مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
ثقافة الصداقة مع الذات
زيد الشامي
ليس هناك أشد فتكاً على المرء من عداوته لنفسه، وعدم صداقته لها، وانسجامه معها، فبدون الصلح مع الذات لا تستقيم الحياة، مهما كثر الأصدقاء والمتعاطفين والمساعدين، ومن لا يساعد نفسه لا تجدي معه مساعدة الغير..

صداقة الآخرين مطلوبة وضرورية، فيصعب على الإنسان أن يعيش وحيداً، لأن الحياة تعاون وتكامل، وأخذ وعطاء، لكنها لا يمكن أن تغدو تواكلاً واعتماداً على الآخرين، كما أن صداقة البعيد لا تثمر مع عداوة القريب.

نحن –في اليمن- بحاجة ملحة لعقد صداقة مع ذواتنا، قبل أن نبحث عن صداقة الأشقاء والأصدقاء ومساعداتهم فلابد أن يعمل اليمنيون بجدية لإصلاح بيتهم الداخلي، ولأن يرمّمُوا ما تصدع من علاقاتهم فيما بينهم والتي تمر اليوم بأسوأ حالاتها، إذ يجب أن تعي السلطة أولاً، ومن هم خارج السلطة ثانياً أن الأنانية والاستعلاء والاستمرار واستبعاد الآخر لن يقود إلا إلى الدمار والضعف والشتات..

مازالت دولتنا تعرض المخاطر التي تهدد بلادنا وجيراننا والعالم من حولنا، وأن هذه الدول إذا لم تبادر بتقديم المساعدات السخية لإنقاذنا ومعالجة اقتصادنا فالويل والثبور وعواقب الأمور ستحل على الجميع، لكن المانحين لم يقتنعوا لأنهم يرون أن مساعداتهم لم تجدي قبل أن يصادق اليمنيون أنفسهم، ويصلحوا نظامهم السياسي ويطهروا إداراتهم من الفساد، ويسيروا في ترسيخ الشراكة بين القوى السياسية، ويتم تطبيق العدالة والمساواة، ويسود القانون وينعم الجميع بالحريات، حتى تستقر الأوضاع وتنتهي الاضطرابات..

قال الأصدقاء الأشقاء ذلك مراراً، وأكدوا وأكدوا أنهم لن يكونوا بديلاً عن صداقة اليمنيين لذواتهم، واعترافهم بحق جميع أبناء الشعب وقواه السياسية في السلطة والثروة، وبهذا يعود وهج الثورة والوحدة إلى سابق عهده.

وهانحن نستجدي المانحين من لندن، إلى دبي، إلى برلين، إلى نيويورك، وننتظر مؤتمر الرياض، ونخرج خالين الوفاض، فالمشكلة يمنية، ولابد أن يعالجها اليمنيون، ويصلحوا شأنهم الداخلي، والإلحاح في تدخل الأصدقاء سوف يحوّلهم إلى أوصياء، ولا يشرفنا أن نعود إلى نظام المندوب السامي الذي يأمر وينهي، فمن يدفع المال لابد أن يقرر ويحكم، كما أن تدخل القوات الأجنبية في الصومال وأفغانستان والعراق لم يصنع استقراراً ولا أمناً ولا تنمية، وسيكتشف الجميع أن لا مناص من خروج المستعمر وتصالح أبناء الوطن الواحد، ولكن بعد الدماء والأشلاء والدمار والخراب، والسعيد من اتعظ بغيره..

مازلنا نؤمل في لجنة الحوار أن تبادر بطرح القضايا الساخنة على طاولة البحث، وقد تم الإتفاق على جدول الأعمال من خلال اتفاق فبراير سنة 2009م، ويجب عدم إضاعة الوقت، فالمناكفات حول تضمين قانون الانتخابات في جدول أعمال البرلمان أضاع علينا أكثر من عشرة أيام، سمعنا فيها الشتائم غير اللائقة، ولأن ثقافة الصداقة مع الذات غائبة كان لابد من رسالة من رئيس الجمهورية ليصوت المتشددون على عكس ماتحمسوا له، ويثوبوا إلى رشدهم!!

نحتاج إلى ترسيخ ونشر ثقافة الصداقة مع النفس، وعلى كل المستويات، فكلنا أبناء هذا الوطن نتشارك في السراء والضراء، ونعمل لتعميق أواصر المحبة وصلات القربى بيننا، ذلك هو بداية الطريق مع شكرنا لكل الأصدقاء.
*الصحوة نت
أضافة تعليق