بقلم محمد مختار مصطفى المقرئ
22-1-2011
بم يوصف وفيما يصنف التغيير الذي جرى في تونس؟ أهو تغيير بالقهر والتغلب، أم تغيير مطاوعة وإذعان ونزول على رأي الأمة أو لنفوذ أهل الحل والعقد فيها؟ أهو تغيير بالضغط والإجبار، أم بمبادرة من الحاكم لقناعته بأنه لم يعد صالحاً للولاية أو أنه لم يكن صالحاً لها أصلاً؟
بم يوصف وفيما يصنف التغيير الذي جرى في تونس؟
أهو تغيير بالقهر والتغلب، أم تغيير مطاوعة وإذعان ونزول على رأي الأمة أو لنفوذ أهل الحل والعقد فيها؟
أهو تغيير بالضغط والإجبار، أم بمبادرة من الحاكم لقناعته بأنه لم يعد صالحاً للولاية أو أنه لم يكن صالحاً لها أصلاً؟
إننا إذا لم نختزل معنى القوة في حمل السلاح والقتال؛ سلمنا ـ عن حق ـ بأن التغيير في تونس تغيير بالقوة، أجل.. هو تغيير بالقوة بكل ما تحمل كلمة ’’القوة’’ من مفهوم ودلالة وما تلقيه من ظلال.
وحيث ذلك كذلك.. فما هو تكييف المسألة فقهاً عند من يرون أن حكامنا هم ولاة أمر تجب طاعتهم ولا يجوز الخروج عليهم؟ ألدى أصحاب هذه الرؤية الجرأة على أن يصفوا الأمة التونسية بأنهم خوارج، وأن خروجهم على ولي أمرهم بغي وإفساد وعصيان؟
وهل تجرؤ المؤسسات الدينية الرسمية على أن تفتينا في الأمة التونسية بأنهم أهل حرابة وفساد في الأرض يجب أن يصلبوا أو يقتلوا أو ينفوا من الأرض؟
ألا ما أشبه هذا الطاغية المخلوع بنظرائه من ’’ولاة الأمر’’... فما يجري عليه في النظر الفقهي يجري على أولئك وربما بطريق الأولى والآكد، فتمكن علة الحكم في كثير منهم أبلغ وأعمق.
حقاً إنها ورطة فقهية تبهت أصحاب تلك الرؤية جميعهم، وبحيث لا تدع لهم مجالاً للمناورة أو التأويل، أو التفريق القياسي.
ثم أعود للتساؤل في شأن ذي صلة... فإن من ينافحون عمن يعدونهم ولاة أمر شرعيين لا يجوز الخروج عليهم، يرون ـ أيضاً ـ أن التظاهر ضدهم أمر محرم، وأنه عصيان لولي الأمر وخروج على طاعته!! وهم ـ بذلك ـ يَصِلون بالأمة إلى أن يلزموها الصمت والخنوع والاستسلام للواقع المرير إلى أن يقدر الله أمراً من عنده وهم قعود لا يدفعون الأسباب بالأسباب ولا يفرون من قدر الله إلى قدر لله!!
وهل التظاهر إلا آلية في الإنكار معدودة من أمور الدنيا التي لا يُلزم فيها المسلم بدليل توقيفي، شأنها في ذلك شأن كل ما ليس بعبادة أو قربة.
وإذا ما رُدَّ الأمر في الخروج وفي التظاهر إلى ما يترتب عليهما من مصالح أو مفاسد ؛ كان فعلهما أو الإفتاء بهما من مسائل الاجتهاد التي تختلف باختلاف التقديرات وما يحيط بواقعة الحكم من ملابسات وظروف ومعطيات، وإذاً يعود الأمر إلى أن يكون اجتهاداً في تحقيق مناط الحكم، ولا وجه للإلزام فيه بالمنع المطلق مهما تغيرت الملابسات والظروف والمعطيات.. كما يريد أصحاب الرؤية المشار إليهم.
ومن المهم ـ هنا ـ أن أشير إلى أن هذا التنظير لا أُقَعِد له على ما كان للخروج والتظاهر من نتائج في المسألة التونسية، لأنه مفهوم تقرر عندي منذ زمن، وكذا وجدته عند كثير من أهل العلم، وسبق أن كتبت في تقريره مرات ومرات، ولكن لأن الرأي المضاد (اللا خروج) لا ضريبة عليه بل لأنه لم يزل ـ عند البعض ـ مادة لاسترضاء ’’ولاة الأمر’’؛ كان صوته أعلى، وأيضاً لأنه الرأي الذي فيه السلامة والدعة وجد رواجاً بين العامة ولدى المتثاقلين إلى الأرض الذين رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة، أولئك الذين حسبوا أن لا تكون فتنة فعموا وصموا، مع أن القرآن المبين يقطع ـ وبصريح النص ـ أن الفتنة هي في أن لا يكون الدين كله لله، وأن الفتنة ـ بهذا المفهوم ـ أشد من القتل، كما أن الخنوع للاستبداد أشد من كل ما يمكن أن يلحقه الاستبداد بالخانعين.
*العصر
22-1-2011
بم يوصف وفيما يصنف التغيير الذي جرى في تونس؟ أهو تغيير بالقهر والتغلب، أم تغيير مطاوعة وإذعان ونزول على رأي الأمة أو لنفوذ أهل الحل والعقد فيها؟ أهو تغيير بالضغط والإجبار، أم بمبادرة من الحاكم لقناعته بأنه لم يعد صالحاً للولاية أو أنه لم يكن صالحاً لها أصلاً؟
بم يوصف وفيما يصنف التغيير الذي جرى في تونس؟
أهو تغيير بالقهر والتغلب، أم تغيير مطاوعة وإذعان ونزول على رأي الأمة أو لنفوذ أهل الحل والعقد فيها؟
أهو تغيير بالضغط والإجبار، أم بمبادرة من الحاكم لقناعته بأنه لم يعد صالحاً للولاية أو أنه لم يكن صالحاً لها أصلاً؟
إننا إذا لم نختزل معنى القوة في حمل السلاح والقتال؛ سلمنا ـ عن حق ـ بأن التغيير في تونس تغيير بالقوة، أجل.. هو تغيير بالقوة بكل ما تحمل كلمة ’’القوة’’ من مفهوم ودلالة وما تلقيه من ظلال.
وحيث ذلك كذلك.. فما هو تكييف المسألة فقهاً عند من يرون أن حكامنا هم ولاة أمر تجب طاعتهم ولا يجوز الخروج عليهم؟ ألدى أصحاب هذه الرؤية الجرأة على أن يصفوا الأمة التونسية بأنهم خوارج، وأن خروجهم على ولي أمرهم بغي وإفساد وعصيان؟
وهل تجرؤ المؤسسات الدينية الرسمية على أن تفتينا في الأمة التونسية بأنهم أهل حرابة وفساد في الأرض يجب أن يصلبوا أو يقتلوا أو ينفوا من الأرض؟
ألا ما أشبه هذا الطاغية المخلوع بنظرائه من ’’ولاة الأمر’’... فما يجري عليه في النظر الفقهي يجري على أولئك وربما بطريق الأولى والآكد، فتمكن علة الحكم في كثير منهم أبلغ وأعمق.
حقاً إنها ورطة فقهية تبهت أصحاب تلك الرؤية جميعهم، وبحيث لا تدع لهم مجالاً للمناورة أو التأويل، أو التفريق القياسي.
ثم أعود للتساؤل في شأن ذي صلة... فإن من ينافحون عمن يعدونهم ولاة أمر شرعيين لا يجوز الخروج عليهم، يرون ـ أيضاً ـ أن التظاهر ضدهم أمر محرم، وأنه عصيان لولي الأمر وخروج على طاعته!! وهم ـ بذلك ـ يَصِلون بالأمة إلى أن يلزموها الصمت والخنوع والاستسلام للواقع المرير إلى أن يقدر الله أمراً من عنده وهم قعود لا يدفعون الأسباب بالأسباب ولا يفرون من قدر الله إلى قدر لله!!
وهل التظاهر إلا آلية في الإنكار معدودة من أمور الدنيا التي لا يُلزم فيها المسلم بدليل توقيفي، شأنها في ذلك شأن كل ما ليس بعبادة أو قربة.
وإذا ما رُدَّ الأمر في الخروج وفي التظاهر إلى ما يترتب عليهما من مصالح أو مفاسد ؛ كان فعلهما أو الإفتاء بهما من مسائل الاجتهاد التي تختلف باختلاف التقديرات وما يحيط بواقعة الحكم من ملابسات وظروف ومعطيات، وإذاً يعود الأمر إلى أن يكون اجتهاداً في تحقيق مناط الحكم، ولا وجه للإلزام فيه بالمنع المطلق مهما تغيرت الملابسات والظروف والمعطيات.. كما يريد أصحاب الرؤية المشار إليهم.
ومن المهم ـ هنا ـ أن أشير إلى أن هذا التنظير لا أُقَعِد له على ما كان للخروج والتظاهر من نتائج في المسألة التونسية، لأنه مفهوم تقرر عندي منذ زمن، وكذا وجدته عند كثير من أهل العلم، وسبق أن كتبت في تقريره مرات ومرات، ولكن لأن الرأي المضاد (اللا خروج) لا ضريبة عليه بل لأنه لم يزل ـ عند البعض ـ مادة لاسترضاء ’’ولاة الأمر’’؛ كان صوته أعلى، وأيضاً لأنه الرأي الذي فيه السلامة والدعة وجد رواجاً بين العامة ولدى المتثاقلين إلى الأرض الذين رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة، أولئك الذين حسبوا أن لا تكون فتنة فعموا وصموا، مع أن القرآن المبين يقطع ـ وبصريح النص ـ أن الفتنة هي في أن لا يكون الدين كله لله، وأن الفتنة ـ بهذا المفهوم ـ أشد من القتل، كما أن الخنوع للاستبداد أشد من كل ما يمكن أن يلحقه الاستبداد بالخانعين.
*العصر