مبارك بن عبدالله العامري
جاءت السنَّة لتؤكِّد على أهمية الوقت وقيمة الزمن، وتقرِّر أن الإنسان مسؤول عنه يوم القيامة؛ فعن معاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ’’لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن مالِه من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به؟’’؛ رواه الترمذي وحسَّنه الألباني، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الوقت نعمة من نعم الله على خلقه، ولا بدَّ للعبد مِن شُكرِ النِّعمة وإلا سُلبت وذهبَت.
وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات الصالحات، وكتاب ’’بورصة الوقت’’ جاء موضِّحًا قيمة الوقت وتخطيط الوقت في حياة الإنسان، الكتاب لقسْم التأليف والترجمة مِن دار الحضارة للنشر والتوزيع، ويقع في ١٩٢ صفحة.
تحدَّث المؤلف في باب خطوات عِلميَّة للاستفادة من الوقت: إن تنظيم الوقت هو عدم تضييع أي جزء مِن الوقت واستغلاله في عمل مُفيد، وهي عملية مَهارة، وأصعب ما فيه هو الخطوة الأولى التي تُعنى بكسْر الأسلوب الذي تعوده الإنسان في تنظيم وقته وأصبح هو المسيطر والمتحكِّم في طريقة حياته وعمله، وتبدأ عملية تنظيم الوقت:
أولاً: بالنيَّة، ثم الاستعانة بالله.
ثانيًا: الدعاء؛ فقد كان دعاء عمر بن الخطاب: ’’اللهم إنا نسألك صلاح الساعات، والبركة في الأوقات’’.
ثالثًا: تحديد الأهداف وتدوينُها مع تحديد الوقت اللازم لإنجاز تلك الأهداف.
رابعًا: تقسيم كل هدف إلى أجزاء صغيرة، مع تحديد الوقت اللازم لإنجازه، وتدوين ذلك في المذكِّرة، ومِن ثَمَّ فإن الوقت أو العمر يَحسُن ويسوء بحسب العمل؛ فقد قال رجل: يا رسول الله، أيُّ الناس خير؟ قال: ’’مَن طال عمره وحَسُن عمله’’، قال: فأي الناس شرٌّ؟ قال: ’’مَن طال عمره وساء عمله’’.
وأشار المؤلف إلى تنظيم الوقت وَفق الاستفادة الإيمانية؛ ففي خلال دقائق قليلة تستطيع أن تكسب كل هذه المهام الإيمانية: تستطيع أن تقرأ (سورة الفاتحة) 5 مرات؛ فتحصل على أكثر من 7000 حسنة، تستطيع أن تقرأ (سورة الإخلاص) 15 مرة؛ فإنها تعدل قراءة القرآن 5 مرات، تستطيع أن تقول: ’’سبحان الله وبحمده’’ 100 مرة، ومَن قال ذلك في يوم غُفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، تستطيع أن تقول: ’’لاحول ولا قوة إلا بالله’’ أكثر مِن 40 مرة، وهي كنز من كنوز الجنة، تستطيع أن تقول: ’’سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته’’ أكثر من 100 مرة، وهي كلمات تعدل أضعافًا مضاعفة مِن أجور التسبيح والذكر، تستطيع أن ’’تستغفر الله’’ أكثر مِن 100 مرة؛ فالاستغفار سبب للمغفرة ودخول الجنة؛ للمتاع الحسَن، وزيادة القوة، ودفع البلاء، وتيسير الأمور، والإمداد بالأموال والبنين، تستطيع أن ’’تصلي على النبي’’ 20 مرة فيُصلي عليك الله مقابلها 200 مرة.
قيل: مَن غفَل عن نفسه تصرَّمت أوقاته، وعظم فواته، واشتدَّت حسراته، الوقت أعزُّ شيء يُغار عليه دون أن يُقضى بفائدة، فإذا فاته وقتٌ فلا سبيل إلى تدارُكه؛ يقول ابن رجب الحنبلي: السعيد مَن اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَّب فيها إلى مولاه.
وقال المؤلف عن مضيعات الوقت: أن الوقت نوعان: نوع يَصعب تنظيمه، ووقت يُمكن تنظيمه والاستفادة منه، وعندما نُحلِّل الوقت الذي يصعب تنظيمه سنَكتشِف أن فيه الكثير من الأوقات المهدورة؛ مثلاً: كم تأخذ منك الوجبات، وخاصة الغداء والعشاء؟ وماذا تفعل بالأوقات قبل وبعد الوجبات؟ وكم لديك مِن وقت للنوم في اليوم والليلة؟ وكم تقضي الأوقات قبل وبعد النوم؟ وماذا تفعل بالوقت الذي يكون لديك بعد مجيئك من العمل في المساء حتى تنام؟ الواقع أن الواحد منا إذا بدأ يفكر في حياته والطريقة التي يعيش بها سيكتشف أن هناك الكثير من الأوقات التي لا يستفيد منها، هل قمتَ بحساب هذه الأوقات؟ وكم مِن ساعة يمكن أن نأخذ مِن هذا الوقت في اليوم والليلة؟ وإذا أخذتَ هذا الوقت ماذا ستفعل به؟ حاول قدر المستطاع أن تستقطع مِن النوع الأول مِن الوقت الذي يصعب تنظيمه وتضعه في خانة النوع الثاني الذي يمكن تنظيمه الآن، ماذا عن الوقت الذي يمكنك تنظيمه، كم ساعة في اليوم والليلة؟ وكم ساعة يُمكنك إضافتها إليه مِن النوع الثاني، هل فكَّرت يومًا من الأيام في الأشياء التي تضيِّع وقتك؟ إنها كثيرة، بالتأكيد بعضها شخصي؛ أي: أنت المتسبِّب فيه، وبعضها خارجي؛ أي: يتسبَّب فيه الناس والأحداث والاعتبارات مِن حولك.
وتطرَّق المؤلِّف عن وقت الأم والزوجة: استغلال الوقت يُساعد المرأة على النجاح إذا عرفَتْ قيمة الوقت وقيمة أيامها وساعاتها، فاغتنمتْها واستغلَّتها، فالوقت مفتاح النجاح، وبدون تنظيمه واستثماره لن تستطيع المرأة ان تنجح في المجالات المختلفة، وهناك أمور عدة يُمكن أن تستغلَّ بها وقتها؛ منها: تلاوة كتاب الله - تعالى - وقراءة كتب أهل العلم النافعة، ذكر الله، تربية الأولاد، صلة الأرحام، بر الوالدين ومساعدة الوالدة في عمل المنزل، سماع الأشرطة الإسلامية النافعة، الدعوة إلى الله.
وبيَّن المؤلف فوائد تنظيم الوقت، ومِن الفوائد: الشعور بالتحسن بشكل عام في حياتك، قضاء وقت أكبر مع العائلة أو الترفيه أو الراحة، قضاء وقت أكبر للتطوير الذاتي، إنجاز أهدافك وأحلامك الشخصية، تحسين إنتاجيتك بشكل عام، التخفيف مِن الضغوط سواء في العمل أو ضغوط الحياة المختلفة، النجاح سُلَّم لا تستطيع تسلّقه ويداك في جيبك، إن الناس لا يُخطِّطون مِن أجلِ الفشل؛ ولكنهم يفشلون فقط في التخطيط.
المصدر: جريدة الوطن، الجمعة 11 من ربيع الثاني 1434 هـ، العدد 10790، السنة 43
رابط الموضوع: http://cp.alukah.net/Social/0/51488#ixzz2S6KoazEK
جاءت السنَّة لتؤكِّد على أهمية الوقت وقيمة الزمن، وتقرِّر أن الإنسان مسؤول عنه يوم القيامة؛ فعن معاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ’’لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن مالِه من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به؟’’؛ رواه الترمذي وحسَّنه الألباني، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الوقت نعمة من نعم الله على خلقه، ولا بدَّ للعبد مِن شُكرِ النِّعمة وإلا سُلبت وذهبَت.
وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات الصالحات، وكتاب ’’بورصة الوقت’’ جاء موضِّحًا قيمة الوقت وتخطيط الوقت في حياة الإنسان، الكتاب لقسْم التأليف والترجمة مِن دار الحضارة للنشر والتوزيع، ويقع في ١٩٢ صفحة.
تحدَّث المؤلف في باب خطوات عِلميَّة للاستفادة من الوقت: إن تنظيم الوقت هو عدم تضييع أي جزء مِن الوقت واستغلاله في عمل مُفيد، وهي عملية مَهارة، وأصعب ما فيه هو الخطوة الأولى التي تُعنى بكسْر الأسلوب الذي تعوده الإنسان في تنظيم وقته وأصبح هو المسيطر والمتحكِّم في طريقة حياته وعمله، وتبدأ عملية تنظيم الوقت:
أولاً: بالنيَّة، ثم الاستعانة بالله.
ثانيًا: الدعاء؛ فقد كان دعاء عمر بن الخطاب: ’’اللهم إنا نسألك صلاح الساعات، والبركة في الأوقات’’.
ثالثًا: تحديد الأهداف وتدوينُها مع تحديد الوقت اللازم لإنجاز تلك الأهداف.
رابعًا: تقسيم كل هدف إلى أجزاء صغيرة، مع تحديد الوقت اللازم لإنجازه، وتدوين ذلك في المذكِّرة، ومِن ثَمَّ فإن الوقت أو العمر يَحسُن ويسوء بحسب العمل؛ فقد قال رجل: يا رسول الله، أيُّ الناس خير؟ قال: ’’مَن طال عمره وحَسُن عمله’’، قال: فأي الناس شرٌّ؟ قال: ’’مَن طال عمره وساء عمله’’.
وأشار المؤلف إلى تنظيم الوقت وَفق الاستفادة الإيمانية؛ ففي خلال دقائق قليلة تستطيع أن تكسب كل هذه المهام الإيمانية: تستطيع أن تقرأ (سورة الفاتحة) 5 مرات؛ فتحصل على أكثر من 7000 حسنة، تستطيع أن تقرأ (سورة الإخلاص) 15 مرة؛ فإنها تعدل قراءة القرآن 5 مرات، تستطيع أن تقول: ’’سبحان الله وبحمده’’ 100 مرة، ومَن قال ذلك في يوم غُفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، تستطيع أن تقول: ’’لاحول ولا قوة إلا بالله’’ أكثر مِن 40 مرة، وهي كنز من كنوز الجنة، تستطيع أن تقول: ’’سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته’’ أكثر من 100 مرة، وهي كلمات تعدل أضعافًا مضاعفة مِن أجور التسبيح والذكر، تستطيع أن ’’تستغفر الله’’ أكثر مِن 100 مرة؛ فالاستغفار سبب للمغفرة ودخول الجنة؛ للمتاع الحسَن، وزيادة القوة، ودفع البلاء، وتيسير الأمور، والإمداد بالأموال والبنين، تستطيع أن ’’تصلي على النبي’’ 20 مرة فيُصلي عليك الله مقابلها 200 مرة.
قيل: مَن غفَل عن نفسه تصرَّمت أوقاته، وعظم فواته، واشتدَّت حسراته، الوقت أعزُّ شيء يُغار عليه دون أن يُقضى بفائدة، فإذا فاته وقتٌ فلا سبيل إلى تدارُكه؛ يقول ابن رجب الحنبلي: السعيد مَن اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرَّب فيها إلى مولاه.
وقال المؤلف عن مضيعات الوقت: أن الوقت نوعان: نوع يَصعب تنظيمه، ووقت يُمكن تنظيمه والاستفادة منه، وعندما نُحلِّل الوقت الذي يصعب تنظيمه سنَكتشِف أن فيه الكثير من الأوقات المهدورة؛ مثلاً: كم تأخذ منك الوجبات، وخاصة الغداء والعشاء؟ وماذا تفعل بالأوقات قبل وبعد الوجبات؟ وكم لديك مِن وقت للنوم في اليوم والليلة؟ وكم تقضي الأوقات قبل وبعد النوم؟ وماذا تفعل بالوقت الذي يكون لديك بعد مجيئك من العمل في المساء حتى تنام؟ الواقع أن الواحد منا إذا بدأ يفكر في حياته والطريقة التي يعيش بها سيكتشف أن هناك الكثير من الأوقات التي لا يستفيد منها، هل قمتَ بحساب هذه الأوقات؟ وكم مِن ساعة يمكن أن نأخذ مِن هذا الوقت في اليوم والليلة؟ وإذا أخذتَ هذا الوقت ماذا ستفعل به؟ حاول قدر المستطاع أن تستقطع مِن النوع الأول مِن الوقت الذي يصعب تنظيمه وتضعه في خانة النوع الثاني الذي يمكن تنظيمه الآن، ماذا عن الوقت الذي يمكنك تنظيمه، كم ساعة في اليوم والليلة؟ وكم ساعة يُمكنك إضافتها إليه مِن النوع الثاني، هل فكَّرت يومًا من الأيام في الأشياء التي تضيِّع وقتك؟ إنها كثيرة، بالتأكيد بعضها شخصي؛ أي: أنت المتسبِّب فيه، وبعضها خارجي؛ أي: يتسبَّب فيه الناس والأحداث والاعتبارات مِن حولك.
وتطرَّق المؤلِّف عن وقت الأم والزوجة: استغلال الوقت يُساعد المرأة على النجاح إذا عرفَتْ قيمة الوقت وقيمة أيامها وساعاتها، فاغتنمتْها واستغلَّتها، فالوقت مفتاح النجاح، وبدون تنظيمه واستثماره لن تستطيع المرأة ان تنجح في المجالات المختلفة، وهناك أمور عدة يُمكن أن تستغلَّ بها وقتها؛ منها: تلاوة كتاب الله - تعالى - وقراءة كتب أهل العلم النافعة، ذكر الله، تربية الأولاد، صلة الأرحام، بر الوالدين ومساعدة الوالدة في عمل المنزل، سماع الأشرطة الإسلامية النافعة، الدعوة إلى الله.
وبيَّن المؤلف فوائد تنظيم الوقت، ومِن الفوائد: الشعور بالتحسن بشكل عام في حياتك، قضاء وقت أكبر مع العائلة أو الترفيه أو الراحة، قضاء وقت أكبر للتطوير الذاتي، إنجاز أهدافك وأحلامك الشخصية، تحسين إنتاجيتك بشكل عام، التخفيف مِن الضغوط سواء في العمل أو ضغوط الحياة المختلفة، النجاح سُلَّم لا تستطيع تسلّقه ويداك في جيبك، إن الناس لا يُخطِّطون مِن أجلِ الفشل؛ ولكنهم يفشلون فقط في التخطيط.
المصدر: جريدة الوطن، الجمعة 11 من ربيع الثاني 1434 هـ، العدد 10790، السنة 43
رابط الموضوع: http://cp.alukah.net/Social/0/51488#ixzz2S6KoazEK