بقلم عفاف عنيبة -خاص بالوفاق
أفضت جميع الثورات إلي تغيير ما، في وضعنا الحالي هل ما حدث في نهايات 2010 الموافقة لعام 1432 ه مفضي لا محالة إلي تغيير عميق الأثر و المدي في عالمنا العربي الإسلامي ؟
بعض المتشائمين خرجوا بتوصيف سلبي، بإعتبار أنه إلي حد ساعة الجماهير الواسعة لم تجني شيء من سقوط أنظمة إستبدادية في تونس، مصر، ليبيا، اليمن، هل فعلا المر كذلك و هل نقيس جدوي القيام بثورة بناءا علي إرهاصات ما بعد الثورة ؟
بينما الثورة كحدث ما هي إلا خطوة اولي علي درب طويل جدا، يستغرق من عمر الدول مئات السنين، أهم مكسب أن الناس طلقوا حالة الرعب و الخوف، و ادركوا قيمة أن تقول لا فعليا علي ارض الواقع بعيدا عن الشعارات الفارغة. ثم إن إصطفاف كل الشرائح و الطبقات الإجتماعية في صف واحد وراء مطالب مصيرية، هذا إنجاز آ’خر، في لحظة فارقة تناسي الجميع الخلافات و الإختلافات و ترفعوا عن أنانية الفرد و اللامبالاة، و هذه اللحظة من المنطقي ان تحدث زلزالا في نظام غستبدادي، لكن السؤال الأكثر أهمية : ماذا بعد سقوط رمز الإستبداد، الطاغية و زمرته ؟
هل ستنقلب الأحوال و تستقيم أوضاع الناس لمجرد أن الدكتاتور إختفي عن الساحة ؟ و هل التغيير في ذاته فعل يأتي من فوق ؟ أو أنه مشروط بإعادة سن رزمة قوانين تعيد النظر في القوانين و العلاقات التي تحكم مختلف الدوائر و النظم و الهياكل فيما بينها ؟ أم ان التغيير فعل فردي و جماعي في آن، ينهض إليه الجميع ؟
فعل التغيير في ذاته ذات دلالة رمزية و أهمية كبري، كيف سنتعامل معه، كنا أفرادا أم مجتمع مدني، هل سيكف المرتشي من طلب الرشوة هكذا فجأة بين عشية و ضحاها ؟ هل سيتوقف الكذاب من الكذب ؟ هل شاهد الزور سيستقيم و يترك كلية شهادة الزور ؟ هل المفرط، سينقلب حاله من وضع إلي آخر فجأة ؟
هل ستبدأ عملية ملاحقة الفساد و المفسدين في حينها و طبقا للقوانين الموجودة أم علينا بإنتظار سن دستور جديد و إعادة النظر في الكثير من القوانين التي يتضمنها مثلا قانون العقوبات ؟
بمعني هل الإنقلاب الذي تحدثه الثورة في الأوضاع السياسية سيتبعه إنقلابا في القيم و سيعاد النظر في معادلة تفعيلها ؟
طبعا، الإنقلاب الذي أعنيه هو ذلك الذي يقوم بتصحيح المفاهيم السائدة في عهد الإستبداد، فيستعيد مفهوم الإستقامة الأخلاقية مغزاه ليتحول إلي خلق تكرسه السياسة و التعليم و القوانين و أعراف المجتمع. و هذا التغيير يستلزم في الحد الأدني عمر جيل أي حوالي ثلاثة و ثلاثين سنة، فمجتمعاتنا بحاجة إلي إعادة ترتيب أولوياتها في ميدان مصيري مثل التعليم. فأركان الديمقراطية قوامها الإنضباط و تقييم صحيح لمسؤوليات المواطنة. هذا و الفصل في السلطات، يتطلب عمل دؤوب و حالة إستنفار دائمة، ليس في وقت قياسي نحصل علي نظام تعددي ديمقراطي و ليس بإمكاننا القفز علي مراحل.
و قد لاحظنا في العامين المنصرمين، شكل من اشكال الإنقسام حول تصور آلية التغيير، هذا و لكل تيار مشروعه بينما التوقيت الزمني الحالي لا يسمح لنا بتشتيت قوانا و الدخول في جدال عقيم حول من يجب أن يغير و ماذا سنغير و كيف نباشر في التغيير ؟ نري يوميا تقاتلا علي شاشات الفضية و في الشوارع حول ماذا و هل يعقل أن يصل بنا التهور إلي تناسي ما هو أعظم وحدة الشعب و مصالح الأمة العليا. ألا يجدر أن لا نكرر أخطاء الطغاة المطاح بهم ؟
كيف تتضخم الأنا لتأخذ مكان نحن ؟ كيف ننتقل إلي مرحلة التغيير الإستراتيجي و نحن نختلف حول أهم خطوات الفترة الإنتقالية ؟ لنتدارس تجارب الأمم التي سبقتنا إلي إقامة نظام عادل و سيادي، هذا و هل تناسينا أننا خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف و تنهي عن المنكر ؟
فالمتتبع لأحوالنا هذه السنين الأخيرة، تنتابه الحيرة الشديدة، فكل جماعة تريد لنفسها قصب السبق و الأ فضلية و السلطة، و هذا يخون الآخر لأتفه الأسباب بل سمعنا من يتهم معارضيه بأنهم اتباع الدجال و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. و أن يتحول الوضع إلي قتل المعارضين، فهذا لعمري نذير شؤم.
إلا أننا نفضل لغة العقل، لغة الحوار و التدافع باللتي هي أحسن بعيدا عن التجاوزات، فقوي الشر التي ساندت طويلا أنظمة الإستبداد قد إستنفرت كل قواها لتنال من عزيمة الثائرين و الشعوب المنتفضة. الحوار في سوريا مثلا لا ينفع بدون ضغط عسكري و الذي أدي إلي عسكرة الإنتفاضة الشعبية هو طبعا النظام السوري الذي قابل المظاهرات السلمية بالرصاص
إرادة التغيير ينبغي أن تقوم علي وعي الفاعلين في الساحة لخطورة الموقف و جدية التحدي، الرهان علي الفوضي و االمعارضة السلبية و تبادل افتهامات لم يخدم إلا الأعداء المتربصين. هذا و المحاسبة الذاتية و مراجعة الأداء السياسي بشكل منتظم من غير إنفعال أو تحيز، يعين كل الأطراف المعنية بتجاوز فترة إنتقالية شائكة و فيها الكثير من مطبات و ليتعالي كل واحد عن صغائر الأمور و لا نظن بأنفسنا خيرا، فنعتبر أننا فوق النقد و المراقبة.
أفضت جميع الثورات إلي تغيير ما، في وضعنا الحالي هل ما حدث في نهايات 2010 الموافقة لعام 1432 ه مفضي لا محالة إلي تغيير عميق الأثر و المدي في عالمنا العربي الإسلامي ؟
بعض المتشائمين خرجوا بتوصيف سلبي، بإعتبار أنه إلي حد ساعة الجماهير الواسعة لم تجني شيء من سقوط أنظمة إستبدادية في تونس، مصر، ليبيا، اليمن، هل فعلا المر كذلك و هل نقيس جدوي القيام بثورة بناءا علي إرهاصات ما بعد الثورة ؟
بينما الثورة كحدث ما هي إلا خطوة اولي علي درب طويل جدا، يستغرق من عمر الدول مئات السنين، أهم مكسب أن الناس طلقوا حالة الرعب و الخوف، و ادركوا قيمة أن تقول لا فعليا علي ارض الواقع بعيدا عن الشعارات الفارغة. ثم إن إصطفاف كل الشرائح و الطبقات الإجتماعية في صف واحد وراء مطالب مصيرية، هذا إنجاز آ’خر، في لحظة فارقة تناسي الجميع الخلافات و الإختلافات و ترفعوا عن أنانية الفرد و اللامبالاة، و هذه اللحظة من المنطقي ان تحدث زلزالا في نظام غستبدادي، لكن السؤال الأكثر أهمية : ماذا بعد سقوط رمز الإستبداد، الطاغية و زمرته ؟
هل ستنقلب الأحوال و تستقيم أوضاع الناس لمجرد أن الدكتاتور إختفي عن الساحة ؟ و هل التغيير في ذاته فعل يأتي من فوق ؟ أو أنه مشروط بإعادة سن رزمة قوانين تعيد النظر في القوانين و العلاقات التي تحكم مختلف الدوائر و النظم و الهياكل فيما بينها ؟ أم ان التغيير فعل فردي و جماعي في آن، ينهض إليه الجميع ؟
فعل التغيير في ذاته ذات دلالة رمزية و أهمية كبري، كيف سنتعامل معه، كنا أفرادا أم مجتمع مدني، هل سيكف المرتشي من طلب الرشوة هكذا فجأة بين عشية و ضحاها ؟ هل سيتوقف الكذاب من الكذب ؟ هل شاهد الزور سيستقيم و يترك كلية شهادة الزور ؟ هل المفرط، سينقلب حاله من وضع إلي آخر فجأة ؟
هل ستبدأ عملية ملاحقة الفساد و المفسدين في حينها و طبقا للقوانين الموجودة أم علينا بإنتظار سن دستور جديد و إعادة النظر في الكثير من القوانين التي يتضمنها مثلا قانون العقوبات ؟
بمعني هل الإنقلاب الذي تحدثه الثورة في الأوضاع السياسية سيتبعه إنقلابا في القيم و سيعاد النظر في معادلة تفعيلها ؟
طبعا، الإنقلاب الذي أعنيه هو ذلك الذي يقوم بتصحيح المفاهيم السائدة في عهد الإستبداد، فيستعيد مفهوم الإستقامة الأخلاقية مغزاه ليتحول إلي خلق تكرسه السياسة و التعليم و القوانين و أعراف المجتمع. و هذا التغيير يستلزم في الحد الأدني عمر جيل أي حوالي ثلاثة و ثلاثين سنة، فمجتمعاتنا بحاجة إلي إعادة ترتيب أولوياتها في ميدان مصيري مثل التعليم. فأركان الديمقراطية قوامها الإنضباط و تقييم صحيح لمسؤوليات المواطنة. هذا و الفصل في السلطات، يتطلب عمل دؤوب و حالة إستنفار دائمة، ليس في وقت قياسي نحصل علي نظام تعددي ديمقراطي و ليس بإمكاننا القفز علي مراحل.
و قد لاحظنا في العامين المنصرمين، شكل من اشكال الإنقسام حول تصور آلية التغيير، هذا و لكل تيار مشروعه بينما التوقيت الزمني الحالي لا يسمح لنا بتشتيت قوانا و الدخول في جدال عقيم حول من يجب أن يغير و ماذا سنغير و كيف نباشر في التغيير ؟ نري يوميا تقاتلا علي شاشات الفضية و في الشوارع حول ماذا و هل يعقل أن يصل بنا التهور إلي تناسي ما هو أعظم وحدة الشعب و مصالح الأمة العليا. ألا يجدر أن لا نكرر أخطاء الطغاة المطاح بهم ؟
كيف تتضخم الأنا لتأخذ مكان نحن ؟ كيف ننتقل إلي مرحلة التغيير الإستراتيجي و نحن نختلف حول أهم خطوات الفترة الإنتقالية ؟ لنتدارس تجارب الأمم التي سبقتنا إلي إقامة نظام عادل و سيادي، هذا و هل تناسينا أننا خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف و تنهي عن المنكر ؟
فالمتتبع لأحوالنا هذه السنين الأخيرة، تنتابه الحيرة الشديدة، فكل جماعة تريد لنفسها قصب السبق و الأ فضلية و السلطة، و هذا يخون الآخر لأتفه الأسباب بل سمعنا من يتهم معارضيه بأنهم اتباع الدجال و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. و أن يتحول الوضع إلي قتل المعارضين، فهذا لعمري نذير شؤم.
إلا أننا نفضل لغة العقل، لغة الحوار و التدافع باللتي هي أحسن بعيدا عن التجاوزات، فقوي الشر التي ساندت طويلا أنظمة الإستبداد قد إستنفرت كل قواها لتنال من عزيمة الثائرين و الشعوب المنتفضة. الحوار في سوريا مثلا لا ينفع بدون ضغط عسكري و الذي أدي إلي عسكرة الإنتفاضة الشعبية هو طبعا النظام السوري الذي قابل المظاهرات السلمية بالرصاص
إرادة التغيير ينبغي أن تقوم علي وعي الفاعلين في الساحة لخطورة الموقف و جدية التحدي، الرهان علي الفوضي و االمعارضة السلبية و تبادل افتهامات لم يخدم إلا الأعداء المتربصين. هذا و المحاسبة الذاتية و مراجعة الأداء السياسي بشكل منتظم من غير إنفعال أو تحيز، يعين كل الأطراف المعنية بتجاوز فترة إنتقالية شائكة و فيها الكثير من مطبات و ليتعالي كل واحد عن صغائر الأمور و لا نظن بأنفسنا خيرا، فنعتبر أننا فوق النقد و المراقبة.