د.سلمان العودة
ثارت زوبعة في الإعلام التونسي عندما تحدث مقدم في حفل افتتاح الزيتونة عن الشيخ راشد الغنوشي وقال: رضي الله عنه، وحمل بعضهم هذا الدعاء أبعادا عقدية،
وغضب آخرون للصحابة( رضي الله عنهم) وعدوا هذا تشبيها له بهم.
ذكرني هذا بمقالات تناولتني عندما أشدت بتراجع الرئيس مرسي عن إعلانه السيادي وموافقته علي نتائج الحوار الأول، وكنت قلت في تغريدة: إني أرجو أن يبعث الله ملكا يسددك!. وفهم بعضهم من هذا القول التزكية أو إدعاء العصمة. وعلينا كإسلاميين ألا نقلق ممن يستغل عثرات ألسنتنا أو يوظف كلماتنا لغير ما قصدنا لأننا قد نفعل ذلك أحيانا دون قصد منا، وقل معركة إلا وتوظف فيها أسلحة ليست شريفة في نظر الطرف الآخر( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور). ومن الصدق أن نعترف بضرورة التفريق الحاسم بين المقام الشرعي الديني القطعي، وبين المقام السياسي المدني الاجتهادي. ثم من يقدم رؤيته السياسية علي أنها( ديانة) يجب أن يذعن لها الجميع، وكثيرا ما يتداخل لدي الفقيه والحركي الرأي المبني علي استنتاج بالدين الإلهي الذي يفترض أنه جامع مشترك.
وقد أرشد النبي صلي الله عليه وسلم إلي أهمية التفريق بين حكم الله ورسوله وبين حكم الفرد أو الجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وأشار إلي احتمالية الخطأ في إصابة حكم الله ورسوله. ورائع أن يندمج الإسلاميون في الحراك السياسي ويقبلوا بالاحتكام إلي صناديق الاقتراع في المسائل المدنية وقد يكون من أسباب ذلك إدراكهم أن الجولة في صالحهم.. المهم أنهم تلقنوا الدرس. وغريب أن تسمع أصواتا تستكثر علي المواطن المصري أن يدلي بصوته وتصفه بالأمية، وتدعو إلي فرض نوع من التدخل، وكأن الديمقراطية لا تكون عادلة إلا حينما تأتي بنا، وإذا لم يصوت لنا الشعب فهو مستحق لوصايتنا عليه!.
المجتمع المصري بعامته متدين بالفطرة وعاطفي وروحاني ومحب لله ولرسوله. وفي العرف السياسي البريطاني لا بد أن يكون الملك بروستانتيا، وفي الدنمارك دين الدولة الرسمي هو البروستانتية اللوثرية، وفي أمريكا يحلف الرؤساء وأعضاء الكونجرس علي الإنجيل، والأحزاب الدينية في الدول الإسكندنافية حاضرة ومؤثرة وضاغطة، ولكن الرهان علي قناعات الناس وليس علي فرض الرأي والبرنامج السياسي بالقوة. والنشاطات الدينية ستكون أكثر حرية وفاعلية وتأثيرا في مجتمع مفتوح كالمجتمع المصري، فالمساجد والمؤسسات الخيرية والبرامج والأنشطة المستقلة عن سلطة الدوله هي جزء من المجتمع المدني.
المجموعات الصلبة الخارجة من رحم التيار الإسلامي حين تدخل المعترك ستضطر إلي المرونة وتتحول من جماعات إلي أحزاب ويلتحق بها من ليس من رعاياها الأصليين، وستكون أكثر اندماجا في محيطها وناسها وتماهيا مع مواطنيها وسيكون هذا كسبا لها وللمجتمع حولها وحفظا من أدوات العنف والتحدي، وهذا عين الحكمة أن تكسب ويكسب الآخرون. وبالتجربة الميدانية يظل كثيرون يمنحون قناعاتهم الخاصة قدرا من القداسة دون أن يشعروا سواء من الإسلاميين أو من الليبراليين، وهذا شأنهم، والمهم وجود دستور يشكل مرجعية يحتكم إليها الجميع ميدانيا ويؤمنون بمعايريها وآلياتها ويلتزمون في حراكهم بقوانينها. وإشاعة ثقافة في الأداء السياسي والخطاب الإعلامي مبنية علي الشفافية والوضوح تشكل نجاحا للتجربة الراهنة للحكم والمعارضة معا ورصيدا للأجيال في نضج التجربة والتسامي بها عن التراشق والمصالح الحزبية الخاصة.
لن نعدم من يتسقطون العثرات أو يحشدون الأخطاء لإدانة هذا الطرف أو ذاك، ولا يجب أن نقلق ممن يصطادون لأن قانون البقاء للأصلح سيحيل الزبد الي جفاء( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
*الأهرام
ثارت زوبعة في الإعلام التونسي عندما تحدث مقدم في حفل افتتاح الزيتونة عن الشيخ راشد الغنوشي وقال: رضي الله عنه، وحمل بعضهم هذا الدعاء أبعادا عقدية،
وغضب آخرون للصحابة( رضي الله عنهم) وعدوا هذا تشبيها له بهم.
ذكرني هذا بمقالات تناولتني عندما أشدت بتراجع الرئيس مرسي عن إعلانه السيادي وموافقته علي نتائج الحوار الأول، وكنت قلت في تغريدة: إني أرجو أن يبعث الله ملكا يسددك!. وفهم بعضهم من هذا القول التزكية أو إدعاء العصمة. وعلينا كإسلاميين ألا نقلق ممن يستغل عثرات ألسنتنا أو يوظف كلماتنا لغير ما قصدنا لأننا قد نفعل ذلك أحيانا دون قصد منا، وقل معركة إلا وتوظف فيها أسلحة ليست شريفة في نظر الطرف الآخر( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور). ومن الصدق أن نعترف بضرورة التفريق الحاسم بين المقام الشرعي الديني القطعي، وبين المقام السياسي المدني الاجتهادي. ثم من يقدم رؤيته السياسية علي أنها( ديانة) يجب أن يذعن لها الجميع، وكثيرا ما يتداخل لدي الفقيه والحركي الرأي المبني علي استنتاج بالدين الإلهي الذي يفترض أنه جامع مشترك.
وقد أرشد النبي صلي الله عليه وسلم إلي أهمية التفريق بين حكم الله ورسوله وبين حكم الفرد أو الجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وأشار إلي احتمالية الخطأ في إصابة حكم الله ورسوله. ورائع أن يندمج الإسلاميون في الحراك السياسي ويقبلوا بالاحتكام إلي صناديق الاقتراع في المسائل المدنية وقد يكون من أسباب ذلك إدراكهم أن الجولة في صالحهم.. المهم أنهم تلقنوا الدرس. وغريب أن تسمع أصواتا تستكثر علي المواطن المصري أن يدلي بصوته وتصفه بالأمية، وتدعو إلي فرض نوع من التدخل، وكأن الديمقراطية لا تكون عادلة إلا حينما تأتي بنا، وإذا لم يصوت لنا الشعب فهو مستحق لوصايتنا عليه!.
المجتمع المصري بعامته متدين بالفطرة وعاطفي وروحاني ومحب لله ولرسوله. وفي العرف السياسي البريطاني لا بد أن يكون الملك بروستانتيا، وفي الدنمارك دين الدولة الرسمي هو البروستانتية اللوثرية، وفي أمريكا يحلف الرؤساء وأعضاء الكونجرس علي الإنجيل، والأحزاب الدينية في الدول الإسكندنافية حاضرة ومؤثرة وضاغطة، ولكن الرهان علي قناعات الناس وليس علي فرض الرأي والبرنامج السياسي بالقوة. والنشاطات الدينية ستكون أكثر حرية وفاعلية وتأثيرا في مجتمع مفتوح كالمجتمع المصري، فالمساجد والمؤسسات الخيرية والبرامج والأنشطة المستقلة عن سلطة الدوله هي جزء من المجتمع المدني.
المجموعات الصلبة الخارجة من رحم التيار الإسلامي حين تدخل المعترك ستضطر إلي المرونة وتتحول من جماعات إلي أحزاب ويلتحق بها من ليس من رعاياها الأصليين، وستكون أكثر اندماجا في محيطها وناسها وتماهيا مع مواطنيها وسيكون هذا كسبا لها وللمجتمع حولها وحفظا من أدوات العنف والتحدي، وهذا عين الحكمة أن تكسب ويكسب الآخرون. وبالتجربة الميدانية يظل كثيرون يمنحون قناعاتهم الخاصة قدرا من القداسة دون أن يشعروا سواء من الإسلاميين أو من الليبراليين، وهذا شأنهم، والمهم وجود دستور يشكل مرجعية يحتكم إليها الجميع ميدانيا ويؤمنون بمعايريها وآلياتها ويلتزمون في حراكهم بقوانينها. وإشاعة ثقافة في الأداء السياسي والخطاب الإعلامي مبنية علي الشفافية والوضوح تشكل نجاحا للتجربة الراهنة للحكم والمعارضة معا ورصيدا للأجيال في نضج التجربة والتسامي بها عن التراشق والمصالح الحزبية الخاصة.
لن نعدم من يتسقطون العثرات أو يحشدون الأخطاء لإدانة هذا الطرف أو ذاك، ولا يجب أن نقلق ممن يصطادون لأن قانون البقاء للأصلح سيحيل الزبد الي جفاء( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
*الأهرام