زيد الشامي
طال خريف أمتنا العربية لأكثر من خمسين عاماً، سحقت خلالها كرامة الإنسان وصودرت حرياته، أُلغيت الشعوب لصالح الأنظمة وكأن الشعوب وجدت فقط لتسبّح بحمد الحاكم، فالزعيم صار كل شيء في البلاد، ولا تتحدث وسائل الإعلام إلا عن أمجاده وعظمته وبطولاته وجهده وعطائه، وتكرمه بمنح المواطن بعض الخدمات العامة الضرورية، وحتى نُزهاته واستجمامه ليست إلا تضحية من أجل الوطن، ومازلت أتذكر الرئيس التونسي السابق (الحبيب بورقيبة) الذي تدهورت حالته الصحية والعقلية آخر أيامه فكانت وسائل الإعلام الرسمية لاتجد ما تقوله عنه إلا أنه المجاهد الأكبر قد قام اليوم بجولة في حديقة قصر قرطاج!!
كان لابد لهذا الليل أن ينتهي، وجاءت النسمة الأولى من تونس التي لم يكن في الحسبان أن يبدأ التغيير منها؛ لاسيما أنها حققت إنجازات تنموية كبيرة تفوّقت بها على كثير من الدول العربية، لكنها كانت في مؤخرة الركب في مجال احترام الحريات والمحافظة على كرامة وحقوق الإنسان، حتى بلغ الأمر قيام شرطية في (سيدي أبو زيد) بتوجيه لطمة على وجه محمد البوعزيزي أطلقت شرارة الثورة العربية، وأخرجت كوامن الغضب الشعبي الذي قلب الحياة رأساً على عقب، وإن لم تكن سوى القشة التي قصمت ظهر البعير!!
إنداح الربيع العربي – بوروده وأزهاره، بخضرته وجماله– على جميع الدول العربي، ليس في مصر وتونس وليبيا واليمن فحسب، بل سرت أنسام هذا الربيع حتى على الدول التي مازالت تُنكر وتستنكر على المواطن العربي توْقَه للحرية والكرامة؛ إلا إنها بدأت خطوات إصلاحية كانت ترفضها من قبل، كالسماح بقدر من الحرية وإجراء تعديلات دستورية تعطي بعض الحقوق للمواطن، وتحسّن ظروف الانتخابات، ونشأت برلمانات جديدة أكثر تمثيلاً للشعوب ومصالحها ومطالبها ..
المترددون في التعامل مع الثورات العربية ستأتي عليهم الرياح وقد تكون عاتية، وستتجاوزهم الشعوب، وسيكون حسابهم عسيراً كما حدث في ليبيا ويحدث في سوريا..
وفي اليمن لم تتمكن الممانعة في التعامل مع رياح التغيير من الحيلولة دون تحقيق الشعب لمطالبه في السير لبناء يمن جديد تسود فيه الحرية والكرامة والمساواة، حيث تم نقل السلطة لفترة انتقالية تمهيداً لإجراء الإصلاحات الشاملة، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا فضل الله أولاً، ثم تضحيات الثوار في كل أنحاء الجمهورية وخاصة الشهداء والجرحى الذين بذلوا أنفسهم رخيصة ليحيا شعبهم عزيزاً كريماً .
إن أهم ما أحدثته رياح الربيع العربي أن الشعوب كسرت حاجز الخوف وخرجت من القمقم الذي ظنت الأنظمة أنها قد أحكمته على الإنسان معتقدة أنها ستحبس فيه الأنفاس إلى ما لا نهاية .
إن الأوضاع الجديدة التي أفرزتها الثورات العربية تفرض على من يصلون إلى السلطة أن لا يكرروا أخطاء من سبقهم، حتى لا تأتي عليهم ثورات أخرى كما جاءت على من سبقهم .
وغنيٌ عن البيان العناية والاهتمام بإعادة صياغة النظام السياسي العربي الجديد ليصبح قادراً على التّجدد المستمر ومحاربة الفساد وإصلاح الاعوجاج، وإعلاء شأن الإنسان وضمان حريته وحقوقه لتتجه الجهود للبناء والإعمار، ومن ثَم المنافسة على مقاعد المجد بين شعوب العالم!!
[email protected]
*الصحوة نت
طال خريف أمتنا العربية لأكثر من خمسين عاماً، سحقت خلالها كرامة الإنسان وصودرت حرياته، أُلغيت الشعوب لصالح الأنظمة وكأن الشعوب وجدت فقط لتسبّح بحمد الحاكم، فالزعيم صار كل شيء في البلاد، ولا تتحدث وسائل الإعلام إلا عن أمجاده وعظمته وبطولاته وجهده وعطائه، وتكرمه بمنح المواطن بعض الخدمات العامة الضرورية، وحتى نُزهاته واستجمامه ليست إلا تضحية من أجل الوطن، ومازلت أتذكر الرئيس التونسي السابق (الحبيب بورقيبة) الذي تدهورت حالته الصحية والعقلية آخر أيامه فكانت وسائل الإعلام الرسمية لاتجد ما تقوله عنه إلا أنه المجاهد الأكبر قد قام اليوم بجولة في حديقة قصر قرطاج!!
كان لابد لهذا الليل أن ينتهي، وجاءت النسمة الأولى من تونس التي لم يكن في الحسبان أن يبدأ التغيير منها؛ لاسيما أنها حققت إنجازات تنموية كبيرة تفوّقت بها على كثير من الدول العربية، لكنها كانت في مؤخرة الركب في مجال احترام الحريات والمحافظة على كرامة وحقوق الإنسان، حتى بلغ الأمر قيام شرطية في (سيدي أبو زيد) بتوجيه لطمة على وجه محمد البوعزيزي أطلقت شرارة الثورة العربية، وأخرجت كوامن الغضب الشعبي الذي قلب الحياة رأساً على عقب، وإن لم تكن سوى القشة التي قصمت ظهر البعير!!
إنداح الربيع العربي – بوروده وأزهاره، بخضرته وجماله– على جميع الدول العربي، ليس في مصر وتونس وليبيا واليمن فحسب، بل سرت أنسام هذا الربيع حتى على الدول التي مازالت تُنكر وتستنكر على المواطن العربي توْقَه للحرية والكرامة؛ إلا إنها بدأت خطوات إصلاحية كانت ترفضها من قبل، كالسماح بقدر من الحرية وإجراء تعديلات دستورية تعطي بعض الحقوق للمواطن، وتحسّن ظروف الانتخابات، ونشأت برلمانات جديدة أكثر تمثيلاً للشعوب ومصالحها ومطالبها ..
المترددون في التعامل مع الثورات العربية ستأتي عليهم الرياح وقد تكون عاتية، وستتجاوزهم الشعوب، وسيكون حسابهم عسيراً كما حدث في ليبيا ويحدث في سوريا..
وفي اليمن لم تتمكن الممانعة في التعامل مع رياح التغيير من الحيلولة دون تحقيق الشعب لمطالبه في السير لبناء يمن جديد تسود فيه الحرية والكرامة والمساواة، حيث تم نقل السلطة لفترة انتقالية تمهيداً لإجراء الإصلاحات الشاملة، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا فضل الله أولاً، ثم تضحيات الثوار في كل أنحاء الجمهورية وخاصة الشهداء والجرحى الذين بذلوا أنفسهم رخيصة ليحيا شعبهم عزيزاً كريماً .
إن أهم ما أحدثته رياح الربيع العربي أن الشعوب كسرت حاجز الخوف وخرجت من القمقم الذي ظنت الأنظمة أنها قد أحكمته على الإنسان معتقدة أنها ستحبس فيه الأنفاس إلى ما لا نهاية .
إن الأوضاع الجديدة التي أفرزتها الثورات العربية تفرض على من يصلون إلى السلطة أن لا يكرروا أخطاء من سبقهم، حتى لا تأتي عليهم ثورات أخرى كما جاءت على من سبقهم .
وغنيٌ عن البيان العناية والاهتمام بإعادة صياغة النظام السياسي العربي الجديد ليصبح قادراً على التّجدد المستمر ومحاربة الفساد وإصلاح الاعوجاج، وإعلاء شأن الإنسان وضمان حريته وحقوقه لتتجه الجهود للبناء والإعمار، ومن ثَم المنافسة على مقاعد المجد بين شعوب العالم!!
[email protected]
*الصحوة نت