سأطرح إشكالاً- ربما يدور في ذهن البعض- عن المشاريع العاملة داخل الأقطار السياسية، وهو: كيفية التوفيق بين العمل تحت واقع قطري سياسي وبين التكامل المشروعي للعمل الإسلامي المتفرق؟...’’
إن الناس بطبيعة خلقتهم يتفاعلون مع واقعهم بمختلف مجالاته (السياسية- والعملية- والاقتصادية) فينتج عن هذا التفاعل المشترك بين الإنساني والواقعي بعض الأفكار والتقييمات الإنسانية الذاتية على الواقع الموضوعي .
فبينما يحاول الناس والمجتمعات إسقاط رؤاهم الذاتية العملية على الواقع الموضوعي؛ يشكّل الواقع نفسه الأنساق الفكرية عند البعض على ضوء ما هو مرسّخٌ فيه، فتتغير بالتالي بعض القيم والأحكام اتجاه الموضوعات الواقعية المؤثرة في حياة الناس وفقاً لكل نسق فكري تأثر بالواقع المادي، فالعلاقة إذاً بين الفكر الإنساني والواقع الموضوعي تشكيلية تكوينية للأنظمة النسقية والواقعية لدى المجتمعات.
إن الراصد للواقع السياسي للمنطقة العربية يجد أن الكيانات السياسية القطرية تكونت عقب الحرب العالمية الأولى، ونتيجةً لإتفاقية (سايكس بيكو) عام 1916م التي أوصت بتجزئة العالم العربي إلى أقطار سياسية مختلفة الرؤى والمناهج، متباينة الهياكل التنظيمية.
تبلور بسبب تلك التغيرات السياسية الطارئة على المنطقة العربية النسق الفكري للمجتمعات وفقاَ للقطر السياسي الذي تنتمي إليه، وبعد الانتهاء التبلوري للنسق الفكري المجتمعي المتأثر بالواقع والإعلام السياسي القطري، نشأت الأدوات التفسيرية للقيم والعادات بناءاً على تلك الرؤية النسقية التابعة للقطر المادي السياسي، فتبدلت بالتالي طريقة الحكم على الأمور في ذهن الشعوب، لتنتقل من الطريقة الإسلامية للحكم على الظواهر والمشاكل إلى الطريقة القطرية التي تتحكّم فيها النُظم السياسية . وفقاَ لهذا النسق الفيتوغرافي للواقع المادي تغيرت الأساليب التخطيطية والعملية عند كثيرٍ من المشاريع الإسلامية فيما يخدم القطر السياسي، لا فيما يخدم التكامل المشروعي للأعمال الإسلامية المتفرقة، بمعنى آخر أن نتاج المشاريع الإسلامية لا يصب في الأهداف الموضوعة لها، بل يوصل للأهداف التي يريدها القطر السياسي؛ بما يمكن أن نسميه (التسيس الفكري للمشاريع أو غسيل الدماغ الجماعي للمشاريع).
فإذا فهمنا أصل مشكلة وسببها، وكيفية دخولها على الفكر التنظيمي الإسلامي عامةً، سأطرح إشكالاً- ربما يدور في ذهن البعض- عن المشاريع العاملة داخل الأقطار السياسية، وهو: كيفية التوفيق بين العمل تحت واقع قطري سياسي وبين التكامل المشروعي للعمل الإسلامي المتفرق؟
والإجابة عن هذا الإشكال متَضمنٌ تحت نقاط؛ وهي:
أولاً: التخطيط للمشاريع داخل الأقطار السياسية ضرورة عملية وليست ضرورة فكرية عقدية، بمعنى أنها مرحلية فقط.
ثانياً: كسر الأنساق الفكرية المتسلطة على اللاوعي عند القائمين على المشاريع الإسلامية، لأننا نلاحظ انسياق بعض القادة بلاوعي أو أن يكون عقلهم مسلوب للقطرية الفكرية.
ثالثا: نشر الوعي بين الأتباع حذراً من الاستغلال القطري الواقعي لأنساقهم الفكرية، لأنهم القائمين حقيقةً على البنية التحتية للمشاريع الإسلامية.
رابعاً: صناعة شبكة علاقات بين المشاريع والشخصيات الإسلامية فيما يخدم التكامل المشروعي للعمل الإسلامي.
بناءاً على هذه النقاط نستطيع التوفيق بين العمل القطري والفكر الإسلامي المتجاوز للحدود السياسية، ونخرج من القفص النسقي للقطر السياسي، فيصب جهدنا في صعود المشروع الإسلامي النهضوي، ولا يذهب عملنا وجهدنا في خدمة أهداف تضعف الأمة الإسلامية.
*القلم
إن الناس بطبيعة خلقتهم يتفاعلون مع واقعهم بمختلف مجالاته (السياسية- والعملية- والاقتصادية) فينتج عن هذا التفاعل المشترك بين الإنساني والواقعي بعض الأفكار والتقييمات الإنسانية الذاتية على الواقع الموضوعي .
فبينما يحاول الناس والمجتمعات إسقاط رؤاهم الذاتية العملية على الواقع الموضوعي؛ يشكّل الواقع نفسه الأنساق الفكرية عند البعض على ضوء ما هو مرسّخٌ فيه، فتتغير بالتالي بعض القيم والأحكام اتجاه الموضوعات الواقعية المؤثرة في حياة الناس وفقاً لكل نسق فكري تأثر بالواقع المادي، فالعلاقة إذاً بين الفكر الإنساني والواقع الموضوعي تشكيلية تكوينية للأنظمة النسقية والواقعية لدى المجتمعات.
إن الراصد للواقع السياسي للمنطقة العربية يجد أن الكيانات السياسية القطرية تكونت عقب الحرب العالمية الأولى، ونتيجةً لإتفاقية (سايكس بيكو) عام 1916م التي أوصت بتجزئة العالم العربي إلى أقطار سياسية مختلفة الرؤى والمناهج، متباينة الهياكل التنظيمية.
تبلور بسبب تلك التغيرات السياسية الطارئة على المنطقة العربية النسق الفكري للمجتمعات وفقاَ للقطر السياسي الذي تنتمي إليه، وبعد الانتهاء التبلوري للنسق الفكري المجتمعي المتأثر بالواقع والإعلام السياسي القطري، نشأت الأدوات التفسيرية للقيم والعادات بناءاً على تلك الرؤية النسقية التابعة للقطر المادي السياسي، فتبدلت بالتالي طريقة الحكم على الأمور في ذهن الشعوب، لتنتقل من الطريقة الإسلامية للحكم على الظواهر والمشاكل إلى الطريقة القطرية التي تتحكّم فيها النُظم السياسية . وفقاَ لهذا النسق الفيتوغرافي للواقع المادي تغيرت الأساليب التخطيطية والعملية عند كثيرٍ من المشاريع الإسلامية فيما يخدم القطر السياسي، لا فيما يخدم التكامل المشروعي للأعمال الإسلامية المتفرقة، بمعنى آخر أن نتاج المشاريع الإسلامية لا يصب في الأهداف الموضوعة لها، بل يوصل للأهداف التي يريدها القطر السياسي؛ بما يمكن أن نسميه (التسيس الفكري للمشاريع أو غسيل الدماغ الجماعي للمشاريع).
فإذا فهمنا أصل مشكلة وسببها، وكيفية دخولها على الفكر التنظيمي الإسلامي عامةً، سأطرح إشكالاً- ربما يدور في ذهن البعض- عن المشاريع العاملة داخل الأقطار السياسية، وهو: كيفية التوفيق بين العمل تحت واقع قطري سياسي وبين التكامل المشروعي للعمل الإسلامي المتفرق؟
والإجابة عن هذا الإشكال متَضمنٌ تحت نقاط؛ وهي:
أولاً: التخطيط للمشاريع داخل الأقطار السياسية ضرورة عملية وليست ضرورة فكرية عقدية، بمعنى أنها مرحلية فقط.
ثانياً: كسر الأنساق الفكرية المتسلطة على اللاوعي عند القائمين على المشاريع الإسلامية، لأننا نلاحظ انسياق بعض القادة بلاوعي أو أن يكون عقلهم مسلوب للقطرية الفكرية.
ثالثا: نشر الوعي بين الأتباع حذراً من الاستغلال القطري الواقعي لأنساقهم الفكرية، لأنهم القائمين حقيقةً على البنية التحتية للمشاريع الإسلامية.
رابعاً: صناعة شبكة علاقات بين المشاريع والشخصيات الإسلامية فيما يخدم التكامل المشروعي للعمل الإسلامي.
بناءاً على هذه النقاط نستطيع التوفيق بين العمل القطري والفكر الإسلامي المتجاوز للحدود السياسية، ونخرج من القفص النسقي للقطر السياسي، فيصب جهدنا في صعود المشروع الإسلامي النهضوي، ولا يذهب عملنا وجهدنا في خدمة أهداف تضعف الأمة الإسلامية.
*القلم