...بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ
د.سعيد إسماعيل على
بتاريخ 7 - 1 - 2009م
’’ أَشِر ’’ : بطَر وتكبّر ...
لم أجد أبلغ من هذه الكلمات القرآنية أصف بها تصريحات الرئيس الأمريكى الذى يلملم أوراقه للخروج إلى غير رجعة ، باعتباره أسوأ رئيس أمريكى تقلد هذا الموقع ، وفقا لاستطلاعات رأى أمريكية ، فهو يردد الاسطوانة المشروخة التى يدين فيها حماس ( وهل يمكن أن يقول غير ذلك ؟) على أساس أنها تنظيم ’’ إرهابى ’’ ، كانت تُرَوِّع السكان الإسرائيليين المساكين .
ووجه الكذب هنا أنه ينسى الحصار المفروض على أهل غزة ، لا حماس شهورا طويلة ! إنك لو حبست قطة داخل قفص صغير ، ومنعت عنها الماء والطعام ، واقتربت منها فسوف تهب فى وجهك بكل ما تملك من قوة كى ’’ تخربشك ’’ ، حتى لو كنت تحمل مدفعا فى مواجهتها ...وهكذا ينسون الحصار الرهيب طوال أشهر عديدة ، ويذكرون صاروخا من هنا أو هناك لا يصيب إلا أقل ما يمكن تصوره ، كما لا يذكرون أبدا ضحايا فلسطينيين قتلتهم إسرائيل أضعاف ما تسببت صواريخ حماس فى قتلهم !!
هذا الذى صرّح بالتصريحات المشار إليها ، هو نفسه الذى اعترف أخيرا بأنه يأسف أنه ظن أن بالعراق أسلحة دمار شامل مما دفعه إلى شن الحرب عليها ، بينما ثبت أن لم يكن بها شئ من هذا ، وهو كاذب فيما قال أمس واليوم ، فهو كان يعلم أن لا أسلحة دمار شامل بالعراق ، ولكنها الآلة الإعلامية والدبلوماسية الضخمة لدولة الظلم الأكبر كى تبرر ما تفعل.
وليست المشكلة فى الكذب الدائم لدولة الظلم الأكبر ، فهذا مفهوم دائما من قوى الاستكبار والشر الأعظم ، لكن المأساة حقا أن يردد مسئولون عرب ، وكتاب ومثقفون ، نفس هذه الأقوال التى تنضح بالكذب ، بل والتزوير، مما يرسم أمامنا علامات استفهام ، يعلم الله أننا أبعد ما نكون عن رفع أسلحة التخوين والتآمر والتواطؤ ، ولكننا نريد تفسيرا لهذا التطابق شبه الكامل بين أقوال مسئولو العدو الصهيونى ومسانديهم الأمريكيين وأقوال بعض المسئولين العرب ، وكذلك كتيبة كتابهم وإعلاميهم ؟!
وأحد أوجه العجب فى هذه الاتهامات لمن صوروهم بأنهم هم سبب العدوان ، كيف لا يتذكرون أن دولة العدو الصهيونى ، لم تكف أبدا عن عدوانها منذ قامت عام 1948 ، حيث لم يكن وجود لحماس ولا حزب الله ، ولا الثورة الإيرانية ؟
لقد استطاعت الصهيونية أن تروج فى العالم لأكذوبة ’’ معاداة السامية ’’ لكل من يحاول انتقادها ، أو لكل من يقاوم الاحتلال الصهيونى ، أو لكل من يدافع عن المقاومة ، ولو التزمنا الصدق مع النفس ، لرفعنا مقولة أخرى مضادة وهى ’’ معاداة الإسلام ’’ ، فهناك قوى متعددة لا ترتاح أبدا للشعارت الإسلامية وتياراتها ، ولهؤلاء الحق الكامل فى هذا ، لكن أمانة الكلمة تستوجب كذلك التصريح بذلك ، دون التخفى وراء شعارات أخرى أخرى مثل ’’ الإرهاب ’’ ، و ’’ الانقلابيون ’’ و ’’ الظلاميون ’’ ..إلى غير هذا وذاك من اتهامات يطلقونها على أصحاب الاتجاهات الإسلامية ، فى الوقت الذى يستندون فيه فى معاداتهم لأصحاب هذه الاتجاهات بأنهم يُكَفِّرون ويُخَوِّنون المخالفين لهم ،ويزعمون احتكارهم للحقيقة ، وهو – مرة أخرى – الشئ نفسه الذى يفعله معادوهم !
وإذا كان يمكن تفهم إغلاق الإسرائيليين للمعابر هو أمر مفهوم ، رغم استنكاره ، لكن غير المفهوم هو غلق المعبر الوحيد الذى يفصل المحاصرين فى غزة عن مصر ، وهو ما حمل كثيرين للاتهام بالتواطؤ .
والغريب فى هذا الشأن ، أننى أصغيت كثيرا لعدد ممن وجه النقد لنا ، سواء من فلسطينيين أو غيرهم ، ولاحظت أن الغالب عليهم أنهم يقرون بأن مصر هى الأم وهى الدولة الكبيرة وهى العظيمة..وهكذا ، ثم يسردون نقدهم ، مما يؤكد على أن النقد واللوم والاتهام يتجه إلى ’’ سياسة نظام ’’ وليس إلى الوطن العظيم الكبير ، مصر ، التى لا ينبغى أن يحتكر شرف الدفاع عنها أحد ، حيث أن هذا هو ’’ فريضة ’’ على كل من يحمل الجنسية المصرية ، بل وكل عربى ، بحكم العطاء المصرى الممتد عبر سنوات طويلة لكل العرب ، لكن بعيدا عن أساليب ممجوجة من ’’ المنّ ’’ .
إننا يجب أن نخرج من إسار التوحيد بين الحاكم وبين الوطن فى مصر ، حيث كان كثيرون يعيبون على الراحل أنور السادات أنه كان دائم الاتهام لكل من ينتقده بأنه لا يسمح لأحد بالنيل من كرامة مصر ،مؤكدين أن النقد الذى وجه له ، لم يكن ينصرف أبدا على مصر ، بل على نظامه وسياساته ، ولا ينبغى له أن يوحد بين ذاته وحكومته وبين الوطن ، مصر ، وهو الأمر نفسه الذى نؤكد قيامه الآن ، بالنسبة لكل ما سمعنا من نقد أو لوم أوعتاب يوجه لسياسة النظام القائم فى مصر الآن ، حيث أن قطاعات كبيرة من بيننا نحن فى مصر نقول مثله وأكثر منه !!
إن المنطق الرسمى فى إغلاق معبر رفح غاية فى التهافت ، لأسباب عدة ، فمصر لم توقع عليه وبالتالى فهى غير ملزمة به ، وثانيا ، هو كان لفترة محددة ، انتهت ، وثالثا فإن القوانين الدولية تتيح الفرصة – فى حالة الحرب – للمتضررين والمحاصرين أن تفتح لهم الحدود المجاورة !!
وفى ظزل ما كان يسمى بالتهدئة ، كان الحصار الإسرائيلى وغلق المعابر ، حتى رفح ، مستمرا ؟!!
أما الادعاء بضرورة وجود ’’ السلطة الفلسطينية الشرعية ’’ ، فالمرء أيضا يعجب أيضا فى لىّ ذراع الحقائق ، وإلا فهل يحتاج المرددون لهذا القول إلى التذكير بأن حماس ’’ سلطة شرعية ’’ مائة بالمائة ’’ ، حيث أنها جاءت بانتخابات حرة نزيهة ، بل ربما جاز لنا القول بأن موضوعية هذه الانتخابات لم نر مثلها فى أى بلد عربى آخر ،وخاصة هؤلاء الذين يصفون حماس ونظامها بأنهم انقلابيون ؟! وإذا كان الأمر كذلك ، فهل مُكّنت حماس ، منذ اليوم الأول ، من ممارسة السلطة ، أم أن الجميع تكاتف على حصارها وتعويقها ؟ ألا تطل مسألة ’’ المعاداة للاتجاه الإسلامى ’’ هنا برأسها حقا ؟
ويظهر التحيز فى القضية الخاصة بمقتل الضابط المصرى على الحدود المصرية الفلسطينية ، وهنا لابد من التسليم أولا بأن دم كل مصرى هو أغلى مما قد يتصوره كثيرون ، ومن ثم فإن مقتل ضابطنا عمل مُدان بالتأكيد ، لكننا نسأل عن هذا الشهامة والوطنية التى ظهرت هنا ، لماذا كانت مختفية ، طوال العديد من المرات ، عندما كانت الأنباء تنقل لنا مقتل هذا وذاك من المواطنين المصريين الغلابة على الحدود برصاص إسرائيلى ؟ حتى الموت ، يا ناس تفرقون فيه بين رصاصة تصدر من هنا ورصاصة تصدر من هناك ؟
ولا أريد التذكير التذكير بما يحدث من حين لآخر من مقتل مصرى غلبان فى الداخل برصاص شرطة ، ولا يكون هذا المقتول لصا أو هاربا من عقوبة ، بل صاحب حق غالبا أو موقف أو رأى لا يعجب أصحاب السلطة !!
وفى الوقت الذى تنقل إلينا شاشات القنوات الفضائية صور المظاهرات العارمة المنددة للحرب على غزة ، نجد فى مصر المشهد المألوف ، جحافل جنود الأمن المركزى – حرس النظام – تهرع للضرب والتطفيش والمحاصرة ،والاعتقال ، وكأنهم بذلك يصادرون حق الناس فى التعبير عن رأيهم بطريقة سلمية ، يسلم العالم كله ( المحترم ) بأن التظاهر حق كمظهر من مظاهر التعبير عن المواقف والآراء ، لكن فى النظم المستبدة يخشون أن تتوسع المظاهرات ،وتفجر طاقات الغضب المحبوس ، فتتحول إلى ثورة عارمة !!
ولم أكن أريد التطرق أيضا إلى هذه الاسطوانة المشروخة بالاتهام لحماس بوقوعها فى أسر محور إيران وسوريا ، تأكيدا على مقولتهم التى أصبح التصريح بها لا يستدعى خجلا ، بأن إيران أشر علينا من إسرائيل ،وينسون أن نموذجهم الأعلى ( الولايات المتحدة ) وضعت يدها فى يد الاتحاد السوفيتى الشيوعى فى الحرب العالمية الثانية حيث كان العدو مشتركا ، وهو منطق مسلم به فى المنازعات والحروب ، فهل كان تحالف أمريكا مع السوفيت ، سماح للشيوعية أن تتغلغل فيها ؟
وماذا يفعل أهل غزة عندما يرون إخوانهم وجيرانهم يساهمون فى الحصار ولا يمدون إليهم يد العون ، بينما يرون يدا تمتد إليهم بالعون ، ولتكن ما تكون ؟ لقد قالرئيس صينى مقولة غاية فى الصدق أنه لا يهمه ’’ لون ’’ القط ،مادام قادرا على صيد الفئران !
*عن المصريون
د.سعيد إسماعيل على
بتاريخ 7 - 1 - 2009م
’’ أَشِر ’’ : بطَر وتكبّر ...
لم أجد أبلغ من هذه الكلمات القرآنية أصف بها تصريحات الرئيس الأمريكى الذى يلملم أوراقه للخروج إلى غير رجعة ، باعتباره أسوأ رئيس أمريكى تقلد هذا الموقع ، وفقا لاستطلاعات رأى أمريكية ، فهو يردد الاسطوانة المشروخة التى يدين فيها حماس ( وهل يمكن أن يقول غير ذلك ؟) على أساس أنها تنظيم ’’ إرهابى ’’ ، كانت تُرَوِّع السكان الإسرائيليين المساكين .
ووجه الكذب هنا أنه ينسى الحصار المفروض على أهل غزة ، لا حماس شهورا طويلة ! إنك لو حبست قطة داخل قفص صغير ، ومنعت عنها الماء والطعام ، واقتربت منها فسوف تهب فى وجهك بكل ما تملك من قوة كى ’’ تخربشك ’’ ، حتى لو كنت تحمل مدفعا فى مواجهتها ...وهكذا ينسون الحصار الرهيب طوال أشهر عديدة ، ويذكرون صاروخا من هنا أو هناك لا يصيب إلا أقل ما يمكن تصوره ، كما لا يذكرون أبدا ضحايا فلسطينيين قتلتهم إسرائيل أضعاف ما تسببت صواريخ حماس فى قتلهم !!
هذا الذى صرّح بالتصريحات المشار إليها ، هو نفسه الذى اعترف أخيرا بأنه يأسف أنه ظن أن بالعراق أسلحة دمار شامل مما دفعه إلى شن الحرب عليها ، بينما ثبت أن لم يكن بها شئ من هذا ، وهو كاذب فيما قال أمس واليوم ، فهو كان يعلم أن لا أسلحة دمار شامل بالعراق ، ولكنها الآلة الإعلامية والدبلوماسية الضخمة لدولة الظلم الأكبر كى تبرر ما تفعل.
وليست المشكلة فى الكذب الدائم لدولة الظلم الأكبر ، فهذا مفهوم دائما من قوى الاستكبار والشر الأعظم ، لكن المأساة حقا أن يردد مسئولون عرب ، وكتاب ومثقفون ، نفس هذه الأقوال التى تنضح بالكذب ، بل والتزوير، مما يرسم أمامنا علامات استفهام ، يعلم الله أننا أبعد ما نكون عن رفع أسلحة التخوين والتآمر والتواطؤ ، ولكننا نريد تفسيرا لهذا التطابق شبه الكامل بين أقوال مسئولو العدو الصهيونى ومسانديهم الأمريكيين وأقوال بعض المسئولين العرب ، وكذلك كتيبة كتابهم وإعلاميهم ؟!
وأحد أوجه العجب فى هذه الاتهامات لمن صوروهم بأنهم هم سبب العدوان ، كيف لا يتذكرون أن دولة العدو الصهيونى ، لم تكف أبدا عن عدوانها منذ قامت عام 1948 ، حيث لم يكن وجود لحماس ولا حزب الله ، ولا الثورة الإيرانية ؟
لقد استطاعت الصهيونية أن تروج فى العالم لأكذوبة ’’ معاداة السامية ’’ لكل من يحاول انتقادها ، أو لكل من يقاوم الاحتلال الصهيونى ، أو لكل من يدافع عن المقاومة ، ولو التزمنا الصدق مع النفس ، لرفعنا مقولة أخرى مضادة وهى ’’ معاداة الإسلام ’’ ، فهناك قوى متعددة لا ترتاح أبدا للشعارت الإسلامية وتياراتها ، ولهؤلاء الحق الكامل فى هذا ، لكن أمانة الكلمة تستوجب كذلك التصريح بذلك ، دون التخفى وراء شعارات أخرى أخرى مثل ’’ الإرهاب ’’ ، و ’’ الانقلابيون ’’ و ’’ الظلاميون ’’ ..إلى غير هذا وذاك من اتهامات يطلقونها على أصحاب الاتجاهات الإسلامية ، فى الوقت الذى يستندون فيه فى معاداتهم لأصحاب هذه الاتجاهات بأنهم يُكَفِّرون ويُخَوِّنون المخالفين لهم ،ويزعمون احتكارهم للحقيقة ، وهو – مرة أخرى – الشئ نفسه الذى يفعله معادوهم !
وإذا كان يمكن تفهم إغلاق الإسرائيليين للمعابر هو أمر مفهوم ، رغم استنكاره ، لكن غير المفهوم هو غلق المعبر الوحيد الذى يفصل المحاصرين فى غزة عن مصر ، وهو ما حمل كثيرين للاتهام بالتواطؤ .
والغريب فى هذا الشأن ، أننى أصغيت كثيرا لعدد ممن وجه النقد لنا ، سواء من فلسطينيين أو غيرهم ، ولاحظت أن الغالب عليهم أنهم يقرون بأن مصر هى الأم وهى الدولة الكبيرة وهى العظيمة..وهكذا ، ثم يسردون نقدهم ، مما يؤكد على أن النقد واللوم والاتهام يتجه إلى ’’ سياسة نظام ’’ وليس إلى الوطن العظيم الكبير ، مصر ، التى لا ينبغى أن يحتكر شرف الدفاع عنها أحد ، حيث أن هذا هو ’’ فريضة ’’ على كل من يحمل الجنسية المصرية ، بل وكل عربى ، بحكم العطاء المصرى الممتد عبر سنوات طويلة لكل العرب ، لكن بعيدا عن أساليب ممجوجة من ’’ المنّ ’’ .
إننا يجب أن نخرج من إسار التوحيد بين الحاكم وبين الوطن فى مصر ، حيث كان كثيرون يعيبون على الراحل أنور السادات أنه كان دائم الاتهام لكل من ينتقده بأنه لا يسمح لأحد بالنيل من كرامة مصر ،مؤكدين أن النقد الذى وجه له ، لم يكن ينصرف أبدا على مصر ، بل على نظامه وسياساته ، ولا ينبغى له أن يوحد بين ذاته وحكومته وبين الوطن ، مصر ، وهو الأمر نفسه الذى نؤكد قيامه الآن ، بالنسبة لكل ما سمعنا من نقد أو لوم أوعتاب يوجه لسياسة النظام القائم فى مصر الآن ، حيث أن قطاعات كبيرة من بيننا نحن فى مصر نقول مثله وأكثر منه !!
إن المنطق الرسمى فى إغلاق معبر رفح غاية فى التهافت ، لأسباب عدة ، فمصر لم توقع عليه وبالتالى فهى غير ملزمة به ، وثانيا ، هو كان لفترة محددة ، انتهت ، وثالثا فإن القوانين الدولية تتيح الفرصة – فى حالة الحرب – للمتضررين والمحاصرين أن تفتح لهم الحدود المجاورة !!
وفى ظزل ما كان يسمى بالتهدئة ، كان الحصار الإسرائيلى وغلق المعابر ، حتى رفح ، مستمرا ؟!!
أما الادعاء بضرورة وجود ’’ السلطة الفلسطينية الشرعية ’’ ، فالمرء أيضا يعجب أيضا فى لىّ ذراع الحقائق ، وإلا فهل يحتاج المرددون لهذا القول إلى التذكير بأن حماس ’’ سلطة شرعية ’’ مائة بالمائة ’’ ، حيث أنها جاءت بانتخابات حرة نزيهة ، بل ربما جاز لنا القول بأن موضوعية هذه الانتخابات لم نر مثلها فى أى بلد عربى آخر ،وخاصة هؤلاء الذين يصفون حماس ونظامها بأنهم انقلابيون ؟! وإذا كان الأمر كذلك ، فهل مُكّنت حماس ، منذ اليوم الأول ، من ممارسة السلطة ، أم أن الجميع تكاتف على حصارها وتعويقها ؟ ألا تطل مسألة ’’ المعاداة للاتجاه الإسلامى ’’ هنا برأسها حقا ؟
ويظهر التحيز فى القضية الخاصة بمقتل الضابط المصرى على الحدود المصرية الفلسطينية ، وهنا لابد من التسليم أولا بأن دم كل مصرى هو أغلى مما قد يتصوره كثيرون ، ومن ثم فإن مقتل ضابطنا عمل مُدان بالتأكيد ، لكننا نسأل عن هذا الشهامة والوطنية التى ظهرت هنا ، لماذا كانت مختفية ، طوال العديد من المرات ، عندما كانت الأنباء تنقل لنا مقتل هذا وذاك من المواطنين المصريين الغلابة على الحدود برصاص إسرائيلى ؟ حتى الموت ، يا ناس تفرقون فيه بين رصاصة تصدر من هنا ورصاصة تصدر من هناك ؟
ولا أريد التذكير التذكير بما يحدث من حين لآخر من مقتل مصرى غلبان فى الداخل برصاص شرطة ، ولا يكون هذا المقتول لصا أو هاربا من عقوبة ، بل صاحب حق غالبا أو موقف أو رأى لا يعجب أصحاب السلطة !!
وفى الوقت الذى تنقل إلينا شاشات القنوات الفضائية صور المظاهرات العارمة المنددة للحرب على غزة ، نجد فى مصر المشهد المألوف ، جحافل جنود الأمن المركزى – حرس النظام – تهرع للضرب والتطفيش والمحاصرة ،والاعتقال ، وكأنهم بذلك يصادرون حق الناس فى التعبير عن رأيهم بطريقة سلمية ، يسلم العالم كله ( المحترم ) بأن التظاهر حق كمظهر من مظاهر التعبير عن المواقف والآراء ، لكن فى النظم المستبدة يخشون أن تتوسع المظاهرات ،وتفجر طاقات الغضب المحبوس ، فتتحول إلى ثورة عارمة !!
ولم أكن أريد التطرق أيضا إلى هذه الاسطوانة المشروخة بالاتهام لحماس بوقوعها فى أسر محور إيران وسوريا ، تأكيدا على مقولتهم التى أصبح التصريح بها لا يستدعى خجلا ، بأن إيران أشر علينا من إسرائيل ،وينسون أن نموذجهم الأعلى ( الولايات المتحدة ) وضعت يدها فى يد الاتحاد السوفيتى الشيوعى فى الحرب العالمية الثانية حيث كان العدو مشتركا ، وهو منطق مسلم به فى المنازعات والحروب ، فهل كان تحالف أمريكا مع السوفيت ، سماح للشيوعية أن تتغلغل فيها ؟
وماذا يفعل أهل غزة عندما يرون إخوانهم وجيرانهم يساهمون فى الحصار ولا يمدون إليهم يد العون ، بينما يرون يدا تمتد إليهم بالعون ، ولتكن ما تكون ؟ لقد قالرئيس صينى مقولة غاية فى الصدق أنه لا يهمه ’’ لون ’’ القط ،مادام قادرا على صيد الفئران !
*عن المصريون