مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/10/07 09:33
"واشنطن بوست": الغنوشي منقذ الثورة التونسية

بقلم: كارول جياكومو / صحيفة "واشنطن بوست"

 
في خضم فوضى الشرق الأوسط، لا يزال هناك مكان واحد خارج منطقة كوارث: إنه تونس حيث ولد الربيع العربي، وحيث يستمر الدفاع عن حلم التعايش بين الإسلام والديمقراطية -ووضعها موضع التطبيق- من قبل أشخاص مثل راشد الغنوشي مؤسس حركة النهضة، الحزب الاسلامي الرئيس في البلاد. 
 
السنوات التي تلت ثورة 2011، بعد الإطاحة بالرئيس التسلطي زين العابدين بن علي، بالكاد كانت سلسة، كما لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين فيما تستعد تونس لإجراء انتخابات تشريعية في 26 أكتوبر والانتخابات الرئاسية بعد شهر. 
 
لكن السيد الغنوشي مقتنع بأن "ديمقراطيتنا هي الرد الحقيقي على الإرهاب"، وهو متفائل أيضا في أن تونس ستنجح، وأن بلدانا أخرى في المنطقة ستحذو حذوها، على الرغم من العنف في العراق ومصر وسوريا وليبيا. 
 
وقال الغنوشي خلال اجتماع في مقر نيويورك تايمز الأسبوع الماضي: "إذا اخترنا عنوانا للديمقراطية التونسية، أود أن استخدام كلمتين: الإجماع والتوافق بين الإسلام والديمقراطية". وأضاف: "أعتقد أننا من خلال هذا الأسلوب قد أنقذنا تجربتنا، حيث منعنا تجربتنا من الانهيار في العام الماضي".
 
وكان السيد الغنوشي قوة مؤثرة في الفكر الإسلامي، منذ فترة طويلة، حول هذه القضايا. بعد عشر سنوات من التعذيب والسجن في ظل الأنظمة القمعية التونسية، هرب إلى لندن. قضى 22 عاما هناك قبل عودته إلى بلاده في عام 2011، بعد أن أحرق بائع الفاكهة في مدينة سيدي بوزيد نفسه كوسيلة احتجاجية، ليطلق بها شرارة ثورات الربيع العربي. 
 
وفي عام 2011، أيضا، فاز حزب النهضة بأكبر حصة في أول انتخابات تعددية في تونس، وتشكلت في إثرها حكومة ديمقراطية ائتلافية بين ثلاثة أحزاب. بعد ذلك بعامين، أدى اغتيال اثنين من شخصيات المعارضة البارزة إلى تجدد الاحتجاجات واتهمت النهضة بالتطرف والعنف، مع أن السيد الغنوشي يؤكد: "أعتقد أن التطرف والإرهاب ضد الإسلام". 
 
بعد مفاوضات مطولة، وافق الحزب على التخلي عن قيادته للحكومة لصالح رئيس وزراء تكنوقراطي. وقد مهد هذا الطريق للبرلمان لاعتماد دستور جديد أكثر تقدمية في يناير عام 2014، وسَع مجال الحريات المدنية والسياسية ودور المرأة. 
 
يقول السيد الغنوشي إن النهضة آثرت التنحي و"التضحية" بالمنصب انطلاقا من أن "مصالح الديمقراطية هي أفضل وأغلى لدينا من مصالح الحزب". 
 
وبينما اعتُبر الدستور إنجازا كبيرا، فإن الانتخابات القادمة ستختبر قدرة تونس على التمسك بالمسار الديمقراطي والانتقال السلمي من حكومة إلى أخرى. 
 
فالبلاد لا تزال تكافح من أجل إصلاح مؤسسات الدولة ومواجهة المشاكل الاقتصادية والتعامل مع المخاوف الأمنية، بمن فيهم اللاجئون الذين يتدفقون من ليبيا، مجموعة أنصار الشريعة وحوالي 2500 من الإسلاميين الذين ذهبوا للقتال مع تنظيم الدولة الإسلامية، كما لا يزال انعدام الثقة بين الإسلاميين والعلمانيين قضية مطروحة.
 
ومع ذلك، فإن تونس سارت بخطوات أكبر من معظم البلدان في الشرق الأوسط، بصغر حجمها، جيش ليس له تاريخ في السياسة، طبقة وسطى ومواطنون متعلمون بشكل جيد نسبيا. كما لا يعاني من نفس الانقسامات الطائفية والقبلية كما في البلدان الأخرى.
 
واحدة من الرسائل الرئيسية للسيد الغنوشي خلال زيارته للولايات المتحدة هو ضرورة استمرار المساعدات الأمريكية لتونس. ذلك أن هناك خطرا حقيقيا من أن اهتمام واشنطن، ومواردها المحدودة، وسوف تستهلكها حرب جديدة ضد الدولة الإسلامية (داعش).
 
وسيكون ذلك خطأ فادحا. فالعمل العسكري ليس سوى طريقة واحدة محدودة للتعامل مع المتطرفين. غير أن الحل الأكثر صمودا واستمرارية هو بناء دولة قوية ديمقراطية، يمكنها أن تعالج الأسباب الجذرية للتطرف. تونس رهان جيد ويستحق من أمريكا أقصى جهد.
*خدمة العصر
أضافة تعليق