الحروب كوارث ودمار وخراب وإهلاك للحرث والنسل، وتزداد فضاعتها ومآسيها عندما تكون بين إخوة تجمعهم روابط الدين والوطن، ومآل الحروب الاتفاق على تسوية عادلة أو ظالمة، والأولىٰ الوصول إلى ذلك من دون حرب، وقبل أن يقع الفأس في الرأس!!
اليمنيون اليوم كثرت مشكلاتهم، وتعددت مآسيهم، وانهارت دولتهم، وتدهور اقتصادهم، واختّـل أمنهم، وانبعثت فيهم الدعوات العصبية، ويكاد نسيجهم الاجتماعي أن يتمزق، وصاروا - أكثر من أي وقت مضى - في أمس الحاجة إلى رأب الصدع ومداواة الجراح وتطييب الخواطر، وتقديم التنازلات والإعتذار لبعضهم البعض، حتى يتجاوزوا المصائب التي حلّت بهم، ويخرجوا من المحنة والآلام التي يعانون منها، وليس أمامهم إلا أن يتصالحوا ويتقاربوا ويتعاونوا، "والصلح خير".
نزول المجاميع المسلحة إلى تعز، استفزّ أبناءها الذين لا يطلبون سوى إبعاد محافظتهم من أتون الصراع، كل ذلك يزيد الخرق اتساعاً، ويرفع درجة الغليان والاحتقان، وينذر بحرب وشيكة، خاصة بعد ردود الفعل المتمثّلة في الاحتشاد على مشارف محافظة لحـج، ولن تتوقف التداعيات المتسارعة حتى تعود المجاميع المسلحة من حيث أتت، وما لم يكن لدى الوسطاء الشجاعة والصراحة لإقناع جماعة الحوثي بإخراج المجاميع المسلحة من المحافظة المسالمة تعز، ومن ثم عودة جميع الأطراف إلى المسار السياسي فإن اليمن ستدخل مرحلة خطيرة من الصراع لا يمكن التنبؤ بنتائجه الكارثية...
إلى كل الذين يقرعون طبول الحرب: ندعوكم أن تتوقفوا عن هذا الإندفاع الأهوج وغير المبرر، فأنتم تحضرون لحرب ظالمة وخاسرة، لا وطنية ولا مقدسة، ولا ضرورة لها، ولا يُستبعد أن تدفع أطراف دولية إلى تأجيج الفتنة والدفع نحو الإحتراب لتحقيق مصالحها الخاصة التي تستهدف إلحاق اليمن بالنموذج السوري والعراقي لا سمح الله، وكل ذلك يصب في مصلحة أمن إسرائيل التي ستعيش في وسط عربي ضعيف ومتهالك، وأما الخاسر الأكبر فلن يكون إلا اليمن واليمنيين.
من المؤسف رؤية اليهود يحسمون خلافاتهم الداخلية بصندوق الإستفتاء والانتخاب، فيحفظون إمكاناتهم وعلاقاتهم؛ بينما نستمر في حسم خلافاتنا بالقوة والعنف والبارود وسفك الدماء، فنبدد طاقاتنا، ونوهن قوتنا، ونمزق علاقاتنا، ضاربين عرض الحائط بقول ربنا جلّ جلاله: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)).
موقع الصحوة نت