الخارج لا يحل مشكلات الداخل!!
23/01/2010
أصبحنا اليوم محور اهتمام العالم، ونشرات الأخبار لاتكاد تخلو من أخبار اليمن، ليس لأن بلادنا (اليمن السعيد) وليس لأن أهلها أصحاب الحكمة، وإنما للتخوف من الشر الذي يتوقعون أن يصلهم منه!!
ومن المستغرب أن تصل سمعة اليمن إلى هذا الحضيض فجأة، مع أننا طالما سمعنا عن التنسيق الأمني غير المحدود مع الدول الشقيقة والصديقة وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ونستغرب كيف تنامى خطر (القاعدة) إلى الحد الذي لم يعد مجدياً إلا ضرب أفرادها بصواريخ من الجو والبحر، ولو أدى ذلك إلى سقوط ضحايا أبرياء، فضلاً عن كون هذا القتل خارج القانون وبدون محاكمات أو إدانة!!
يصعب استيعاب هذا التكبير لحجم القاعدة التي صار أعضاؤها ديناصورات لا قبل لأحد بهم، فإذا سجنوا حفروا أنفاقاً بأظافرهم الجبارة، واخترقوا الأرضين دون أن يتنبّه لهم أحد في السجن، وما أن خرجوا حتى أصبحوا طرازانات يصنعون الرعب في كل مكان، فهم ليسوا بشراً هاربين يبحثون عن مكان يختبئون فيه، وإذا بهم أشبه بالعفاريت الذين يمكنهم أن يطيروا ليفجروا المنشآت في أمريكا، وحتى الطالب النيجيري الذي طاف العالم وذهب إلى أوروبا تركز خطره لكونه أمضى فترة وجيزة في اليمن تعلم فيها سدّ (المارد علاء الدين)، وقبلت اليمن التهمة التي بُرئت منها كل الدول التي تنقل فيها!!
إن الخارج لايمكن أن يأتي ويتدخل في شئوننا إلا حين نفتح له الأبواب والنوافذ، وقد يكون تدخله بسبب مواقفنا غير المدروسة منه، أو لعدم المصداقية في التعامل معه.
كل ما يحدث في اليمن ليس بفعل التآمر الخارجي الذي أصبح شماعة تعلق عليه السلطة إخفاقاتها المتلاحقة في حل مشكلات البلاد، وما إن تنتهي مؤامرة حتى نسمع عن أخرى قد أطلت بقرونها، وحتى مع صحة هذا الافتراض، فهل سألنا أنفسنا لماذا يتآمر الخارج علينا؟ ألسنا طرفاً يدفع الآخرين ليتخذوا منا مواقف العداء؟!
لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة من التشظي غير المسبوق، حتى ارتفعت أصوات يمنية تجهر برغبتها في الانسلاخ من الهوية اليمنية لتبحث عن هوية أخرى وبلغة غير منطقية، وأنانية، مع أن الحراك الجنوبي بدأ مطلبياً ويراد له أن ينتهي انفصالياً!!
لماذا عادت المناطقية والطائفية إلى السطح بعد عقود من التسامح والإندماج، وكيف بدأت قضية صعدة التي وضعت بذرتها السلطة لتنتهي اليوم إلى هذا الوضع المأساوي، وما تزال الحكومة تعلن عن افتتاح مخيمات جديدة للنازحين ما يشير إلى أن المراحل مازالت طويلة!!
إن الاستمرار في سياسة معاقبة الخصوم السياسيين وإسكات الأصوات الحرة للصحفيين، وتحويل القضاء إلى عصا غليظة تقمع الآراء، ثم استمرار الإقصاء والإبعاد وتعميق نهج الاستئثار وحماية الفساد من أهم أسباب الأزمة التي وصلنا إليها.
أي معالجات لأعراض المرض لا يحل المشكلة، فما زال التذمر وعدم الرضا في ازدياد، وما لم يتنازل القائمون على الحكم بإعادة الحقوق والحريات للشعب وقواه السياسية، والاتجاه الصادق لإصلاحات سياسية تأتي على جذور المشكلات فلن تجدي مؤتمرات الخارج ولا تخويف المحيط الإقليمي، ولعل الظرف الصعب الذي تمر به اليمن كافياً في الرجوع إلى الجادة، وعدم الإصرار على السير فوق الأشواك نحو الهاوية!!
[email protected]
*الصحوة نت
23/01/2010
أصبحنا اليوم محور اهتمام العالم، ونشرات الأخبار لاتكاد تخلو من أخبار اليمن، ليس لأن بلادنا (اليمن السعيد) وليس لأن أهلها أصحاب الحكمة، وإنما للتخوف من الشر الذي يتوقعون أن يصلهم منه!!
ومن المستغرب أن تصل سمعة اليمن إلى هذا الحضيض فجأة، مع أننا طالما سمعنا عن التنسيق الأمني غير المحدود مع الدول الشقيقة والصديقة وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ونستغرب كيف تنامى خطر (القاعدة) إلى الحد الذي لم يعد مجدياً إلا ضرب أفرادها بصواريخ من الجو والبحر، ولو أدى ذلك إلى سقوط ضحايا أبرياء، فضلاً عن كون هذا القتل خارج القانون وبدون محاكمات أو إدانة!!
يصعب استيعاب هذا التكبير لحجم القاعدة التي صار أعضاؤها ديناصورات لا قبل لأحد بهم، فإذا سجنوا حفروا أنفاقاً بأظافرهم الجبارة، واخترقوا الأرضين دون أن يتنبّه لهم أحد في السجن، وما أن خرجوا حتى أصبحوا طرازانات يصنعون الرعب في كل مكان، فهم ليسوا بشراً هاربين يبحثون عن مكان يختبئون فيه، وإذا بهم أشبه بالعفاريت الذين يمكنهم أن يطيروا ليفجروا المنشآت في أمريكا، وحتى الطالب النيجيري الذي طاف العالم وذهب إلى أوروبا تركز خطره لكونه أمضى فترة وجيزة في اليمن تعلم فيها سدّ (المارد علاء الدين)، وقبلت اليمن التهمة التي بُرئت منها كل الدول التي تنقل فيها!!
إن الخارج لايمكن أن يأتي ويتدخل في شئوننا إلا حين نفتح له الأبواب والنوافذ، وقد يكون تدخله بسبب مواقفنا غير المدروسة منه، أو لعدم المصداقية في التعامل معه.
كل ما يحدث في اليمن ليس بفعل التآمر الخارجي الذي أصبح شماعة تعلق عليه السلطة إخفاقاتها المتلاحقة في حل مشكلات البلاد، وما إن تنتهي مؤامرة حتى نسمع عن أخرى قد أطلت بقرونها، وحتى مع صحة هذا الافتراض، فهل سألنا أنفسنا لماذا يتآمر الخارج علينا؟ ألسنا طرفاً يدفع الآخرين ليتخذوا منا مواقف العداء؟!
لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة من التشظي غير المسبوق، حتى ارتفعت أصوات يمنية تجهر برغبتها في الانسلاخ من الهوية اليمنية لتبحث عن هوية أخرى وبلغة غير منطقية، وأنانية، مع أن الحراك الجنوبي بدأ مطلبياً ويراد له أن ينتهي انفصالياً!!
لماذا عادت المناطقية والطائفية إلى السطح بعد عقود من التسامح والإندماج، وكيف بدأت قضية صعدة التي وضعت بذرتها السلطة لتنتهي اليوم إلى هذا الوضع المأساوي، وما تزال الحكومة تعلن عن افتتاح مخيمات جديدة للنازحين ما يشير إلى أن المراحل مازالت طويلة!!
إن الاستمرار في سياسة معاقبة الخصوم السياسيين وإسكات الأصوات الحرة للصحفيين، وتحويل القضاء إلى عصا غليظة تقمع الآراء، ثم استمرار الإقصاء والإبعاد وتعميق نهج الاستئثار وحماية الفساد من أهم أسباب الأزمة التي وصلنا إليها.
أي معالجات لأعراض المرض لا يحل المشكلة، فما زال التذمر وعدم الرضا في ازدياد، وما لم يتنازل القائمون على الحكم بإعادة الحقوق والحريات للشعب وقواه السياسية، والاتجاه الصادق لإصلاحات سياسية تأتي على جذور المشكلات فلن تجدي مؤتمرات الخارج ولا تخويف المحيط الإقليمي، ولعل الظرف الصعب الذي تمر به اليمن كافياً في الرجوع إلى الجادة، وعدم الإصرار على السير فوق الأشواك نحو الهاوية!!
[email protected]
*الصحوة نت