العام. ومهما كانت النية صالحة فإنه لا يجوز التهاون في تعرية مضمونها بالدليل والخبرة والبرهان. قبل الفتنة الطائفية يستطيع العقلاء أن يتحدثوا ويسمع لهم، أما إذا بدأت الفتنة فإنها أول ما تلتهم أصوات العقلاء من كل طائفة، حيث تتقدم العاطفة ويتأخر العقل، ويحضر الثأر ويغيب الحل، وتغدو الحجة القوية محل استفزاز وسَخَط وليست محل تأثير وإقناع. ولذلك علينا أن نستثمر أوقات الأمن والاستقرار في بناء وعي راسخ يستنكف من هذه الفتن، وألا نكتفي بالإدانة العاجلة. إن إدانة الفتن الطائفية لا تعني موافقة الطوائف على ما معها من عقائد، ولا تعني عدم الحذر والحيطة من المندسين داخل كل طائفة، ولا تعني عدم اكتراثنا بما يحصل من ظلم وإجرام في بقية البلدان.. لكنه يعني الوقوف بحزم دون انتقال الأزمة إلى عقر دارنا، ويعني التأسي بالهدي النبوي حين جعل من المدينة مثالا رائعا في الاستقرار والتعايش على ما فيها من المشركين واليهود والمنافقين. وهم على كفرهم وضلالهم آمنون على دمائهم وحقوقهم.
إن خبراء الفتنة يريدون منا غيرةً على دين الله تزيد على غيرة رسول الله وأصحابه في المدينة! ويريدون أن نمحو تاريخا طويلا من التعايش من أجل تجربة عابرة!
ويريدون أن نتخلى عن فهمنا لشريعة الله وما يوجبه العقل والحكمة من أجل خبرتهم وتجربتهم! وهذه الأصوات في غاية الخطر والضرر مهما كانت نواياها حسنة، ومهما التمسنا لها العذر من تجاربها الخاصة.
*صحيفة مكة أون لاين