زيد الشامي [email protected]
جرى العرف في البرلمان اليمني على منع التصفيق في القاعة لأي كان، باعتبار المجلس ممثلاً للشعب الذي يستحق الاحترام والتقدير، وليس ميداناً ولا قاعة للتصفيق والهتاف، وهذا عُرفٌ يحسن أن يحافظ عليه مجلس النواب اليمني ليبقى له الوقار اللائق بمكانته، لكن المجلس خرج عن هذا العرف عندما رأى رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة يجهش بالبكاء، إشفاقاً على اليمن من التشَظّي والتمزق، طالباً الموافقة على قانون الحصانة الذي يُدرك أنه مستفزّ لكثير ممن سيطّلع عليه، فكانت تلك الدموع رسالة إقناع بالغة التأثير، أخرجت الأعضاء عن التزامهم ،فإذا بهم يصفقون ويذرفون الدمع ليمتد ذلك الأثر إلى كل يمني تابع وقائع تلك الجلسة.
كانت جلسة منح الحصانة للرئيس علي عبدالله صالح من أصعب المواقف التي جعلت أعضاء كُثر يكرهون اليوم الذي تم فيه انتخابهم أعضاء في البرلمان، حيث تبدو هذه حادثة غير مسبوقة في برلمان يُفترض فيه أن يكون مراقباً ومحاسباً؛ لامانحاً للحصانة والعفو عن الأخطاء..!
لكن الأحداث والفواجع التي عاشتها اليمن خلال الثوة الشبابية الشعبية السلمية، والأثمان الباهظة التي دفعها شعبنا اليمني، من شبابه ودماء أبنائه وموارده وإمكاناته في سبيل التغيير والعيش بكرامة؛ جعلت الخروج من الحالة الراهنة أولوية يجب أن يسعى إليها الجميع، بعيداً عن حسابات الربح والخسارة، والإرضاء أوالإغضاب لهذا أو ذاك، وحتى لا تُصبح الحصانة القشّة التي تقصم ظهر البعير، وخاصة بعد التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون بجهود رعاة المبادرة الخليجية، وتدخُّل الرجل الحكيم والحريص والحادب على اليمن (جمال بن عمر) مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، فانشرحت الصدور للتصويت الذي لا يعني التنازل عن الحقوق الشخصية للآخرين، أو إهمال حقوق الضحايا، وإنما جاء لطي صفحة الماضي والتهيئة للنقل النهائي للسلطة، ومن ثم تحقيق مطالب الشعب في بناء دولة المؤسسات التي تقوم على العدالة والمواطنة المتساوية، مع عدم الإقرار بإهدار الأموال العامة التي نهبت - ليس بدوافع سياسية - وإنما لأغراض شخصية أو حزبية، وعلينا أن نعيد قراءة القانون بجميع مواده وسنجد أنه صار متوازناً إلى حد ما، ولاسيما وقد أكد بأن يُفسّر بحسب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن رقم 2014.
لقد تم في نفس جلسة منح الحصانة، تزكية المرشح التوافقي عبدربه منصور هادي للانتخابات الرئاسية، بعد تأخير أسابيع وجدل كبير في المجلس، ثم جاء خطاب الرئيس - المنتهية ولايته – بعد صدور القانون والذي طلب فيه من الشعب اليمني العفو والمسامحة، والتي كان العقلاء قد طالبوه أن يفعلها قبل أن يقع الفأس في الرأس، ومع ذلك فأن تأتي متأخرة خير من أن لاّتأتي ،وبهذا تنتهي أحلام التوريث وفكرة قلع العداد، وهاهو الرئيس يغادر البلاد ليفسح المجال أمام النائب ليمارس كامل الاختصاصات الرئاسية، ومن ثم السير في الانتقال السلمي للسلطة، وتلك سنة الله في الحياة الذي يجعل الأيام دولاً بين الناس، ولاشك أن جميع المستفيدين من حالة الفوضى والتصعيد والتأزيم سيقفون عند حدهم، ولن يجدوا لهم ملجأً يأوون إليه إلا إذا عادوا للشعب وانحازوا لمصالحه .
كل يوم يمضي يتبين أن المبادرة الخليجية بآليتها التنفيذية تحقق أهداف الثورة وتطلعات الشعب، وتقود اليمنيين إلى مستقبل جديد بأقل كلفة ممكنة، وإن كان ذلك بحركة بطيئة، لكنها أفضل من التضحية بالمزيد من الدماء، وعلينا أن ننظر اليوم إلى الأمام، ونداوي الجراح والآلام، ونستعد للمشاركة الإيجابية في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تمثل المصداقية والرغبة في التغيير، بحيث نشهد يوم الثلاثاء 21من فبراير القادم رئيساً جديداً يجمع الشمل ويقود الحوار والاصلاحات الدستورية والانتخابية المنشودة، وعلى الحكومة أن تبادر بالاستماع لشباب الساحات واستيعاب أفكارهم وأطروحاتهم ورؤاهم، فهم أكثر من نصف الحاضر وكل المستقبل، وقد كانوا عصب الثورة ومحركها الأساس.
ومن التوافق أن يتم التوقيع هذا الأسبوع على اتفاق بين تكتل أحزاب اللقاء المشترك وجماعة الحوثي، وهو إنجاز آخر يخدم المسار السياسي والثوري، ويبدد المخاوف من الانقسام، فاليمن الجديد سيتسع لجميع أبنائه، ونأمل أن لايبقى أي تنظيم أو توجه سياسي خارج السرب، لأن الوطن يحتاج جميع الطاقات، والمظالم لابد أن تُرفع، والمتضرر يجب أن يُعوّض، والمظلوم يجب أن يُنصف، والحقوق ينبغي أن تُعاد لأصحابها، واليمن يتسع لجميع أبنائه، وسيعيش بسلام وأمان مع جيرانه وأصدقائه..
لقد كان هذا الأسبوع حاسماً في تاريخ اليمن، ويمثل فصلاً بين مرحلتين، وسنشعر بعظيم ما يفعله شعبنا اليمني الصابر المثابر والمتسامح، وستصبح ثورته مدرسة للنضال والتصميم وقوة الإرادة وصدق العزيمة وسلامة الطوية، فثورته للبناء والإعمار وليست للثأر والانتقام..
*الصحوة نت
جرى العرف في البرلمان اليمني على منع التصفيق في القاعة لأي كان، باعتبار المجلس ممثلاً للشعب الذي يستحق الاحترام والتقدير، وليس ميداناً ولا قاعة للتصفيق والهتاف، وهذا عُرفٌ يحسن أن يحافظ عليه مجلس النواب اليمني ليبقى له الوقار اللائق بمكانته، لكن المجلس خرج عن هذا العرف عندما رأى رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة يجهش بالبكاء، إشفاقاً على اليمن من التشَظّي والتمزق، طالباً الموافقة على قانون الحصانة الذي يُدرك أنه مستفزّ لكثير ممن سيطّلع عليه، فكانت تلك الدموع رسالة إقناع بالغة التأثير، أخرجت الأعضاء عن التزامهم ،فإذا بهم يصفقون ويذرفون الدمع ليمتد ذلك الأثر إلى كل يمني تابع وقائع تلك الجلسة.
كانت جلسة منح الحصانة للرئيس علي عبدالله صالح من أصعب المواقف التي جعلت أعضاء كُثر يكرهون اليوم الذي تم فيه انتخابهم أعضاء في البرلمان، حيث تبدو هذه حادثة غير مسبوقة في برلمان يُفترض فيه أن يكون مراقباً ومحاسباً؛ لامانحاً للحصانة والعفو عن الأخطاء..!
لكن الأحداث والفواجع التي عاشتها اليمن خلال الثوة الشبابية الشعبية السلمية، والأثمان الباهظة التي دفعها شعبنا اليمني، من شبابه ودماء أبنائه وموارده وإمكاناته في سبيل التغيير والعيش بكرامة؛ جعلت الخروج من الحالة الراهنة أولوية يجب أن يسعى إليها الجميع، بعيداً عن حسابات الربح والخسارة، والإرضاء أوالإغضاب لهذا أو ذاك، وحتى لا تُصبح الحصانة القشّة التي تقصم ظهر البعير، وخاصة بعد التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون بجهود رعاة المبادرة الخليجية، وتدخُّل الرجل الحكيم والحريص والحادب على اليمن (جمال بن عمر) مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، فانشرحت الصدور للتصويت الذي لا يعني التنازل عن الحقوق الشخصية للآخرين، أو إهمال حقوق الضحايا، وإنما جاء لطي صفحة الماضي والتهيئة للنقل النهائي للسلطة، ومن ثم تحقيق مطالب الشعب في بناء دولة المؤسسات التي تقوم على العدالة والمواطنة المتساوية، مع عدم الإقرار بإهدار الأموال العامة التي نهبت - ليس بدوافع سياسية - وإنما لأغراض شخصية أو حزبية، وعلينا أن نعيد قراءة القانون بجميع مواده وسنجد أنه صار متوازناً إلى حد ما، ولاسيما وقد أكد بأن يُفسّر بحسب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن رقم 2014.
لقد تم في نفس جلسة منح الحصانة، تزكية المرشح التوافقي عبدربه منصور هادي للانتخابات الرئاسية، بعد تأخير أسابيع وجدل كبير في المجلس، ثم جاء خطاب الرئيس - المنتهية ولايته – بعد صدور القانون والذي طلب فيه من الشعب اليمني العفو والمسامحة، والتي كان العقلاء قد طالبوه أن يفعلها قبل أن يقع الفأس في الرأس، ومع ذلك فأن تأتي متأخرة خير من أن لاّتأتي ،وبهذا تنتهي أحلام التوريث وفكرة قلع العداد، وهاهو الرئيس يغادر البلاد ليفسح المجال أمام النائب ليمارس كامل الاختصاصات الرئاسية، ومن ثم السير في الانتقال السلمي للسلطة، وتلك سنة الله في الحياة الذي يجعل الأيام دولاً بين الناس، ولاشك أن جميع المستفيدين من حالة الفوضى والتصعيد والتأزيم سيقفون عند حدهم، ولن يجدوا لهم ملجأً يأوون إليه إلا إذا عادوا للشعب وانحازوا لمصالحه .
كل يوم يمضي يتبين أن المبادرة الخليجية بآليتها التنفيذية تحقق أهداف الثورة وتطلعات الشعب، وتقود اليمنيين إلى مستقبل جديد بأقل كلفة ممكنة، وإن كان ذلك بحركة بطيئة، لكنها أفضل من التضحية بالمزيد من الدماء، وعلينا أن ننظر اليوم إلى الأمام، ونداوي الجراح والآلام، ونستعد للمشاركة الإيجابية في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تمثل المصداقية والرغبة في التغيير، بحيث نشهد يوم الثلاثاء 21من فبراير القادم رئيساً جديداً يجمع الشمل ويقود الحوار والاصلاحات الدستورية والانتخابية المنشودة، وعلى الحكومة أن تبادر بالاستماع لشباب الساحات واستيعاب أفكارهم وأطروحاتهم ورؤاهم، فهم أكثر من نصف الحاضر وكل المستقبل، وقد كانوا عصب الثورة ومحركها الأساس.
ومن التوافق أن يتم التوقيع هذا الأسبوع على اتفاق بين تكتل أحزاب اللقاء المشترك وجماعة الحوثي، وهو إنجاز آخر يخدم المسار السياسي والثوري، ويبدد المخاوف من الانقسام، فاليمن الجديد سيتسع لجميع أبنائه، ونأمل أن لايبقى أي تنظيم أو توجه سياسي خارج السرب، لأن الوطن يحتاج جميع الطاقات، والمظالم لابد أن تُرفع، والمتضرر يجب أن يُعوّض، والمظلوم يجب أن يُنصف، والحقوق ينبغي أن تُعاد لأصحابها، واليمن يتسع لجميع أبنائه، وسيعيش بسلام وأمان مع جيرانه وأصدقائه..
لقد كان هذا الأسبوع حاسماً في تاريخ اليمن، ويمثل فصلاً بين مرحلتين، وسنشعر بعظيم ما يفعله شعبنا اليمني الصابر المثابر والمتسامح، وستصبح ثورته مدرسة للنضال والتصميم وقوة الإرادة وصدق العزيمة وسلامة الطوية، فثورته للبناء والإعمار وليست للثأر والانتقام..
*الصحوة نت