مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
خطوات لتحقيق الإخلاص في حياتنا
خطوات لتحقيق الإخلاص في حياتنا

جمال ماضي

أولاً: قبل العمل

المعنى المقصود :

- جاهد نفسك ، وانظر قبل العمل.. هل هو لله تعالى ؟

فإن كان لله أمضه وتوكل على الله ، وإن كان لغير الله توقَّف .

- جاهد نفسك ، وصحح نيَّتك ، وواظب المتابعة مع نفسك حتى تصل إلى الإخلاص.

أما الخطوات العملية نحو اكتساب الإخلاص قبل العمل فيمكن إجمالها فيما يلي :

1- التأمل في قلبك :

تأمل في عظمة الرب سبحانه و وقوته وجبروته ، وأنه الخالق ، وأنه الرازق ، وأنه المحيي المميت الفعال لما يريد ، وأنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له .

وشاهد بعد ذلك ضعف نفسك وفقرك وبعدك عن طاعته ، والربُّ مع ذلك يسترك ويرحمك ويرزقك ويحلم عليك .

2- العزيمة الصادقة :

بعد هذا التأمل في قلبك لابد من العزيمة الصادقة على الإخلاص ؛ لأنه لولا هذه العزيمة سرعان ما يفتر القلب ، ومتى صدق العزم أعانك الله– عز وجل– بـ (( البصيرة )) وهي نورٌ يقذفه الله تعالى في القلب يرى به حقيقة الأشياء .

3- التوبـة :

وهي الرجوع عمَّا يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه الله ظاهراً وباطناً ، وهي واجبة على الفور ؛ لقوله تعالى : ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: من الآية31] .

والتوبة هي البداية العملية ، ولا تصح البداية بدون توبة ، وهي ليست خاصة بالعصاة ، كما يفهم بعض الناس ؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أخلص الخلق قال : (( يا أيها الناس ، توبوا إلى ربكم ، فوالله إني لأتوب إلى الله عزَّ وجلَّ في اليوم مائة مرة )) [ رواه مسلم ] .

4- المسارعة :

قال تعالى : ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:133] .

قال تعالى : ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ......﴾ [الحديد: من الآية21] .

قال تعالى : ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: من الآية148] .

ومدح الله عز وجلَّ زكريا عليه السلام وآله فقال : ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾[الأنبياء: من الآية90] .

ومدح أهل الإيمان والخشية بقوله: ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾[ المؤمنون:61] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة )) [ رواه أبو داود وصححه الألباني ] . والتؤدة هي التأني والتثبت وعدم العجلة .

5- الفورية :

لا يجوز التراخي أو الانتظار ، فمن انتبه من غفلته ، لابُدَّ أن يبدأ فوراً بالإخلاص ، أسوة بالصديق رضي الله عنه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما عرض عليه الإسلام ، وعرف أنه الحق ، لم يتلعثم ولم يتردد ، وإنما أخلص لله من ساعته .

وهؤلاء سحرة فرعون، لمَّا علموا أن موسى على الحق ، قالوا على الفور : ﴿آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [لأعراف: من الآية121- 122] .

ولم يلتفتوا بعد ذلك إلى فقد مناصبهم الدنيوية ومكانتهم الاجتماعية ، حيث كانوا مقربين من فرعون ، ولم يعبئوا كذلك بما توعدهم به فرعون من العذاب والنكال بتقطيع أيديهم وأرجلهم وصلبهم على جذوع النخل ، إنها لحظة الإخلاص الصادقة .

ثانياً : أثناء العمل

المعنى المقصود :

اطرد وساوس الشيطان حين يزين لك الافتخار بالعمل ، وأكثر من الاستعاذة بالله تعالى منه ، واعلم أن العمل لأجل الناس رياء ، وترك العمل لأجل الناس شرك ، فلا تخرج من الرياء للشرك ، والإخلاص أن يعافيك الله منهما .

أما الخطوات العملية نحو اكتساب الإخلاص أثناء العمل فيمكن إجمالها فيما يلي :

1- الوعي :

- بالوعي ينضبط الإخلاص ، حيث لا تفريط ولا إفراط ، قال تعالى في شأن أعظم كلمة وهي كلمة التوحيد : ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: من الآية19] .

- وعلى طالب الإخلاص أن يتقيد بالكتاب والسنة ، وليحذر أشد الحذر من أهل الأهواء والبدع ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )) .

2- الجدية :

الجدية مطلب أساس لطالب الإخلاص ، دون تساهل ، أو تمييع ، حتي لا يصير الالتزام مجرد شكل دون مضمون ، والله تعالى يقول : ﴿ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ ﴾ [البقرة: من الآية93] . وقال عن موسى عليه السلام: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ ﴾ [لأعراف: من الآية145] .

3- تبديل الاهتمامات :

على المخلص ، أن يترك ما كان عليه من اهتمامات سيئة ويجعل مكانها غيرها من الاهتمامات النافعة ، خاصة الاهتمامات العصرية التي فتحت اليوم على الناس الكثير من السيئات ، نتيجة الاستعمال غير المنضبط .

ثالثاً : تدرّب على الإخلاص

المعنى المقصود :

اقرأ في فضل الإخلاص ومضار الرياء ، وآثار كل منهما ، ودرِّب نفسك في الإخلاص تدريجياً ، وراقب قلبك ونيتك في كل ما تعمل ، ولا تبتعد عن ميادين الخير و جاهد نفسك على الإخلاص فيها ، ومن جاهد فإن عون الله معه .

أما الخطوات العملية نحو اكتساب الإخلاص بالتدريب فيمكن إجمالها فيما يلي :

1- صحبة المخلصين :

الله تعالى يقول : ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف:67]

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل )) .

فالاستمرار في مخالطة أهل الشر والفساد يؤدي إلى الانتكاس والعودة إلى الماضي السيئ ، وكم من إنسان انتكس بسبب حنينة إلى صحبته القديمة .

2- ترتيب الأولويات :

على طالب الإخلاص أن يبدأ بأهم المهمات ، ثم الأهم فالمهم ، فيبدأ بتصحيح الصلة بالله ، ويقدِّم الأصول على الفروع ، والواجبات على المستحبات ، ويعطي كل شيء حقَّه من العناية ، ويهتم بتنظيم وقته حتى لا يضيع منه شيء دون فائدة .

رابعاً : بعد العمل

المعنى المقصود :

كن وجلاً ألا يُقبل عملك عند الله فيضيع منه ، ويكون هباء منثورًا ، كما قال تعالى : (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ) ، والإنسان يعمل العمل الصالح ولا يدري هل تقبَّل الله تعالى منه أم لا؟

واعقل حقيقة ثناء الناس عليك ، فما الذي يعود عليك حين يثني عليك الناس الثناء الحسن ، وقد ضاع ثواب العمل عند الله ؟

أما الخطوات العملية نحو اكتساب الإخلاص بعد العمل فيمكن إجمالها فيما يلي :

( عينك على الله )

- انظر إلى ثواب الله تعالى وثواب الناس ، فقد ادخر الله تعالى لعباده الصالحين في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

- كن على يقين أنك عبد الله ، وأن على العبد أن يقدم العمل لسيده لا لعبيدٍ مثله .

- أكثر من الدعاء لله أن يرزقك ويمنّ عليك بإخلاص العمل له ، وتعوَّذ من الرياء كما كان دعاء النبي صلي الله عليه وسلم : (اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه) .

- استعن بالله عزَّ وجلَّ ، فالاستعانة تعني الخروج من الحول والقوة ، إلى طلب الحول والقوة والمعونة من الله تعالى .

- اصبر وجاهد ، لأن الإخلاص ميلاد جديد وحياة بعد موت ، وبهذا الصبر والمجاهدة يتبيَّن الصادق من الكاذب ، قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت:69] .
*ينابيع
أضافة تعليق