مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
ليسوا حكاما متغلبين وإنما مجرمو حرب
25-5-2011
وقد أرتنا مدارس الطغيان وطبائع الاستبداد من عجائب موجبات العزل والتنحية، ما أسقط أقنعة الاحتلال الداخلي، ليس فيهم من انحاز إلى المحاورة ابتداء، وأكثرهم جنح إلى البطش خيارا وحيدا في التعامل مع مطلب الشعوب في الحرية والكرامة، ويبقى الاختلاف في ’’الاستعمال المفرط للقمع’’، ودركات الوحشية والهمجية. علي عبدالله أنهى حكمه المقفر بإشاعة أجواء حرب أهلية، هذا كل ما في جعبة حاكم جهول مفلس..هل هذا هو ’’الحاكم المتغلب’’: أمات الله به بلدا وأفقر شعبا وأشعل فتيل حرب أهلية، هذا ليس بحاكم إنه مجرم حرب..

علي عبدالله صالح والقذافي والأسد أسقطوا نظرية ’’الحاكم المتغلب’’، هؤلاء ليسوا حكاما وقل مثل هذا على أكثر الزعماء العرب، هؤلاء مجرمون دمويون متعطشون للحكم والنهب.

المقولات والنظريات التي صيغت في فقه السياسة الشرعية أثناء زمن الانحطاط السياسي لم تتعرض ـ على ضعفها وقصورها ـ لحالة حاكم دجال مارق مجرم حرب.

ما فعله المجرم الجهول علي عبدالله من استدراج بلد برمته إلى حرب أهلية، هو النهاية المتوقعة لطاغية جرب كل ما أتاحته تجارب أقرانه لئلا يزحزح من كرسي التسلط، وكثير منا صُدم بوحشية ’’الأنظمة المتغلبة’’ بلغة فقهاء السياسة الشرعية القدامى (ممن لم يخطر على بالهم أن يحكم أمة أمثال الأسد والقذافي وعلي عبدالله) ولم يتوقعوا حجم الإرهاب الذي تمارسه هذه الأنظمة ضد شعوبها، وأصبح معها التفقير والتجهيل استراحة محارب لا أكثر أمام شلال الدماء والمجازر المروعة في حق الأهالي والسكان المحتجين.
لا يمكن الوثوق بأي حاكم متسلط، أيا كان، والانتخاب والاختيار الشعبي الحر هو المصدر الوحيد لشرعية الحكم، وأكثر الأنظمة سقطت في اختبار شعوبها: أبعد ما تكون عن معرفة الحق ورحمة الخلق، السجون عامرة والسلاح جاهز والجيش على أهبة الاستعداد لإحباط احتجاجات سلمية ترفع شعارات ومطالب إنسانية.

وقد أرتنا مدارس الطغيان وطبائع الاستبداد من عجائب موجبات العزل والتنحية، ما أسقط أقنعة الاحتلال الداخلي، ليس فيهم من انحاز إلى المحاورة ابتداء، وأكثرهم جنح إلى البطش خيارا وحيدا في التعامل مع مطلب الشعوب في الحرية والكرامة، ويبقى الاختلاف في ’’الاستعمال المفرط للقمع’’، ودركات الوحشية والهمجية.

علي عبدالله أنهى حكمه المقفر بإشاعة أجواء حرب أهلية، هذا كل ما في جعبة حاكم جهول مفلس، يطارد شباب التغيير في ساحات الاعتصام ويقصف بيوت أعيان القبائل المعارضين ويطيل أمد الشلل.
هل هذا هو ’’الحاكم المتغلب’’: أمات الله به بلدا وأفقر شعبا وأشعل فتيل حرب أهلية، هذا ليس بحاكم إنه مجرم حرب.
عشنا ردحا من الزمن نُنوَم ونُخدر بنظرية ’’الحاكم المتغلب’’ ومخاطر إشاعة الفتان والفوضى، حتى قام ’’حكام متغلبون’’ أسقطوا النظرية بأنفسهم، فعلا لا قولا، مجازر وقصف ونهب وعداء صارخ لدعاة الإصلاح والتغيير وإعلان الحرب على كل حركة شعبية سلمية مطالبة بالإصلاح.
ما يجري في اليمن وسوريا وليبيا زمن قبل مصر وتونس، ليس فقط إطاحة بمجرمي حرب حكموا دولا لعقود من الزمن، وإنما إبطالا لمفعول نظرية ’’الحاكم المتغلب’’، التي حمت الطغاة لفترات طويلة.
الكثيرون ممَن ’’لم يتورطوا’’ في تضخيم الفساد السياسي ومخاطر الاستبداد والطغيان، ظلوا يراهنون على إصلاحات بمراسيم وترقيعات والرضى بالحد الأدنى، فذلك ’’أسلم’’ من فتنة مضلة، منعا من السقوط في أوحال الفوضى، كلام فضفاض فارغ بلا معنى. والآن ماذا عساهم يقولون؟
إخضاع الشعوب واستعبادها فعل إجرامي، أيا كان فاعله، وهل مازالوا يتوجسون من أفكار الحرية والكرامة، وبعضهم قد يسوغ هذا الصنيع، يسميه بغير اسمه في بلده، بينما يجاهر بنكيره في بلد آخر؟ وأشنع منه من يحمَل المجتمع وزر الموبقات العشر والغرق في أوحال سوريا الضلالات أو السلبية وانعدام الأمل والطموح، كما هي عادة متحدثين بلغة ’’جديدة’’ ساحرة، لكنه دائما المجتمع، رغم أن الذي صنع التغيير في تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا، هم ’’هذا المجتمع الآبق’’ السلبي الغارق في أوحال الخطايا؟؟؟

أفكار الحرية انتصرت وتمكنت وصنعت التغيير، وأفكار التوجس والهواجس والفتن والحاكم المتغلب والتغيير من الداخل، خارت وتهاوت، وتوارى أصحابها ودعاتها عن الأنظار، يقال إنهم تفرغوا لصناعة كلام هلامي فضفاض كالعادة، لكنه بتسم بشيء من الجرأة والقوة من دون المساس بنظرية ’’الحاكم المتغلب’’، ربما سيرفعون سياطهم ـ شيئا ما ـ عن المجتمعات، ويحصنونها من عدوى الثورات السلمية..
*مجلة العصر
أضافة تعليق