د. محمد فتحى
يعد الامام أبى اسحاق الشاطبى أول من دون فى فقه المقاصد الشرعية بصورة منهجية ومنظمة حيث قسم مقاصد الشريعة الاسلامية الى خمس مقاصد هى ’’حفظ النفس،حفظ الدين،حفظ العقل،حفظ النسل،حفظ المال’’ وزادها من بعده الامام القرافى مقصدا سادسا هو ’’حفظ العرض’’
ولم يرتب الشاطبى هذه المقاصد تبعا لاولويتها وقد نقل عنه فى الموافقات نيف 5 أشكال مختلفة لترتيبها.. وقد اختلف المقاصديون من بعده فى ترتيبها اختلافا كبيرا..فقد رتبها أبوالعلامة أبو حامد الغزالى وفقا للترتيب الأشهر بيننا الان وهو’’الدين ثم النفس ثم العقل ثم النسل ثم المال’’
وقدم الامدى الدين على النفس والنسل على العقل
كما قدم الامام القرافى النفس على الدين والنسل على العقل وقدم الامام البيضاوى النفس على الدين والعقل والمال على النسل
وهنا يتضح جليا أن كل العلماء الذين بحثوا فى علم المقاصد الشرعية قد اختلفوا فى ترتيبها فمنهم من قدم الدين على النفس او العكس ومنهم من قدم النسل على المال وكذا العكس..الى غير ذلك من أبواب الخلاف فى هذا المجال..
أن هذا الاختلاف الكبير وما تبعه من تأخر واضح فى تفعيل علم المقاصد كأحد اهم علوم الشريعة وأكثرها التصاقا بحياة البشر يرجع فى نظرى الى اشكاليتين رئيسيتين..
الأولى...اشكالية المصطلح بين الضبط والتحرير والتحديد
أن عدم وجود دلالة محددة لاصطلاحات المقاصد الشرعية قد أدى الى التباس واضح فى تفصيل المقاصد وتظمها فى سلم من الاولويات فقد اختلف الأصوليون والمقاصديون في معانى اصطلاحات المقاصد فنجد لهم تعريفات مختلفة لحفظ الدين وتعريفات مجتزأة لحفظ النفس وتعريفات مخلة فى حفظ العقل ..هذا التفاوت فى المفاهيم أدى الى اختلاف كبير فى ضبط الاصطلاحات المقاصدية ومن ثم فى تفعيل الرؤية المقاصدية.. ..
حفظ الدين
فهل المقصود من حفظ الدين هو -فقط- الملة الذى يدرأ بحد الردة...وهل يعقل أن يكون مقصد الشريعة الأول هو الحفاظ على ملة رجل قد تيقن فعلا..أو حد رجل اخر قد أبق وخرج..
أم أن المقصود بحفظ الدين هوحفظ أصوله وأركانه ..أن كان كذلك فالمقاصد الخمس أو الست المعتبرة تحفظ اصولا وثوابتا للدين..
فحفظ النفس بتحريم قتل الغير أو قتل النفس او اتخاذ مسلك يؤدى الى هلكتها او اتلافها فى غير مايرضى الله هو من صميم حفظ الدين..وحفظ المال أن يكتسب من حلال وأن ينفق فى حلال وتحريم أكل الربا والتعدى على مال اليتيم مناطه تحقيق مصلحة محققة للفرد والجماعة والأمة وهو من صميم حفظ الدين وكذا حفظ العقل فلا يغيب بمسكر ولا يحجب عنه علم الدين والدنيا هو حفظ لأصل الدين...وأما ان كان المقصود بحفظ الدين هو تقرير الناس على مكارم الاخلاق وجميل الشيم فانها تعود الى رتبة التحسينات كما قال الرازى
حفظ النفس
تأملت يوما فيما رواه الشيخان من حديث
سعيد بن زيد – رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد’’. وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – أنه قال لخالد بن العاص: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ’’من قتل دون ماله فهو شهيد’’
أليس فى هذا الحديث النبوى دعوة صريحة لاتلاف النفس دون المال والعرض؟؟!!..هنا النبى صلى الله عليه وسلم يحبب فى التضحية بالنفس حفاظاعلى المال والعرض..ولا حجة عندى لمن قال بان الفضل لمن دفع الى قتال فقتل فالقتال حينها مندوب محمود لحديث النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه النسائى-والحديث صحيح عند الألبانى-
عن مخارق – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يأتيني يريد مالي؟ قال: ’’ذكِّرهُ بالله’’ قال فإن لم يذكر؟ قال: ’’فاستعن عليه من حولك من المسلمين’’ قال: فإن لم يكن حولي أحد من المسلمين؟ قال: ’’فاستعن عليه السلطان’’ قال: فإن نأى السلطان عني [وعجل عليَّ] قال: ’’قاتل دون مالك حتى تكون من شهداء الآخرة أو تمنع مالك’’
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: ’’فلا تعطه مالك’’ قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: ’’قاتله’’ قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: ’’فأنت شهيد’’ قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: ’’هو في النار’’
ان الاشكالية هنا فى نظرى تكمن فى اختزال حفظ النفس فى مجرد عصمة الدم ...لأن حفظ النفس يسع أكثر من مجرد حرمة الدم النصوص الصحيحة السلفة دعوة صريحة للمخاطرة بالدم ليس فى سبيل حفظ المال قطعا ولكن فى سبيل مقصد اخر هو من صميم حفظ النفس وهو حفظ حريتها ودرء الاستبداد عنها ودفع ماقد ينتقص من أنسانيتها وكرامتها فالانسان هنا يهدر دمه فى سبيل عزته وكرامته ..وهذا التاويل فى نظرى يتسق مع فرض الجهاد الذى لايجب فقط لحفظ الدين بل يجب لحفظ الأمة ولدرء الاستبداد حتى وان لم يكن الخطأ المدفوع بالجهاد موجها بوضوح نحو الدين..
ان اختزال حفظ النفس فى حرمة الدم قد فوت على المسلمين مصالح عظيمة وادى الى ظهور رؤى وفتاوى لا تتسق وروح الدين كاعتبار المقاومة السلمية لحاكم مستبد من المفضيات الى اتلاف النفس وتفويت مقاصد الدين ..وكذا الدعوة الى الخنوع والرضا بالذل بدعوى حفظ اموال الناس وأعراضهم وتجنب الافضاء الى مفاسد شرعية..
حفظ العقل
’’حفظ العقل’’..مصطلح مقاصدى اخر يحتاج الى اعادة الضبط...وهل لايتلف العقل الا بالاسكار؟؟ولذلك شرع حد الخمر؟؟
وما موقف علم المقاصد من قضايا تغريب الهوية وتمييع الثقافة ووأد الفكر ...وأين يقع مجال الفكر والرؤية والعقل والمنطق والثقافة فى خريطة المقاصد...
ان اعادة تعريف مصطلح حفظ العقل ليشمل تعليم العلوم المختلفة من علوم الشريعة والتاريخ والحضارة والمدنية والحياة ودفع موجات التمييع الثافى والتغييب الحضارى والشذوذ الفكرى والتنشئة العقلية المنهجية فى مختلف المراحل ربما يدفع بالعقل الى مرتبة مختلفة ومنزل مختلف من منازل المقاصد..
تلك كانت اشارات حول اشكالية المصطلح فى علم المقاصد ولا يزال الباب متسعا والهوة عميقة تحتاج الى جهود أئمتنا وفقهائنا الكرام
الاشكالية الثانية.....هى الطريقة التى خطت بها المقاصد الخمس او الست الضرورية
والتى اعتمدت فى مجملها على النظر الى الحدود فحد الردة أفضى الى مقصد’’حفظ الدين’’ وحد القتل ل’’حفظ النفس’’ وحد الخمر’’لحفظ العقل’’ وحد السرقة ’’لحفظ المال’’ وحد الزنا ’’لحفظ النسل’’ وحد القذف ’’لحفظ النسل’’..
ان الحدود ولا شك قد شرعت لحفظ مقاصد عظيمة ولعصمة كليات معتبرة ولكن النظرة الى المقاصد من هذا الباب قد حرمنا لفترة طويلة من تأمل لكامل نصوص الشريعة والتشبع بروحها من خلال كلام الله وسنة نبيه واستنباط المقاصد بناء على التوجه الروحى والفعلى لنصوص الشرع فى مجملها وليس فى تفصيلاتها..
ولعل اهم الاشكاليات الناجمة عن هذا المنهج هو اهمال علم المقاصد لباب الامة فالمقاصد الخمس أو الست تهتم بعين الفرد كجزء من منظومة الامة لكنها لاتهتم بجنس الأمة كجزء من منظومة الكون ولعل النظر الى باب واحد فى الشريعة الاسلامية هو باب الجهاد يسهم كثيرا فى التحرر من هذه الاشكالية..
أن احد أهم المحاولات المعاصرة الرائدة لتحرير علم المقاصد والخروج به بعيدا عن فلك الحدود فقط هى تلك المحاولة الرائدة للدكتور جمال لدين عطية فى بحثه الرائع’’نحو تفعيل مقاصد الشريعة’’ عندما انتقل من تبويب المقاصد فى خمس ضروريات الى تصنيفها فى اربعة ابواب وهى مقاصد الشريعة الخاصة بالفرد ومقاصد الشريعة الخاصة بالاسرة ومقاصد الشريعة الخاصة بالامة ومقاصد الشريعة الخاصة بالانسانية..
ولن تبقى اشكالية الترتيب بين الابواب الاربعة ونظمها عبر سلم من الاوليات يسهل التفاعل فيما بينها وييسر استخراج الحكم المقاصدى منها فى حالة وجود تعارض حقيقى أو متوهم
*ينابيع
يعد الامام أبى اسحاق الشاطبى أول من دون فى فقه المقاصد الشرعية بصورة منهجية ومنظمة حيث قسم مقاصد الشريعة الاسلامية الى خمس مقاصد هى ’’حفظ النفس،حفظ الدين،حفظ العقل،حفظ النسل،حفظ المال’’ وزادها من بعده الامام القرافى مقصدا سادسا هو ’’حفظ العرض’’
ولم يرتب الشاطبى هذه المقاصد تبعا لاولويتها وقد نقل عنه فى الموافقات نيف 5 أشكال مختلفة لترتيبها.. وقد اختلف المقاصديون من بعده فى ترتيبها اختلافا كبيرا..فقد رتبها أبوالعلامة أبو حامد الغزالى وفقا للترتيب الأشهر بيننا الان وهو’’الدين ثم النفس ثم العقل ثم النسل ثم المال’’
وقدم الامدى الدين على النفس والنسل على العقل
كما قدم الامام القرافى النفس على الدين والنسل على العقل وقدم الامام البيضاوى النفس على الدين والعقل والمال على النسل
وهنا يتضح جليا أن كل العلماء الذين بحثوا فى علم المقاصد الشرعية قد اختلفوا فى ترتيبها فمنهم من قدم الدين على النفس او العكس ومنهم من قدم النسل على المال وكذا العكس..الى غير ذلك من أبواب الخلاف فى هذا المجال..
أن هذا الاختلاف الكبير وما تبعه من تأخر واضح فى تفعيل علم المقاصد كأحد اهم علوم الشريعة وأكثرها التصاقا بحياة البشر يرجع فى نظرى الى اشكاليتين رئيسيتين..
الأولى...اشكالية المصطلح بين الضبط والتحرير والتحديد
أن عدم وجود دلالة محددة لاصطلاحات المقاصد الشرعية قد أدى الى التباس واضح فى تفصيل المقاصد وتظمها فى سلم من الاولويات فقد اختلف الأصوليون والمقاصديون في معانى اصطلاحات المقاصد فنجد لهم تعريفات مختلفة لحفظ الدين وتعريفات مجتزأة لحفظ النفس وتعريفات مخلة فى حفظ العقل ..هذا التفاوت فى المفاهيم أدى الى اختلاف كبير فى ضبط الاصطلاحات المقاصدية ومن ثم فى تفعيل الرؤية المقاصدية.. ..
حفظ الدين
فهل المقصود من حفظ الدين هو -فقط- الملة الذى يدرأ بحد الردة...وهل يعقل أن يكون مقصد الشريعة الأول هو الحفاظ على ملة رجل قد تيقن فعلا..أو حد رجل اخر قد أبق وخرج..
أم أن المقصود بحفظ الدين هوحفظ أصوله وأركانه ..أن كان كذلك فالمقاصد الخمس أو الست المعتبرة تحفظ اصولا وثوابتا للدين..
فحفظ النفس بتحريم قتل الغير أو قتل النفس او اتخاذ مسلك يؤدى الى هلكتها او اتلافها فى غير مايرضى الله هو من صميم حفظ الدين..وحفظ المال أن يكتسب من حلال وأن ينفق فى حلال وتحريم أكل الربا والتعدى على مال اليتيم مناطه تحقيق مصلحة محققة للفرد والجماعة والأمة وهو من صميم حفظ الدين وكذا حفظ العقل فلا يغيب بمسكر ولا يحجب عنه علم الدين والدنيا هو حفظ لأصل الدين...وأما ان كان المقصود بحفظ الدين هو تقرير الناس على مكارم الاخلاق وجميل الشيم فانها تعود الى رتبة التحسينات كما قال الرازى
حفظ النفس
تأملت يوما فيما رواه الشيخان من حديث
سعيد بن زيد – رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ’’من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد’’. وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – أنه قال لخالد بن العاص: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ’’من قتل دون ماله فهو شهيد’’
أليس فى هذا الحديث النبوى دعوة صريحة لاتلاف النفس دون المال والعرض؟؟!!..هنا النبى صلى الله عليه وسلم يحبب فى التضحية بالنفس حفاظاعلى المال والعرض..ولا حجة عندى لمن قال بان الفضل لمن دفع الى قتال فقتل فالقتال حينها مندوب محمود لحديث النبى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه النسائى-والحديث صحيح عند الألبانى-
عن مخارق – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يأتيني يريد مالي؟ قال: ’’ذكِّرهُ بالله’’ قال فإن لم يذكر؟ قال: ’’فاستعن عليه من حولك من المسلمين’’ قال: فإن لم يكن حولي أحد من المسلمين؟ قال: ’’فاستعن عليه السلطان’’ قال: فإن نأى السلطان عني [وعجل عليَّ] قال: ’’قاتل دون مالك حتى تكون من شهداء الآخرة أو تمنع مالك’’
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: ’’فلا تعطه مالك’’ قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: ’’قاتله’’ قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: ’’فأنت شهيد’’ قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: ’’هو في النار’’
ان الاشكالية هنا فى نظرى تكمن فى اختزال حفظ النفس فى مجرد عصمة الدم ...لأن حفظ النفس يسع أكثر من مجرد حرمة الدم النصوص الصحيحة السلفة دعوة صريحة للمخاطرة بالدم ليس فى سبيل حفظ المال قطعا ولكن فى سبيل مقصد اخر هو من صميم حفظ النفس وهو حفظ حريتها ودرء الاستبداد عنها ودفع ماقد ينتقص من أنسانيتها وكرامتها فالانسان هنا يهدر دمه فى سبيل عزته وكرامته ..وهذا التاويل فى نظرى يتسق مع فرض الجهاد الذى لايجب فقط لحفظ الدين بل يجب لحفظ الأمة ولدرء الاستبداد حتى وان لم يكن الخطأ المدفوع بالجهاد موجها بوضوح نحو الدين..
ان اختزال حفظ النفس فى حرمة الدم قد فوت على المسلمين مصالح عظيمة وادى الى ظهور رؤى وفتاوى لا تتسق وروح الدين كاعتبار المقاومة السلمية لحاكم مستبد من المفضيات الى اتلاف النفس وتفويت مقاصد الدين ..وكذا الدعوة الى الخنوع والرضا بالذل بدعوى حفظ اموال الناس وأعراضهم وتجنب الافضاء الى مفاسد شرعية..
حفظ العقل
’’حفظ العقل’’..مصطلح مقاصدى اخر يحتاج الى اعادة الضبط...وهل لايتلف العقل الا بالاسكار؟؟ولذلك شرع حد الخمر؟؟
وما موقف علم المقاصد من قضايا تغريب الهوية وتمييع الثقافة ووأد الفكر ...وأين يقع مجال الفكر والرؤية والعقل والمنطق والثقافة فى خريطة المقاصد...
ان اعادة تعريف مصطلح حفظ العقل ليشمل تعليم العلوم المختلفة من علوم الشريعة والتاريخ والحضارة والمدنية والحياة ودفع موجات التمييع الثافى والتغييب الحضارى والشذوذ الفكرى والتنشئة العقلية المنهجية فى مختلف المراحل ربما يدفع بالعقل الى مرتبة مختلفة ومنزل مختلف من منازل المقاصد..
تلك كانت اشارات حول اشكالية المصطلح فى علم المقاصد ولا يزال الباب متسعا والهوة عميقة تحتاج الى جهود أئمتنا وفقهائنا الكرام
الاشكالية الثانية.....هى الطريقة التى خطت بها المقاصد الخمس او الست الضرورية
والتى اعتمدت فى مجملها على النظر الى الحدود فحد الردة أفضى الى مقصد’’حفظ الدين’’ وحد القتل ل’’حفظ النفس’’ وحد الخمر’’لحفظ العقل’’ وحد السرقة ’’لحفظ المال’’ وحد الزنا ’’لحفظ النسل’’ وحد القذف ’’لحفظ النسل’’..
ان الحدود ولا شك قد شرعت لحفظ مقاصد عظيمة ولعصمة كليات معتبرة ولكن النظرة الى المقاصد من هذا الباب قد حرمنا لفترة طويلة من تأمل لكامل نصوص الشريعة والتشبع بروحها من خلال كلام الله وسنة نبيه واستنباط المقاصد بناء على التوجه الروحى والفعلى لنصوص الشرع فى مجملها وليس فى تفصيلاتها..
ولعل اهم الاشكاليات الناجمة عن هذا المنهج هو اهمال علم المقاصد لباب الامة فالمقاصد الخمس أو الست تهتم بعين الفرد كجزء من منظومة الامة لكنها لاتهتم بجنس الأمة كجزء من منظومة الكون ولعل النظر الى باب واحد فى الشريعة الاسلامية هو باب الجهاد يسهم كثيرا فى التحرر من هذه الاشكالية..
أن احد أهم المحاولات المعاصرة الرائدة لتحرير علم المقاصد والخروج به بعيدا عن فلك الحدود فقط هى تلك المحاولة الرائدة للدكتور جمال لدين عطية فى بحثه الرائع’’نحو تفعيل مقاصد الشريعة’’ عندما انتقل من تبويب المقاصد فى خمس ضروريات الى تصنيفها فى اربعة ابواب وهى مقاصد الشريعة الخاصة بالفرد ومقاصد الشريعة الخاصة بالاسرة ومقاصد الشريعة الخاصة بالامة ومقاصد الشريعة الخاصة بالانسانية..
ولن تبقى اشكالية الترتيب بين الابواب الاربعة ونظمها عبر سلم من الاوليات يسهل التفاعل فيما بينها وييسر استخراج الحكم المقاصدى منها فى حالة وجود تعارض حقيقى أو متوهم
*ينابيع