الزمان : الثامنة مساءاً ..
المكان : نادي المستقبل وضواحيه .
المناسبة : بدء إجازة الصيف .
الحالة : ذروة الإرسال .
ما إن أرخى ستار نافذته واحتجب عن الناس إذ أمسى تراوده فكرة ( جبران ) التي أدمن تعاطيها وجبلة عليها ذاته ، ( جبران ) الذي حكم على مواهبه بالكبت وعلى أفكاره بالهجر وعلى قدراته بالأسر حتى إشعار آخر ، وتسلح بأسلوب السيد عادي كحل سريع لداء مرير يفرض عليه العزلة والإنجاز الشخصي متناسي أنه يتعايش في شبكة إنسانية يغلب عليها التخاطب الفعال أكثر من الصمت القاتل ، والرصد الأخروي أكثر من الرقابة البشرية ، تتجاذب مؤشرات هذه الشبكة بين الارتقاء والانتكاس وفق معياريين ( إيجابية العطاء ) و ( سلبية الأخذ )
( جبران ) كان قراره بالأمس وأصبح طريقه اليوم مبني على الأنانية وحب النفس وفي أجمل الظن يبنى على ( سوء الفهم ) ليحكم على ذاته دائماً وأبداً أن تكون في جانب المدعو لا جانب الداعي وفي كفة المستهدف لا كفة من يضعون الأهداف .
( انا مشغول ) على حافة لسانه كيف لا وقد ملئ ثواني ودقائق حياته بذاته ونسي الآخرين ، وجند غيره في مشروعه ولم يفكر أن يكون عامل نجاح في مشاريع الآخرين ، ضم أسمه واسماء عائلته إلى سجل هذه الأمة ولم يخطر على باله أن يوفر في رصيدها بعض الدقائق . وفي حقيقة الأمر فإن ( إضاعة الوقت ) لعبة تمرس واحترف فنونها .
حاول خلانه ومحبوه أن يعيدوا له مذاق الحياة أشاروا إليه أكثر من مرة أن يعطي أكثر لطموحه الخاص ويمنح طموحاتهم الأمل ، ليتلازم طريقه بين الإزدهار الذاتي وبريق العطاء ولكن باءت محاولاتهم بالفشل حتى رقمه الخاص لا يجيب إلا عفواً فلان خارج نطاق التغطية .
عرضت عليه قصص شتى لكنه لم يقف عند حكاية الراشد في ( ويصنع الحياة ) إذ يقول في مطلعها :
( قد كنت فى الأيام الخوالى ألاطف إخوانى فأفتش على أحذيتهم! .
ليس على نظافتها وصبغها ورونقها، كالتفتيش العسكرى، بل على استهلاكها وتقطعها والغبار الذى عليها، وأقلبها فأرى النعل، فمن كان أسفل حذائه متهرئاً تالفاً فهو الناجح، وأقول له: شاهدك معك: حذاؤك يشهد لك أنك تعمل وتغدو فى مصالح الدعوة وتروح، وتطبق قاعدة : (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قول اتبعوا المرسلين)، وبكثرة حركتك تلف حذاؤك، فأنت المجتاز المرضى عندى.
قال (صباح): قد والله بعد عشرين سنة يأخذنى تأنيب الضمير كلما رأيت حذائى لا غبار عليه، وأتذكر ذاك التفتيش!
فاختر لنفسك أخى أن تكون صباحاً، أو أن تنام حتى الضحى، ولكن يلزمك أن تعرف أن علامة التوفيق: الكد والتعب والسهر، ولذة الأحرار إنما يفجرها البذل، ولو عرف المتجنبن المنعزل ما يغمر المتلف لنفسه فى الله من نشوة وفرح غامر لزاحمه وسابقه ونافسه، ولكن فاقد الشىء لا يعطيه، وقد يحرم المرء نفسه اللذائذ جهلاً أو إذا اختل عنده الميزان وكان حسابه غلطاً ...
وماهي إلا سنين وإذا به يقف في نهاية الطريق على لافته كتب عليها
( فلان ) كنانته خالية من الخلان ومن حلاوة الإيمان
المكان : نادي المستقبل وضواحيه .
المناسبة : بدء إجازة الصيف .
الحالة : ذروة الإرسال .
ما إن أرخى ستار نافذته واحتجب عن الناس إذ أمسى تراوده فكرة ( جبران ) التي أدمن تعاطيها وجبلة عليها ذاته ، ( جبران ) الذي حكم على مواهبه بالكبت وعلى أفكاره بالهجر وعلى قدراته بالأسر حتى إشعار آخر ، وتسلح بأسلوب السيد عادي كحل سريع لداء مرير يفرض عليه العزلة والإنجاز الشخصي متناسي أنه يتعايش في شبكة إنسانية يغلب عليها التخاطب الفعال أكثر من الصمت القاتل ، والرصد الأخروي أكثر من الرقابة البشرية ، تتجاذب مؤشرات هذه الشبكة بين الارتقاء والانتكاس وفق معياريين ( إيجابية العطاء ) و ( سلبية الأخذ )
( جبران ) كان قراره بالأمس وأصبح طريقه اليوم مبني على الأنانية وحب النفس وفي أجمل الظن يبنى على ( سوء الفهم ) ليحكم على ذاته دائماً وأبداً أن تكون في جانب المدعو لا جانب الداعي وفي كفة المستهدف لا كفة من يضعون الأهداف .
( انا مشغول ) على حافة لسانه كيف لا وقد ملئ ثواني ودقائق حياته بذاته ونسي الآخرين ، وجند غيره في مشروعه ولم يفكر أن يكون عامل نجاح في مشاريع الآخرين ، ضم أسمه واسماء عائلته إلى سجل هذه الأمة ولم يخطر على باله أن يوفر في رصيدها بعض الدقائق . وفي حقيقة الأمر فإن ( إضاعة الوقت ) لعبة تمرس واحترف فنونها .
حاول خلانه ومحبوه أن يعيدوا له مذاق الحياة أشاروا إليه أكثر من مرة أن يعطي أكثر لطموحه الخاص ويمنح طموحاتهم الأمل ، ليتلازم طريقه بين الإزدهار الذاتي وبريق العطاء ولكن باءت محاولاتهم بالفشل حتى رقمه الخاص لا يجيب إلا عفواً فلان خارج نطاق التغطية .
عرضت عليه قصص شتى لكنه لم يقف عند حكاية الراشد في ( ويصنع الحياة ) إذ يقول في مطلعها :
( قد كنت فى الأيام الخوالى ألاطف إخوانى فأفتش على أحذيتهم! .
ليس على نظافتها وصبغها ورونقها، كالتفتيش العسكرى، بل على استهلاكها وتقطعها والغبار الذى عليها، وأقلبها فأرى النعل، فمن كان أسفل حذائه متهرئاً تالفاً فهو الناجح، وأقول له: شاهدك معك: حذاؤك يشهد لك أنك تعمل وتغدو فى مصالح الدعوة وتروح، وتطبق قاعدة : (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قول اتبعوا المرسلين)، وبكثرة حركتك تلف حذاؤك، فأنت المجتاز المرضى عندى.
قال (صباح): قد والله بعد عشرين سنة يأخذنى تأنيب الضمير كلما رأيت حذائى لا غبار عليه، وأتذكر ذاك التفتيش!
فاختر لنفسك أخى أن تكون صباحاً، أو أن تنام حتى الضحى، ولكن يلزمك أن تعرف أن علامة التوفيق: الكد والتعب والسهر، ولذة الأحرار إنما يفجرها البذل، ولو عرف المتجنبن المنعزل ما يغمر المتلف لنفسه فى الله من نشوة وفرح غامر لزاحمه وسابقه ونافسه، ولكن فاقد الشىء لا يعطيه، وقد يحرم المرء نفسه اللذائذ جهلاً أو إذا اختل عنده الميزان وكان حسابه غلطاً ...
وماهي إلا سنين وإذا به يقف في نهاية الطريق على لافته كتب عليها
( فلان ) كنانته خالية من الخلان ومن حلاوة الإيمان