إسلامية التربية
ـ د.سعيد إسماعيل على
إذا كنا نتيقن من الطابع التربوى للإسلام ، فلابد من التوقف بعض الشئ أمام الجانب الآخر ، وهو إمكان أن تكون التربية ’’ إسلامية ’’ ، حيث يستنكر البعض هذا ، مثلما يستنكروه فى مجالات أخرى ، فلا سياسة فى الدين ، ولا دين فى السياسة ، والأمر كذلك بالنسبة للاقتصاد وغيره 0
فقبل أن تشن الحملة الضارية على معظم ما ينطلق منطلقا إسلاميا التي فاقت كل الحدود والتوقعات بعد حادث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 في نيويورك ، كانت قد ارتفعت دعوة إلى ما عرف بأسلمة المعرفة أو إسلاميتها ، والتى قوبلت برد فعل مضاد ساخرا مستنكرا ، وكان من المعتاد أن يضرب مثل من العلوم الطبيعية والكونية بصفة خاصة لتأكيد الإستنكار والسخرية ، بأن ليست هناك كيمياء إسلامية وأخرى غير إسلامية ، وأن ليست هناك فيزياء إسلامية وفيزياء غير إسلامية ،وقياسا على هذا فليست هناك تربية إسلامية وتربية غير إسلامية ، فالتربية هى التربية ، في كل مكان 0
كانت مثل هذه الأمثلة مدعاة لأن يبدو هذا الإنكار وقد حمل قدرا عاليا من المصداقية ، ذلك أن موضوعات مثل هذه العلوم تتعلق بالمادة ، والمادة لا علاقة بها بالعقيدة والفلسفة والتوجه ، فتكون الكيمياء في روسيا هى نفسها الكيمياء في أمريكا ، وهى نفسها في البرازيل أو في مصر وسوريا 00وهكذا 0
لكن الأمر لم يكن كذلك في حقيقة الأمر ، فالذين أطلقوا دعوة إسلامية المعرفة ، كانوا يقصدون بصفة خاصة العلوم الإنسانية والاجتماعية ، وإلى حد ما بعض الجوانب في غيرها من العلوم ، وكان أبرز ما حظى بالجهد العلمى الكبير والمتواصل هو ما أصبح معروفا باسم الاقتصاد الإسلامى 0
وإذا كانت جهود إسلامية الاقتصاد لم تعرف طريقها إلى الظهور إلا منذ السبعينيات على وجه التقريب ، إلا أن من الغريب أن جهود التربية الإسلامية ، قد عرفت طريقها قبيل ذلك بكثير ، في الأربعينيات على وجه التقريب ، عندما أنجز الدكتور أحمد فؤاد الأهوانى رسالته للدكتوراه في آداب القاهرة ، في أوائل الأربعينيات عن التعليم في رأى القابسى 0
والفكرة هنا أنه ما من علم إلا ويقوم على عدد من المنطلقات والمسلمات والأطر الفكرية التي يكون لها دورها الفاعل في تحديد الأهداف ، وتشكيل المسارات ،وفتح الآفاق ، وفضلا عن هذا وذاك ،وترتبط به منظومة من القيم الأخلاقية التي يلتزم بها العاملون في هذا القطاع أو ذاك ، مما يجيز لنا وسم هذا النسق أو ذاك بصفة الإسلامية0
والغريب حقا أننا عرفنا ، قبل هذا ، ومنذ عقود عدة ، ما أصبح معروفا بالعمارة الإسلامية ، حيث الموضوع هنا موضوع ’’ حجر ’’ لا بشر ، فكيف يمكن وسم الدراسات المتصلة بالحجارة بسمة عقيدة بعينها ؟ لقد كان مقبولا أن نقول بعمارة فرعونية وأخرى بيزنطية ، مثلا ، حيث تكون الغلبة هنا إلى بيئة معينة ،ومكان بالذات ، أما أن يكون الدافع للتسمية هو العقيدة فهذا ما يستدعى وقفة ، ربما تساعدنا في فهم الدعوة إلى إسلامية التربية ،والتى نشارك كثيرين في الدعوة إليها 0
الحق أننى لا أزعم معرفة بالعمارة الإسلامية ، وإنما هى صفحات قليلة للغاية ، ومناقشات كانت تجرى بينى وبين ابنتى التي تخصصت في العمارة ، منذ الثمانينيات ، حيث لاحظت بالفعل سمات بعينها تخص هذا النوع من العمارة :
فهناك مثلا الجدر السميكة ، التي ، فضلا عن فعلها في عزل الداخل عن حرارة الجو خارجه ، لها دورها الثقافى والاجتماعى من حيث الحفاظ على سرية ما يتم من أحاديث داخل المكان ، فلا يسمع الأولاد ما يدور بين الأب والأم مما هو جائز وما هو غير جائز ، وكذلك لا يتاح هذا أيضا للجيران ، بينما سمك جدار اليوم لا يراعى ذلك أبدا 0
إن مثل هذا الشأن يعكس وجها من أوجه المنظومة القيمية في الإسلام ، من حيث ’’ الحرمة ’’ ، فالعلاقات بين الرجل والمرأة ليس من المسموح بأن تنكشف للآخرين 0
وفى ظل هذا النسق المعمارى ، كانت هناك ’’ المشربية ’’ التي تتيح لأهل الدار أن ينظروا إلى خارج السكن ، دون أن ’’ ينكشفوا ’’ على الآخرين 0
وكانت الأبواب والنوافذ مستطيلة ، لها جزء بأعلاها ينفتح مستقلا ، متيحا الفرصة لدخول الهواء ، ومن ثم حيث يتيح الفرصة أيضا لمن هم بالداخل أن ينكشفوا ، ويتعروا أحيانا دون اضطرار للإغلاق ، حيث حرارة الجو ، وقبل ظهور أجهزة التكييف 0
وفى المساجد والمدارس التي عرفت بالإسلامية من حيث طرازها المعمارى ، كانت القاعدة عند التصميم الهندسى ، أن تحدد جهات المبنى بناء على تحديد ’’ جدار القبلة ’’ ، فإذا كانت الصلاة واجبة بالضرورة بالمسجد ، إلا أن المدرسة اقتدت به ، فضلا عما كان من تصميم يقوم على التعامد بين الجهات الأربعة حيث كانت كثير من المدارس مفتوحة للجميع من أبناء المسلمين ، وفقا للمذاهب الأربعة ،التى كانت ركنا أساسيا في التمييز بين الناس ، فهذا فلان الحنبلى ،وذاك المالكى ، والآخر هو الشافعى والرابع هو الحنفى 0
وفيما كان يزين الجدران في الكثرة الغالبة من المبانى ، كان من المستحيل أن نجد رسوما لأشخاص ،حيث شاع تحريم التصوير لكل ذى روح ، فكان أن تفنن الفنانون المسلمون في كتابة اللغة العربية بأشكال وأحجام وأوضاع جعلت منها منبعا مذهلا للأشكال الفنية البديعة ،وخاصة كتابة آيات القرآن الكريم 0
كذلك وجدنا الفنان المسلم يلجأ إلى تكرر وحدة الموضوع بطول الجدر 0
وارتبطت المآذن والمنابر أيسضا بأشكال متعددة من الفنون الزخرفية والتشكيلية ، مما أدرجها بدورها تحت مظلة العمارة الإسلامية والفن الإسلامى 0
فكيف تأتى لنا أن نصف كل هذا وذاك ، مما يرتبط بجوامد ، بالعقيدة ؟
لقد مثلت العقيدة منظومة من الأفكار والقيم والتوجهات والمفاهيم شكلت بنية أساسية للمعمارى المسلم والفنان المسلم 0
هكذا يصبح من الجائز إلى أقصى حد أن نتصور وجود تربية تقوم على منظومة القيم والأفكار والمنطلقات والمفاهيم المستمدة من العقيدة الإسلامية ، خاصة ونحن هنا نكون إزاء بناء ’’ إنسان ’’ ذى وجدان ،ومشاعر وإرادة وعقل وتفكير وقلب 0
إننا نردد دائما مقولة مؤداها أن عملية التربية هى عملية ’’ تنفيذية ’’ في بناء الإنسان ،وهى بهذا الاعتبار تكون بحاجة ماسة إلى ’’ تصميم ’’ ، مثل كل عملية بناء ، يحدد المسارات والاتجاهات والوظائف والأهداف 0 إن الذى يبنى ’’ فيلا ’’ ،غير الذى يبنى ’’ قصرا ’’ غير الذى يبنى ’’ جسرا ’’ ، غير الذى يبنى منشأة حكومية ، وهكذا 00هناك وظائف ،وهناك أهداف لكل ’’ بناء ’’ يحدد المصمم ما يرسمه بناء عليها ،وبناء على شخصية من يريد هذا البناء أو ذاك وقدراته المالية والعقلية والاجتماعية 0
هكذا الأمر بالنسبة لبناء إنسان مسلم ، هو يشترك بالتأكيد في الكثير من الجوانب مع غيره من أبناء الأمم والشعوب ،وخاصة فيما هو متصل اتصالا وثيقا بالفطرة ، لكن هناك ’’ منظومة قيم ’’ وهناك ’’ منظومة ثقافة ’’ لابد أن تكون لهما السيطرة على التشكيل والبناء 0إن مادة الأكل الذى يدخل جوف الإنسان تكاد تتشابه مع آلاف الملايين من الناس ، لكن ، لكل شعب مذاقه وأساليبه وعاداته وتقاليده المتصلة بهذه الحاجة الفطرية ، حتى أصبح مقبولا أن نقول بأن هذا مطعم صينى ، وذاك سورى ، وذاك إيطالى 00وهكذا ، فما بالنا ببناء إنسان ، ليس مجرد جسم ، بل جسم يتصل بحواس ومشاعر وعقل وعواطف وقلب وتاريخ وثقافة ووجهة نظر ، وما على هذا وذاك مما هو إنسانى ؟ أليس هو الأجدر بأن تنطبع عملية هذا البناء البشرى بالمرجعية الإسلامية ، التى أرسى قواعدها خالق كل شئ ؟ ليست المسألة تعصبا دينيا بقدر ما هو انحياز كذلك غلى منطق العقل وأصول التربية0
*المصريون
ـ د.سعيد إسماعيل على
إذا كنا نتيقن من الطابع التربوى للإسلام ، فلابد من التوقف بعض الشئ أمام الجانب الآخر ، وهو إمكان أن تكون التربية ’’ إسلامية ’’ ، حيث يستنكر البعض هذا ، مثلما يستنكروه فى مجالات أخرى ، فلا سياسة فى الدين ، ولا دين فى السياسة ، والأمر كذلك بالنسبة للاقتصاد وغيره 0
فقبل أن تشن الحملة الضارية على معظم ما ينطلق منطلقا إسلاميا التي فاقت كل الحدود والتوقعات بعد حادث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 في نيويورك ، كانت قد ارتفعت دعوة إلى ما عرف بأسلمة المعرفة أو إسلاميتها ، والتى قوبلت برد فعل مضاد ساخرا مستنكرا ، وكان من المعتاد أن يضرب مثل من العلوم الطبيعية والكونية بصفة خاصة لتأكيد الإستنكار والسخرية ، بأن ليست هناك كيمياء إسلامية وأخرى غير إسلامية ، وأن ليست هناك فيزياء إسلامية وفيزياء غير إسلامية ،وقياسا على هذا فليست هناك تربية إسلامية وتربية غير إسلامية ، فالتربية هى التربية ، في كل مكان 0
كانت مثل هذه الأمثلة مدعاة لأن يبدو هذا الإنكار وقد حمل قدرا عاليا من المصداقية ، ذلك أن موضوعات مثل هذه العلوم تتعلق بالمادة ، والمادة لا علاقة بها بالعقيدة والفلسفة والتوجه ، فتكون الكيمياء في روسيا هى نفسها الكيمياء في أمريكا ، وهى نفسها في البرازيل أو في مصر وسوريا 00وهكذا 0
لكن الأمر لم يكن كذلك في حقيقة الأمر ، فالذين أطلقوا دعوة إسلامية المعرفة ، كانوا يقصدون بصفة خاصة العلوم الإنسانية والاجتماعية ، وإلى حد ما بعض الجوانب في غيرها من العلوم ، وكان أبرز ما حظى بالجهد العلمى الكبير والمتواصل هو ما أصبح معروفا باسم الاقتصاد الإسلامى 0
وإذا كانت جهود إسلامية الاقتصاد لم تعرف طريقها إلى الظهور إلا منذ السبعينيات على وجه التقريب ، إلا أن من الغريب أن جهود التربية الإسلامية ، قد عرفت طريقها قبيل ذلك بكثير ، في الأربعينيات على وجه التقريب ، عندما أنجز الدكتور أحمد فؤاد الأهوانى رسالته للدكتوراه في آداب القاهرة ، في أوائل الأربعينيات عن التعليم في رأى القابسى 0
والفكرة هنا أنه ما من علم إلا ويقوم على عدد من المنطلقات والمسلمات والأطر الفكرية التي يكون لها دورها الفاعل في تحديد الأهداف ، وتشكيل المسارات ،وفتح الآفاق ، وفضلا عن هذا وذاك ،وترتبط به منظومة من القيم الأخلاقية التي يلتزم بها العاملون في هذا القطاع أو ذاك ، مما يجيز لنا وسم هذا النسق أو ذاك بصفة الإسلامية0
والغريب حقا أننا عرفنا ، قبل هذا ، ومنذ عقود عدة ، ما أصبح معروفا بالعمارة الإسلامية ، حيث الموضوع هنا موضوع ’’ حجر ’’ لا بشر ، فكيف يمكن وسم الدراسات المتصلة بالحجارة بسمة عقيدة بعينها ؟ لقد كان مقبولا أن نقول بعمارة فرعونية وأخرى بيزنطية ، مثلا ، حيث تكون الغلبة هنا إلى بيئة معينة ،ومكان بالذات ، أما أن يكون الدافع للتسمية هو العقيدة فهذا ما يستدعى وقفة ، ربما تساعدنا في فهم الدعوة إلى إسلامية التربية ،والتى نشارك كثيرين في الدعوة إليها 0
الحق أننى لا أزعم معرفة بالعمارة الإسلامية ، وإنما هى صفحات قليلة للغاية ، ومناقشات كانت تجرى بينى وبين ابنتى التي تخصصت في العمارة ، منذ الثمانينيات ، حيث لاحظت بالفعل سمات بعينها تخص هذا النوع من العمارة :
فهناك مثلا الجدر السميكة ، التي ، فضلا عن فعلها في عزل الداخل عن حرارة الجو خارجه ، لها دورها الثقافى والاجتماعى من حيث الحفاظ على سرية ما يتم من أحاديث داخل المكان ، فلا يسمع الأولاد ما يدور بين الأب والأم مما هو جائز وما هو غير جائز ، وكذلك لا يتاح هذا أيضا للجيران ، بينما سمك جدار اليوم لا يراعى ذلك أبدا 0
إن مثل هذا الشأن يعكس وجها من أوجه المنظومة القيمية في الإسلام ، من حيث ’’ الحرمة ’’ ، فالعلاقات بين الرجل والمرأة ليس من المسموح بأن تنكشف للآخرين 0
وفى ظل هذا النسق المعمارى ، كانت هناك ’’ المشربية ’’ التي تتيح لأهل الدار أن ينظروا إلى خارج السكن ، دون أن ’’ ينكشفوا ’’ على الآخرين 0
وكانت الأبواب والنوافذ مستطيلة ، لها جزء بأعلاها ينفتح مستقلا ، متيحا الفرصة لدخول الهواء ، ومن ثم حيث يتيح الفرصة أيضا لمن هم بالداخل أن ينكشفوا ، ويتعروا أحيانا دون اضطرار للإغلاق ، حيث حرارة الجو ، وقبل ظهور أجهزة التكييف 0
وفى المساجد والمدارس التي عرفت بالإسلامية من حيث طرازها المعمارى ، كانت القاعدة عند التصميم الهندسى ، أن تحدد جهات المبنى بناء على تحديد ’’ جدار القبلة ’’ ، فإذا كانت الصلاة واجبة بالضرورة بالمسجد ، إلا أن المدرسة اقتدت به ، فضلا عما كان من تصميم يقوم على التعامد بين الجهات الأربعة حيث كانت كثير من المدارس مفتوحة للجميع من أبناء المسلمين ، وفقا للمذاهب الأربعة ،التى كانت ركنا أساسيا في التمييز بين الناس ، فهذا فلان الحنبلى ،وذاك المالكى ، والآخر هو الشافعى والرابع هو الحنفى 0
وفيما كان يزين الجدران في الكثرة الغالبة من المبانى ، كان من المستحيل أن نجد رسوما لأشخاص ،حيث شاع تحريم التصوير لكل ذى روح ، فكان أن تفنن الفنانون المسلمون في كتابة اللغة العربية بأشكال وأحجام وأوضاع جعلت منها منبعا مذهلا للأشكال الفنية البديعة ،وخاصة كتابة آيات القرآن الكريم 0
كذلك وجدنا الفنان المسلم يلجأ إلى تكرر وحدة الموضوع بطول الجدر 0
وارتبطت المآذن والمنابر أيسضا بأشكال متعددة من الفنون الزخرفية والتشكيلية ، مما أدرجها بدورها تحت مظلة العمارة الإسلامية والفن الإسلامى 0
فكيف تأتى لنا أن نصف كل هذا وذاك ، مما يرتبط بجوامد ، بالعقيدة ؟
لقد مثلت العقيدة منظومة من الأفكار والقيم والتوجهات والمفاهيم شكلت بنية أساسية للمعمارى المسلم والفنان المسلم 0
هكذا يصبح من الجائز إلى أقصى حد أن نتصور وجود تربية تقوم على منظومة القيم والأفكار والمنطلقات والمفاهيم المستمدة من العقيدة الإسلامية ، خاصة ونحن هنا نكون إزاء بناء ’’ إنسان ’’ ذى وجدان ،ومشاعر وإرادة وعقل وتفكير وقلب 0
إننا نردد دائما مقولة مؤداها أن عملية التربية هى عملية ’’ تنفيذية ’’ في بناء الإنسان ،وهى بهذا الاعتبار تكون بحاجة ماسة إلى ’’ تصميم ’’ ، مثل كل عملية بناء ، يحدد المسارات والاتجاهات والوظائف والأهداف 0 إن الذى يبنى ’’ فيلا ’’ ،غير الذى يبنى ’’ قصرا ’’ غير الذى يبنى ’’ جسرا ’’ ، غير الذى يبنى منشأة حكومية ، وهكذا 00هناك وظائف ،وهناك أهداف لكل ’’ بناء ’’ يحدد المصمم ما يرسمه بناء عليها ،وبناء على شخصية من يريد هذا البناء أو ذاك وقدراته المالية والعقلية والاجتماعية 0
هكذا الأمر بالنسبة لبناء إنسان مسلم ، هو يشترك بالتأكيد في الكثير من الجوانب مع غيره من أبناء الأمم والشعوب ،وخاصة فيما هو متصل اتصالا وثيقا بالفطرة ، لكن هناك ’’ منظومة قيم ’’ وهناك ’’ منظومة ثقافة ’’ لابد أن تكون لهما السيطرة على التشكيل والبناء 0إن مادة الأكل الذى يدخل جوف الإنسان تكاد تتشابه مع آلاف الملايين من الناس ، لكن ، لكل شعب مذاقه وأساليبه وعاداته وتقاليده المتصلة بهذه الحاجة الفطرية ، حتى أصبح مقبولا أن نقول بأن هذا مطعم صينى ، وذاك سورى ، وذاك إيطالى 00وهكذا ، فما بالنا ببناء إنسان ، ليس مجرد جسم ، بل جسم يتصل بحواس ومشاعر وعقل وعواطف وقلب وتاريخ وثقافة ووجهة نظر ، وما على هذا وذاك مما هو إنسانى ؟ أليس هو الأجدر بأن تنطبع عملية هذا البناء البشرى بالمرجعية الإسلامية ، التى أرسى قواعدها خالق كل شئ ؟ ليست المسألة تعصبا دينيا بقدر ما هو انحياز كذلك غلى منطق العقل وأصول التربية0
*المصريون