عبد العزيز كحيل
من أخبث طرق الشيطان للتشويش على المؤمنين أصحاب الالتزام والعبادة والاستقامة إشعارُهم بالفوقيّة والأفضليّة على غيرهم، خاصّةً المقترفين منهم للمعاصي المعاقرين للذنوب، فقد يتدرّج بهم في هذا الطريق حتّى يفسد نياتهم ويلوّث مقاصدهم فيضيع منهم الثواب وهم لا يشعرون، وهذه الحيلة الشيطانيّة غاية في الدقّة والخفاء بحيث ينخدع بها أرباب العبادات لأنّها تتسلّل إلى النفوس بسلاسة متدثّرة بأثواب الغيرة على الدين والانتصار للحقّ والفضائل والأخلاق، وشيئاً فشيئاً يرى ذلك العابد نفسه أفضل من أولئك المذنبين، فيحتقرهم ويستصغرهم فيقوده ذلك إلى تزكيّة نفسه والحكم لها بالبراءة والخيريّة، وتلك هي الخطوة الأولى في الانزلاق والتساقط، فإن لم يُزح حجاب الغفلة عن بصيرته، وتمادى في ذمّ الآخرين بمعاصيهم أوشكت نفسه أن تتحوّل إلى وثن يعبده – وهو يظنّ أنّه يعبد الله – وإلى صنم يطوف حوله – وهو يحسب نفسه مستمسكاً بأهداب الشرع منتصراً للإيمان –.
وقد كتب في بيان هذا المعنى العلماء، وجلاّه أطبّاء القلوب الربانيون، وطوّف بأرجائه الوعّاظ والمربّون، فأتوا بالنفائس واللطائف لكنّ أبلغ ما وجدته في هذا الباب كلام بليغ مؤثّر للإمام ابن القيّم يقول فيه:
’’تعييرك أخاك بذنبه أكبر إثماً من ذنبه، ففي تعييرك هذا تبدو صولة الطاعة وتزكيّة النفس والمناداة عليها بالبراءة من الذنب، ولعلّ انكسار الّذي عيّرته بذنبه وازراءه على نفسه وتخلّصه مما أصابك من كبر وعُجب وادّعاء ،ووقوفه بين يدي ربّه ناكس الرأس خاشع الطرف منكسر القلب أنفع له من صولة طاعتك ومنّك بها على الله.
ألا ما أقرب هذا العاصي من رحمة الله وما أقرب ذلك المدلّ من مقت الله، فذنب تذلّ به لديه أحبّ من طاعة تدلّ بها عليه، ولأًن تبيت نائماً وتصبح نادماً خير من أن تبيت قائماً وتصبح معجباً، فإنّ المعجب لا يصعد له عمل.
وإنّك إن تضحك وأنت معترف خير من أن تبكي وأنت مدلّ، وأنين المذنبين أحبّ إلى الله من زجل المسبّحين المدلّين، ولعلّ الله سقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داءً قاتلاً هو فيك وما تشعر’’.
صدق الامام رحمه الله، فماذا تُغني عبادات عابد وطاعات مطيع إذا خالجها الكبر والعُجب والادعاء؟ وماذا تُفيده طقوس يؤدّيها بعد أن اسودّ قلبه بهذه الأدواء الفتّاكة التي تأتي على الأعمال الصالحة فتجعلها هباء منثورا؟ فكم من سراج أطفأته الريح وكم من قُربة أفسدها العُجب، وانكسار القلب مقصد شرعي كما بيّن العارفون ، وإصلاح السرير’ مقدّمة ضرورية لإصلاح العلانية، وهذا تحصين داخلي لمن سلك طريق الاستقامة ،والمرء إذ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويذكّر الناسي، ويزجر العاصي، ويدعو المدبر، ويقيم المتعثّر، ينبغي أن يفعل ذلك وهو متواضع لله شاكر له أن هداه - وكان يمكن أن يكله إلى نفسه – يُبغض الذنب ويرحم المذنب، ولا يأمن مكر الله أبدا، فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء، والمعصوم من عصمه الله من الزلل، وما التوفيق إلا بالله وحده، ويحرص المؤمن الكيّس الفطن ألاّ يخلط بين الغيرة على محارم الله وبين تزكية النفس والإعجاب بالطاعة الذي يجرّ إلى كبر القلب حتى ولو كان صاحبه يلبس الأسمال ويُظهر التواضع بجسده وقوله، بل يجب أن يجمع من وفّقه الله إلى الاستقامة بين الخوف على نفسه وبين رحمة الخلق، وقد نُسب إلى السيد السيح عليه السلام قولُه: ’’لا تنظروا إلى ذنوب العباد كأنّكم أرباب وانظروا إليها كأنكم عبيد، فالناس رجلان: مُبتلَى ومُعافَى، فارحموا أهل البلاء واسألوا الله العافية’’،
فصاحب العمل الصالح قد تصدر منه الكلمة الغليظة ونبرة الاستعلاء إذا غفل عن الاستعاذة من الشيطان، فهنا يوشك أن يوكَل إلى نفسه، ويُصبح أسوأ حالا من المذنب الذي لَدَغَه انحرافُه فطفق يؤنّب نفسه ويستصغر ذاتَه ، وهذه الحال هي عين العبودية، والله تعالى يغفر لمن تاب وأناب بصدق ولو غلبَه ضعفُه البشري فعاد إلى الذنب وعاد، وما زال يعود ويتوب، والله أعلم بأحوال السرائر وإليه حسابها.
وما أجمل منظر المؤمن الملتفت إلى نفسه بالتربية والمراقبة والمحاسبة والحثّ على مزيد الطاعات من غير ان يبرح مربّع التواضع لله وللخلق واتّهام النفس والتماس الأعذار للمسلمين، وحريّ بنا ان نفقه هذه القاعدة ونعمل بها، فإنّ الجمال قد ندر.
ولا تستقيم أحوالنا إلاّ إذا التزمنا الرونق الاسلامي والأبّهة الإيمانية، فذاك أبعد شيء عن مفسدات الاستقامة من كبر وعُجب وغرور، وإنّ قومًا يعبدون الله على غير دراية بهذه القاعدة الجوهرية قد أرخصوا ثمن العبادة الحقّة فهبطت قيمة الطاعة في ميزان الإيمان، ويُخشى أن يشملهم هذا القول الرباني يوم القيامة : ’’وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون’’ – سورة الزمر 47، فقد كانوا يحسبون انهم على جانب عظيم من التقوى وحظّ وافر من الثواب، لكن يكتشفون بين يدي الله حين تُنشر الدواوين وتوضع الموازين أنّ سوء أدبهم مع الله وحال قلوبهم أثناء الطاعة وازدراءهم للمبتَلين قد ذهب بحسناتهم أدراج الرياح.
ولله تعالى في خلقه شؤون، وفي تدبيره عجائب، فقد يوفّق من شاء إلى الاستقامة من خلال معصية، إذا علم – وهو سبحانه وتعالى أعلم – أنّ قلب العاصي لم تلوّثه معصية الجارحة، فيسلك العبد طريق الذنب وتقوده الأقدار إلى البرّ والتقوى، وهذا في الناس كثير، وصدق من قال : ’’ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول، وربما كتب عليك المعصية فكانت سببا للوصول’’، وقد جاء عمر بن الخطاب شاهرا سيفَه ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع من بيت اخته ينطق بالشهادتين ليصبح هو الفاروق الذي تُضرب به الأمثال في كلّ شعب الخير، وقبل ذلك كان المستعجلون يرجّحون إسلام حمار الخطاب على إسلام عمر !!!، وهذا الرسول صلى الله عليه وسلّم يبلغ من القيام والصيام والإنفاق والتبتّل مبلغا لا يضاهيه فيه صالح ولا صدّيق ومع ذلك يرحم العاصي الذي يُقام عليه الحدّ وينهى عن سبّه لأنّ ذلك يُعين الشيطان عليه.
إنّ الغيرة على الدين وأحكامه وحرماته وحدوده دأبُ المؤمن وديدنُه وعلامة واضحة على صدقه، فيجب تحصينها من هجمات الشيطان المتكرّرة عبر حظوظ النفس وأهوائها الخفية، وأفضل طريقة للتحصين تذكير النفس أن استقامتها محض عطاء من الله تعالى، فإن لم تكن في مستوى هذا العطاء بالتواضع وداخلَها المنّ فقد يسلبها إياه بين طرفة عين وانتباهتها، فتَجتالُها الشياطين وترمي بها في مستنقع المعصية لتسلك منحدر أولئك الذين كانت تزدريهم بجهلها، وعلى المسلم أن يداوم على الذكر المأثور: ’’يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك’’، فهو يعرّفه بحدود عبوديته وتفاهة قدرته و يردّه إلى الله ردّا جميلا، ذلك أن القلب الثابت ليس للغرور فيه ظلّ ولا خيط رفيع، والغرور باب الشرّ ونافذة السوء ومفتاح الضلال، أمّا المشهد البهيج الجميل المثير فيكمن في القلب التقيّ النقيّ المخبت الذي لا يزيده القرب من الله بالطاعات إلا تواضعا واستصغارا للذات ورأفة بالمسلمين الظالمين لأنفسهم، يتمنّى أن يغمرهم الله بفيض رحمته ويمسح هو أثقالهم بيده الحانية، ذاك هو القلب المنشرح الذي تعلوه ابتسامات الإيمان وتحرّكه هزّة ورعشة وانتفاضة غيرةً على الدين ورحمةً بالمذنبين.
من أخبث طرق الشيطان للتشويش على المؤمنين أصحاب الالتزام والعبادة والاستقامة إشعارُهم بالفوقيّة والأفضليّة على غيرهم، خاصّةً المقترفين منهم للمعاصي المعاقرين للذنوب، فقد يتدرّج بهم في هذا الطريق حتّى يفسد نياتهم ويلوّث مقاصدهم فيضيع منهم الثواب وهم لا يشعرون، وهذه الحيلة الشيطانيّة غاية في الدقّة والخفاء بحيث ينخدع بها أرباب العبادات لأنّها تتسلّل إلى النفوس بسلاسة متدثّرة بأثواب الغيرة على الدين والانتصار للحقّ والفضائل والأخلاق، وشيئاً فشيئاً يرى ذلك العابد نفسه أفضل من أولئك المذنبين، فيحتقرهم ويستصغرهم فيقوده ذلك إلى تزكيّة نفسه والحكم لها بالبراءة والخيريّة، وتلك هي الخطوة الأولى في الانزلاق والتساقط، فإن لم يُزح حجاب الغفلة عن بصيرته، وتمادى في ذمّ الآخرين بمعاصيهم أوشكت نفسه أن تتحوّل إلى وثن يعبده – وهو يظنّ أنّه يعبد الله – وإلى صنم يطوف حوله – وهو يحسب نفسه مستمسكاً بأهداب الشرع منتصراً للإيمان –.
وقد كتب في بيان هذا المعنى العلماء، وجلاّه أطبّاء القلوب الربانيون، وطوّف بأرجائه الوعّاظ والمربّون، فأتوا بالنفائس واللطائف لكنّ أبلغ ما وجدته في هذا الباب كلام بليغ مؤثّر للإمام ابن القيّم يقول فيه:
’’تعييرك أخاك بذنبه أكبر إثماً من ذنبه، ففي تعييرك هذا تبدو صولة الطاعة وتزكيّة النفس والمناداة عليها بالبراءة من الذنب، ولعلّ انكسار الّذي عيّرته بذنبه وازراءه على نفسه وتخلّصه مما أصابك من كبر وعُجب وادّعاء ،ووقوفه بين يدي ربّه ناكس الرأس خاشع الطرف منكسر القلب أنفع له من صولة طاعتك ومنّك بها على الله.
ألا ما أقرب هذا العاصي من رحمة الله وما أقرب ذلك المدلّ من مقت الله، فذنب تذلّ به لديه أحبّ من طاعة تدلّ بها عليه، ولأًن تبيت نائماً وتصبح نادماً خير من أن تبيت قائماً وتصبح معجباً، فإنّ المعجب لا يصعد له عمل.
وإنّك إن تضحك وأنت معترف خير من أن تبكي وأنت مدلّ، وأنين المذنبين أحبّ إلى الله من زجل المسبّحين المدلّين، ولعلّ الله سقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داءً قاتلاً هو فيك وما تشعر’’.
صدق الامام رحمه الله، فماذا تُغني عبادات عابد وطاعات مطيع إذا خالجها الكبر والعُجب والادعاء؟ وماذا تُفيده طقوس يؤدّيها بعد أن اسودّ قلبه بهذه الأدواء الفتّاكة التي تأتي على الأعمال الصالحة فتجعلها هباء منثورا؟ فكم من سراج أطفأته الريح وكم من قُربة أفسدها العُجب، وانكسار القلب مقصد شرعي كما بيّن العارفون ، وإصلاح السرير’ مقدّمة ضرورية لإصلاح العلانية، وهذا تحصين داخلي لمن سلك طريق الاستقامة ،والمرء إذ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويذكّر الناسي، ويزجر العاصي، ويدعو المدبر، ويقيم المتعثّر، ينبغي أن يفعل ذلك وهو متواضع لله شاكر له أن هداه - وكان يمكن أن يكله إلى نفسه – يُبغض الذنب ويرحم المذنب، ولا يأمن مكر الله أبدا، فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء، والمعصوم من عصمه الله من الزلل، وما التوفيق إلا بالله وحده، ويحرص المؤمن الكيّس الفطن ألاّ يخلط بين الغيرة على محارم الله وبين تزكية النفس والإعجاب بالطاعة الذي يجرّ إلى كبر القلب حتى ولو كان صاحبه يلبس الأسمال ويُظهر التواضع بجسده وقوله، بل يجب أن يجمع من وفّقه الله إلى الاستقامة بين الخوف على نفسه وبين رحمة الخلق، وقد نُسب إلى السيد السيح عليه السلام قولُه: ’’لا تنظروا إلى ذنوب العباد كأنّكم أرباب وانظروا إليها كأنكم عبيد، فالناس رجلان: مُبتلَى ومُعافَى، فارحموا أهل البلاء واسألوا الله العافية’’،
فصاحب العمل الصالح قد تصدر منه الكلمة الغليظة ونبرة الاستعلاء إذا غفل عن الاستعاذة من الشيطان، فهنا يوشك أن يوكَل إلى نفسه، ويُصبح أسوأ حالا من المذنب الذي لَدَغَه انحرافُه فطفق يؤنّب نفسه ويستصغر ذاتَه ، وهذه الحال هي عين العبودية، والله تعالى يغفر لمن تاب وأناب بصدق ولو غلبَه ضعفُه البشري فعاد إلى الذنب وعاد، وما زال يعود ويتوب، والله أعلم بأحوال السرائر وإليه حسابها.
وما أجمل منظر المؤمن الملتفت إلى نفسه بالتربية والمراقبة والمحاسبة والحثّ على مزيد الطاعات من غير ان يبرح مربّع التواضع لله وللخلق واتّهام النفس والتماس الأعذار للمسلمين، وحريّ بنا ان نفقه هذه القاعدة ونعمل بها، فإنّ الجمال قد ندر.
ولا تستقيم أحوالنا إلاّ إذا التزمنا الرونق الاسلامي والأبّهة الإيمانية، فذاك أبعد شيء عن مفسدات الاستقامة من كبر وعُجب وغرور، وإنّ قومًا يعبدون الله على غير دراية بهذه القاعدة الجوهرية قد أرخصوا ثمن العبادة الحقّة فهبطت قيمة الطاعة في ميزان الإيمان، ويُخشى أن يشملهم هذا القول الرباني يوم القيامة : ’’وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون’’ – سورة الزمر 47، فقد كانوا يحسبون انهم على جانب عظيم من التقوى وحظّ وافر من الثواب، لكن يكتشفون بين يدي الله حين تُنشر الدواوين وتوضع الموازين أنّ سوء أدبهم مع الله وحال قلوبهم أثناء الطاعة وازدراءهم للمبتَلين قد ذهب بحسناتهم أدراج الرياح.
ولله تعالى في خلقه شؤون، وفي تدبيره عجائب، فقد يوفّق من شاء إلى الاستقامة من خلال معصية، إذا علم – وهو سبحانه وتعالى أعلم – أنّ قلب العاصي لم تلوّثه معصية الجارحة، فيسلك العبد طريق الذنب وتقوده الأقدار إلى البرّ والتقوى، وهذا في الناس كثير، وصدق من قال : ’’ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول، وربما كتب عليك المعصية فكانت سببا للوصول’’، وقد جاء عمر بن الخطاب شاهرا سيفَه ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع من بيت اخته ينطق بالشهادتين ليصبح هو الفاروق الذي تُضرب به الأمثال في كلّ شعب الخير، وقبل ذلك كان المستعجلون يرجّحون إسلام حمار الخطاب على إسلام عمر !!!، وهذا الرسول صلى الله عليه وسلّم يبلغ من القيام والصيام والإنفاق والتبتّل مبلغا لا يضاهيه فيه صالح ولا صدّيق ومع ذلك يرحم العاصي الذي يُقام عليه الحدّ وينهى عن سبّه لأنّ ذلك يُعين الشيطان عليه.
إنّ الغيرة على الدين وأحكامه وحرماته وحدوده دأبُ المؤمن وديدنُه وعلامة واضحة على صدقه، فيجب تحصينها من هجمات الشيطان المتكرّرة عبر حظوظ النفس وأهوائها الخفية، وأفضل طريقة للتحصين تذكير النفس أن استقامتها محض عطاء من الله تعالى، فإن لم تكن في مستوى هذا العطاء بالتواضع وداخلَها المنّ فقد يسلبها إياه بين طرفة عين وانتباهتها، فتَجتالُها الشياطين وترمي بها في مستنقع المعصية لتسلك منحدر أولئك الذين كانت تزدريهم بجهلها، وعلى المسلم أن يداوم على الذكر المأثور: ’’يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك’’، فهو يعرّفه بحدود عبوديته وتفاهة قدرته و يردّه إلى الله ردّا جميلا، ذلك أن القلب الثابت ليس للغرور فيه ظلّ ولا خيط رفيع، والغرور باب الشرّ ونافذة السوء ومفتاح الضلال، أمّا المشهد البهيج الجميل المثير فيكمن في القلب التقيّ النقيّ المخبت الذي لا يزيده القرب من الله بالطاعات إلا تواضعا واستصغارا للذات ورأفة بالمسلمين الظالمين لأنفسهم، يتمنّى أن يغمرهم الله بفيض رحمته ويمسح هو أثقالهم بيده الحانية، ذاك هو القلب المنشرح الذي تعلوه ابتسامات الإيمان وتحرّكه هزّة ورعشة وانتفاضة غيرةً على الدين ورحمةً بالمذنبين.