الحركة الإسلامية والنظام السياسي .. من التحالف إلى التنافس (الحلقة التاسعة)..
مرحلة التوسع والانتشار (1980ـ 1990م)
نواصل نشر المبحث الثالث من كتاب ’’ الحركة الإسلامية والنظام السياسي في اليمن .. من التحالف إلى التنافس’’، لمؤلفه الأستاذ ناصر الطويل الذي خص المصدر أون لاين بنشره .
كنا قد نشرنا في في حلقاتنا السابقة المرحلة الثانية والتي تشكل تُعد أهم مراحل تشكل الحركة الإسلامية في اليمن ، ونشرنا الفترة الثالثة التي تمثل فترة التأسيس واكتمال ملامح الحركة.
وهنا ننشر الفترة الرابعة من المرحلة الثانية ، والتي شكلت مرحلة التوسع والانتشار .
4) مرحلة التوسع والانتشار (1980ـ 1990م):
تميزت هذه المرحلة ببناء تحالف استراتيجي بين الحركة ونظام الرئيس علي عبد الله صالح، فقد استدعت مخاطر العمل العسكري الذي يقوم به تنظيم اليسار الماركسي، مفاتحة الحركة للرئيس، وكشفها عن قيادتها، ودعوته إلى التعاون معها لمواجهة تلك المخاطر، وهي المرة الأولى التي تتعامل الحركة بهويتها الحقيقية مع رئاسة الدولة، فمع أنها كانت معروفة لقيادات الدولة والقيادات السياسية في المرحلة السابقة، إلا أنها كانت تفضل التعامل من خلال لافتات سياسية واجتماعية أخرى.
استمات الإخوان المسلمون في المواجهة العسكرية والفكرية مع تيار اليسار، ووثقوا علاقتهم بالرئيس وأعوانه، وبالواجهات الاجتماعية المتضررة من ذلك، وأقنعوا الرئيس بقوتهم وفائدة التحالف معهم.
ومكنهم التحالف الفكري والعسكري من بناء تحالف في القضايا السياسية والتنظيمية مع الرئيس، فتعاون الطرفان لصياغة الميثاق الوطني، وتشكيل المؤتمر الشعبي العام، والذي أصبحوا جزءًا فاعلاً فيه، وبمقادير متفاوتة تولوا الدفاع عن النظام، وتوفير البعدين الفكري والشعبي له.
وفي مقابل تحالفها مع النظام، حصلت الحركة الإسلامية على الأمن وشرعية التحرك والنشاط، وتحررت من القيود التي يفرضها الشعور بالخوف والقلق اللذين لازما كثيراً من الحركات الإسلامية الأخرى، واستطاعت أن تنتشر جغرافيا في كل المحافظات(1)، فقد توفر للإخوان مناخ مناسب لنشر أفكارهم وتجنيد الأعضاء، فتوسع العمل الدعوي والتنظيمي، وتجاوز عواصم المحافظات والمدن الكبيرة إلى الأرياف والقرى، فقد أرسل التنظيم الإخواني أفراداً متفرغين للعمل الدعوي وتأسيس التنظيم في كثير من المناطق، وكثفوا جهودهم لنشر المعاهد العلمية التي مثلت محاضن فكرية وتربوية لتخريج الآلاف من الأعضاء الجدد، ونشط العمل الدعوي في المساجد، وأثمرت جهود الإخوان المبكرة في العمل في مجال التعليم وتوحيد المناهج، كما تمكنت من الحضور في بعض مؤسسات الدولة، وبالذات في الإرشاد والتعليم(2)، وفي السلطة، التشريعية، والمجالس المحلية، وتنظيم المؤتمر الشعبي العام، وبعض الاتحادات والنقابات، وتولى بعض أعضائها والمقربين منها إدارة عدد من الوزارات والمصالح والمؤسسات الحكومية الأخرى.
ساعد جو الاستقرار العام في اليمن( الشمالي) الحركة الإسلامية على النمو والتطور والتوسع.. وكانت السلطة تعتبر هذا الأمر ضروريا للتخفيف من مخاطر توسع التيارات اليسارية المختلفة والتي كانت تحظى بدعم مالي من عدة دول عربية، حيث كانت السلطة تعتبر أن أي نمو لبنية الحركة الإسلامية لن يشكل خطرا على البلاد، بسبب غياب أية إمكانيات لحصولها على دعم خارجي، وبالتالي تنتهي إمكانية تورطها في مؤامرات ضد النظام(3).
وهكذا فخلال الثمانينيات توسعت البنية التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين واكتسبت جماهيرية كبيرة لم تحظ بمثلها قبل ذلك، وأتاحت علاقتها بالسلطة أن تصبح الجماعة السياسية الأكثر نشاطا، وبفضل ذلك استطاعت أن تحتل الموقع الأول بين الأحزاب السياسية السرية في انتخابات مجلس الشورى عام 1988م(4).
فقد جرت في يوليو 1988م أول انتخابات نيابية للسلطة التشريعية (مجلس الشورى) بالاقتراع السري، حيث تم تقسيم الجمهورية إلى 128 دائرة، وانتخاب 128 عضواً لمجلس الشورى، وبالرغم من تحريم الحزبية إلا أن التيارات السياسية كانت موجودة وقائمة على أرض الواقع، فقد تمت الانتخابات وسط تنافس حاد في عدد غير قليل من الدوائر بين تيار الإخوان المسلمين وأنصارهم من جهة، وبين مرشحين من الشخصيات والقوى اليسارية والمستقلين من جهة أخرى، وقد أصدر الإخوان بياناً بعنوان ( نصيحة العلماء إلى الشعب بمناسبة انتخابات مجلس الشورى)، وكان البيان بمثابة برنامج ودعاية انتخابية لتيار الإخوان المسلمين وأنصارهم، وفي مواجهة ذلك صدر بيان بعنوان (بيان وطني إلى جماهير الشعب بمناسبة انتخابات مجلس الشورى) وهو البيان الذي تبناه الرئيس وقوى سياسية أخرى في مواجهة بيان وبرنامج الإخوان المسلمين(5).
أوضحت نتائج الانتخابات الحجم الكبير للإخوان المسلمين، فقد حصلوا على ’’ستة وثلاثين’’ مقعداً، حيث أسفرت نتائج الانتخابات بحسب أحد المهتمين بالشأن الانتخابي عن فوز كبير للإخوان، كما يوضحه الجدول التالي:
جدول يوضح نتائج انتخابات مجلس الشورى عام 1988م
أما في الجنوب، والذي شهد تصفية تنظيم الإخوان المسلمين بعد الهجرة الجماعية للمؤسسيين الأوائل للحركة، وانتقالهم إلى شمال اليمن ودول الخليج -كما اشرنا سابقا- بدأ التنظيم يعود مجددا في أوائل الثمانينيات، لأن عدداً من الطلاب الذين تم إيفادهم للدراسة إلى الخارج انضموا إلى الحركة الإسلامية في تلك الدول، وبعد إكمال دراستهم عاد معظمهم إلى الشمال، أما القليل منهم فقد عادوا إلى الجنوب ونشطوا في سرية تامة، وكانت نفس الفترة قد شهدت تخفيف قبضة النظام الحاكم في الجنوب، على إثر التحسن في علاقته بدول الخليج(6).
ويمكن القول: إن تلك الفترة التي بدأت مع عقد الثمانينيات تؤرخ لظهور صحوة إسلامية عفوية عامة في الجنوب، تمثلت في الإقبال على المساجد، وظهور الحجاب الإسلامي، وإطلاق اللحى، والإقبال على قراءة الكتب الإسلامية، وحلقات العلم في المساجد، وكان لعدد من الناشطين الإسلاميين، السلفيين والإخوان الذين عادوا من الخارج دور في إذكاء تلك الصحوة التي كانت اقرب إلى التيار العام، مع غلبة النفس السلفي فيها.
وقد تعرضت تلك الصحوة لانتكاسة نسبية بعد حملة الاعتقالات الجماعية التي تمت في عام 1982م، ضد من يُعتقد أنهم ناشطين إسلاميين، فقد كان طبيعيا أن تترك تلك الحملة آثاراً سلبيةً إلى حدٍ ما على عنفوان تلك الصحوة العفوية، وبالنسبة لتنظيم الإخوان فقد تعرض بعض أعضائه للاعتقال في إطار تلك الحملة، لكن دون أن يكشفوا شيء عن انتمائهم التنظيمي، واضطر المسؤول الأول في التنظيم آنذاك ’’فرج مبارك’’ إلى النزوح إلى الشمال والاستقرار فيه.
أما بعد أحداث 13 يناير 1986م، فقد ازداد بروز بعض مظاهر العمل الإسلامي، إذ حدث رد فعل مجتمعي بعد الصراع الدموي في عدن وعدد من المحافظات، حيث برزت إلى الحياة العامة مظاهر إسلامية سيما لدى نساء الضحايا الذين قتلوا في الأحداث حيث أصبحن أكثر مراعاةً للباس الإسلامي وممارسة الشعائر التعبدية، وخاصة الصلاة، ويبدو أن ذلك حدث نتيجة لإحباطهن من الصراع الدموي بين قيادات الحزب الاشتراكي، وربما يعود البعض منها إلى الأنشطة الإسلامية القليلة في بعض المساجد والمدارس(7).
وفي نفس الفترة، أي بعد أحداث (13) يناير اندمج الإخوان المتواجدون في الجنوب بالحركة، وأخذوا مواقعهم التنظيمية فيها، كما اهتمت الحركة بالنازحين من أنصار علي ناصر محمد، واستهدفت كسب بعضهم إلى صفوفها.
ـــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
(1) مقابلة أجراها الباحث مع الأستاذ أحمد القميري، مصدر سبق ذكره .
(2) المصدر نفسه.
(3) نصر طه مصطفى، التجمع اليمني للإصلاح، مرجع سبق ذكره، ص: 30 .
(4) عادل مجاهد الشرجبي، التطور التنظيمي للإخوان المسلمين في اليمن، في الأصوليات الدينية وحوار الحضارات، (ندوة)، مرجع سبق ذكره، ص: 50.
(5) محمد حسين الفرح، معالم عهود رؤساء الجمهورية في اليمن 1962-1999م،(صنعاء، مركز البحوث والمعلومات بوكالة الأنباء اليمنية سبأ)، ص: 72- 73 .
(6) مقابلة أجراها الباحث مع الأستاذ عبد الله الزبيدي، رئيس الدائرة المالية والإدارية بالتجمع اليمني للإصلاح، بتاريخ 11/5/2006م.
(7) مقابلة أجراها الباحث مع الأستاذ محمد الشيباني، مسئول فرع جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية بعدن، وأحد أفراد الإخوان المسلمين اللذين بقوا في عدن أثناء فترة حكم الحزب الاشتراكي، تمت المقابلة بتاريخ 19/6/2006م.
.المصدر أو لاين
مرحلة التوسع والانتشار (1980ـ 1990م)
نواصل نشر المبحث الثالث من كتاب ’’ الحركة الإسلامية والنظام السياسي في اليمن .. من التحالف إلى التنافس’’، لمؤلفه الأستاذ ناصر الطويل الذي خص المصدر أون لاين بنشره .
كنا قد نشرنا في في حلقاتنا السابقة المرحلة الثانية والتي تشكل تُعد أهم مراحل تشكل الحركة الإسلامية في اليمن ، ونشرنا الفترة الثالثة التي تمثل فترة التأسيس واكتمال ملامح الحركة.
وهنا ننشر الفترة الرابعة من المرحلة الثانية ، والتي شكلت مرحلة التوسع والانتشار .
4) مرحلة التوسع والانتشار (1980ـ 1990م):
تميزت هذه المرحلة ببناء تحالف استراتيجي بين الحركة ونظام الرئيس علي عبد الله صالح، فقد استدعت مخاطر العمل العسكري الذي يقوم به تنظيم اليسار الماركسي، مفاتحة الحركة للرئيس، وكشفها عن قيادتها، ودعوته إلى التعاون معها لمواجهة تلك المخاطر، وهي المرة الأولى التي تتعامل الحركة بهويتها الحقيقية مع رئاسة الدولة، فمع أنها كانت معروفة لقيادات الدولة والقيادات السياسية في المرحلة السابقة، إلا أنها كانت تفضل التعامل من خلال لافتات سياسية واجتماعية أخرى.
استمات الإخوان المسلمون في المواجهة العسكرية والفكرية مع تيار اليسار، ووثقوا علاقتهم بالرئيس وأعوانه، وبالواجهات الاجتماعية المتضررة من ذلك، وأقنعوا الرئيس بقوتهم وفائدة التحالف معهم.
ومكنهم التحالف الفكري والعسكري من بناء تحالف في القضايا السياسية والتنظيمية مع الرئيس، فتعاون الطرفان لصياغة الميثاق الوطني، وتشكيل المؤتمر الشعبي العام، والذي أصبحوا جزءًا فاعلاً فيه، وبمقادير متفاوتة تولوا الدفاع عن النظام، وتوفير البعدين الفكري والشعبي له.
وفي مقابل تحالفها مع النظام، حصلت الحركة الإسلامية على الأمن وشرعية التحرك والنشاط، وتحررت من القيود التي يفرضها الشعور بالخوف والقلق اللذين لازما كثيراً من الحركات الإسلامية الأخرى، واستطاعت أن تنتشر جغرافيا في كل المحافظات(1)، فقد توفر للإخوان مناخ مناسب لنشر أفكارهم وتجنيد الأعضاء، فتوسع العمل الدعوي والتنظيمي، وتجاوز عواصم المحافظات والمدن الكبيرة إلى الأرياف والقرى، فقد أرسل التنظيم الإخواني أفراداً متفرغين للعمل الدعوي وتأسيس التنظيم في كثير من المناطق، وكثفوا جهودهم لنشر المعاهد العلمية التي مثلت محاضن فكرية وتربوية لتخريج الآلاف من الأعضاء الجدد، ونشط العمل الدعوي في المساجد، وأثمرت جهود الإخوان المبكرة في العمل في مجال التعليم وتوحيد المناهج، كما تمكنت من الحضور في بعض مؤسسات الدولة، وبالذات في الإرشاد والتعليم(2)، وفي السلطة، التشريعية، والمجالس المحلية، وتنظيم المؤتمر الشعبي العام، وبعض الاتحادات والنقابات، وتولى بعض أعضائها والمقربين منها إدارة عدد من الوزارات والمصالح والمؤسسات الحكومية الأخرى.
ساعد جو الاستقرار العام في اليمن( الشمالي) الحركة الإسلامية على النمو والتطور والتوسع.. وكانت السلطة تعتبر هذا الأمر ضروريا للتخفيف من مخاطر توسع التيارات اليسارية المختلفة والتي كانت تحظى بدعم مالي من عدة دول عربية، حيث كانت السلطة تعتبر أن أي نمو لبنية الحركة الإسلامية لن يشكل خطرا على البلاد، بسبب غياب أية إمكانيات لحصولها على دعم خارجي، وبالتالي تنتهي إمكانية تورطها في مؤامرات ضد النظام(3).
وهكذا فخلال الثمانينيات توسعت البنية التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين واكتسبت جماهيرية كبيرة لم تحظ بمثلها قبل ذلك، وأتاحت علاقتها بالسلطة أن تصبح الجماعة السياسية الأكثر نشاطا، وبفضل ذلك استطاعت أن تحتل الموقع الأول بين الأحزاب السياسية السرية في انتخابات مجلس الشورى عام 1988م(4).
فقد جرت في يوليو 1988م أول انتخابات نيابية للسلطة التشريعية (مجلس الشورى) بالاقتراع السري، حيث تم تقسيم الجمهورية إلى 128 دائرة، وانتخاب 128 عضواً لمجلس الشورى، وبالرغم من تحريم الحزبية إلا أن التيارات السياسية كانت موجودة وقائمة على أرض الواقع، فقد تمت الانتخابات وسط تنافس حاد في عدد غير قليل من الدوائر بين تيار الإخوان المسلمين وأنصارهم من جهة، وبين مرشحين من الشخصيات والقوى اليسارية والمستقلين من جهة أخرى، وقد أصدر الإخوان بياناً بعنوان ( نصيحة العلماء إلى الشعب بمناسبة انتخابات مجلس الشورى)، وكان البيان بمثابة برنامج ودعاية انتخابية لتيار الإخوان المسلمين وأنصارهم، وفي مواجهة ذلك صدر بيان بعنوان (بيان وطني إلى جماهير الشعب بمناسبة انتخابات مجلس الشورى) وهو البيان الذي تبناه الرئيس وقوى سياسية أخرى في مواجهة بيان وبرنامج الإخوان المسلمين(5).
أوضحت نتائج الانتخابات الحجم الكبير للإخوان المسلمين، فقد حصلوا على ’’ستة وثلاثين’’ مقعداً، حيث أسفرت نتائج الانتخابات بحسب أحد المهتمين بالشأن الانتخابي عن فوز كبير للإخوان، كما يوضحه الجدول التالي:
جدول يوضح نتائج انتخابات مجلس الشورى عام 1988م
أما في الجنوب، والذي شهد تصفية تنظيم الإخوان المسلمين بعد الهجرة الجماعية للمؤسسيين الأوائل للحركة، وانتقالهم إلى شمال اليمن ودول الخليج -كما اشرنا سابقا- بدأ التنظيم يعود مجددا في أوائل الثمانينيات، لأن عدداً من الطلاب الذين تم إيفادهم للدراسة إلى الخارج انضموا إلى الحركة الإسلامية في تلك الدول، وبعد إكمال دراستهم عاد معظمهم إلى الشمال، أما القليل منهم فقد عادوا إلى الجنوب ونشطوا في سرية تامة، وكانت نفس الفترة قد شهدت تخفيف قبضة النظام الحاكم في الجنوب، على إثر التحسن في علاقته بدول الخليج(6).
ويمكن القول: إن تلك الفترة التي بدأت مع عقد الثمانينيات تؤرخ لظهور صحوة إسلامية عفوية عامة في الجنوب، تمثلت في الإقبال على المساجد، وظهور الحجاب الإسلامي، وإطلاق اللحى، والإقبال على قراءة الكتب الإسلامية، وحلقات العلم في المساجد، وكان لعدد من الناشطين الإسلاميين، السلفيين والإخوان الذين عادوا من الخارج دور في إذكاء تلك الصحوة التي كانت اقرب إلى التيار العام، مع غلبة النفس السلفي فيها.
وقد تعرضت تلك الصحوة لانتكاسة نسبية بعد حملة الاعتقالات الجماعية التي تمت في عام 1982م، ضد من يُعتقد أنهم ناشطين إسلاميين، فقد كان طبيعيا أن تترك تلك الحملة آثاراً سلبيةً إلى حدٍ ما على عنفوان تلك الصحوة العفوية، وبالنسبة لتنظيم الإخوان فقد تعرض بعض أعضائه للاعتقال في إطار تلك الحملة، لكن دون أن يكشفوا شيء عن انتمائهم التنظيمي، واضطر المسؤول الأول في التنظيم آنذاك ’’فرج مبارك’’ إلى النزوح إلى الشمال والاستقرار فيه.
أما بعد أحداث 13 يناير 1986م، فقد ازداد بروز بعض مظاهر العمل الإسلامي، إذ حدث رد فعل مجتمعي بعد الصراع الدموي في عدن وعدد من المحافظات، حيث برزت إلى الحياة العامة مظاهر إسلامية سيما لدى نساء الضحايا الذين قتلوا في الأحداث حيث أصبحن أكثر مراعاةً للباس الإسلامي وممارسة الشعائر التعبدية، وخاصة الصلاة، ويبدو أن ذلك حدث نتيجة لإحباطهن من الصراع الدموي بين قيادات الحزب الاشتراكي، وربما يعود البعض منها إلى الأنشطة الإسلامية القليلة في بعض المساجد والمدارس(7).
وفي نفس الفترة، أي بعد أحداث (13) يناير اندمج الإخوان المتواجدون في الجنوب بالحركة، وأخذوا مواقعهم التنظيمية فيها، كما اهتمت الحركة بالنازحين من أنصار علي ناصر محمد، واستهدفت كسب بعضهم إلى صفوفها.
ـــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
(1) مقابلة أجراها الباحث مع الأستاذ أحمد القميري، مصدر سبق ذكره .
(2) المصدر نفسه.
(3) نصر طه مصطفى، التجمع اليمني للإصلاح، مرجع سبق ذكره، ص: 30 .
(4) عادل مجاهد الشرجبي، التطور التنظيمي للإخوان المسلمين في اليمن، في الأصوليات الدينية وحوار الحضارات، (ندوة)، مرجع سبق ذكره، ص: 50.
(5) محمد حسين الفرح، معالم عهود رؤساء الجمهورية في اليمن 1962-1999م،(صنعاء، مركز البحوث والمعلومات بوكالة الأنباء اليمنية سبأ)، ص: 72- 73 .
(6) مقابلة أجراها الباحث مع الأستاذ عبد الله الزبيدي، رئيس الدائرة المالية والإدارية بالتجمع اليمني للإصلاح، بتاريخ 11/5/2006م.
(7) مقابلة أجراها الباحث مع الأستاذ محمد الشيباني، مسئول فرع جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية بعدن، وأحد أفراد الإخوان المسلمين اللذين بقوا في عدن أثناء فترة حكم الحزب الاشتراكي، تمت المقابلة بتاريخ 19/6/2006م.
.المصدر أو لاين