مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
قراءة تصنيفية  لمقالة الرئيس فلادمير بوتين
السيدة عنيبة-خاص بالوفاق
1/10/2013م
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة تصنيفية لمقالة الرئيس فلادمير بوتين
’’ماذا لدي بوتين ليقوله للأمريكيين بشأن سوريا؟’’
أكتب هذه السطور لأبين نقاط مفصلية في خطاب و فكر الرئيس بوتين عبر مقالته التي كتبها في النيويورك تايمز يخاطب فيها الشعب و النخبة الأمريكيين في قضية سوريا الملتهبة. و قد إخترت بعض الفقرات التي همتني شخصيا و لعلي أهملت نقاط أخري وردت في مقالته.
أوضح أمر للقراء الكرام، لا أكتب عن الرئيس بوتين للدعاية له، فهو ليس في حاجة لقلمي و لا أكتب عنه إنحيازا للخط السياسي الذي يمثله في أوروبا و آسيا و إنما أخصص له هذه المقالة لأنه سياسي أروربي روسي بارع، رجل محنك، مسؤول سابق في جهاز المخابرات الروسية، أثبت بما لا يدعو للشك أنه صاحب رؤية مغايرة لرؤية واشنطن و بكين. فكما شهد بذلك الرئيس بوتين في إجتماعاته المغلقة مع هيئة أركان حكمه:
’’نحن نقرر مصيرنا بإعتبار أن الإسلام و المسلمين جزء طبيعي و رئيسي في جسم روسيا الفيدرالية. ’’ و هنا ندرك أن المواقف التي يظهرها الرئيس بوتين ناحية قضايا مثل الشيشان و سوريا تبدو لبعضنا مواقف متصلبة و متشددة ضد الإسلام! لهذا يتوجب علينا تسليط الضوء عليها ليس من زاوية التنديد السهل و لكن من أجل قراءة فاحصة للموقف الروسي لأنه إن كان غدنا آسيويا مع إنحسار دور أمريكا، غدنا سيكون روسيا أيضا بإعتبار أن الرئيس بوتين يحضر لدور روسي أكبر بكثير مما هو عليه الآن في إدارة شؤون العالم و المسلم الكيس عليه أن يكون فطن لم يحاك ضده أو له.
فقد تعلمت من تجربتي المهنية في مجال متابعة الأوضاع الجيوسياسية عبر العالم و علي مستوي خط موسكو واشنطن أن الرئيس بوتين هو أكثر رجال الدولة في العالم الذي يعني ما يقول، فهو حينما يصرح نفهم علي الفور أن ما جاء في تصريحه لا يتضمن مراوغة، لف أو دروان أو كلام مبطن أو تلميحات.
لهذا أدعو قاريء المقالة المنشورة باللغة الإنجليزية علي صفحات جريدة نيويورك تايمز أن يقرأ فقرة فقرة و بتأني ما جاء فيها :
في الفقرة الثانية من مقدمة مقالته، يقول بوتين ’’كان لمؤسسي الأمم المتحدة تصور يقضي بأن قرار الحرب و السلم يأخذ بالتوافق بين الأعضاء.’’ و أضاف :’’مع موافقة أمريكية، وقع تضمين ميثاق الأمم المتحدة حق الفيتو لصالح أعضاء مجلس الأمن.’’
في هذه النقطة بالذات وضع بوتين الإصبع علي الجرح، فهو ذكر القاريء الأمريكي بالفعلة الغير الأخلاقية لإدارة بوش بشن حرب علي العراق متجاوزة الأمم المتحدة و طبعا مجلس الأمن، أسلوب الرئيس بوتين معروف بأنه يستعمل لغة تذكر الجميع بمباديء بديهية في العلاقات الدولية لكن نتيجة غطرسة الإدارة الأمريكية و تعاليها فكثيرة هي القضايا التي عانت الأمرين من جراء سياسة واشنطن التميزيية.
نحن نعيش علي وقع الذكري 20 لإتفاقيات أوسلو-واشنطن و نلاحظ تعامل الإدارة الأمريكية مع ملف فلسطين و ما يسمي بقيام دولتين واحدة إسرائيلية علي ¾ الأرض التاريخية من فلسطين و قيام دولة ثانية فلسطينية علي أقل من ربع واحد من الأرض و كيف أن عدم تحقق شيء من ذلك لم يحرج علي الإطلاق إدارة أوباما أو سابقه بوش بل كل هم هؤلاء أن يجدوا تبريرات لموقفهم الهزيل في ملف سوريا!!
هذا الملف الذي أسقط الأقنعة عن الوجوه و من ساهم في إسقاط هذه الأقنعة بقدر كبير، كان الرئيس بوتين الذي قرر في هذه المرة أن ينزل بكل ثقل روسيا في قضية تعد جوهرية لإثبات للعالم أن الوضع الدولي علي ما هو عليه غير قابل للإستمرار.
و في الفقرة الموالية، ينبه الرئيس بوتين إلي ما يلي :
’’لا أحد يريد أن تشكو الأمم المتحدة مما عانته عصبة الأمم عندما إفتقدت لثقل حقيقي و هذا يصبح ممكنا عندما تتجاوز بعض الدول المؤثرة الأمم المتحدة و ترخيص مجلس الأمن الدولي.’’
و هنا مرة أخري يظهر الرئيس بوتين إحدي نقاط ضعف مؤسسة دولية مثل الأمم المتحدة و بالنسبة لنا كمسلمين إن صدقنا كذبة هيكل دولي مثل منظمة الأمم المتحدة فعلي هذه المؤسسة أن تخضع لرزمة قوانينها الداخلية و التي تأخذ الطابع الدولي و تنصاع لها كل الدول الأعضاء فيها. فلاحظ و بحق الرئيس بوتين، أن عصبة الأمم إختفت كتنظيم سياسي دولي بفعل تجاوزات قامت بها بعض الدول الكبري مهملة دور المنظمة المؤسسة لتجمع كل الدول و تسوي النزاعات فيما بينهم، و هذا في حدود علمنا لم تحققه الأمم المتحدة لكن مجال نفوذ و عمل مجلس الأمن الذي وقع تضخيمه أصبح غير معترف به من طرف دولة عظمي و هي الإدارة الأمريكية التي تتصرف بحرية فيها قدر كبير من التمرد الغير الشرعي و قدر أكبر من الإحتقار لبقية دول العالم.
في الفقرة التالية، يقدم الرئيس بوتين علي التعبير عن موقف يستحق منا وقفة:
’’إمكانية ضربة أمريكية لسوريا و رغم معارضة لكثير من الدول و أهم الزعماء السياسيين و الدينيين لها بما فيهم البابا سيتمخض عنها مزيد من الضحايا و التصعيد.’’
لأصدق مع قرائي الكرام، قرأت بعض تعليقات الصحافيين الغربيين ممن قرءوا مقالة الرئيس بوتين و قد تجرأوا علي التنديد إستشهاده بموقف البابا من ضربات عسكرية أمريكية ضد مواقع الجيش السوري، فكأن الرئيس بوتين إرتكب محرما من أكبر المحرمات بتعرضه لموقف البابا كبير رجال الكنيسة الكاثولكية!! هنا علينا بالتساؤل، طيب ما الضرر من ذكر موقف البابا ؟
أم أن ذكر موقفه جعل الرئيس بوتين يخلط بين الدين و السياسة ؟ هل هذا ما أثار غضب و سخط الإعلاميين الغربيين و المحللين السياسيين ؟

و لأوضح نقطة أخري، كثيرون عبر العالم العربي أولوا الموقف الروسي مما يجري في سوريا علي أنه إنحياز فاضح إلي جانب الطاغية الأسد و هذا تأويل فيه الكثير من التبسيط الساذج، لأن الرئيس بوتين أكثر الرؤساء دهاءا، فهو علي خلاف لندن و باريس و واشنطن يكره اللون الرمادي فهو إما أسود أو أبيض، ماذا أعني بهذا التوصيف ؟
أعني أن الرئيس بوتين يعترف صراحة بأن الأسد إرتكب أخطاءا فادحة و أن عجلة الإصلاحات الفعلية التي تؤدي إلي إنتخابات رئاسية و تشريعية فعلية و ليس صورية تأخرت جدا في سوريا و قال أيضا أن من يتحمل وزر ما سماه بالحرب الأهلية الجارية في سوريا هو الرئيس الأسد و المعارضة علي السواء و أنه إن تأكد فعليا بأن المجرم الطاغية يكون قد إستعمل أسلحة كميائية ضد شعبه فلن تتأخر روسيا في توجيه له ضربة عسكرية. مثل هذه التصريحات لم تأتي علي لسان فلادمير بوتين لمجرد الإستهلاك الإعلامي و الشعبي بل كل ما قاله كان يقصده و صرح بأمور في الكواليس لم تتناقلها وسائل الإعلام العالمية لأن مهمتها أصبحت ببساطة صرف أنظار الرأي العام العالمي عن جوهر الصراع الدائر في العالم.
القضية لم تكن أبدا حرية الشعب السوري و حقه الشرعي في الحصول علي نظام سياسي ديمقراطي نزيه، بل كل هم واشنطن و بقية العواصم المؤثرة كان منذ البداية كيف نؤمن أمن الكيان المدلل في فلسطين المحتلة !!
هذا و سياسة بوتين في المنطقة لم تراعي الحفاظ علي نظام الأسد بقدر ما كانت تبحث عن سبل تأمين حدود روسيا من جهة إيران هذه الدولة الإقليمية التي تسبب صداع رأس لموسكو منذ زمن طويل و التي أرسلت عدة رسائل مباشرة لبوتين بخصوص ملف سوريا و آخر رسالة كان مضمونها ما يلي :
’’سيد الرئيس بوتين عليك أن تدرك بأنه في حالة ما وجهت فعليا ضربات عسكرية ضد نظام الأسد، فلن نبقي مكتوفي الأيدي في إيران و سنتدخل أكيد.’’ و هذا الكلام للرئيس الإيراني الجديد السيد روحاني.
إذن لنتصور موقف الرئيس بوتين هو الذي كان يري دائما بإتجاه امريكا علي أن سياساتها هي السبب الرئيس في التوترات الإقليمية التي تعرفها المنطقة و دولة روسيا الفيدرالية هي الأقرب جغرافيا و بشريا من منطقة قلب العالم العربي الإسلامي ’’الشام’’.
لنعود إلي المقالة، يمضي في فقرته الرئيس بوتين قائلا:’’ قد تؤدي الضربات العسكرية ضد سوريا إلي توسيع دائرة النزاع خارج حدود سوريا و بإمكانها أيضا تدمير مختلف الجهود لحل مشكل الملف النووي الإيراني و النزاع الإسرائيلي الفلسطيني و قدما سيهتز إستقرار الشرق الأوسط و شمال إفريقيا و إمكانية أيضا إنهيار مجموع النظام الدولي القانوني و الإخلال بالتوازن القائم.’’
الفقرة في الأعلي أوردت معناها و ليست ترجمة كاملة لكلام الرئيس بوتين في الجملة الطويلة الواردة علي لسانه في مقدمة مقالته.
طيب الرجل الروسي الأول متخوف مما سيلي الضربات العسكرية الأمريكية لنظام الأسد و عيناه منصبتان علي الملف النووي الإيراني و علي ما سماه بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني بينما واقع الحال في هذا الملف الأخير يشي بخلاف كلمة النزاع بل ما هو قائم حاليا بين فلسطينيين و إسرائيلين حالة توافق علي حتمية السلام المذل للطرف الفلسطيني و شيطنة مبدأ المقاومة المسلحة، لهذا اختلف مع توصيف الرئيس الروسي لمصطلح النزاع.
النظرة الروسية معروفة بربطها لمختلف القضايا المطروحة علي ساحة العالم العربي الإسلامي، فبحسب الكرملين كل شيء مترابط و ملف إيران له إنعكاساته علي كل دول الجوار و الإقليم و إلي أبعد من ذلك و نفس الشيء مع قضية فلسطين و سوريا و ليبيا و مصر و إلخ...
من الجهة الأخري من الأطلسي، في واشنطن هم يحرصون علي تجزئة و بعثرة كل القضايا بإعتبار أن خطة عملهم قائمة علي نفي أي علاقة بين كل قضية و قضية أخري، ففلسطين تعني فقط الفلسطينيين لوحدهم و لا أحد من المسلمين أو العرب له الحق في التدخل في هذا الملف و نفس شيء في علاجهم لملف العراق، إقامة نظام موال لأمريكا في العراق شأن عراقي بحت و لا بأس من إستئذان واشنطن لتكون العلاقة مميزة بين بغداد و طهران و هكذا دواليك.
فنري حجم الخلاف بين واشطن و موسكو ؛ أوباما يفرق و يشتت و بوتين يجمع و يربط، الأول يخاطب شعبه الأمريكي علي أنه مخلوق من طينة خاصة و الثاني يذكر شعبه و بقية شعوب العالم أن البشر كلهم خلقهم الرب و هم سواسية جميعهم!
و طبعا ينظر الرئيس بوتين للتوازن الحالي في منطقتنا الحيوية من زاوية خاصة، لا أدري إن كنا كدول عربية و مسلمة نتمتع بإستقرار! فإستقرارنا هش لا يعتمد علي تفوق حضاري عسكري واضح، نحن نستهلك أدوات الحضارة المبتكرة في طوكيو، بكين، سيول، لندن و واشنطن و نشتري سلاح لا نحسن إصلاحه عند عطبه، لهذا ما هو هذا الإستقرار الذي يحرص الرئيس بوتين للحفاظ عليه ؟
إنه إستقرار الأمر الواقع و الرئيس بوتين ليس حريص عليه كما نتصور، فالوضع القائم الآن في بلادنا لا يريح الجانب الروسي لأن دفة الأمور عندنا تقودها واشنطن بمزاجية كبيرة و إنما ما يخشاة الرئيس بوتين أن الوضع الهش جدا كما هو، بإمكانه أن يسوء و ينهار دفعة واحدة و هنا الكارثة!
فما حرص علي تفاديه الرئيس كنيدي، من المفارقة أن الرئيس بوتين أحرص منه في تجنبه و هو إنفجار الترسانة النووية الإسرائيلية في قلب الأرض المقدسة للمسيحيين الكاثوليك و الأرثودوكس!!!
فمن الغير الحكمة أن ننظر إلي الملف السوري بمنأي عن الوضع القائم في منطقة الشام برمتها، الوضع في العراق قابل للإنفجار الرهيب في أي لحظة. في فلسطين. إستشعار الخطر بإمكانه أن يدفع الصهاينة إلي الحل الراديكالي، في سوريا لم يعد للأسد ما يخسره و في لبنان حزب الله سيقبل بأي شيء إلا أن يقطع عنه طريق المدد من إيران عبر سوريا، فلنتصور حجم الخطر المضاعف لضربات عسكرية أمريكية!!!
و أما الإشارة المفصلة للرئيس بوتين للأطراف المتنازعة في أرض سوريا، سأكتفي بإبداء ملاحظة واضحة :
لماذا هؤلاء العرب و المسلمين من السوريين و الغير السورين لا يتحدون في جبهة واحدة ليكتفوا بالدفاع عن الأهالي السوريين الأبرياء المعرضين للإضطهاد النظام الأسدي البعثي ؟
لماذا لا يدافعون عوض أن يهاجموا في جماعات متفرقة هذه جهادية و أخري مقاتلة ؟ هذا فصيل علماني و الآخر ذو طابع ديني و من الجهة الأخري جيش سوري مدعوم مذهبيا من طرف كل الرجال الذين جندوا في مختلف بقاع كوكب الأرض ؟
أي جنون هذا ؟ أي مصاب جلل هذا ؟
نفعل بأنفسنا ما لم يفعله العدو بنا!!!
ثم لأعود إلي الملاحظة الحادة التي عبر عنها الرئيس الروسي لنظيره البريطاني في إجتماع 8 ببريطانيا و هي خارج سياق المقالة إلا انه يتعين علي التنويه بها :
’’هل يعقل سيد كاميرون أن تناصروا جهادي سوري يأكل أحشاء بطن ضحيته من جنود الجيش السوري ؟ هل يعقل أن يصل بكم العمي السياسي لهذه الدرجة بحيث تتجاهلون أن بين هؤلاء ما تسمونهم بالثوار وحوش ؟’’
أذكر أنني أبديت نفس الملاحظة لرئيس تحرير مجلة العصر السيد خالد حسن ، فرد علي بأن تلك الحادثة المؤسفة، معزولة.
لأقولها بكل صدق للقراء الكرام : كيف يعقل أن نصف مثل هذا السلوك الوحشي بحادثة معزولة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أصلا لماذا وقع هذا السلوك البربري الهمجي بإسم عقيدة موحدة حفظت للشجر و الحيوان كرامتهم. فكيف بالبشر و خاصة أسري حرب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ليست مثل هذه السلوكات حوادث معزولة و لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا بالتغاضي عنها، لأنها تكررت في مواقع عدة عبر الخمسون سنة الأخيرة و هل نسينا ما جري في الجزائر. فبحسب شهادة أحد الحراس الأمنيين لأحد الوزراء الجزائريين ممن قابلتهم شخصيا و قد أدلي لي بهذه الشهادة المذهلة، أنه رأي بأم عينيه في مسرح مذبحة علي أبواب العاصمة الجزائرية:
’’جثة طفل ألقي به علي الأرض حيا و بطنه علي التراب، فإذا بقاتله أخذ فأسا حادة و هوي بها علي ظهر الطفل ليرديه قتيلا بأبشع صورة فقد فصل عموده الفقري إلي إثنين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هل مثل هذا التقاتل من صميم عقيدتنا الإسلامية و لا يهمني من قام بهذه الجريمة هل هي الدولة الجزائرية أم المعارضة الجزائرية المسلحة، فما يهمني أن القتلة مسلمون يشهدون بلا إله إلا الله محمد رسول الله!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
كيف سيناريو التقاتل ولج إلي أرض سورية ؟ من سمح بالتدفق البشري من الجهتين بإسم ماذا يا رب ؟ كيف نتقاتل و علي ماذا ؟
يسقط الإستبداد بوسائل سلمية غير التقاتل، ألم يطرد الشعب الصربي من السلطة المجرم سلوبودان ميلوسفيتش بالإكتفاء بالإعتصام المدني السلمي في كل شوارع بلغراد و المدن الكبري الصربية ؟ لماذا نحن المسلمين نلجأ إلي أبغض وسيلة عند الله ألا و هي سفك الدماء لنقتص لأنفسنا ؟
هل فكر حاملوا السلاح في سوريا أن القتال الذي إنجرت عنه معارضتهم للنظام المستبد ستجلب لمائة سنة الآتية علي شعب سوريا ويلات الجراح النفسية و الجسدية التي لن تندمل ؟
هل فكروا في براءة أطفال ولدوا ليحرقوا أحياءا بصورايخ الأسد أو بمادة سارين ؟ ألم يكن يجدر بالمعارضة السورية في الخارج أن تفكر جديا في تجنيب الشعب السوري مزيد من الويلات علي يد حاملي السلاح ثم إن الرد علي إنتهاكات حقوق الإنسان الذي يرتكبها النظام السوري ليست بهذه الصورة البشعة التي تجعل شعب بأكمله بين المطرقة و السندان!!!
و في فقرة موالية يقول الرئيس بوتين ما يلي :’’نحن لا نحمي الحكومة السورية بل القانون الدولي.’’ و هنا لا بد لنا من وقفة أخري، لماذا لا نصدق الرجل عندما يقول بأن همه ليس إدامة نظام الأسد المجرم بل الدفاع عن قانون دولي أصبح في مهب الرياح بفعل سياسات أمريكية متغطرسة.
لاحظت لي أخت أحترمها و هي من التيار الإسلامي بشيء من الحدة: يا عفاف لماذا تعطين كل هذه الأهمية للقانون الوضعي ؟
لأنه ببساطة ترك الله عز و جل لنا حرية التقنين لأنفسنا فيما سكت عنه و ملأ القرآن الكريم بأوامر صارمة في إعمال العقل و الفكر للتعامل مع أمور الحياة ثم نحن نعاني من غلبة الجنس الأبيض و الأصفر حضاريا! فكيف بنا ننتحر لمجرد أن القانون الدولي وضعي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ليس الرئيس بوتين بالرجل المثالي، فهو لا يحلم و لا ينظر بل يعيش الواقع بمرارته السوداء لهذا فهو يري أن النظام العالمي سيسقط لا محالة إن لم يتضمن قدر من التوازن و العدل، شرطان غائبان تماما مع إدارة أمريكية أحادية للعالم و ها أننا رأينا ماذا فعلت الإدارة الأمريكية بالقضية الفلسطينية منذ 1993، أفرغتها من محتواها بحيث أصبح أطفالنا يضحكون لدرجة البكاء من القصة الهزلية المسماة فلسطين!!!!!!!!!!!!!
من الطبيعي أن يفكر الرئيس بوتين في رفعة روسيا و مصالح و مجال نفوذ روسيا، كل هذه الإعتبارات طبيعية لأي قوة عظمي إلا أن الرؤية التي يدافع عنها بشراسة بوتين، ألخصها فيما يلي :
Enough is enough.
و هذا أيضا إنطباعنا العميق، نعم نريد دخول نظام عالمي جديد و لكن ليس من صنع أمريكا، فما نحبذه كمسلمين أن يترك لنا حق تقرير المصير و نحن أذكياء بما فيه الكفاية لنضمن حد أدني من رعاية مصالح القوي العظمي في مجالنا الحيوي لكن كفانا وصاية متغطرسة علي رؤوسنا، أرواحنا، عقولنا و وجودنا.
و دائما في مجال حديثه عن القانون الدولي، قال الرئيس بوتين :
’’القانون يبقي قانون و لا بد لنا من إتباعه أعجبنا ذلك أم لا.’’
و هنا إشارة مباشرة منه للمزاج الأمريكي المتقلب فيما يخص تعامله مع القانون الدولي، فنحن رأينا كيف أن إدارة بوش فبركت الأدلة ضد نظام صدام حسين رحمه الله و شنت حربا علي العراق بدون الضوء الأخضر لمجلس الأمن، فبالله عليكم كيف لدولة عظمي مثل أمريكا أن تتصرف مثل الخارجين عن القانون و نسكت و نذل أنفسنا لها ثم نقيم الدنيا و لا نقعدها علي موقف موسكو من النظام المستبد في سوريا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال الرئيس بوتين في مقالته دائما :
’’بالنظر إلي القوانين الحالية القوة لا تستعمل إلا دفاعا عن النفس أو كقرار رخص به مجلس الأمن. أي شيء آخر غير مقبول تحت ميثاق الأمم المتحدة و ينظر له علي أنه عدوان.’’
فلادمير بوتين في هذه الفقرة واضح وضوح تام، كفانا من إستعمال القوة العسكرية خارج المقررات و القوانين الدولية!
قال أيضا الرئيس بوتين:
’’لا أنكر وقوع إستعمال الغاز السام في سوريا، لكن هناك أكثر من داعي يقول بأن هذا الغاز لم يستعمله الجيش السوري بل قوات المعارضة، لتتسبب في تدخل رؤساءها الأجانب الأقوياء و الذين يختفون خلف الأصوليين.’’
لنقف هنا، أولا الرئيس بوتين يقر بإستعمال السلاح الكميائي و قد سماه بالغاز السام، ثانيا ذكر نقطة هامة جدا و التي غيبتها وسائل الإعلام الدولية و العربية طبعا و المحللون السياسيون و تتمثل فيما يلي :
هل من مصلحة النظام الإجرامي للأسد أن يستعمل السلاح الكميائي في هذا الظرف بالذات و هو الذي كسب الجولات الأخيرة ضد المعارضة المسلحة ؟
و الرئيس بوتين مقتنع تماما أن مستعمل السلاح هذا هم الأصوليين الذين يمثلون الذراع الطولي لواشنطن في المنطقة، لا أدري إن كان الجهاديين في سوريا من عملاء واشنطن و هذا أستبعده لكنهم يتلقون السلاح و الدعم من دول الخليج العميلة الوفية لواشنطن!
إلا أن موقف الرئيس بوتين مبني علي هذا العامل المهم و هو : لدي المسؤولين الروس بصفة عامة قناعة تقول أن واشنطن مستعدة للتحالف مع الشيطان لتخدم مصالحها و هي قادرة علي فعل أي شيء لتصل إلي هدفها كان نبيلا أو قذرا.
المشكلة هنا تكمن في هذه المعضلة : ليس من مصلحة واشنطن و تل أبيب إزاحة الأسد الحارس الأمين للحدود مع الجولان المحتل!
و قد إستغل الفرصة بوتين ليرمي شوكة ناحية الحليف الإستراتيجي لواشنطن، تل أبيب، بقوله أنكم تشجعون الجهاديين الذي يخططون لضرب إسرائيل ( بين قوسين الرئيس بوتين، أحرص السياسيين الغربيين علي أمن إسرائيل لأنه يعلم علم اليقين بأن أمن إسرائيل يجنب العالم حرب نووية لا تذر و لا تبقي علي شيء.)
أليس كل هذا مثير للشكوك و الريبة ؟ فما جاء في هذا المقطع من مقالة بوتين يرمي بظلال حالكة علي واقع الحال في سوريا و غير سوريا، فالرئيس الروسي بشكل غير مباشر أثار قضية : من يحرص علي أمن إسرائيل عليه أن لا ينجر خلف كل ما من شأنه أن يزعزع الوضع القائم حاليا في المنطقة و هنا فعلا مربط الفرس.
لماذا ؟ لأن الخبراء الروس ينظرون هذا التنظير الجدير بالدراسة: الوضع القائم حاليا في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا يخدم بالدرجة الأولي مصالح إسرائيل العليا، فكيف نفسر التوجه العام من تل أبيب واشنطن باريس و لندن و بدرجة أقل برلين في خلط الأوراق بحيث يصبح أمن إسرائيل معرض لهزات عنيفة ؟
ما الذي يطبخ في الخفاء؟ هذا ما يود معرفته الرئيس بوتين.
قال في نهاية مقالته الرئيس بوتين:
’’يرد العالم بالتساؤل إن لم نعتمد علي القانون الدولي، عليك بالبحث عن سبل أخري لضمان الأمن و هذا العدد المتنامي للدول التي تبحث للحصول علي أسلحة دمار شامل و المنطق يقول: أن مالك القنبلة لا أحد سيعتدي عليه، في الوقت نفسه الذي نتحدث فيه عن لزومية عدم إنتشار أسلحة الدمار الشامل، مثل هذا المفهوم يتآكل.’’
إذن وصلنا إلي العقدة السياسية في كل ما يجري في قلبنا النابض الشام، إلي متي السباق للتسلح و التسلح بسلاح الدمار الشامل ؟ لفائدة من و ضد من سيستعمل و أول دولة جديرة بالمسائلة في هذا الميدان هي دولة العدو الغاصب في الأرض المحتلة ؟
ثم كيف يعقل أن تملك الدولة السورية سلاح دمار شامل متمثل في السلاح الكميائي و من غيرها في المنطقة يمتلك مثل هذا السلاح الفتاك ؟
إلي أين نحن سائرون و نحن نعاني من داء الإستبداد السياسي الذي جعل مبدأ التسلح بالسلاح المحرم أمرا جائزا و تقهقر هم تحرير فلسطين إلي الخلف و هل الدول العربية و المسلمة لها مصلحة في إستقلال فلسطين و دحر العدو الصهيوني ؟
ثم هذا القانون الدولي لماذا يطبق بطريقة تميزية جائرة و إلي متي تبقي واشنطن تنظر إلي العالم كأنه إصطبل من إصطبلاتها، تقرر متي تشاء إستعمال القوة العسكرية الضاربة و كيف لجيش الأطلسي أن يحمي الشعب السوري من الجيش السوري المتهم بإستعمال السلاح الكميائي ضد أبرياء و لم تطلع في الجو طلعة أمريكية واحدة عسكرية تضرب الأهداف الإسرائبلية التي كانت تقنبل غزة بالسلاح المحرم دوليا ؟
إلي متي الكيل بمكيالين ؟ إلي متي ؟ بالنسبة لي يعتبر موقف الرئيس أحد أكثر المواقف إتزانا أمام إدارة أمريكية خائنة لكل المباديء و هذا طبعا لا يبريء ساحة موسكو من الكثير من الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها و من أهمها بحث الرئيس بوتين علي تعاون إستراتيجي مع منافس أمريكي و ليس شريك موضوع في قائمة الجيش الروسي علي انه العدو الأول لروسيا !!!
ثم هل نحن واعون فعلا بمدي خطورة الموقف و الوضع برمته في أرض المسجد الأقصي ؟؟ نحن مهددون بالفناء الشامل من جراء ترسانة نووية صهيونية و الرئيس بوتين علي علم تام بأن قادة العدو لن يترددوا لحظة واحدة في إستعمال السلاح النووي إن رأوا وجودهم مهددا في أرض فلسطين و الحدود المفتوحة علي كل الإحتمالات من جهة مصر سوريا و لبنان مع العدو ، ستزيد من نسبة الأخطار المحدقة بشعوب المنطقة، فهل وضعنا في حساباتنا مثل هذه الإعتبارات الدقيقة و الخطيرة جدا ؟
أختم هذه الورقة بإيراد باللغة الإنجليزية آخر ما كتبه في مقالته القيمة الرئيس بوتين :
My working and personal relationship with President Obama is marked by growing trust. I appreciate this. I carefully studied his address to the nation on Tuesday. And I would rather disagree with a case he made on American exceptionalism، stating that the United States’ policy is “what makes America different. It’s what makes us exceptional.” It is extremely dangerous to encourage people to see themselves as exceptional، whatever the motivation. There are big countries and small countries، rich and poor، those with long democratic traditions and those still finding their way to democracy. Their policies differ، too. We are all different، but when we ask for the Lord’s blessings، we must not forget that God created us equal.

أضافة تعليق